رئيس «المفوضية» الليبية يؤكد جاهزيتها فنياً لإجراء الانتخابات

السايح: بعض المرشحين لجأ للتزوير والبعض الآخر لديه سوابق جنائية

عماد السايح رئيس المفوضية العليا للانتخابات في مؤتمر صحافي بطرابلس (المفوضية)
عماد السايح رئيس المفوضية العليا للانتخابات في مؤتمر صحافي بطرابلس (المفوضية)
TT

رئيس «المفوضية» الليبية يؤكد جاهزيتها فنياً لإجراء الانتخابات

عماد السايح رئيس المفوضية العليا للانتخابات في مؤتمر صحافي بطرابلس (المفوضية)
عماد السايح رئيس المفوضية العليا للانتخابات في مؤتمر صحافي بطرابلس (المفوضية)

أكد رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات الليبية، عماد السايح، أمس، أن المفوضية «ما زالت جاهزة فنياً لإجراء الانتخابات، وكشف النقاب عن لجوء بعض المرشحين للتزوير، وأن البعض الآخر له سوابق جنائية».
ونقلت وكالة الأنباء الليبية (وال)، أمس عن السايح قوله، خلال مداخلة أمام مجلس النواب في طبرق، إنه في حالة «عدم رفع حالة القوة القاهرة فإنناً سنتشاور مع النواب على موعد جديد للانتخابات». مشيراً إلى بعض «عناصر القوة القاهرة، التي منها الأحكام القضائية المتضاربة، التي صدرت خارج المدة القانونية، والتهديدات التي وُجهت للمفوضية حال إصدار القائمة النهائية للمرشحين، التي ضمت أسماء معينة».
وأضاف السايح موضحاً أن «العملية الانتخابية توقفت عند مرحلة الطعون، ولم نتمكن من اتخاذ الخطوة الثانية بالإعلان عن قائمة المرشحين»، لافتاً إلى أن «عملية التدقيق في ملفات المرشحين واجهت إرباكاً... ورصدنا تزويراً كبيراً في قوائم التزكية للمرشحين في الانتخابات الرئاسية وصل إلى 12 ملفاً». في سياق ذلك، دافع السايح عن عمل «المفوضية العليا للانتخابات الليبية»، وقال إنها «اصطدمت بواقع سياسي وأمني»، حال دون تنفيذ ما وصفه بـ«الخطة الطموحة التي أعدتها مع وزارة الداخلية بحكومة الوحدة لتأمين العملية الانتخابية».
وأبلغ السايح أمس مجلس النواب أن «كثيراً من الأطراف السياسية رفض استكمال العملية الانتخابية، من خلال توجيه تهديدات للمفوضية باقتحامها في حال نشرها القوائم النهائية». مشيراً إلى تلقى المفوضية «تهديدات بعدم نشر القائمة النهائية لمرشحي الانتخابات الرئاسية». لكنه أكد مع ذلك أن «المفوضية ما زالت جاهزة فنياً لإجراء الانتخابات».
وأضاف السايح موضحاً: «لم نتمكن من الدفاع عن قراراتنا أمام القضاء، والعملية الانتخابية توقفت عند مرحلة الطعون، ولم نتمكن من اتخاذ الخطوة الثانية بالإعلان عن قائمة المرشحين».
وبعدما رأى أن «معظم الأحكام التي صدرت شكلية، وتغاضت عن المضمون، وتضمنت تضارباً في الأحكام التي صدرت من مكان إلى آخر»، خلص السايح إلى أنه «مهما بلغت إمكانات المفوضية فإنها لن تستطيع التعامل أمام حجم الطعون المقدمة خلال الفترة المحددة بـ72 ساعة. ونحن لدينا 5 أحكام قضائية متضاربة في مضمونها حول مصير 5 مترشحين للرئاسة. كما أن عملية التدقيق في ملفات بعض المرشحين واجهت إرباكاً بعد وصول الطلبات إلى 100 طلب، ورصدنا تزويراً كبيراً في قوائم التزكية للمترشحين إلى الانتخابات الرئاسية وصل إلى 12 ملفاً».
وعدّ عدم تضمين التعديلات، التي طلبتها المفوضية، تعطيلاً لسير العملية الانتخابية. مؤكداً أن عملية انتخاب مجلس النواب «ما زالت مستمرة، وقد تلقينا نحو 5400 طلب ترشح، وهناك عدد كبير من التزكيات لا يتوافق مع القانون». كما أكد تسلم المفوضية خلال الأسبوع الماضي قائمة بخصوص «من لديهم سوابق جنائية، ممن ترشحوا لعضوية مجلس النواب. وهناك شخص انتقد عمل المفوضية بقناة أجنبية، وهو متقدم للترشح بأوراق مزورة، وسنحيل الموضوع للقضاء»، لكنه لم يكشف هوية هذا المرشح.
وفي هذا السياق، كشف السايح النقاب عن استخدام أرقام وطنية دون علم أصحابها من قبل بعض المترشحين للحصول على تزكيات، مشيراً إلى أن «المفوضية تنتظر من النائب العام أن يتخذ الإجراءات بالخصوص».
وعلق مجلس النواب عصر أمس جلسته، بينما تظاهر العشرات أمام مقره في طبرق، احتجاجاً على تأجيل الانتخابات، وللمطالبة بإجرائها على الفور، كما طالبوا قيادة الجيش الوطني بالتدخل لإنهاء ما وصفوه بحالة الانسداد السياسي.
في غضون ذلك، التقى المجلس الرئاسي مع ستيفاني ويليامز، المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، التي أعلنت عودتها إلى طرابلس لمواصلة المشاورات مع الفرقاء السياسيين، والجهات الفاعلة والأطراف المختلفة.
وحثّت ويليامز، في بيان مقتضب لها، «الجميع على ضمان استمرارية العملية الانتخابية، وتغليب مصلحة الشعب الليبي في كل الاعتبارات، والدفع بمسار المصالحة الوطنية الشاملة، وتحقيق الاستقرار في ليبيا».
بدورها، أكدت لجنة خريطة الطريق، المُشكلة من قبل مجلس النواب، عقب اجتماعها مساء أول من أمس في العاصمة طرابلس، مع رؤساء اللجان بمجلس الدولة، أن الحديث في هذه المرحلة سوف «يرتكز على المسار الدستوري، بالتشاور مع جميع الأطراف، بما يوسع قاعدة المشاركة للوصول إلى توافق عليه في أقرب وقت ممكن».
وأوضحت «اللجنة» في بيان لها ترحيب رؤساء اللجان في مجلس الدولة بذلك، على أن يتم عرض ما تم تناوله في الاجتماع على مجلسهم لاتخاذ الإجراءات المطلوبة.
إلى ذلك، أعادت السلطات القضائية اعتقال وزيرة الثقافة مبروكة توغي، بعد ساعات من تأكيد مدير مكتبها لوكالة الأنباء الليبية الرسمية إفراج النيابة العامة عنها في وقت سابق، بضمان مكان إقامتها.
وقال مدير المكتب إن الوزارة «ستصدر بياناً في وقت لاحق يوضح ملابسات إيقاف الوزيرة مجدداً»، بينما أكد وكيل وزارة الثقافة، خيري الراندي، أنه «لم يُفرج عنها، وقد أُعيدت للحبس بعد إجراء كشوفات طبية؛ حيث تخضع للتحقيق بتهم فساد مالي وإداري».
ورغم نفي خبر الإفراج عن الوزيرة، فإن وسائل إعلام محلية تناقلت صورة حديثة لها من داخل منزلها، كما أظهرت لقطات مصورة استقبال أنصار الوزيرة لها بشكل حافل في منزلها في طرابلس على وقع الطبول والمزامير. فيما قالت مصادر حكومية إن «الإفراج عن مبروكة كان بسبب عارض صحي، وليس إفراجاً نهائياً».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم