بيان الخمسة الكبار حول السلاح النووي يوجه رسالة مبطنة إلى إيران

مفاعل «بوشهر» النووي في إيران (أرشيفية - رويترز)
مفاعل «بوشهر» النووي في إيران (أرشيفية - رويترز)
TT

بيان الخمسة الكبار حول السلاح النووي يوجه رسالة مبطنة إلى إيران

مفاعل «بوشهر» النووي في إيران (أرشيفية - رويترز)
مفاعل «بوشهر» النووي في إيران (أرشيفية - رويترز)

استبقت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، التي تعد الدول النووية «الشرعية»، المؤتمر العاشر لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية المقرر التئامه خلال الشهر الجاري ما بين 24 و28 بعد تأجيل لعامي 2020 و2021، بإصدار بيان رئاسي يعتبرون فيه أن «مسؤوليتهم الأولى تكمن في تجنب وقوع حرب بين الدول التي تمتلك الأسلحة النووية وخفض المخاطر الاستراتيجية».
ويأتي هذا البيان المطول ببادرة من فرنسا التي تتحمل منذ عامين مسؤولية تنسيق مواقف الدول الخمس «الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا والصين وفرنسا» وسط توترات تحمل الكثير من المخاطر بين واشنطن من جهة وموسكو وبكين من جهة أخرى، ووسط تهديدات تتناول أمن أوروبا بسبب الأزمة الروسية - الأوكرانية. بيد أن الأهم من ذلك، أن المؤتمر يحل فيما المفاوضات الخاصة ببرنامج إيران النووي في فيينا يتقلب بين التفاؤل والتشاؤم ولا مؤشرات نهائية أنه سيفضي إلى إحياء الاتفاق النووي الموقع بين إيران ومجموعة خمسة زائد واحد في عام 2015، وتضم معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية التي دخلت حيز التنفيذ عام 1970 191 دولة فيما بقيت أربع دول خارجها وهي إسرائيل والهند وباكستان وجنوب السودان. والدول الأربع الأولى هي أيضاً دول نووية ولكن غير شرعية. وفي عام 2003، خرجت كوريا الشمالية من المعاهدة.

والخوف الذي يلم بالأطراف الأساسية في المعاهدة أن تطور البرنامج النووي الإيراني الذي يقرب طهران من «العتبة النووية» من شأنه، في حال تحولت إيران إلى دولة نووية، أن ينسف، من جهة، مصداقية المعاهدة وأن يدفع، من جهة ثانية، إلى سباق نووي في منطقة الشرق الأوسط حيث إسرائيل اليوم هي القوة النووية الوحيدة. والمآخذ الرئيسية على إيران لا تنحصر فقط بانتهاكاتها لمنطوق اتفاق عام 2015 بل أيضاً لأنها لا تحترم توقيعها على المعاهدة المذكورة. وترافق نص البيان الذي وزعته الرئاسة الفرنسية أمس، مع نص يفيد بأن التركيز في المؤتمر المقبل سيدور حول ثلاثة محاور: نزع السلاح النووي والحد من انتشاره والاستخدام السلمي للذرة. وكان المؤتمر التاسع الذي عقد في 2015 قد باء بالفشل بعد أن عجز المشاركون عن الاتفاق على نص يدعو إلى شرق أوسط خالٍ من السلاح النووي.
ورغم أن النص لا يشير إلى إيران بالاسم، فإنه يدل عليها بشكل ضمني، إن بتأكيده أن الدول الخمس تتعهد بـ«منع انتشار» الأسلحة النووية أو بالتعبير عن رغبة الخمسة الكبار في «مواصلة العمل مع كل الدول لتهيئة بيئة أمنية تتيح إحراز مزيد من التقدم فيما يتعلق بنزع السلاح النووي مع هدف نهائي متمثل في التوصل إلى عالم خال من الأسلحة النووية وتوفير الأمن غير المنقوص للجميع». ويضيف البيان: «سوف نواصل البحث عن المقاربات الدبلوماسية الثنائية والجماعية لتجنب المواجهات العسكرية وتعزيز الاستقرار... وتجنب سباق التسلح الذي لن يفيد أحداً ويمثل خطراً للجميع». ويشير إلى الفصل السادس من المعاهدة الذي ينص على «مواصلة المفاوضات بإرادة حسنة حول التدابير الخاصة لوقف السباق للحصول على الأسلحة النووية».

إذا كانت مجموعة الخمس ترى أن «مسؤوليتها الأولى» تكمن في «تجنب الحرب بين دول تملك أسلحة نووية وخفض الأخطار الاستراتيجية» فلأن المناخ بينها أساساً تشوبه مخاطر متعددة الأسباب والأشكال. وليس تحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن عدم الأخذ بمطالبه المتضمنة في مسودتين أرسلتا إلى البيت الأبيض حول المصالح الاستراتيجية لروسيا يمكن أن تفضي إلى «أعمال عسكرية وتقنية» إلا من باب تأكيد حراجة الوضع الدولي الذي أشارت إليه وزارة الخارجية الروسية أمس في حديثها عن «الظروف الصعبة الحالية للأمن الدولي». واعتبرت موسكو أن البيان الرئاسي المشترك «يمكن أن يساعد في خفض التوتر في العالم» فيما رأت بكين أنه «سيساعد في زيادة الثقة المتبادلة بين القوى الكبرى بالتنسيق والتعاون». وهذه المقاربات «طبيعية» باعتبار أن الدول الخمس الكبيرة تعي أن «الانتصار في حرب نووية غير ممكن ويتعين ألا تندلع هذه الحرب أبداً»، وبالتالي تندرج في باب تأكيد المؤكد. ولذا، فإن «الخمسة» يجددون العزم على «مواصلة الحوار البناء مع الاعتراف المتبادل بمصالحنا ومشاغلنا الأمنية».
قد تكون الصدفة الزمنية وحدها هي التي جعلت البيان الأخير يصدر في وقت وصلت فيه مفاوضات فيينا غير المباشرة بين طهران وواشنطن إلى مرحلة حساسة. ورغم مواصلة المسؤولين الإيرانيين، ومنهم الناطق باسم وزارة الخارجية، أمس إشاعة أجواء متفائلة بالإشارة إلى أن الغربيين أخذوا يتحلون بـ«الواقعية» بمعنى إبداء الاستعداد للاستجابة لمطالب طهران لجهة رفع العقوبات أو لتحاشي طرح مطالب ترفضها طهران، فإن المفاوضات الدائرة في فيينا أكثر تعقيداً. وترى أوساط غربية أنه يتعين على الجانب الإيراني اتباع «نهج تفاوضي مختلف» إذا أراد حقيقة التوصل إلى اتفاق و«ألا يعتقد أن الغربيين مستعدون لتنازلات تفرغ الاتفاق من مضمونه».
يبقى أن تركيز البيان على اتفاق الدول الخمس الكبيرة على منع انتشار السلاح النووي والمحافظة على المعاهدة الخاصة به يمكن أن يشكلا ورقة ضغط إضافية على طهران بحيث تمنع الأخيرة من اللعب على حبل التناقضات بين الغربيين من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى.



الفلسطينيون يناشدون أعضاء الأمم المتحدة رفض الاحتلال... وإسرائيل تندد

العلم الإسرائيلي يرفرف في نقطة الاستيطان الإسرائيلية بيت رومانو في مدينة الخليل بالضفة الغربية 15 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
العلم الإسرائيلي يرفرف في نقطة الاستيطان الإسرائيلية بيت رومانو في مدينة الخليل بالضفة الغربية 15 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

الفلسطينيون يناشدون أعضاء الأمم المتحدة رفض الاحتلال... وإسرائيل تندد

العلم الإسرائيلي يرفرف في نقطة الاستيطان الإسرائيلية بيت رومانو في مدينة الخليل بالضفة الغربية 15 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
العلم الإسرائيلي يرفرف في نقطة الاستيطان الإسرائيلية بيت رومانو في مدينة الخليل بالضفة الغربية 15 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

دعا الفلسطينيون، اليوم (الثلاثاء)، الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى دعم «حريتهم» عبر إصدار قرار يطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية خلال «12 شهراً»، ما أثار غضب إسرائيل التي وصفت مشروع القرار بأنه «مهزلة».

ويستند مشروع القرار إلى رأي استشاري أصدرته محكمة العدل الدولية في يوليو (تموز) بطلب من الجمعية العامة، أكدت فيه أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967 «غير قانوني».

وعدّت أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة «إسرائيل ملزمة بإنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة في أسرع وقت ممكن».

استناداً إلى ذلك، دعت الدول العربية إلى جلسة خاصة للجمعية العامة قبل أيام من وصول عشرات رؤساء الدول والحكومات إلى نيويورك للمشاركة في افتتاح الدورة السنوية للجمعية العامة التي ستهيمن عليها الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، إن «ما يحدث في غزة اليوم يمكن أن يكون الفصل الأخير من المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، أو سيكون الفصل الأول من واقع أكثر مأساوية لمنطقتنا كلها»، داعياً الأعضاء إلى أن «يقفوا على الجانب الصحيح من التاريخ»، وفق ما نقلت عنه «وكالة الأنباء الفلسطينية» (وفا).

وأضاف منصور: «أقف على هذه المنصة، في هذا المنعطف التاريخي والمأساوي، لأقول للشعب الفلسطيني إن هناك تغييراً سيأتي، وإن مصيرهم ليس معاناة وعذاباً لا نهاية له، وإن الحرية هي حقهم الطبيعي ومصيرهم»، عارضاً للمرة الأولى مشروع قرار باسم دولة فلسطين العضو المراقب، وهو حق حصلت عليه مؤخراً.

مشروع القرار الذي سيطرح على التصويت مساء الثلاثاء أو الأربعاء «يطالب» إسرائيل بـ«وضع حد دون إبطاء لوجودها غير القانوني» في الأراضي الفلسطينية «خلال 12 شهراً حداً أقصى، ابتداء من تبني هذا القرار»، بعدما كانت الصياغة الأولى للنص تحدد مهلة ستة أشهر فقط.

جانب من مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة في 16 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

«تعاطف وتضامن»

كذلك «يطالب» النص بانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي الفلسطينية ووقف بناء المستوطنات الجديدة وإعادة الأراضي والأملاك التي تمت مصادرتها والسماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين.

في المقابل، حذفت من النص خلال المفاوضات فقرة تدعو الدول الأعضاء إلى وقف تصدير الأسلحة لإسرائيل.

وقال منصور: «آمل أن نحقق أرقاماً جيدة»، مثنياً على «التعاطف والتضامن الهائلين» تجاه الفلسطينيين.

وفيما يبقى مجلس الأمن إلى حد بعيد مشلولاً حيال هذا الملف بسبب استخدام الولايات المتحدة بشكل متكرر حق النقض لحماية حليفتها إسرائيل، تبنت الجمعية العامة منذ اندلاع الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) عدة نصوص دعماً للفلسطينيين.

ففي مايو (أيار)، قدمت الجمعية دعماً كبيراً لكنه رمزي، للفلسطينيين، إذ عدّت بـ143 صوتاً مؤيداً مقابل معارضة تسعة أصوات وامتناع 25 عن التصويت، أن لهم الحق في عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وهو ما تعرقله الولايات المتحدة.

ورغم أن قرارات الجمعية العامة غير ملزمة، فإن إسرائيل نددت بالنص الجديد.

وعدّ السفير الإسرائيلي داني دانون أن «مشروع القرار هو إرهاب دبلوماسي، يستخدم أدوات الدبلوماسية ليس لمدّ الجسور بل لتدميرها».

وأضاف دانون: «يمكنكم الاختيار بين الوقوف إلى جانب العدالة والسلام وأولئك الذين يبحثون عن حلول حقيقية لتحديات المنطقة، أو يمكنكم المشاركة في هذا السيرك، هذه المهزلة، هذا المسرح السياسي»، حيث «الشر مشروع، والحرب هي السلام، والقتل مبرر، والإرهاب مرحب به».

اندلعت الحرب في غزة إثر هجوم غير مسبوق شنّته «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر وتسبّب بمقتل 1205 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، بحسب تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية. ويشمل هذا العدد رهائن قضوا خلال احتجازهم في قطاع غزة. وخُطف خلال الهجوم 251 شخصاً، لا يزال 97 منهم محتجزين، بينهم 33 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم. وردّت إسرائيل بحملة قصف وهجوم بري على غزة، أسفرت عن سقوط 41226 قتيلاً على الأقل، وفق وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس».