ضرب زوجته في دمشق حتى الموت لأنها «لم تعرف مكان إبريق الماء»

صدمة في العاصمة السورية بعد اعترافات القاتل

TT

ضرب زوجته في دمشق حتى الموت لأنها «لم تعرف مكان إبريق الماء»

رغم بث وزارة الداخلية في دمشق اعترافات الجناة في قضية مقتل الشابة آيات الرفاعي (19 عاماً) وأم لطفلة رضيعة لم يهدأ الرأي العام، حيث أطلقت وزارة الإعلام والهيئة السورية لشؤون الأسرة في دمشق الجمعة حملة «لا تسكتي»، ذلك بعد ساعات على بث وزارة الداخلية اعترافات مصورة للجناة في قضية الرفاعي، والتي جاءت صادمة في وحشيتها، حيث تضمنت إقراراً بمثابرة زوج الضحية ووالديه على ضربها مبرحاً لأن «البنت ما كانت تعجبنا».
أما السبب المباشر لضربها حتى الموت، فهو ردها بكلمة «لا أعرف» عن سؤال والد زوجها عن مكان إبريق الماء الساخن. ووصفت والدة الزوج ضرب آيات بأنه عقوبة لها، حتى أن والدي الزوج لم يحركا ساكناً وهما يسمعان صوت ارتطام جمجمة آيات بالجدار لدى تعنيفها من قبل زوجها.
وجاء نشر وزارة الداخلية بدمشق لاعترافات الجناة، بعد ستة أيام من مصرعها في جريمة عنف أسري هزت دمشق وتحولت إلى قضية رأي عام لا تزال تتفاعل منذ كشف عنها منشور لصديقة الضحية التي تسكن في البناء ذاته، وعلى اطلاع بما تتعرض له آيات منذ زواجها قبل ثلاث سنوات، من تعنيف وضرب دائم من قبل زوجها وعائلته، وذلك دون علم عائلتها.
وبحسب منشور الجارة، تعرضت آيات للضرب ليلة عيد رأس السنة الميلادية وجرى نقلها إلى المشفى بعد ساعة ونصف الساعة من وفاتها، وأن الكادر الطبي والشرطة أغلقوا الملف بناءً على إفادات الزوج وعائلته. وبعد تداول السوريين المنشور على نحو غير متوقع في وسط حالة من السخط والاستنكار سارعت وزارة الداخلية إلى إعلان القبض على المتهمين، ونشر تقرير الطب الشرعي، كما استقبل وزير الداخلية السوري، اللواء محمد رحمون، عائلة الضحية آيات الرفاعي الخميس، واستمع لمطالبهم حول الحادثة. وقال ذوو الضحية إنهم عرضوا على الوزير تفاصيل القضية بشكل موسع، ووعدهم بمتابعتها بشكل خاص حتى يحصلوا على حق آيات وفق القانون.
وبعد ساعات تم بث اعترافات الزوج ووالديه، حيث أقر أحمد الحموي، والد زوج آيات بضربه الضحية على رأسها «بعصا مدبسة» أي فيها دبابيس معدنية مؤذية وذلك لأن «تصرفات البنت ما كانت تعجبنا» مضيفاً: «كنا نضربها عالطالعة والنازلة ونتعاون أنا ومرتي وابني على ضربها».
وعن ليلة الحادثة وبعد ضربه لآيات بالعصا المدبسة هربت إلى غرفتها ثم لحقها زوجها وسمع صوت دج عالحيط بعدها خرج ابنه من الغرفة تاركاً آيات فاقدة للوعي. بعد ساعة جاء حفيد من ابنه الثاني وأخبرهم بأن آيات «لا من تمها ولا من كمها». وبدوره اعترف غياث الحموي، زوج الضحية: «يوم الحادثة تغدينا وضربها والدي مرتين على رأسها وجسدها، وبعد ذلك اتجهت إلى الغرفة لمعرفة سبب خلافها مع والدي، فتشاجرنا وضربت رأسها على الحائط عدة ضربات وخرجت من الغرفة وتركتها وحدها».
وذكر أنه توجه مع أخيه بها إلى المشفى، وأنه حاول إخفاء الحقيقة على أهلها، كما أكدت والدة زوج الضحية ما قاله زوجها وابنها ووصفت تصرفاتهم بمعاقبة آيات لعدم سماعها الكلمة.
وأفادت وزارة الداخلية بإلقائها القبض على أخ الجاني أبو العز، لتهديده ذوي الضحية ومن تجرأ ونشر القصة على الفيسبوك متوعداً بإغلاق القضية بطريقته، مؤكداً على أن «البنت (آيات) ما كانت تسمع الكلمة».
وفي إطار تفاعل قضية آيات عقدت في وزارة الإعلام والهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان ندوة حوارية في قاعة رضا سعيد للمؤتمرات بجامعة دمشق يوم الجمعة لإطلاق حملة «لا تسكتي» وأكدت رئيسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة سمر السباعي «وجود حالات كثيرة مشابهة لحالة آيات في المجتمع لكن الاعتراف بوجود مشكلة وبدء البحث عن حلول لها بداية مهمة».
وتشير دراسة حول العنف الأسري نشرتها العام الماضي الهيئة السورية لشؤون الأسرة، إلى تنامي ظاهرة العنف الأسري والعنف ضد المرأة، وأن 45.1 في المائة من النساء السوريات يتعرض للتعنيف والضرب، و21.5 في المائة من النساء يتعرضن للضرب المبرح والركل.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.