تصعيد الميليشيات الحوثية يشرّد 3 آلاف يمني خلال أسبوع

«الدولية للهجرة»: متطلبات التمويل العاجلة لدعم النازحين تبلغ 10 ملايين دولار

TT

تصعيد الميليشيات الحوثية يشرّد 3 آلاف يمني خلال أسبوع

ذكرت المنظمة الدولية للهجرة أن نحو ثلاثة آلاف يمني فروا من القتال خلال الأسبوع الماضي، حيث تواصل الميليشيات الحوثية تصعيدها في أكثر من جبهة، في حين ارتفع إجمالي عدد النازحين خلال العام الماضي إلى أكثر من 150 ألف فرد. وقالت المنظمة إن متطلبات التمويل العاجلة لتغطية احتياجات النازحين تبلغ 10 ملايين دولار رغم استقرار خطوط المواجهة في الأسابيع الماضية، حيث إن أكبر الاحتياجات في مواقع النزوح هي المأوى والمواد غير الغذائية وخدمات التعليم والمياه والصرف الصحي وخدمات النظافة.
ووفق أداة التتبع السريع للنزوح، التابعة للمنظمة الدولية للهجرة في اليمن، فإنه خلال الفترة المشمولة بالتقرير، بين 26 ديسمبر (كانون الأول) 2021 و1 يناير (كانون الثاني) 2022، تم تتبع نزوح 466 أسرة (2796 فردًا) نزحت مرة واحدة على الأقل. وكان الصراع هو السبب الرئيسي للنزوح، حيث يمثل 94 في المائة (439 أسرة) من الإجمالي، تليها الأسباب الاقتصادية بنسبة ستة في المائة (27 أسرة).
الأداة التي تقوم بجمع بيانات أعداد الأسر التي أُجبرت على الفرار يوميًا من مواقعها الأصلية أو النزوح، مما يسمح بالإبلاغ المنتظم عن حالات النزوح الجديدة من حيث الأعداد وأسباب النزوح والجغرافيا والاحتياجات، ذكرت أنه من 1 يناير 2021 وحتى 1 يناير 2022، نزحت 26.227 أسرة (157.362 فردًا) مرة واحدة على الأقل. وأن حوالي 170 أسرة نازحة في الفترة المشمولة بالتقرير، والتي غطت الفترة من 15 - 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في محافظات تعز (141 أسرة)، عدن (14 أسرة)، الحديدة (12 أسرة) والمهرة (3 أسر).
وقالت إن متطلبات التمويل العاجلة تبلغ 10 ملايين دولار أميركي على الرغم من أن الخطوط الأمامية تحمل الشكل نفسه في مأرب في الأسابيع الأخيرة، إلا أن الاشتباكات المسلحة تترك آثارًا كارثية على المجتمعات، وتؤدي إلى النزوح ورفعت الاحتياجات الإنسانية بمعدل غير مسبوق.
فمنذ سبتمبر (أيلول) الماضي، أدى الصراع إلى نزوح أكثر من 8.314 أسرة أو يشكلون قرابة 50 ألف فرد، العديد منهم نزح للمرة الرابعة أو الخامسة ومعظمهم فروا من مناطق الجهينة في صرواح إلى مواقع النازحين في مدينة مأرب ومديريات مأرب الوادي.
كما سجلت المنظمة زيادة ملحوظة في عدد حوادث العنف المسلح التي أثرت على المجتمعات والبنية التحتية المدنية ومواقع النازحين داخليًا. ففي 9 ديسمبر (كانون الأول)، أصيب أربعة أطفال وامرأة بشظايا عندما سقط صاروخان أطلقتهما ميليشيات الحوثي على موقع النزوح في الحامة الذي تديره المنظمة الدولية للهجرة ويستضيف 250 أسرة. حيث فر 153 أسرة، أو أكثر من نصف سكان الموقع، إلى مواقع أخرى للنازحين داخليًا عبر مدينة مأرب ومأرب الوادي.
وذكرت المنظمة أن فريق تنسيق وإدارة المخيمات التابع لها يقوم بالتحقق من مواقع النزوح مع السلطات المحلية من أجل تنسيق المأوى وتقديم المواد غير الغذائية والاستجابة القائمة على النقد.
ووفقًا لأداة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة، تم تهجير ما يقرب من 677 أسرة أو 4062 فردًا في الفترة ما بين 28 نوفمبر (تشرين الثاني) إلى 11 ديسمبر (كانون الأول) 2021، وقد حددت المنظمة الدولية للهجرة 84 أسرة أو 504 أفراد تم تهجيرهم من الفترة المشمولة بالتقرير السابق، وقالت إن أكثر الاحتياجات في مواقع النازحين هي المأوى والمواد غير الغذائية وخدمات التعليم والمياه والصرف الصحي وخدمات النظافة. وإنه ومع حلول فصل الشتاء في مأرب، يتعرض النازحون بشكل متزايد للطقس البارد. وفي الآونة الأخيرة، لقي ثلاثة أطفال حتفهم بسبب البرد في مخيم النقيعة.
وطبقا لما جاء في أول تحديث للعام الحالي فلا تزال مواقع النازحين المكتظة تستقبل العائلات النازحة حديثًا، حيث يضطر العديد منهم إلى الانتقال للعيش مع عائلات أخرى؛ غالبًا ما تشترك أربع إلى خمس عائلات في خيمتين. في حين منع بعض أصحاب الأراضي دخول العائلات النازحة حديثًا بحجة امتلاء المواقع. وفي هذه الحالات، انتقلت العائلات إلى المزارع والأماكن المفتوحة حيث الخدمات الإنسانية متقطعة أو غير موجودة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.