إصرار الصدر على «الأغلبية» يربك الأكرد والسنة

مع بدء العد التنازلي لانعقاد الجلسة الأولى للبرلمان العراقي

TT

إصرار الصدر على «الأغلبية» يربك الأكرد والسنة

حتى قبل أيام من انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان العراقي الجديد الأحد المقبل فإن موقف زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر لم يتزحزح حيال تشكيل حكومة أغلبية وطنية. فرغم كل المحاولات الجارية لإقناعه بالعودة إلى البيت الشيعي ممثلاً في «الإطار التنسيقي»، أو التهديد بالمضي من قبل قيادات هذا «الإطار» إلى تشكيل «الكتلة الأكبر»؛ فإن الشعار الوحيد الذي لا يزال يرفعه الصدر هو: «لا شرقية ولا غربية... حكومة أغلبية وطنية».
خطة الصدر لتشكيل حكومة الأغلبية السياسية تصطدم ليس فقط بموقف خصومه في «الإطار التنسيقي» الشيعي («تحالف الفتح» بزعامة هادي العامري، و«عصائب أهل الحق» بزعامة قيس الخزعلي، و«ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، و«ائتلاف النصر» بزعامة حيدر العبادي، و«تيار الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، و«العقد الوطني» بزعامة فالح الفياض، و«المجلس الأعلى الإسلامي» بزعامة همام حمودي)؛ بل باتت تربك خيارات الكرد والسنة أيضاً.
وطبقاً لما يدور في الأروقة السياسية؛ فإن من غير المؤمل أن تحصل انفراجة في موقف الصدر الفائز الأول في الانتخابات (75 نائباً) في غضون الأيام القليلة المتبقية على موعد انعقاد الجلسة الأولى؛ الأمر الذي سيجعل الجميع في موقف صعب حيال التخريجة التي يمكن من خلالها عقد الجلسة برئاسة أكبر الأعضاء سناً دون حسم أهم استحقاق؛ هو إعلان تشكيل «الكتلة الأكبر» وانتخاب رئيس للبرلمان. ونص قرار سابق للمحكمة الاتحادية على عدم جواز إبقاء الجلسة مفتوحة في ظل ما حدث خلال انتخابات 2010 و2014، فحتى في ظل التوافقية التي كانت تجرى بموجبها عملية تشكيل الحكومات العراقية السابقة؛ فإن الخلافات داخل المكونات حول توزيع المناصب والمواقع والحصص لا يمكن حسمها خلال الجلسة الأولى التي لا بد من أن تعقد طبقاً للدستور بعد أسبوعين من المصادقة على نتائج الانتخابات. وطبقاً للتوقعات؛ فإن الجلسة الأولى التي لا يتوقع أن تحسم فيها المرحلة الأولى من الاستحقاقات الدستورية («الكتلة الأكبر» و«انتخاب رئيس البرلمان») سوف تبقى مستمرة بالانعقاد شكلاً حتى يتم حسم الخلافات.
وفي حين يرى المراقبون السياسيون أن إصرار الصدر على تشكيل حكومة أغلبية وطنية بات يخلو من إمكانية الرهان على الموقف الكردي والسني الذي لا يزال متذبذباً؛ فإن العامل الحاسم الأهم هو استعداده (الصدر) الذهاب إلى المعارضة. لكن خيار المعارضة الذي يبدو طبيعياً بالنسبة للصدر يبدو مستحيلاً بالنسبة لـ«الإطار التنسيقي» لعلمهم أن بقاء الصدر خارج معادلة الحكومة والسلطة يعني إمكانية إسقاط الحكومة التي يشكلها الإطار بمشاركة الكرد والسنة في غضون شهور. وبينما ترى أوساط «الإطار التنسيقي» أن بقاءها هي في حال شكل الصدر ومن معه حكومة أغلبية وطنية خارج معادلة الحكومة والسلطة يعني إسقاط الحكومة خلال شهور مع التحذير من إمكانية تكرار سيناريو 2019 حيث اندلعت مظاهرات جماهيرية كبرى راح ضحيتها مئات القتلى وعشرات آلاف الجرحى.
الآن لم تعد القضية تتعلق بالأسماء لدى الشيعة لجهة من يتولى منصب رئاسة الوزراء مع تداول أسماء عدة مرشحة لهذا المنصب، لكن القضية بالنسبة للكرد والسنة باتت تتعلق؛ في الأيام الأخيرة قبيل عقد الجلسة، بأسماء من يتولى سنياً منصب رئاسة البرلمان، وكردياً منصب رئاسة الجمهورية؛ فطبقاً للتوقيتات الدستورية؛ فإن المنصب الأول الذي يجب حسمه الأسبوع المقبل هو منصب رئيس البرلمان من المكون السني. وبينما كان أشيع أن هناك اتفاقاً بين تحالفي «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي، و«عزم» بزعامة خميس الخنجر، بدعم الحلبوسي لتولى هذا المنصب؛ فإن أطرافاً في «عزم» نفت وجود مثل هذا الاتفاق؛ وهو ما يعني إما استمرار التأجيل خلافاً للدستور، وإما نزول مرشح من «تقدم» وآخر من «عزم» داخل الجلسة ومن يحصل على أعلى الأصوات يتولى المنصب.
الأمر بالنسبة للكرد لا يختلف كثيراً؛ ففيما يصر «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني على أن يكون منصب رئاسة الجمهورية من حصته بوصفه الفائز الأول بالانتخابات؛ فإن «الاتحاد الوطني الكردستاني» يصر على أن المنصب من حصته طبقاً لتقسيم المناصب بين الحزبين في بغداد والإقليم. ومع تنازل «الديمقراطي الكردستاني» نسبياً عن فكرة ترشيح شخصية من الحزب لتولي المنصب؛ فإنه يحاول إقناع «الاتحاد الوطني» بقبول منح المنصب لـ«الاتحاد» مقابل ترشيح شخصية أخرى وليس الرئيس الحالي برهم صالح المرشح الوحيد لـ«الاتحاد الوطني» لهذا المنصب.
وفي هذا السياق؛ يحاول «الحزب الديمقراطي الكردستاني» عدم تكرار سيناريو 2018 حين دخل الحزبان بمرشحين اثنين للمنصب (برهم صالح مقابل فؤاد حسين) حيث انتهى النزال بفوز كبير لصالح.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.