10 توجهات متوقعة في العلوم والتقنية لـ2022

يستمر فيروس «كوفيد - 19» في التأثير على كل شيءٍ من حولنا بينما تتحضر تقنيات عدة لاستعادة نشاطها في العام المقبل.
مع توسع وتسارع عمليات التلقيح ضد «كوفيد – 19» حول العالم، بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها، إلا أن العالم لم يعد نفسه الذي عرفناه قبل الجائحة. ساهم الأمد الطويل لطبيعة هذه الأزمة العالمية في تغيير حاجات المستهلكين وأسلوب حياتهم، ما سيؤدي بدوره إلى تغيير التوقعات لعام 2022 وما بعده. ستتعرفون فيما يلي إلى 10 توجهات علمية وتقنية وأخرى في ميدان الأعمال من المرجح أن نراها في العام المقبل.

الطب الحيوي والروبوتات

> زخم في تقنيات علوم الحياة. يشمل قطاع علوم الحياة: الأدوية، والتقنيات الحيوية، والعلوم البيئية، والطب الحيوي، والأغذية العلاجية، وعلم الأعصاب، وعلم الأحياء الخلوي، والفيزياء الحيوية. وقد دفع العام الحالي باتجاه ابتكارات عظيمة في مجال تقنيات علوم الحياة بسبب الاستثمارات المتنامية في مجال تقنية اللقاح الذي يعتمد على الحمض النووي الريبي وفحوصات «الكوفيد - 19» المتقدمة.
برزت هذه الابتكارات في أمثلة عدة أبرزها اللقاحات التي استخدمت الحمض النووي الريبي من تطوير شركتي «فايز – بيونتيك» و«موديرنا»، وساهم عقار «كوفيد» الجديد الذي طورته شركة «ميرك» في تقدم قطاع علوم الحياة بوتيرة سريعة.
ومع العام الجديد، نتوقع أن نرى المزيد من التطور المتسارع في العديد من مجالات علوم الحياة ومنها البحث المتقدم، وتوظيف تكنولوجيا الروبوتات، وأدوات الذكاء الصناعي، وزيادة سرعة اختبارات الأدوية، ودمج المعلومات الجينية، واستخدام التقنيات الجينية. ونتوقع أيضاً رؤية المزيد من التطور في الطب الشخصي الذي يستهدف كل مريض مدفوعاً بتقدم التقنيات الجينية، كحال شركة «23 آند مي» الناشئة مثلاً التي ساعدت الناس في الوصول إلى الجينوم البشري وفهمه والاستفادة منه.
> تكنولوجيا الروبوتات (الروبوتيات) إلى مزيدٍ من الانتشار، سنشهد في العام المقبل طبعاً المزيد من استخدامات الروبوتيات في الحياة اليومية في مجال العناية الصحية، والزراعة، والسيارات، والتخزين، وقطاعات سلاسل التوريد، بالإضافة إلى المزيد من الأتمتة المدعومة بالروبوتيات الآخذة في التقدم.
وأخيراً، سنرى ما يُعرف بالروبوتيات الدقيقة أو «روبوتيات النانو»، وهي عبارة عن أجهزة استشعار صغيرة جداً بقوة معالجة محدودة، وقد يكون الطب النانوي المجال الأول لاستخدام هذه التقنية، في الآلات الحيوية مثلاً المستخدمة لتحديد وقتل الخلايا السرطانية أو لتوصيل الأدوية إلى هدفها داخل الجسم.
> ضرورة توسيع قطاع تقنية الطاقة المتجددة. يدفع التغير المناخي وعناوينه الكارثية الجديدة باتجاه تسريع الاعتماد على الطاقة المستدامة، القطاع الوحيد الذي سجل نمواً خلال الجائحة من بين قطاعات الطاقة المختلفة. فقد كشفت الوكالة الدولية للطاقة أن توليد الطاقة الخضراء ارتفع بنسبة 40 في المائة خلال 2020. وتوقعت استمرار نموها في 2022، لا سيما أن الكلفة المتراجعة لتوليد الطاقة المستدامة تساهم في زيادة استخدامها بين الناس. قد تحتاج تقنيات الطاقة الجديدة كالاندماج النووي والوقود الحيوي والهيدروجين السائل إلى المزيد من الوقت للانتشار، ولكننا نتطلع قدماً لنشهد تطورات جدية في هذا المجال العام المقبل.

شبكات وحوسبة إلكترونية
> الشبكات والاتصالات البينية: توسعة اتصالات الجيلين الخامس والسادس (5G - 6G) واستخدام الإنترنت بالاعتماد على الأقمار الصناعية. مع زيادة انتشار العمل عن بعد، أصبح الاتصال بالإنترنت أهم من أي وقتٍ مضى. بدوره، حول إنترنت الأشياء اتصال الإنترنت إلى جزء أساسي من حياتنا، ولهذا السبب، سيستمر التطور في هذه الشبكة على جميع المستويات لدفع البحث واقتصاد الإنترنت نحو المزيد من التقدم.
أشار تقرير مؤشر «فيجوال نتووركينغ إندكس» الصادر عن شركة «سيسكو» عام 2018، إلى أن عدد مستخدمي الإنترنت سيزداد بمعدل 1.4 مليار بحلول 2022، مقارنة بـ3.4 مليار عام 2017، أي ما يعادل 60 في المائة من عدد سكان العالم إذا افترضنا أن عددهم 8 مليارات نسمة عام 2022. بحلول ذلك الوقت، يُتوقع أن يستهلك مستخدمو الإنترنت 4.8 زيتابايت zettabytes (زيتابايت تساوي ترليون غيغابايت) من البيانات في العام، أي أكثر بـ11 مرة من استهلاك عام 2012 الذي بلغ 437 إكسابايت (exabytes) (إكسابايت تساوي مليار غيغابايت).
صحيحٌ أن اتصالات الجيل الخامس لا تزال في بداياتها، ولكننا سنرى المزيد من التركيز على الجيل السادس في 2022، فقد بدأت الصين بحثها في اتصالات الجيل السادس منذ عام 2018، وأطلقت في أواخر 2020 قمراً صناعياً لاختبار انتقال إرسال «التيراهرتز» بالتعاون مع مجموعتي «هواوي» و«زي تي إي». بدورها، بدأت الولايات المتحدة اختبار التقنية نفسها بالتعاون مع هيئة الاتصالات الفيدرالية بفتح طيف بترددات أعلى للاستخدام التجريبي. وانطلق أيضاً «تحالف الجيل التالي» عام 2020 الذي يتألف من شركات عدة، أبرزها «آبل» و«آي. تي. آند تي» و«غوغل»، وعمدت كوريا واليابان، بالإضافة إلى بعض الدول الأوروبية، إلى إطلاق أبحاثها الجدية الخاصة في هذا المجال، ونتوقع أن نرى المزيد من التحالفات المشابهة في 2022.
> الحوسبة العالية الأداء إلى مزيد من الانتشار: نظراً للتنامي الأخير في الأبحاث والتحاليل التي تعتمد على البيانات والحوسبة المدعومة بتقنية السحابة، نتوقع تصاعداً في استخدام الحوسبة العالية الأداء في 2022 للمساهمة في تسريع الأبحاث... من اكتشاف الأدوية إلى أبحاث السرطان واستكشاف الفضاء، وستتزايد أهمية الحوسبة العالية الأداء، ولا بد لتقنية الحوسبة الكمية أن تواصل تقدمها لترقى إلى مستوى الطلب التجاري.
لقد سبق ورأينا تطوراً كبيراً في مجال الحوسبة الكمية من قبل لاعبين بارزين كـ«غوغل» و«آي بي أم» و«مايكروسوفت»، و«أمازون»، و«علي بابا». كما سجلت شركات ناشئة كـ«ريغيتي كومبيوتينغ» و«دي ويف سيستمز»، و«كولد كوانتا»، و«1 كيو بت»، و«زباتا كومبيوتينغ»، و«كيو سي وير» أداءً فاق جميع التوقعات في هذه الصناعة بفضل تقنياتها والنمو الذي حققته.
> استمرار النمو في عالم الذكاء الصناعي، وتحاليل البيانات الضخمة. تحول الذكاء الصناعي في السنوات القليلة الأخيرة إلى جزءٍ لا يتجزأ من حياتنا، من التحسينات إلى التخصيص، وتصنيف نتائج الأبحاث، وتوصيات المنتجات، وفهم الأجهزة والتحكم بها، بالإضافة إلى تطوير نماذج أفضل للبيئة وصناعة الأتمتة... لذا لا شك في أنه سيصبح أكثر انتشاراً في العام المقبل.
تعتمد المنظمات على التحليل التنبُئي لتوقع اتجاهات المستقبل. فقد أفاد تقرير نشرته منظمة «فاكتس آند فاكتورز» بأن سوق التحليلات التنبئية العالمية تنمو بمعدل 24.5 في المائة، ومن المتوقع أن تصل قيمتها إلى 22.1 مليار دولار مع نهاية عام 2026.
نتوقع أيضاً أن نرى نمواً هائلاً في الحوسبة السحابية، فبحلول 2022، ستصبح السحابة أكثر تجذراً وستتحول إلى ركيزة للمزيد من المهام الكومبيوترية الثقيلة، وسيساهم إنترنت الأشياء في توسيع هذه الصناعة طبعاً. تشير توقعات شركة «غارتنر» إلى أن الإنفاق العالمي على الخدمات السحابية سيبلغ 482 مليار دولار في 2022، مقارنة بـ314 ملياراً عام 2020.
> الأمن والخصوصية لمزيد من السيطرة في عالم الإنترنت، خلال 2022، نتوقع أن نشهد المزيد من الاعتداءات السيبرانية في جميع القطاعات، وسنرى الصناعة الأمنية تتخذ إجراءات مضادة متنوعة في مواجهتها، وأبرزها تعليم الأفراد كيف يستطيعون تعريف الاعتداءات الشبكية وتجنبها، والحفاظ بالتالي على صورة الشركات التي يملكونها أو يعملون فيها. كما سيساهم استخدام الذكاء الصناعي في صناعة بروتوكولات أمنية سيبرانية أكثر متانة وأقل كلفة.

عالم إلكتروني جديد

> سطوع نجم «الميتافيرس». «الميتافيرس» هو واقعٌ رقميٌ يجمع التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية، والواقعين المعزز والافتراضي، والعملات المشفرة، ليتيح لمستخدميه الافتراضيين التفاعل فيه. قد يرمز «الميتافيرس» لأي شيء متوفر على الإنترنت كعروضات الواقع المعزز. يوصف «الميتافيرس» على أنه فضاء المستقبل الافتراضي بما يتيحه من وصولٍ إلى جميع أنواع الترفيه والمشاريع وحتى فرص العمل.
تملك شركات قليلة فقط اليوم حصة في «الميتافيرس»، وهي «بايتي دانس»، و«تينسينت»، و«فيسبوك»، و«سبوتيفاي»، و«زووم»، و«أمازون» (تويتش)، و«علي بابا»، و«روبلوكس»، و«بيلي بيلي»، و«سنابتشات»، و«كوايشو»، و«هواوي». بدورها، تتحضر «آبل» للدخول إلى عالم «الميتافيرس» قريباً بواسطة أجهزتها القابلة للارتداء، تحديداً النظارات المدعومة بالواقع المعزز. ولعل «مايكروسوفت» ببرنامجها «مايكروسوفت تيمز» وألعابها الإلكترونية هي الشركة الأكثر تقدماً في العالم في هذا المجال. علاوة على ذلك، يعد تطبيق «وي تشات» بقدرته على تسهيل عمليات الدفع والوصول إلى خدمات متنوعة، أفضل بداية لتطبيقات «الميتافيرس».
مع نمو بيئة «الميتافيرس» عام 2022، نتوقع أنه سيتمتع بتأثير مباشر على مستقبل الكثير من القطاعات التقنية كالألعاب الإلكترونية، والأجهزة القابلة للارتداء، والواقعين الافتراضي والمعزز، والإنتاجية التعاونية (كانفا، وسلاك)، والمنتجات التقنية الاستهلاكية (نظارات الواقع المعزز ومكبرات الصوت الذكية)، وشبكات التواصل الاجتماعي، والتقنية التعليمية، والتقنيات الصحية، وتقنيات التواصل (زووم)، والعملات الرقمية، والاستهلاك عند الطلب («أمازون»، «ميتوان»، و«علي بابا»، و«جي دي كوم»، و«شوبيفاي»).
> منصات الرموز غير القابلة للاستبدال (NFT) إلى ازدهار: الرمز غير القابل للاستبدال هو مادة رقمية على شكل رمز وبيانات تثبت ملكية أحدهم لشيء معين قد يكون إلكترونياً كعقار افتراضي في العالم الرقمي مثلاً أو أداة خاصة في لعبة فيديو. ويمكن لهذا الشيء أن يكون في العالم الحقيقي أيضاً كعقار أو لوحة فنية أو مقعد في حفلة موسيقي. قد تصادفون أيضاً رمزاً غير قابل للاستبدال بصيغة هجينة، كحق تحديد الشخص الذي يستطيع استئجار غرفة في مساحة سكنية مشتركة. وفي عام 2022، سنرى الرموز غير القابلة للاستبدال في كل مكان، في الأفلام وبرامج التلفزيون والكتب وغيرها.
> تنامي دور تقنية «البلوك تشين»: تتيح تقنية «البلوك تشين»، وهي نوعٌ مبتكرٌ من السجلات الحسابية الموزعة، للشركات تعقب التحويلات وإتمام الصفقات التجارية مع أطراف غير مسجلة وحتى دون وساطة المؤسسات المالية.
تشهد هذه التقنية إقبالاً كثيفاً وتتقاطع بشكلٍ متزايد مع الكثير من القطاعات كالألعاب الإلكترونية والحوكمة وعالم الأموال. تشير منظمة «إنترناشيونال داتا كوربوريشن» إلى أن الشركات أنفقت ما يقارب 6.6 مليار دولار على حلول «البلوك تشين» في 2021، بزيادة 50 في المائة عن 2020، وتتوقع أن يرتفع هذا الرقم ليتجاوز 15 مليار دولار في 2024، علاوة على ذلك، سيساهم سطوع نجم الرموز غير القابلة للاستبدال و«الميتافيرس» في تعظيم قيمة «البلوك تشين» العام المقبل.
* المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «بيغاسوس تيك فنشورز»
في «وادي السيليكون»،
- خدمات «تريبيون ميديا»