ليس بالغذاء وحده... كيف نضمن لأولادنا نمواً صحياً؟

النوم يحسن من تخزين الذكريات

الشعور بالمرح يعزز من نمو صحة الأطفال (أرشيفية - اندبدنت)
الشعور بالمرح يعزز من نمو صحة الأطفال (أرشيفية - اندبدنت)
TT

ليس بالغذاء وحده... كيف نضمن لأولادنا نمواً صحياً؟

الشعور بالمرح يعزز من نمو صحة الأطفال (أرشيفية - اندبدنت)
الشعور بالمرح يعزز من نمو صحة الأطفال (أرشيفية - اندبدنت)

يعتقد البعض أن نمو أطفالنا لا يحتاج سوى الغذاء الجيد، لكن عملية النمو تحتاج أيضاً إلى النوم وممارسة الرياضة وحتى تدريب الأطفال على الشعور بالمرح.
ووفقاً لخبراء في صحة الأطفال والأسرة، فإن النوم الجيد والكافي، والغذاء الصحي والحديث عنه لأطفالنا، وتحفيزهم على ممارسة الرياضة حتى ولو 15 دقيقة في اليوم، وأيضاً تحفيز الأفكار الإيجابية لديهم، كلها أمور تعزز من حصولهم على نمو صحي.
* النوم
ويعرف الخبراء في دراسة جديدة أنه على الأطفال الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم، إذ إن قلة النوم تساهم في خيارات التغذية الرديئة، والتي بدورها تلعب دوراً في وباء السمنة ومشاكل صحية لاحقة.
وعدت الدراسة التي نشرت في مجلة «سليب» أن النوم هو الأولوية رقم 1 التي تعتقد مؤلفة الدراسة كارا دوراشيو أنه يجب أن تكون في أذهان الآباء والأمهات أثناء محاولتهم ضمان حاضر ومستقبل صحيين لأطفالهم.
وذكرت الدراسة أن «النوم يتقاطع حرفياً مع كل جانب من جوانب حياتنا مثل التحصيل الدراسي والقدرة على الانتباه في الفصل والصحة. وليس فقط الصحة المرتبطة بالوزن، ولكن الصحة المعرفية، والصحة العاطفية، والقدرات الاجتماعية مثل تكوين الصداقات والحفاظ عليها»، وقالت مؤلفة الدراسة إنه «مهما كانت العادات التي نريد تطويرها لتحسين صحة أطفالنا، فإن النوم سيساعد في تعزيزها».

وذكرت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال في عام 2018 أن ثلاثة أرباع طلاب المدارس الثانوية يحصلون على أقل من ثماني إلى 10 ساعات من النوم في الليلة. وقد يحتاج الأطفال الأصغر سناً إلى المزيد بل وحتى أقل.
ويقول الباحثون إن بدانة الأطفال هي الآن «وباء»، وأعربوا عن أسفهم لحقيقة أن ذلك ينتج عنه مشكلات صحية قد تستمر إلى فترة مراهقتهم، ويرجعون تلك السمنة إلى عدم حصول الأطفال على النوم المناسب.
وبينما لا يزال الباحثون يكتشفون معلومات جديدة عن النوم، فإنهم يعتقدون أنه ضروري لمعالجة وتخزين أنواع مختلفة من الذكريات، وكذلك مساعدة الجسم على الراحة والشفاء، من تقوية جهاز المناعة لمحاربة الإصابات والأمراض إلى إصلاح الضرر الذي حدث خلال اليوم.
وينصح خبراء الصحة أنه يجب استخدام الأسرة للنوم فقط للمساعدة في تحسين العقلية. ويجب ألا يقرأ الشباب أو يتصفحوا الإنترنت أثناء وجودهم في السرير. بالإضافة إلى ذلك، يمكن إعادة ضبط إيقاع النوم الطبيعي للمرء بمرور الوقت من خلال الذهاب إلى الفراش قبل 15 دقيقة من المعتاد لمدة أسبوع، ثم 15 دقيقة أخرى في الأسبوع التالي، حتى يحين موعد النوم الذي يطابق احتياجات النوم مع الالتزامات الأخرى مثل الاستعداد للمدرسة.
* الغذاء
الغذاء هو وقود الجسم والدماغ. وتقول الدكتورة ريبيكا جاكسون اختصاصية الغذاء في ولاية نورث كارولينا، إنه عندما ينفد من الجسم الوقود الجيد والموارد التي يحتاجها ليعمل على مستوى عالٍ، فإنه يبدأ في الانهيار والحرق.
ولذلك، إذا أردنا أن يشعر أطفالنا بوافر الصحة، فنحن بحاجة إلى التغذية الجيدة. وأن يوازن الأطفال بين الطعام الصحي والوجبات السريعة التي ينجذبون فيها في كثير من الأحيان.

قال الدكتور بول ويركوس، طبيب الأطفال في موراي بولاية يوتا: «نحن صنيعة مما نأكله بالمعنى الحرفي للكلمة، سواء من حيث العناصر الغذائية أو حتى الشعور بالفرح الذي نحصل عليه من التجمع معاً وتناول الطعام». وأردف: «لا يوجد شيء أكثر حزناً من الأكل الذي يفتقر إلى استيقاظ الذهن والبهجة».
وينصح الأطباء بالحديث للأطفال عن خصائص الأطعمة ومما تتكون، وما تفعله الأطعمة للجسم، مثل الفرق بين «الكب كيك» والدهون الصحية الموجودة في ثمار صحية مثل الأفوكادو، ثم نجعلهم لاتخاذ خيارات أفضل لصحتهم.
* ممارسة الرياضة
وتقول جاكسون، إن ممارسة الرياضة لها آثار هائلة ليس فقط على الصحة البدنية، ولكن أيضاً على الصحة العقلية، وتتابع: «إذا كنت تشعر بالإحباط أو الخمول، إذا كنت تشعر بعدم التركيز، فلديك القوة للتأثير على ذلك. استخدم العضلات لتشغيل عقلك».
وتعد الخبيرة الصحية أن ممارسة الرياضة لا يجب أن تكون طويلة أو مكثفة، مثل 30 دقيقة، وهي كمية كافية للتحسين من عمل القلب والأوعية الدموية. حتى لو استغرقت شيئاً بسيطاً مثل بضع دقائق من الجري صعوداً وهبوطاً على الدرج لرفع معدل ضربات قلبك وتحسين مجموعات عضلية كبيرة، فإن ذلك «يحفز مناطق هائلة من دماغك ويزيد من تدفق الدم والأكسجين الذي يعزز التركيز والذاكرة».

ترى جاكسون اختلافاً في الطاقة والمزاج بعد ممارسة أطفالها للرياضة، وأنها «تشاهدهم بعد التمرين وهم يتحدثون مع بعضهم بعضاً ولديهم الكثير ليقولوه وهم متحمسون للتو. مقابل يوم لا يمارسون فيه الرياضة بعد المدرسة وتلتقطهم ويكونون متعبين وبطيئين في السيارة ثم يريدون الذهاب إلى غرفتهم وإغلاق الباب».
* الشعور بالفرح
وفقاً للباحثة في علم النفس ودراسات الطفل والأسرة بولاية يوتا، جيني هاو، فإن مساعدة أطفالنا للشعور بالفرح يعزز من النمو الجيد للأطفال.
وعدت الاختصاصية أن الفرح لا يعني عدم الشعور بالمشاعر السلبية أحياناً، ولكن الشعور بالفرح والإيجابية هو اختيار نشط لنا، ويمكن أن يعزز من نمو أطفالنا.
وعدت الباحثة جاكسون أن الشعور بالفرح أمر يشبه تمرين عضلة في الجسم، وتفسر: «الأفكار والمشاعر تنطلق في دماغنا بنفس طريقة الفعل، لذلك إذا كنت أريد أن تصبح عضلات رأسي أقوى، فربما سأقوم بمزيد من تمارين الضغط أو تمارين عضلة الرأس. ولذلك، إذا كنت أريد بهجتي أو الشعور الإيجابية يتزايد، فأنا بحاجة إلى القيام بالمزيد من ذلك، وخلق أنماط وعادات تكسبني الشعور بالفرحة».
ويعد الخبراء أن الابتعاد عن الأصدقاء الذين يشكون باستمرار، يساعد في تحفيز نمو صحي للأطفال، وهذا لا يعني أنه يمكن الاعتراف بالحزن والإحباط أحياناً، ولكن يشير الباحثون إلى أن «المهم ألا يبقى تركيزنا على السلبيات فحسب».


مقالات ذات صلة

السلطان هيثم وإردوغان يبحثان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

الخليج الرئيس التركي مستقبلاً سلطان عُمان بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

السلطان هيثم وإردوغان يبحثان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

اتفقت تركيا وسلطنة عمان على تعزيز علاقات الصداقة والتعاون فيما بينهما وأكدتا دعمهما لأي مبادرات لوقف إطلاق النار في غزة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
صحتك ضرب الكرة بالرأس خلال لعب كرة القدم قد يسبب تلفاً في الدماغ أكبر مما كان يُعتقد (أ.ف.ب)

لعبة شائعة في كرة القدم قد تسبب تلفاً بالدماغ

وفقاً لدراسة جديدة، فإن ضرب الكرة بالرأس خلال لعب كرة القدم قد يسبب تلفاً في الدماغ أكبر مما كان يُعتقد.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك يشكل النوم أهمية مركزية للصحة العامة ومستوى رفاهية الإنسان (جامعة ولاية أوريغون)

تغيير وقت الذهاب إلى الفراش كل ليلة يؤثر على صحتك

أشارت دراسة جديدة إلى وجود صلة قوية بين عدم الذهاب إلى الفراش في الوقت نفسه كل ليلة وخطر الإصابة بأمراض القلب أو السكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ارتفاع ضغط الدم يشكّل تحدياً للصحة (رويترز)

6 أشياء يقول أطباء السكتة الدماغية إنه لا يجب عليك فعلها أبداً

تعدّ السكتات الدماغية أحد الأسباب الرئيسة للوفاة، والسبب الرئيس للإعاقة في أميركا، وفقاً لـ«جمعية السكتات الدماغية الأميركية»، وهو ما يدعو للقلق، خصوصاً أن…

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا (د.ب.أ)

3 أطعمة عليك تناولها عند إصابتك بنزلة برد أو إنفلونزا

تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا وغيرهما من الفيروسات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر تحتفي باللغة القبطية وتوثيق الحضارة الفرعونية 

الاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيس معهد الدراسات القبطية (وزارة السياحة والآثار)
الاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيس معهد الدراسات القبطية (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر تحتفي باللغة القبطية وتوثيق الحضارة الفرعونية 

الاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيس معهد الدراسات القبطية (وزارة السياحة والآثار)
الاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيس معهد الدراسات القبطية (وزارة السياحة والآثار)

احتفت مصر باللغة القبطية التي يجري تدريسها في المعهد العالي للدراسات القبطية التابع للكنيسة الأرثوذكسية المصري، وذلك بمناسبة مرور 70 عاماً على إنشاء المعهد، بحضور البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ووزيري الثقافة والسياحة والآثار وشخصيات عامة، وتم إلقاء الضوء على ما قدمه من دراسات وبحوث أسهمت في حفظ الحضارة المصرية بكل مكوناتها الفرعونية واليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية.

وخلال الاحتفالية التي شهدتها الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، الخميس، أكد البابا تواضروس الثاني أن «معهد الدراسات القبطية منذ تأسيسه يؤدي دوراً رئيساً في توثيق تاريخ الحضارة القبطية ونشر تراثها العريق عبر الأجيال».

وأشاد البابا بإصدار العملات التذكارية الخاصة بالمعهد، التي وافق عليها رئيس مجلس الوزراء، مؤكداً أنها تعكس تقدير الدولة لدور المعهد، وتسهم في ترسيخ قيمته التاريخية والثقافية لدى الجميع.

مؤكداً على «الثراء الحضاري الذي تمتلكه مصر، فالحضارة بها لا تقتصر على حضارة واحدة إنما هي طبقات من الحضارات المختلفة منها الفرعونية والقبطية والإسلامية والعربية والأفريقية والمتوسطية واليونانية الرومانية».

بينما لفت وزير الثقافة المصري، الدكتور أحمد فؤاد هنو، إلى الدور الريادي لمعهد الدراسات القبطية، وجهوده المثمرة في تقديم قيم ثقافية وإنسانية رفيعة. وفق بيان لوزارة الثقافة المصرية.

معهد الدراسات القبطية في مصر (صفحة المعهد على فيسبوك)

وتحدث وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي عن «التنوع الكبير في التخصصات والدراسات بالمعهد، وكونه لا يقتصر على الدارسات الدينية وما يتعلق بها فقط، حيث يضم 13 قسماً مختلفاً منهم القانون والثقافة والفن والتراث والمعمار والتوثيق الموسيقي وغيرها».

ولفت إلى التعاون بين الوزارة والمعهد في مجال التوثيق والتسجيل للتراث المادي وغير المادي، كما أن هناك تعاوناً مشتركاً في ملف الترميم والتوثيق الأثري لبعض المواقع الأثرية في مصر.

وأشار فتحي إلى مشروع تطوير مسار رحلة العائلة المقدسة في مصر، موضحاً أن «هناك مواقع بهذا المسار جاهزة حالياً لاستقبال الزائرين والسائحين، وأعرب عن إعجابه بالعملات التذكارية التي يمكن الاستفادة منها في الترويج لمسار رحلة العائلة المقدسة في مصر، خصوصاً في الأحداث والمعارض الدولية».

وعدّ الدكتور كمال فريد إسحق، أحد مدرسي معهد الدراسات القبطية في عقد الثمانينات «الاحتفال بمرور 70 سنة على معهد الدراسات القبطية يؤكد أهمية هذا المعهد في حفظ التراث القبطي عبر أقسامه المختلفة».

ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا المعهد الذي درست فيه خلال ستينات القرن الماضي يضم فروعاً عدة من بينها فرع للغة القبطية وقسم للتاريخ وآخر للألحان والموسيقى وقسم للاهوت، وكل شخص يستطيع أن يدرس في الفرع الذي يهتم به».

وأضاف: «بعد أن درست الطب انجذبت لدراسة اللغة القبطية، وحصلت على دراسات في كلية الآداب بقسم اليوناني واللاتيني؛ لأن من يريد دراسة اللغة القبطية يجب أن يدرس اللغة اليونانية، لأن كثيراً من المخطوطات القبطية تمت ترجمتها عن اليونانية، ثم دخلت كلية الآثار قسم المصريات، لكن كانت البداية هي شغفي باللغة القبطية ومعرفة التاريخ القديم، وقمت بالتدريس في المعهد في الثمانينات»، ويرى إسحق أن «المعهد يحفظ التراث القبطي بوصفه جزءاً أصيلاً من التراث المصري والتاريخ المصري القديم، ويعد امتداداً طبيعياً للحضارة المصرية القديمة».

وأنشئ معهد الدراسات القبطية عام 1954، ويضم 3 أقسام رئيسية هي العلوم الإنسانية والتراث القبطي والعلوم الكنسية، تندرج تحت كل منها أفرع متنوعة.