إقرار قانون يتيح ربط بيوت بدوية بالكهرباء في النقب

المعارضة تتهم بنيت بـ {بيع} إسرائيل للحركة الإسلامية

«صوانين» هي واحدة من ثلاثين قرية بدوية في النقب لا تحصل على ماء أو كهرباء أو خدمات طبية من إسرائيل (أ.ف.ب)
«صوانين» هي واحدة من ثلاثين قرية بدوية في النقب لا تحصل على ماء أو كهرباء أو خدمات طبية من إسرائيل (أ.ف.ب)
TT

إقرار قانون يتيح ربط بيوت بدوية بالكهرباء في النقب

«صوانين» هي واحدة من ثلاثين قرية بدوية في النقب لا تحصل على ماء أو كهرباء أو خدمات طبية من إسرائيل (أ.ف.ب)
«صوانين» هي واحدة من ثلاثين قرية بدوية في النقب لا تحصل على ماء أو كهرباء أو خدمات طبية من إسرائيل (أ.ف.ب)

شهد الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، أمس (الأربعاء)، صخباً غير مسبوق في أعقاب تمرير قانون جديد يتيح ربط بضعة ألوف من البيوت العربية في النقب بالتيار الكهربائي.
واتهم اليمين المعارض، رئيس الوزراء نفتالي بنيت، ببيع إسرائيل للحركة الإسلامية، كونها صاحبة القانون، وراح نوابه يطالبه بمغادرة القاعة، ويطبلون على الطاولات بقبضات أيديهم: «المستوطنون يعيشون على ضوء الشموع والعرب يتمتعون بالكهرباء».
وكان القانون قد طرح على الكنيست منذ سنوات طويلة بمبادرة القائمة المشتركة للأحزاب العربية، عندما كانت تضم جميع الأحزاب العربية بما في ذلك الحركة الإسلامية، وكانت الأغلبية اليهودية اليمينية وحتى الليبرالية تُسقطه في كل مرة. وقد طرح أساساً بغرض حل مشكلة متفاقمة لدى نحو 55 ألف عائلة عربية في إسرائيل تعيش في بيوت من دون ترخيص، غالبيتها من بدو النقب. فالحكومات الإسرائيلية ترفض منح هذه البيوت تراخيص، لأنها تخطط لترحيلهم، ولا تعترف بعشرات القرى التي يسكنون فيها، وتصدر ألوف أوامر الهدم وتنفذ العشرات منها كل سنة. ولذلك تجعلهم يعيشون في ظروف القرن الماضي، بلا خدمات أساسية، وتمنع عن غالبيتهم التيار الكهربائي والماء والمجاري والتخطيط والتعليم والخدمات الطبية.
والسنة الماضية، انقسمت القائمة المشتركة، بعد انشقاق القائمة الموحدة للحركة الإسلامية برئاسة النائب منصور عباس عنها، وغضب الناخبون العرب وامتنع غالبيتهم عن التصويت. وهبط تمثيل الأحزاب العربية من 15 إلى 10 نواب (6 نواب للقائمة المشتركة برئاسة النائب أيمن عودة، والقائمة الإسلامية 4 نواب). وقد انضمت «الإسلامية» إلى الائتلاف بشكل فعلي، وكان من ضمن شروطها سن قانون لتسوية قضية التخطيط والبناء، وكذلك ربط البيوت غير المرخصة بالكهرباء. وقد حاولت وزيرة الداخلية أييلت شاكيد، وغيرها من وزراء ونواب اليمين المتطرف في الحكومة التنصل من هذا الالتزام، ودخلت في مفاوضات مريرة لتقزيم القانون، حتى تم التوصل إلى صيغته الحالية.
وتحولت القضية إلى موضوع خلافي شامل في الكنيست، بين عدة مجموعات. فعلى صعيد النواب العرب، اتهمت «المشتركة»، القائمة الإسلامية، بالرضوخ لشروط شاكيد حتى صار القانون يخدم فقط 5% من أصحاب البيوت العربية المحتاجة، إذ يضع شروطاً تعجيزية تمنع غالبيتهم من الاستفادة منه. وردّت «الإسلامية» بأن القانون يحل مشكلة الغالبية. وعلى صعيد الائتلاف والمعارضة، اتهم اليمين الحكومة بإجازة مخالفات القانون لدى العرب، وعدّوه قانوناً لصالح العرب، في حين هناك مئات بيوت المستوطنين اليهود في البؤر الاستيطانية محرومة من الكهرباء والقانون لا يحل مشكلتها.
يوم أمس، عُقدت الجلسة الأخيرة للكنيست للبتّ في الموضوع، وترأسها النائب عباس، بصفته أحد نواب رئيس البرلمان. وعرض القانون النائب وليد طه، عن الحركة الإسلامية، وتعمد إلقاء كلمته باللغة العربية، فثارت ثائرة اليمين وراحوا يقاطعونه ويشتمونه ويحتجون على أنهم لا يفهمون اللغة. وصرخ النائب ديفيد أمسالم، متهكماً: «هل نُحضر لكم القهوة والبقلاوة؟». وأضاف النائب حاييم كاتس: «لقد استدعيتمونا لمناقشة القانون ولكننا لا نفهم شيئاً». وهاجم عضو الكنيست المتطرف، إيتمار بن غفير، النائب وليد طه، وقال له: «أنت إرهابي». ودعا عضو الكنيست عن الليكود أوفير كاتس، إلى «أخذ الأقلية اليهودية بعين الاعتبار والتحدث بالعبرية». وقال النائب عن الليكود آفي ديختر، الرئيس السبق لجهاز المخابرات العامة (الشاباك): «لو كنت رجلاً محترماً كنت ستتحدث بالعربية وترجمتها إلى العبرية، لكنك لست رجلاً محترماً».
وبطلب من رئيس الجلسة، عاد طه وتكلم بالعبرية. وأوضح أن الحديث يدور عن بلدات كثيرة في إسرائيل، معظمها بلدات عربية، عانت منذ سنين من انعدام التخطيط، الأمر الذي تسبب في تعذر إصدار رخص بناء لسكان تلك البلدات وعدم ربطهم بشبكة الكهرباء والهاتف أو الماء. وفي معظم الحالات، قام هؤلاء السكان في نهاية الأمر بربط بيوتهم بتلك الشبكات بصورة غير قانونية وخطيرة، تهدد حياة المواطنين.
وحاولت الوزيرة شاكيد أن تدافع عن القانون، فقالت إنه شهد تغييرات كثيرة جعلته معقولاً، لا يشجع الناس على خرق القانون. ويفرض عقوبات وغرامات على مَن لا يفي بالتزامه للدولة. ورفضت مقولة أنها تهمل المستوطنين، وقالت إنها تقدم لهم خدمات غير مسبوقة في تاريخ إسرائيل.
لكن الشروحات لم تهدئ من رفض اليمين، فقال عضو الكنيست عن الليكود، الجنرال يوآف غالانت، إن القانون يدل على أن «الديمقراطية الإسرائيلية مريضة، والتوازن بين الحقوق المدنية وسيادة الدولة اليهودية الصهيونية انتُهك في البرلمان». وتوجه النائب موشيه أبوتبول من حزب شاس لليهود الشرقيين المتدينين، إلى النائبين عباس وطه، طالباً أن يسعيا إلى ربط المستوطنات بقانون الكهرباء، قائلاً: «من بين جميع الكابلات الكهربائية التي ستوصلونها إلى النقب، هل يمكن سحب كابل واحد للمستوطنات أيضاً أم نفدت الكابلات؟». وقال عضو الكنيست ديفيد أمسالم، من الليكود، للنائب طه: «عندما نعود للحكومة سنقطع الكهرباء عنك، لقد سرقت الآن ربع البلاد».
في نهاية المطاف، تمت المصادقة على القانون بأكثرية 61 صوتاً، وامتناع ثلاثة نواب من «المشتركة»، فيما رفض نواب المعارضة اليمينية المشاركة في التصويت، واختاروا بدلاً من ذلك التطبيل والصراخ وهم يطالبون بنيت بالرحيل إلى البيت. وصاح فيه النائب أوفير كاتس: «أنت رئيس حكومة ضعيف وجبان ومهزوز. كلي أمل أن رؤساء دول العالم لا يشاهدونك في هذه الحالة وأنت تبيع إسرائيل للحركة الإسلامية. إنك تهدد أمن إسرائيل وعقيدتها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».