قررت النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية في تونس، مساء أول من أمس، إحالة 19 مسؤولا سياسيا سابقا على القضاء، ضمنهم رؤساء حكومات ووزراء سابقون، ومرشحون للانتخابات الرئاسية لسنة 2019، علاوة على رؤساء أحزاب سياسية، وهو ما من شأنه أن يؤثر، حسب مراقبين، على المشهد السياسي التونسي، سواء تعلق الأمر بالانتخابات البرلمانية المقررة في17 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، أو الانتخابات الرئاسية المقررة دستوريا سنة 2024.
وجاء قرار إحالة المتهمين للمحاكمة في 19 من يناير (كانون الثاني)، الجاري استنادا إلى تقرير محكمة المحاسبات بخصوص الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها سنة 2019، وبناء أيضاً على انتقادات سابقة وجهها الرئيس قيس سعيد للقضاء، واتهامه له بـ«التباطؤ» في ترتيب آثار قانونية للجرائم الانتخابية.
ووجهت النيابة العامة للمشتبه بارتكابهم «جرائم انتخابية»، مجموعة من التهم المرتبطة بالانتخابات السابقة، من ضمنها «الانتفاع بدعاية غير مشروعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والدعاية خلال فترة الصمت الانتخابي، من بين تهم أخرى».
وضمت القائمة أسماء الرئيس السابق منصف المرزوقي، وراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، وحمادي الجبالي، ورؤساء حكومات سابقين، هم إلياس الفخفاخ، ومهدي جمعة، ويوسف الشاهد، إضافة إلى مرشحين سابقين في الانتخابات الرئاسية، أبرزهم نبيل القروي، رئيس حزب قلب تونس والمرشح السابق في الانتخابات الرئاسية، الذي انهزم أمام الرئيس سعيد، وعبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع السابق والمرشح الرئاسي لانتخابات 2019، وسليم الرياحي رئيس حزب التيار الوطني، والمرشح السابق للرئاسة. علاوة على الصافي سعيد، والهاشمي الحامدي، ومحمد النوري، وسعيد العايدي، وزير الصحة السابق، ولطفي المرايحي، رئيس حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري، والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية، والمنجي الرحوي القيادي في حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (الوطد اليساري) والمرشح للانتخابات الرئاسية السابقة، وسلمى اللومي وزيرة السياحة السابقة، وناجي جلول القيادي السابق في حزب النداء، وحمة الهمامي رئيس حزب العمال (يساري)، المرشح بدوره في رئاسيات 2019.
وعبر حزب العمال عن استنكاره لـ«حشر» اسم رئيسه ضمن قائمة المتهمين بارتكاب جرائم انتخابية، مؤكدا أن الهمامي لم يتلق أي وثيقة رسمية من أي جهة قضائية لها علاقة بهذا القرار. كما رجح عدم جدية ما جاء في الخبر من اتهامات لرئيس حزب العمال مؤكدا أنه «لم ينتفع بأي إشهار سياسي، ولا بدعاية غير مشروعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما أنه لم يقم بدعاية خلال الصمت الانتخابي».
واعتبر حزب العمال أن ما تقوم به الجهات الرسمية من خلال نشر هذا الخبر هو «عملية سياسية تهدف إلى وضع الجميع في نفس السلة، ومحاولة تعويم قضية استعمال المال الفاسد من الداخل والخارج في الانتخابات السابقة، وقضية الانتفاع بالإشهار السياسي واللوبيينغ، وتوظيف وسائل الإعلام لصالح مرشحين بعينهم». مستغربا عدم إدراج اسم الرئيس سعيد على رأس قائمة المنتفعين بالإشهار السياسي، والدعاية غير المشروعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفق ما ورد في تقرير محكمة المحاسبات، الذي ذكر أن الرئيس سعيد تلقى سندا تمثل في 30 صفحة دعائية موزعة على مدن تونس، وداخل عدد من الدول الأجنبية بعدد مشاركين بلغ أكثر من ثلاثة ملايين شخص.
وكانت النيابة العامة قد عللت عدم إحالة أشخاص آخرين على العدالة، في إشارة إلى الرئيس سعيد، بـ«الإجراءات الخاصة بإثارة الدعوة العمومية المرتبطة بصفة المخالف». لكن حزب العمال قال إنه «لا قيمة للتعليل، الذي قدمه القضاء في حالة الرئيس سعيد لأن الأمر 117، الذي أصدره في سبتمبر (أيلول) الماضي، والذي استعاض به عن الدستور في كل ما يتعلق بالسلطة التنفيذية، لا ينص مطلقا على تمتع رئيس السلطة التنفيذية بالحصانة».
يذكر أن «المجلس التونسي الأعلى للقضاء» قد جدد الأربعاء الماضي رفضه لمراجعة وإصلاح المنظومة القضائية في تونس بمراسيم رئاسية، في إطار التدابير الاستثنائية «المتعلقة حصرا بمجابهة خطر داهم».
ونبه المجلس إلى «خطورة تواصل عمليات التشويه، والضغط التي تطال القضاة»، محذرا من تبعات زعزعة الثقة في القضاء والقضاة. في إشارة إلى الضغوط الرئاسية المسلطة على القضاة، وتصنيفهم إلى «شرفاء وفاسدين».
وكان الرئيس سعيد قد استقبل خلال نفس اليوم عميد المحامين التونسيين، وأكد خلال اللقاء أنه «لا أحد فوق الدولة، ويجب محاسبة كل من أجرم في حق الشعب التونسي»، على حد تعبيره.
القضاء التونسي يستدعي رؤساء حكومات ووزراء سابقين بتهم «جرائم انتخابية»
أبرزهم المرزوقي والغنوشي والفخفاخ ويوسف الشاهد
القضاء التونسي يستدعي رؤساء حكومات ووزراء سابقين بتهم «جرائم انتخابية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة