نورا حمزاوي... المسرح بيتها والمشاهدون ضيوفها

الفنانة السورية نورا حمزاوي
الفنانة السورية نورا حمزاوي
TT

نورا حمزاوي... المسرح بيتها والمشاهدون ضيوفها

الفنانة السورية نورا حمزاوي
الفنانة السورية نورا حمزاوي

اعتاد الجمهور الفرنسي أن يشاهد ممثلين وممثلات من أصول مغاربية يتحولون إلى نجوم على المسارح والشاشتين الكبيرة والصغيرة. لكنها من المرات النادرة التي تنجح فيها شابة من أصل سوري في تحديد أرض صلبة لها على خارطة المشهد الفني الفرنسي. إنها نورا حمزاوي، الممثلة التي بدأت الطريق من خلال عروض منفردة على المسرح قبل أن تنوع نشاطها وتصبح كاتبة زوايا وبرامج هزلية في الصحافة والإذاعة. إنّها اليوم في السابعة والثلاثين. وكانت قد نشرت قبل 7 أعوام كتاباً بعنوان: «30 عاماً ثلثها في علاج نفسي»، أهدته إلى شقتها المبعثرة رأساً على عقب. ثم صدر لها كتاب ثانٍ في العام الماضي بعنوان «35 عاماً منها 15 أمام الإنترنت». وهو كتاب تتناول فيه بأسلوبها الساخر كيف كانت الحياة قبل الهواتف الجوالة و«فيسبوك» و«إنستغرام» واكتساح لغة الرسائل النصية للتعاملات بين البشر.
طموحها كان بحجم موهبتها. وهي ما زالت تذكر أول مشية لها على السجادة الحمراء التي تمايل عليها نجمات المهرجانات تحت وابل من أضواء الكاميرات. كان ذلك في مهرجان البندقية السينمائي حين شاركت في فيلم «حياة مزدوجة» للمخرج أوليفييه أساياس. لقد بهرتها المدينة الإيطالية العائمة أكثر من المهرجان. وهي قد اختارت فستاناً يليق بالمناسبة، لكنّها كانت متوترة واضطرت لاستخدام الشريط اللاصق كي لا تنزلق العلاقات عن كتفيها.
لعلاج التوتر الطارئ، تنصح الطاهية الفرنسية آن صوفي بيك بـ«طقس للشاي» يريح الأعصاب. لكن نورا حمزاوي، كأي سورية أصيلة، تعتقد أنه لا علاج للتوتر أفضل من الطبخ. وهو أمر كانت ضده في السابق ولا ترى نفسها ناجحة في دور الطباخة وربة البيت، لكنها منذ بدء الجائحة أدركت لذة ملازمة مسكنها وإعداد وجباتها بنفسها والاستماع إلى الموسيقى. إنّها تميل للوجبات المعتمدة على الخضراوات، مع تقليل اللحوم، لأن رائحة الزفر في المطبخ تزعجها. أمّا وصفتها الأثيرة فهي العدس بالسبانخ والكاري، وهو طبق هندي، وكذلك الفاصوليا الحمراء باللحمة المفرومة والصلصة الحارة، وهو طبق مكسيكي... أين الشام إذن؟
في صباها، كانت نورا تحلق في خيالاتها وترى الساعات والأيام تمر بطيئة ما بين بداية الأسبوع وبين العطلة في نهايته. إنّه الزمن الذي كانت نظرة من شاب كفيلة بأن تجعل القلب يخفق بشدة. ومع هذا فإنّها كانت أقل تمرداً من بنات اليوم، واعتادت، منذ سن الخامسة عشرة أن توفر نقوداً لكي تكون لها شقتها الخاصة وأثاثها الذي تحبه. تقول إنّها استعجلت لكي تبلغ سن الرشد. إنّها من النوع الذي ينام بسهولة، في أي وقت وأي مكان. لكنّ نومها صار متقطعاً في الفترة الأخيرة، وقد قرأت عن ظاهرة النوم القلق بسبب «الكوفيد» وتوابعه وتحوراته. أمّا أكثر ما يحبطها فكان اضطرارها للامتناع عن العروض المسرحية بسبب إقفال صالات العرض خلال أشهر العزل وخشية الجمهور من الأماكن المزدحمة.
على المسرح، تنسى نورا حمزاوي كل همومها وتشعر بأنّها في بيتها. إنّه ملجأها الشرعي الذي تعتبره صالونها الذي تستضيف فيه المشاهدين وتدعوهم للتعرف على حجراته. أما المكان الثاني الذي ترتاح فيه فهو منزل والديها في بلدة «فيجياك»، جنوب وسط فرنسا. لقد كان الجنوب هو حاضنتها منذ ولادتها في مدينة «كان»، وهو موطن طفولتها وذكرياتها. وفي حين كانت رفيقاتها الفرنسيات في المدرسة يذهبن لقضاء عطلة الصيف في بيوت العائلة في الريف، فإنها لم تعرف ذلك التقليد وكان لها بيت واحد لكل المواسم. كما كان لها حبيب تعتز به هو أبوها. أرادت دراسة الحقوق بعد المدرسة، لكنها هربت من الكلية بعد ثلاثة أسابيع وانتقلت لدراسة الاتصالات والعلاقات التجارية. كما تسجلت في معهد التمثيل المعروف «فلوريان»، لأنّها لمست الموهبة التي تكمن فيها. ستنجح فنانة كوميدية أكثر منها تاجرة. وهو ما حصل منذ اليوم الذي كتبت فيه أول عروضها من نوع «وان وومن شو»، عام 2009. وإلى جانب العروض المنفردة شاركت في كتابة حلقات المسلسل التلفزيوني «مشاهد عائلية» على القناة السادسة. ولفتت الأنظار بقوة بعد ظهورها في برنامج النجم «لوران روكييه» على القناة الثانية الرسمية. ومن برنامج إلى آخر صارت نورا حمزاوي وجهاً تلفزيونياً مألوفاً وتلقائياً يقدم فقرات غير مألوفة. كانت تتألق وهي تروي فصولاً من حياتها وتجعل المشاهدين يضحكون معها، حتى على مآسيها وإحباطاتها النفسية.
بموازاة التلفزيون واصلت ظهورها السينمائي من دون أن تبلغ أعلى المراتب وتُحسب بين ممثلات الصف الأول. أمّا وقد بلغت السابعة والثلاثين فإنّها لا تملك خططاً واضحة لسن الأربعين أو قرارات تنوي تنفيذها قبل تلك السن، كالأمومة مثلاً، ذلك أنّ لها طفلاً يبلغ من العمر خمس سنوات. كل ما تتمناه هو أن تعود الحياة طبيعية ويخلع البشر كماماتهم ويتنفسون هواء المسارح وصالات السينما بلا خوف. ولعل الإنسان لا يشعر بالتقدم في العمر إلّا لأن العالم يتغير من حوله. أما ما في الداخل فلا يختلف باختلاف السنوات، اللهم إلا ضرورة الانتباه لما يأكل وما يشرب لكي يحافظ على لياقته.


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».