شهد الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، أمس (الأربعاء)، صخباً غير مسبوق في أعقاب تمرير قانون جديد يتيح ربط بضعة ألوف من البيوت العربية في النقب بالتيار الكهربائي.
واتهم اليمين المعارض، رئيس الوزراء نفتالي بنيت، ببيع إسرائيل للحركة الإسلامية، كونها صاحبة القانون، وراح نوابه يطالبه بمغادرة القاعة، ويطبلون على الطاولات بقبضات أيديهم: «المستوطنون يعيشون على ضوء الشموع والعرب يتمتعون بالكهرباء».
وكان القانون قد طرح على الكنيست منذ سنوات طويلة بمبادرة القائمة المشتركة للأحزاب العربية، عندما كانت تضم جميع الأحزاب العربية بما في ذلك الحركة الإسلامية، وكانت الأغلبية اليهودية اليمينية وحتى الليبرالية تُسقطه في كل مرة. وقد طرح أساساً بغرض حل مشكلة متفاقمة لدى نحو 55 ألف عائلة عربية في إسرائيل تعيش في بيوت من دون ترخيص، غالبيتها من بدو النقب. فالحكومات الإسرائيلية ترفض منح هذه البيوت تراخيص، لأنها تخطط لترحيلهم، ولا تعترف بعشرات القرى التي يسكنون فيها، وتصدر ألوف أوامر الهدم وتنفذ العشرات منها كل سنة. ولذلك تجعلهم يعيشون في ظروف القرن الماضي، بلا خدمات أساسية، وتمنع عن غالبيتهم التيار الكهربائي والماء والمجاري والتخطيط والتعليم والخدمات الطبية.
والسنة الماضية، انقسمت القائمة المشتركة، بعد انشقاق القائمة الموحدة للحركة الإسلامية برئاسة النائب منصور عباس عنها، وغضب الناخبون العرب وامتنع غالبيتهم عن التصويت. وهبط تمثيل الأحزاب العربية من 15 إلى 10 نواب (6 نواب للقائمة المشتركة برئاسة النائب أيمن عودة، والقائمة الإسلامية 4 نواب). وقد انضمت «الإسلامية» إلى الائتلاف بشكل فعلي، وكان من ضمن شروطها سن قانون لتسوية قضية التخطيط والبناء، وكذلك ربط البيوت غير المرخصة بالكهرباء. وقد حاولت وزيرة الداخلية أييلت شاكيد، وغيرها من وزراء ونواب اليمين المتطرف في الحكومة التنصل من هذا الالتزام، ودخلت في مفاوضات مريرة لتقزيم القانون، حتى تم التوصل إلى صيغته الحالية.
وتحولت القضية إلى موضوع خلافي شامل في الكنيست، بين عدة مجموعات. فعلى صعيد النواب العرب، اتهمت «المشتركة»، القائمة الإسلامية، بالرضوخ لشروط شاكيد حتى صار القانون يخدم فقط 5% من أصحاب البيوت العربية المحتاجة، إذ يضع شروطاً تعجيزية تمنع غالبيتهم من الاستفادة منه. وردّت «الإسلامية» بأن القانون يحل مشكلة الغالبية. وعلى صعيد الائتلاف والمعارضة، اتهم اليمين الحكومة بإجازة مخالفات القانون لدى العرب، وعدّوه قانوناً لصالح العرب، في حين هناك مئات بيوت المستوطنين اليهود في البؤر الاستيطانية محرومة من الكهرباء والقانون لا يحل مشكلتها.
يوم أمس، عُقدت الجلسة الأخيرة للكنيست للبتّ في الموضوع، وترأسها النائب عباس، بصفته أحد نواب رئيس البرلمان. وعرض القانون النائب وليد طه، عن الحركة الإسلامية، وتعمد إلقاء كلمته باللغة العربية، فثارت ثائرة اليمين وراحوا يقاطعونه ويشتمونه ويحتجون على أنهم لا يفهمون اللغة. وصرخ النائب ديفيد أمسالم، متهكماً: «هل نُحضر لكم القهوة والبقلاوة؟». وأضاف النائب حاييم كاتس: «لقد استدعيتمونا لمناقشة القانون ولكننا لا نفهم شيئاً». وهاجم عضو الكنيست المتطرف، إيتمار بن غفير، النائب وليد طه، وقال له: «أنت إرهابي». ودعا عضو الكنيست عن الليكود أوفير كاتس، إلى «أخذ الأقلية اليهودية بعين الاعتبار والتحدث بالعبرية». وقال النائب عن الليكود آفي ديختر، الرئيس السبق لجهاز المخابرات العامة (الشاباك): «لو كنت رجلاً محترماً كنت ستتحدث بالعربية وترجمتها إلى العبرية، لكنك لست رجلاً محترماً».
وبطلب من رئيس الجلسة، عاد طه وتكلم بالعبرية. وأوضح أن الحديث يدور عن بلدات كثيرة في إسرائيل، معظمها بلدات عربية، عانت منذ سنين من انعدام التخطيط، الأمر الذي تسبب في تعذر إصدار رخص بناء لسكان تلك البلدات وعدم ربطهم بشبكة الكهرباء والهاتف أو الماء. وفي معظم الحالات، قام هؤلاء السكان في نهاية الأمر بربط بيوتهم بتلك الشبكات بصورة غير قانونية وخطيرة، تهدد حياة المواطنين.
وحاولت الوزيرة شاكيد أن تدافع عن القانون، فقالت إنه شهد تغييرات كثيرة جعلته معقولاً، لا يشجع الناس على خرق القانون. ويفرض عقوبات وغرامات على مَن لا يفي بالتزامه للدولة. ورفضت مقولة أنها تهمل المستوطنين، وقالت إنها تقدم لهم خدمات غير مسبوقة في تاريخ إسرائيل.
لكن الشروحات لم تهدئ من رفض اليمين، فقال عضو الكنيست عن الليكود، الجنرال يوآف غالانت، إن القانون يدل على أن «الديمقراطية الإسرائيلية مريضة، والتوازن بين الحقوق المدنية وسيادة الدولة اليهودية الصهيونية انتُهك في البرلمان». وتوجه النائب موشيه أبوتبول من حزب شاس لليهود الشرقيين المتدينين، إلى النائبين عباس وطه، طالباً أن يسعيا إلى ربط المستوطنات بقانون الكهرباء، قائلاً: «من بين جميع الكابلات الكهربائية التي ستوصلونها إلى النقب، هل يمكن سحب كابل واحد للمستوطنات أيضاً أم نفدت الكابلات؟». وقال عضو الكنيست ديفيد أمسالم، من الليكود، للنائب طه: «عندما نعود للحكومة سنقطع الكهرباء عنك، لقد سرقت الآن ربع البلاد».
في نهاية المطاف، تمت المصادقة على القانون بأكثرية 61 صوتاً، وامتناع ثلاثة نواب من «المشتركة»، فيما رفض نواب المعارضة اليمينية المشاركة في التصويت، واختاروا بدلاً من ذلك التطبيل والصراخ وهم يطالبون بنيت بالرحيل إلى البيت. وصاح فيه النائب أوفير كاتس: «أنت رئيس حكومة ضعيف وجبان ومهزوز. كلي أمل أن رؤساء دول العالم لا يشاهدونك في هذه الحالة وأنت تبيع إسرائيل للحركة الإسلامية. إنك تهدد أمن إسرائيل وعقيدتها».
إقرار قانون يتيح ربط بيوت بدوية بالكهرباء في النقب
المعارضة تتهم بنيت بـ {بيع} إسرائيل للحركة الإسلامية
إقرار قانون يتيح ربط بيوت بدوية بالكهرباء في النقب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة