نواب أميركيون يطالبون بنقل السلطة إلى المدنيين في السودان

لندن: يجب على قادة البلاد احترام مطالب الشعب

نواب أميركيون يطالبون بنقل السلطة إلى المدنيين في السودان
TT

نواب أميركيون يطالبون بنقل السلطة إلى المدنيين في السودان

نواب أميركيون يطالبون بنقل السلطة إلى المدنيين في السودان

في أول ردّ فعل من الإدارة الأميركية على استقالة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، أصدر مكتب الشؤون الأفريقية التابع لوزارة الخارجية بياناً دعا فيه «الزعماء في السودان إلى وضع خلافاتهم جانباً» والتوافق والحرص على استمرار الحكم المدني. وحثّ البيان على ضرورة «تعيين رئيس الوزراء المقبل والحكومة بناء على الوثيقة الدستورية احتراماً لسعي الشعب نحو الحرية والسلام والعدالة». وختم البيان بالقول إن «الولايات المتحدة مستمرة في الوقوف إلى جانب الشعب السوداني في دفعه نحو الديمقراطية». كما دعا إلى ضرورة «وقف العنف ضد المتظاهرين».
من ناحيته، دعا كبير الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور جيم ريش، القادة العسكريين في السودان إلى تسليم السلطة إلى «الزعماء المدنيين المنتخبين» وحثّ الإدارة الأميركية على «التعامل مع ما حصل في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على أنه انقلاب عسكري»
وتعهد ريش بأن يستمر الكونغرس بلعب دور القيادة لإعادة النظر في العلاقات الأميركية السودانية، بما فيها «تعديلات على التعهدات التي حصلت قبل الانقلاب». وأضاف السيناتور الجمهوري أن الكونغرس «سيدعم الشعب السوداني من خلال السعي لمحاسبة قادة الانقلاب الذين يستمرون باستعمال العنف المدعوم من الدولة ووسائل أخرى لقمع أصوات السودانيين».
وقال ريش، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة أولية منه، إن استقالة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك «تكمل الانقلاب العسكري الذي حصل في 25 أكتوبر»، مشيراً إلى أن «عودة حمدوك إلى عمله في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد أن سمح له المكون العسكري بذلك، جمّد الأمر المحتوم؛ خيانة الشعب السوداني وموت العملية الانتقالية الهشة»
وتابع ريش: «الاتفاق السياسي في عام 2019 حتى لو كان غير كامل إلا أنه كان الفرصة الأفضل للشعب السوداني لتحديد مستقبل حر من الديكتاتورية العسكرية». وذكّر السيناتور الجمهوري بأن الولايات المتحدة «قادت جهود المجتمع الدولي في دعم العملية الانتقالية في السودان، فتعهدت بأكثر من مليار دولار من المساعدات، وبدأنا بعملية الإعفاء من الدين، ورفعنا السودان عن لائحة الإرهاب، إضافة إلى خطوات تاريخية أخرى» مشيراً إلى احتمال أن تتغير هذه المعطيات على ضوء التطورات الأخيرة في السودان.
وفيما جددت الولايات المتحدة دعمها للحكم المدني في السودان، عقب استقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، أعربت بريطانيا عن حزنها لتلك الخطوة التي أُعلن عنها ليل الأحد. وقالت وزيرة شؤون أفريقيا بوزارة الخارجية البريطانية، فيكي فورد، بتغريدة على حسابها على «تويتر» اليوم، إنها تشعر بحزن شديد لاستقالة رئيس الوزراء السوداني، داعية إلى احترام مطالب المنادين بالحكم المدني.
كما أضافت مثنية على رئيس الحكومة: «حمدوك كان يخدم السودان ويسعى لتحقيق رغبة شعبه في مستقبل أفضل». وأشارت إلى أن ملايين رفعوا أصواتهم منذ التدابير التي أعلنها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر الماضي للمطالبة بالحكم المدني، قائلة: «يجب على قوات الأمن والجهات السياسية الفاعلة الأخرى الآن احترام تلك المطالب».
وفي السياق نفسه، حيّت فرنسا الجهود التي بذلها حمدوك. ودعت وزارة الخارجية في بيان إلى احترام المبادئ الواردة في الوثيقة الدستورية. كما حثت على عودة المؤسسات الانتقالية إلى عملها، وتسمية حكومة انتقالية ذات مصداقية تعبر عن طموحات السودانيين، وتسمح لهم بإجراء انتخابات في 2023.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.