فتح دورة استثنائية للبرلمان اللبناني يشعل المواجهة بين عون وبري

TT

فتح دورة استثنائية للبرلمان اللبناني يشعل المواجهة بين عون وبري

يستعد البرلمان اللبناني للدخول في مواجهة مع رئيس الجمهورية ميشال عون، على خلفية امتناعه عن التوقيع على مرسوم فتح دورة استثنائية يمتد تاريخها حتى بدء العقد العادي الأول في أول ثلاثاء بعد الخامس عشر من مارس (آذار) المقبل، أي في العشرين منه، وهذا ما اضطر النواب للمباشرة بالتوقيع على عريضة نيابية بموافقة الغالبية النيابية المطلقة التي باتت مضمونة، وسيُصار إلى رفعها لعون الذي لن يكون أمامه من خيار سوى الاستجابة لطلب النواب التزاماً منه بحقهم الدستوري بطلب فتح الدورة، خصوصاً أن هناك استحالة في تأمين النصاب لاستمرارية البرلمان في التشريع في العقد العادي لاضطرار المرشحين منهم لخوض الانتخابات النيابية للوجود في دوائرهم الانتخابية.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية بأنه لا مشكلة في تأمين العدد الوافر من النواب للتوقيع على العريضة النيابية التي ستحمل حُكماً توقيعات لأكثر من نصف عدد أعضاء البرلمان زائداً واحداً، أي ما يزيد عددهم على 65 نائباً، ما يقطع الطريق على عون للتذرُّع باحتساب النصاب بـ59 نائباً، يوم أقر البرلمان التعديلات المقترحة على قانون الانتخاب ولم يأخذ المجلس الدستوري بالطعن فيها المقدّم من «تكتل لبنان القوي» برئاسة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، رغم أن لا صلاحية له بتفسير الدستور التي تبقى من اختصاص البرلمان.
وكشفت المصادر النيابية أن العريضة النيابية المطالبة بفتح دورة استثنائية ليست موجّهة ضد أي كتلة نيابية، وقالت إنها معروضة على جميع أعضاء الهيئة العامة للتوقيع عليها لمنع البرلمان، في حال لم تُفتح الدورة، من الدخول في عطلة قسرية مديدة تنتهي مع انتخاب برلمان جديد في مايو (أيار) المقبل، من أولوياته انتخاب رئيس جمهورية جديد خلفاً للحالي الذي تنتهي ولايته في 31 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
ولفتت إلى أن النواب الأعضاء في الكتل النيابية المنتمية إلى «تيار المستقبل» و«اللقاء الديمقراطي» والثنائي الشيعي («حركة أمل» و«حزب الله») و«تيار المردة» و«كتلة الوسط» برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي و«الحزب السوري القومي الاجتماعي»، إضافة إلى عدد لا بأس به من النواب المستقلين، سيوقّعون، بدءاً من اليوم، على العريضة النيابية بعد أن تعذّر على ميقاتي إقناع عون بفتح دورة استثنائية، مع انتهاء العقد العادي الثاني للبرلمان فور بدء العام الجديد.
وقالت المصادر نفسها إن سريان المفاعيل الدستورية لفتح الدورة الاستثنائية، بالتوقيع على العريضة النيابية، سيؤدي إلى اختبار مدى جدّية باسيل في طلبه، ومعه عدد من النواب الأعضاء في كتلته النيابية، من رئيس المجلس النيابي بدعوته لعقد جلسة نيابية لمساءلة الحكومة، ورئيسها حول الأسباب الكامنة وراء استمرار تعطيل انعقاد مجلس الوزراء.
ورأت أن امتناعه عن التوقيع على العريضة يعني أن مطالبته تبقى في حدود المزايدات الشعبوية التي لا تعفيه من ابتزاز الحكومة والتهويل على رئيسها لجرّه للدخول في مقايضات، أبرزها الاستجابة لرغبته في إصدار دفعة من التعيينات الإدارية يكون له فيها الحصة الكبرى، لعله يعيد تعويم نفسه ويستعيد حضوره الفاعل في الشارع المسيحي مع دخول لبنان في حمى الانتخابات النيابية.
واعتبرت أن تأمين النصاب النيابي المطلوب لرفع العريضة إلى عون سيقود حتماً إلى إحراجه لأنه لن ينفك عن توجيه الانتقادات للمجلس النيابي، واتهامه بالتقصير في إقرار مشروعات واقتراحات القوانين المتعلقة بالإصلاحات المالية والإدارية كشرط لتأمين الانتقال بلبنان إلى مرحلة التعافي المالي، وقالت إن شكوى عون ليست في محلها، وكان يُفترض فيه التوقيع على رزمة لا بأس بها من المشروعات والقوانين سبق للبرلمان أن أقرّها، لكنها لم ترَ النور لاستمرار احتجازها لدى الدوائر المعنية في بعبدا.
ودعت المصادر عون إلى إعطاء الضوء الأخضر لتنفيذ ما أُقر من مشروعات إصلاحية قبل أن يحمل على البرلمان، مع أن ما يطالب به لا يزال يُدرس في اللجان النيابية التي يرأسها النواب الأعضاء في «تكتل لبنان القوي»، برئاسة باسيل، وقالت إن هناك ضرورة لفتح الدورة لإقرار الإصلاحات التي يطالب بها المجتمع الدولي، ويُدرجها «صندوق النقد الدولي» في دفتر الشروط، الذي أعده كأساس للتفاوض مع الحكومة لوقف الانهيار ومساعدة لبنان لتطبيق خطة التعافي المالي.
وغمزت من قناة باسيل واتهمته بأنه يهوى التعطيل ويُقحم نفسه في اشتباكات لم توفر حليفه «حزب الله» بعد أن أوصل علاقاته مع الآخرين إلى طريق مسدود، وقالت إن تحديد جدول أعمال الدورة الاستثنائية يعود لتفاهم عون مع ميقاتي بالتعاون مع بري، وإن كل ما يتعلق بانفجار مرفأ بيروت ليس مطروحاً للبحث من قريب أو بعيد، لأنه سيؤدي إلى كهربة الأجواء السياسية حتى بين الأطراف التي ستوقّع على العريضة النيابية.
وسألت المصادر النيابية عن صوابية ما يتردد في الوسط السياسي حول أن علاقة عون بميقاتي لم تعد كما كانت عليه في الأسابيع الأولى من تشكيل الحكومة، وقبل أن تتعطّل جلسات مجلس الوزراء التي يسعى ميقاتي للإفراج عنها «سلمياً» بعيداً عن تحدّيه للثنائي الشيعي، لمنع انفجار الحكومة من الداخل، وقالت إن العلاقة بينهما الآن هي أسيرة حالة من البرود أخذت تظهر بعد تلقّي ميقاتي اتصالين من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، أثناء اجتماعهما في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، من دون أن يحظى عون باتصال من ماكرون كما وعد، واستعاض عنه بإيفاد سفيرة فرنسا لدى لبنان، آن غريو، لوضعه في أجواء محادثاته في السعودية؟
كما سألت ما إذا كان طلب عون من الأمانة العامة لمجلس الوزراء إيداعه المحاضر المتعلقة بالمفاوضات الجارية مع «صندوق النقد»، برئاسة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، وبإشراف مباشر من ميقاتي، يأتي في سياق الفتور المسيطر على العلاقة بين الرئاستين الأولى والثالثة التي تربطها علاقة وثيقة ببري بخلاف علاقة الأخير بعون التي تزداد تأزُّماً يوماً بعد يوم؟
لذلك فإن الفريق السياسي المحسوب على عون ووريثه باسيل سيبادر إلى التعامل مع طلب النواب فتح دورة استثنائية على أنها تهدف للنيل من صلاحيات رئيس الجمهورية، والالتفاف عليها، في محاولة مكشوفة لشد العصب المسيحي من جهة، ولإحراج حزب القوات اللبنانية الذي يتموضع حالياً في الموقع السياسي بمنأى عن التجاذبات السياسية الدائرة بين قوى المنظومة الحاكمة.
وعليه، يُفترض أن يحدد حزب «القوات» اليوم موقفه من التوقيع على العريضة النيابية، وإن كانت مصادره تتعامل مع هذه الطروحات على أنها مطلوبة لصرف الأنظار عن التحضير للانتخابات النيابية، وتعتبرها جاءت متأخرة، وربما تندرج في سياق تبادل تسجيل المواقف، من خلال محاولة هذا الطرف في المنظومة السياسية أن يرمي المسؤولية على الطرف الآخر، بهدف تجميل صورته في شارعه، بعد أن أوصل جميع هؤلاء البلد إلى شلل كامل، وبالتالي لا علاقة لنا، كما تقول لـ«الشرق الأوسط»، بمعارك يُراد منها تأزيم الوضع.
ويبقى السؤال: كيف سيكون حال العريضة النيابية في حال امتنع نواب كتلة القوات عن التوقيع عليها؟ وهل يمكن لباسيل استخدامها للتشكيك بميثاقية الجلسة، إذا ما قرر تكتله النيابي الاصطفاف وراء عون الرافض لفتح دورة استثنائية، مع أن المطروح على جدول أعمالها لا يشكل إحراجاً للقوات بمقدار ما أنه يتيح لبري أن يسجّل مجدداً نقطة لمصلحته في مواجهته المفتوحة مع عون، الذي يحاول استدراجه من وقت لآخر إلى ملعبه، من دون أن يتناغم معه، وهذا ما برز بامتناعه عن الرد على حملته التي استهدفت البرلمان ورئيسه.
وهكذا يطل العام الجديد على اللبنانيين بغياب أي بوادر انفراج تدعو للتفاؤل بإخراج لبنان من أزماته المتراكمة، خصوصاً أنه يقف حالياً أمام اشتعال المواجهة بين عون وبري التي تتجاوز الخلاف حول فتح الدورة الاستثنائية إلى انعدام الثقة بينهما، من دون أن ينجح حليفهما «حزب الله» في توفير الشروط التي تسمح لهما بالدخول في مهادنة، ما دامت الكيمياء السياسية بينهما ما زالت مفقودة.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.