«اشتباك دستوري» حول الصلاحيات بين عون وبري

على خلفية فتح دورة استثنائية لمجلس النواب

TT

«اشتباك دستوري» حول الصلاحيات بين عون وبري

فجر فتح دورة استثنائية لمجلس النواب «اشتباكاً دستورياً» بين رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب إثر توقيع الرئيس ميشال عون مرسوم العقد الاستثنائي وفق برنامج أعمال محدد، وهو ما لاقى رفضاً من بري الذي رد بالتأكيد على أن البرلمان «سيد نفسه».
وبعدما كان الرئيس عون قد وقع المرسوم مساء أول من أمس، صدر أمس عن رئيس مجلس النواب نبيه بري، تعقيباً على نص العقد الاستثنائي، بيان أكد فيه أن «المجلس سيد نفسه، ولا يقيده أي وصف للمشاريع أو الاقتراحات التي يقرر مكتب المجلس طرحها، ويعود لرئيس الجمهورية حق الرد بعد صدورها عن الهيئة العامة إلى المجلس»، مشدداً: «هذا حكم الدستور وما استقر عليه الاجتهاد. يقتضي التصويب».
وقالت مصادر نيابية في «حركة أمل» (التي يرأسها بري) لـ«الشرق الأوسط» إن ما قاله بري يؤكد على ضرورة الالتزام بقواعد الدستور والقوانين وبيانه يندرج في سياق إظهار الحق والتوضيح، مؤكدة أن «ما قام به عون لجهة تقييد الجلسة هو سابقة كان لا بد من التوقف عندها»، متوقعة في الوقت عينه أن هذا الاختلاف لن يؤثر على مسار الدورة الاستثنائية وجلساتها.
في المقابل، ردت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية على رد بري بالتأكيد على أن صلاحية فتح دورة استثنائية محددة بالدستور (المادة 33) أي بالاتفاق بين رئيسي الجمهورية والحكومة وهما يضعان توقيت الدورة وبرنامجها، وهذا ما تم بالفعل، وهو أمر لم يكن يراعى في الماضي.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «إن مجلس النواب سيكون ملزماً بمناقشة مشاريع واقتراحات القوانين المحددة في مرسوم فتح الدورة الاستثنائية مع ترك الباب مفتوحاً أمام ما يمكن أن يقره مكتب المجلس في الإطار المحدد في المرسوم»، وشددت على «أن الصلاحيات المكرسة لرئيس الجمهورية في الدستور تمت ممارستها وفقاً للأصول ما ينفي كل ما قيل عن أن الرئيس عون يرفض توقيع المرسوم في محاولة تندرج في سياق الحملات المنظمة التي تستهدف الرئيس لمنعه من ممارسة صلاحياته الدستورية بالكامل».
ولفتت إلى أن «برنامج أعمال الدورة الاستثنائية يعطي الأولوية لمواضيع مهمة وضرورية تحتاجها المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد اقتصادياً ومعيشياً ومالياً لا سيما مشروع قانون الموازنة وأخرى تتناول الانتخابات النيابية والتدقيق المالي لجهة تمديد العمل بالقانون الخاص بتعليق العمل بالسرية المصرفية وغيرها».
ورأت أنه «من شأن انعقاد الدورة وإقرار القوانين المحددة في مرسوم فتح الدورة خلق أجواء سياسية هادئة تساعد على تبريد مواقف الأطراف السياسيين لمقاربة الملفات العالقة ومنها ما يتصل بجلسات مجلس الوزراء والمواضيع الأخرى»، مشددة في الوقت عينه على أن «ما يهم الرئيس هو إقرار الموازنة لانتظام مالية الدولة والقوانين الأخرى الملحة الواردة في جدول الأعمال المحدد بالمرسوم».
من جهته، يقول الخبير الدستوري بول مرقص إن المادة 33 من الدستور تنص على أن رئيس الجمهورية هو الذي يفتتح الدورات الاستثنائية بموجب مرسوم يوقعه مع رئيس الحكومة، وعليه أيضاً أن يحدد برنامج العقد الاستثنائي، مشيراً في الوقت عينه إلى أن الرئيس عمد هذه المرة إلى الدخول أكثر في تفاصيل القوانين ولم يكتف بوضعها ضمن الإطار العام، كالاقتصادية والمالية وغيرها، مع تأكيده على أن البرلمان ملزم بالتقيد بالمرسوم الموقع من رئيس الجمهورية.
وكانت رئاسة الجمهورية قد أعلنت مساء أول من أمس، أن الرئيس عون وقع المرسوم القاضي بدعوة مجلس النواب إلى عقد استثنائي يفتتح بتاريخ 1 يناير (كانون الثاني) الحالي ويختتم في 21 مارس (آذار) المقبل، وفق برنامج أعمال محدد، وقد وقعه رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي.
وإضافة إلى إشارة المرسوم إلى «القوانين المصدق عليها والتي قد يطلب رئيس الجمهورية إعادة النظر بها»، تضمن جدول الأعمال «مشاريع أو اقتراحات قوانين ملحة تتعلق بالانتخابات النيابية ومشاريع القوانين التي ستحال إلى مجلس النواب كما مشاريع أو اقتراحات القوانين الطارئة والمستعجلة والضرورية المتعلقة بالإصلاحات اللازمة والضرورية أو بخطة التعافي المالي أو بالأوضاع المعيشية الملحة التي يقرر مكتب المجلس طرحها على المجلس، لا سيما اقتراح القانون المتعلق بوضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحويلات المصرفية واستعادة الأموال المحولة إلى الخارج ومشروعي قانوني الموازنة العامة للعامين 2021 و2022، إضافة إلى عقد جلسة مساءلة الحكومة والرد على الأسئلة أو الاستجوابات الموجهة إلى الحكومة».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.