التجربة الموسيقية لعازف عود

التجربة الموسيقية لعازف عود
TT
20

التجربة الموسيقية لعازف عود

التجربة الموسيقية لعازف عود

يأتي عنوان كتاب «الموسيقى والحياة» لعازف العود أحمد مختار، الصادر عن «دار المدى»، متساوقاً مع موضوعه، خلافاً للكثير من الكتب في هذا المجال، فهو خلاصة لتجربة مختار مع الموسيقى التي امتدت لأكثر من أربعين عاماً.
ويتناول الكتاب كذلك تاريخ آلة العود منذ عصور ما قبل الميلاد والتدوين الموسيقي في الحضارة العربية الإسلامية وأشهر علماء الموسيقى فيها، ويحاول الكشف عن علاقة الموسيقى بالفنون الأخرى كالتصوير الفيلمي والفن التشكيلي؛ أو مع الشعر انطلاقاً من تجربة المؤلف في المحاكاة الموسيقية مع شعراء عرب كالجواهري والبياتي وبلند الحيدري وأدونيس ومظفر النواب ومحمود درويش وممدوح عدوان، ولاحقاً مع شعراء إنجليز مثل بول شيهان ونييل ديفنتسن واكزنس ميدوس وآخرين، كما يتناول المؤلف ركني التأليف الموسيقي، التقاسيم والارتجال، بوصف الأول ارتجالاً متمهلاً والثاني تعبيراً عن الأحاسيس الآنية للمؤلف؛ وغير ذلك من المواضيع الموسيقية المهمة.
وتضمن الكتاب أربعة فصول. ففي الفصل الأول المعنون «عن تاريخ العود» يتناول الأقوال والأساطير عن اختراعه، التي اختلف فيها المؤرخون حتى تباعدت آراؤهم وتباينت استدلالاتهم، فمن قال: إن أول مخترع للعود هو لمك بن متوشلخ بن أخنون، بن برد، بن مهليل، بن قينن، بن يانش بن شيت بن آدم عليه السلام، فيما ورد في تاريخ ابن الاثير أن أول من صنع العود هو نوح عليه السلام، وفي رواية أخرى أنه جمشيد ملك الفرس.
ثم يتحدث المؤلف، وبناء على الكثير من المراجع والمصادر التاريخية، عن العود في الآثار والرقم الطينية، مستشهداً بالبحث الذي قدمه ريتشارد دمبرل إلى المؤتمر السابع الدولي لعلم آثار الشرق الأدنى الموسيقية، ويقول فيه: «إن أقدم أثر للعود وجد على ختم أسطواني يرجع إلى الطور الأخير من حضارة أوروك في جنوب العراق (3100 - 2900 ق.م)».
وتناول المؤلف كذلك أوتار العود والإضافات التي طرأت عليها، مشيراً إلى إضافة الوتر الخامس الذي يشاع بين المهتمين بتاريخ آلة العود أن زرياب، مغني العصر العباسي والأندلسي لاحقاً، هو من أضافه للعود، في الوقت الذي يرى فيه المؤلف أن أول من أضافه نظرياً كان الفيلسوف الكندي، وهو يستند في قوله هذا إلى أن زرياب لم يؤلف كتاباً واحداً في الموسيقى، مثلما لم يعرف عنه الاهتمام بالموسيقى النظرية، بينما كان الكندي عالماً وفيلسوفاً أبرع في التأليف الموسيقي والرياضيات والطب. لكن زرياب، كما يضيف، كان قد أسس أول مدرسة متكاملة للغناء والعزف على العود في الأندلس.
وفي الفصل الثالث من هذا الكتاب والمعنون «الموسيقى والفنون الأخرى»، يتحدث مختار بشكل تفصيلي عن تجربته الطويلة مع الشاعر مظفر النواب، إذ شاركه الكثير من الأعمال والأمسيات التي جمعت الاثنين، منذ بداية علاقتهما وحتى وقت قريب، فصارت العلاقة اليومية علاقة حميمة تجاوزت بعمقها كل الشكليات وفارق العمر والتجربة، مما أتاح له فرصاً للتعمق في طرق الأداء والانفعال عنده، إضافة إلى التدريب المشترك معه.
يقول عن قصائد النواب: «إن قصائد النواب تمتلك نغمة وإيقاعاً خاصاً وتحتاج إلى موسيقى ذات إيقاع خاص تستطيع أن تتحاور معها، وقد تكلل سعيي لخلق مثل هذه الموسيقى بالنجاح، ما أنتج بيني وبينه خصوصية فنية وإنسانية لم تتوفر مع شعراء آخرين».
ويختتم أحمد مختار كتابه بفصل عن سيرته مع الموسيقى على مدى أكثر من أربعين عاماً قضاها مع العود خصوصاً، والموسيقى عموماً، ابتداء من محطات بيئته الأولى في العراق، ثم دخوله معهد الموسيقى والأثر الكبير لمعلميه الأوائل مثل: جميل بشير، ومنير بشير، وسلمان شكر، وغانم حداد... واستماعه لشريف الدين حيدر الذي يعتبره المؤلف المؤسس الحقيقي للعزف المنفرد في العراق. ثم يستعرض تفاصيل هروبه من العراق إبان حرب الثماني سنوات، ثم هروبه من إيران إلى سوريا، واستقراره أخيراً في لندن حيث واصل دراسته الموسيقية. وينتقل بعد ذلك إلى تجربته في إيران وسوريا، ولاحقاً في بريطانيا، حيث يقيم حالياً ويدير مدرسة كان قد أسسها في لندن لتدريس العود والإيقاع ونظريات الموسيقى العربية.



معرض استعادي لساطع هاشم... عالم اللون والعاطفة

معرض استعادي لساطع هاشم... عالم اللون والعاطفة
TT
20

معرض استعادي لساطع هاشم... عالم اللون والعاطفة

معرض استعادي لساطع هاشم... عالم اللون والعاطفة

يُقام حالياً في متحف وغاليري مدينة ليستر البريطانية للفنون معرض استعادي للفنان العراقي ساطع هاشم، يستمر حتى التاسع والعشرين من يونيو (حزيران) المقبل.

وجاء في البلاغ الصحافي عن المعرض، الذي نشره المتحف: «يركز المعرض الاستعادي على لحظات مختلفة في مسيرة ساطع الواسعة والمنتجة منذ وصوله إلى ليستر في عام 2000، منذ أعماله المبكرة حول مواضيع عامة، إلى استجابته للاحتلال الأميركي للعراق في عام 2003 والمآسي والحروب الأهلية والطائفية التي قتلت الآلاف، وتعاطفه مع الناس العاديين الذين كانوا ضحايا. خلال هذه الفترة، أنتج مئات اللوحات والرسومات التي تعكس أهوال تلك السنوات.

ومنذ ذلك الحين، انقلب العالم رأساً على عقب عدة مرات، ولم يكن المستقبل أكثر غموضاً من أي وقت مضى. يمكن لسرديات ساطع وذكرياته أن تعيدنا من تلك الفترة من الخوف والقلق، إلى ما هو أساسي: الاتصال بأنفسنا والآخرين. إنها شهادة أصيلة على رحلة فنية تحتفظ بآثار الشكوك وعدم اليقين والآمال المخيبة في عالم اليوم وقواعده وقوانينه المعقدة غير المكتوبة. إن تجربة حياة الفنان، وهو نفسه مهاجر، هي صورة صغيرة من ذلك».

يعد معرض ساطع الاستعادي نتيجةً لفترة من البحث في نظرية اللون والممارسة (اللون والعقل) استمرت لأكثر من أربعين عاماً، وهو أحد المعارض الأكثر شمولاً على الإطلاق لأعمال هذا الفنان. ينتقل المعرض إلى أعماله خلال فترة من التأمل الذاتي في العقد الثاني من هذا القرن واستكشافاته لجوهر اللون والتأمل في الواقع والذاكرة والمدن من خلال عمله الدؤوب، وإعادة اختراع أسلوبه الخاص عدة مرات. إن انغماسه المستمر في اللون والرسم لتمثيل لحظات قاسية أو حنونة في حياته اليومية يؤكد قيمة الحياة التي أصبح قريباً منها أو تلك التي أصبحت بعيدة عنه لكنه لا يزال يتذكرها والتي شعر أن التاريخ تجاهلها.

وتم تجسيد التراث التاريخي الذي أثر على الفنان لأول مرة من خلال بعض العناصر السومرية القديمة الصغيرة، المستعارة من «متحف أشموليان» في أكسفورد. يتضمن المعرض أكثر من 80 قطعة بأحجام مختلفة، وهي عينة تمثيلية من أعمال هاشم، مرتبة زمنياً، وتعكس الموضوعات التي تهمه؛ الشعر والفن والموسيقى والفلسفة والسياسة والقضايا البيئية. بالإضافة إلى اللوحات والرسومات، يتضمن المعرض أيضاً رسوماً توضيحيةً للكتب والمجلات وعينات من دفاتر الرسم الخاصة بالفنان.

وهدف هاشم من كل هذا البحث والتساؤل حول عمق الجذور المشتركة للجماليات والتجارب الفنية والحياتية التي تجمعه بفنان عراقي قديم، ولهذا يبحث في الآثار السومرية القديمة لإظهار مدى تأثره بتلك الجذور المشتركة، وهل ما زالت باقيةً في اللاوعي المتوارث كما يدعي المختصون بعلم النفس، أم أنها تراكمات حديثة للصور والأشكال الفنية التي خزنها الوعي والذاكرة عنده في العصر الحديث، أو ربما كلاهما.

وقد نشر المتحف كاتالوغاً من 128 صفحة ملونة تضم جميع الأعمال الفنية المعروضة، وهي نماذج مختارة من كل سنة ومبوبة حسب تاريخ إنجازها، لتستعيد بشكل فني مكثف المواضيع التي اشتغل عليها الفنان في الربع الأول من القرن الواحد والعشرين.

المعرض من تنظيم متحف ليستر، وبدعم من مجلس الفنون البريطاني ومتحف أشموليان التابع لجامعة أوكسفورد. يضم المعرض لوحات ملونة كبيرة الحجم، وأعمال رسم كبيرة الحجم وتخطيطات وأعمالاً متنوعة على القماش والورق، وأكثر من 800 رسم تعرض على شاشة تلفزيونية.