تصاعد الاغتيالات جنوب سوريا رغم التسويات

منازل مهجورة في مخيم مدينة درعا جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
منازل مهجورة في مخيم مدينة درعا جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
TT

تصاعد الاغتيالات جنوب سوريا رغم التسويات

منازل مهجورة في مخيم مدينة درعا جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
منازل مهجورة في مخيم مدينة درعا جنوب سوريا (الشرق الأوسط)

استمرت عمليات الاغتيال في محافظة درعا جنوب سوريا، رغم تطبيق الخارجية الروسية التسوية الثانية فيها ضمن جميع مناطقها والتي كان الهدف منها سحب السلاح الخفيف الذي بقي في المنطقة بحسب اتفاق التسوية الأولى عام 2018.
وتشهدت محافظة درعا جنوب سوريا ارتفاعاً حاداً بعمليات ومحاولات الاغتيال بأشكال وأساليب مختلفة نفذتها خلايا مسلحة مجهولة غالبيتها يتم عبر الاستهداف المباشر بإطلاق النار. وتستهدف هذه العمليات عناصر وقادة في المعارضة سابقاً أو عناصر وضباطاً من النظام السوري وشخصيات مدنية محسوبة على النظام وتجاراً ومروجين للمخدرات. وكانت آخر عملية اغتيال في درعا وقعت مساء الثلاثاء الماضي، حيث قتل اثنان، هما محمد علي البردان الملقب «أبو علي دوشكا»، وآخر ملقب بأبو حذيفة، بين بلدات عدوان وتسيل في منطقة حوض اليرموك بريف درعا الغربي، بعد استهدافهم بالرصاص المباشر من قِبل مسلحين مجهولين. وهما من عناصر فصائل محلية معارضة سابقاً عملت في ريف درعا الغربي قبل اتفاقية التسوية في العام 2018، ويعملان الآن مع مجموعة محلية تابعة لأبو مرشد البردان، أبرز أعضاء اللجنة المركزية في ريف درعا الغربي.
وبلغت أعداد الهجمات ومحاولات الاغتيال في درعا خلال الشهر الماضي، بحسب إحصائيات محلية في درعا 38، بينهم 24 مدنياً وسيدتان، و12 شخصاً منهم عناصر سابقة في المعارضة ولم ينضموا إلى أي تشكيل عسكري تابع للنظام السوري بعد إجراء التسوية، ورئيس المجلس البلدي في بلدة النعيمة، و3 حالات نتيجة عمليات سرقة، في حين كان بين الذين تم اغتيالهم 14 شخصاً من العسكريين سواء من فصائل محلية الذين أنظموا للأجهزة الأمنية بعد التسويات أو من الجيش والأجهزة الأمنية أو متهمين بالانضمام إلى تنظيم «داعش». كما قُتل 3 مدنيين برصاص طائش نتيجة اشتباكات وقعت في منطقة مخيم مدينة درعا.
وتشير إحصائية حصل عليها «الشرق الأوسط» من شبكة «درعا24»، إلى مقتل وإصابة ما لا يقلّ عن 473 شخصاً في درعا في عام العام الماضي2021، بينهم 233 مدنياً منهم 14 سيدة و40 طفلاً، وأُصيب 340 شخصاً، بينهم 227 مدنياً، منهم 15 سيدة و50 طفلاً.
وقال أحد أعضاء اللجنة المركزية في ريف درعا الغربي لـ«الشرق الأوسط»، إنه «رغم أن السلطات السورية تقول إنها أعادت سيطرتها على مناطق جنوب سوريا ومحافظة درعا بعد اتفاق التسوية الثانية في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي رعته روسيا، فإن الوضع الأمني لم يتغير في المنطقة منذ عام 2018، أي منذ عقد التسويات الأولى في المحافظة، بل إن عمليات الانفلات الأمني تصاعدت وتتكرر يوماً بعد يوم دون أي تحقيقات أو بحث حقيقي عن الفاعل، وإن طبيعة الاغتيالات التي تتم زادت الأمر تعقيداً، حيث إنها تقع غالباً بحق محسوبين على النظام والأجهزة الأمنية أو معارضين سابقين، وإنها لا تقتصر على منطقة واحدة في درعا، بل تشمل كامل مناطق درعا الشرقية والغربية والمدينة وحتى المناطق التي لم تخرج سابقاً عن سيطرة النظام السوري، فإن طبيعة عمليات الاغتيال جنوب سوريا والتي تنوع فيها المستهدفون؛ تفتح الباب أمام متهمين عدة لهم مصالح في المنطقة الجنوبية وبقائها بشكل غير مستقر، ورغم استمرار هذا الحال منذ سنوات، فإنها لا تزال تسجل ضد مجهولين، وسط انعدام المحاسبة والملاحقة والبحث والتحقيق».
ووفقاً لإحصائيات «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بلغت أعداد الهجمات ومحاولات الاغتيال في درعا والجنوب السوري بأشكال وأساليب عدة عبر تفجير عبوات وألغام وآليات مفخخة وإطلاق نار نفذتها خلايا مسلحة خلال الفترة الممتدة من يونيو (حزيران) 2019 حتى يومنا هذا 1295 هجمة واغتيالاً، في حين وصل عدد الذين استُشهدوا وقُتلوا إثر تلك المحاولات خلال الفترة ذاتها إلى 945، وهم: 4 من المسلحين المحليين الرافضين التسويات الأخيرة، و302 مدني بينهم 18 مواطنة، و26 طفلاً، إضافة إلى 413 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها والمتعاونين مع قوات الأمن، و158 من مقاتلي الفصائل ممن أجروا «تسويات ومصالحات»، وباتوا في صفوف أجهزة النظام الأمنية من بينهم قادة سابقون، و31 من الميليشيات السورية التابعة لـ«حزب الله» اللبناني والقوات الإيرانية، بالإضافة إلى 37 مما يُعرف بـ«الفيلق الخامس».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.