ألمانيا: مهام كبرى تنتظر حكومة أولاف شولتز

التحالف «الأحمر» و«الأصفر» و«الأخضر» يخوض تحدّي ما بعد ميركل

ألمانيا: مهام كبرى تنتظر حكومة أولاف شولتز
TT

ألمانيا: مهام كبرى تنتظر حكومة أولاف شولتز

ألمانيا: مهام كبرى تنتظر حكومة أولاف شولتز

كما طغت جائحة «كوفيد - 19» على العامين الأخيرين من حكم المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، تبدو الجائحة مسيطرة أيضاً على عمل الحكومة الألمانية الجديدة، ومستشارها أولاف شولتز. فالأخير تسلم مهامه وسط الموجة الرابعة من الجائحة التي تعصف بالبلاد، ويبدو أنها الأشد حتى الآن. وبينما يتفادى شولتز إغلاقا جديداً، وهو الذي جاء إلى سدة السلطة من وزارة المالية، ويعلم بمدى الخراب المالي الذي تسبب به الفيروس في موجاته السابقة، يواجه خيارات صعبة لحماية المواطنين الذين انتخبوه مقابل تفادي إغراق ألمانيا في ديون أكبر.
ووسط كل هذا، وجدت الحكومة الفتية نفسها في الوقت نفسه تواجه تحديات خارجية ليست بسهلة مع حشد روسيا على الحدود مع أوكرانيا والتهديد بغزوها مرة أخرى. كذلك وجدت الحكومة نفسها وسط مواجهة صامتة جديدة مع روسيا قد تحدد قدرتها على الوقوف بحزم بوجه دولة كانت من أكثر الدول التي شغلت ميركل في سنواتها الـ16 التي أمضتها في الحكم.
مع ذلك، فإن شولتز يبدو مصمماً على تنفيذ التعهدات التي أطلقها خلال الحملة الانتخابية من دون التلهي بـ«كوفيد - 19» أو مواجهة روسيا. ففي أول خطاب له كمستشار أمام البرلمان، عرض شولتز خطط حكومته الطموحة، بدءاً من الترويج للطاقة الخضراء إلى تحويل ألمانيا لبلد هجرة، وصولاً إلى رفع الحد الأدنى من المرتبات ومكافحة النقص في السكن.

لا تشبه الحكومة الألمانية الجديدة سابقاتها. فهي ليست حكومة ائتلافية اعتيادية مؤلفة من شريكين يتقاسمان سوياً، بل هي ائتلاف واسع يضم 3 شركاء للمرة الأولى في تاريخ ألمانيا... ثم إن هؤلاء الشركاء الثلاثة لا يشبه بعضهم بعضاً بشيء تقريباً.
حزبان من الأحزاب الثلاثة يتشاركان نظرياً في ميولهما اليسارية المعتدلة، هما الحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي)، الذي يقود الائتلاف وشعاره اللون الأحمر، وحزب «الخضر» البيئي. في حين أن الشريك الثالث، الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي)، ولونه التقليدي الأصفر، وسطي معتدل اجتماعياً، لكنه يميني داعم للمبادرة الفردية اقتصادياً ونقدياً.
لكن، على الرغم من هذه الاختلافات، وجدت الأحزاب الثلاثة أرضية مشتركة كانت كافية لجمعها في حكومة واحدة. وحقاً، يتفق راصدو السياسة الألمانية على أنهم مع وجود التباين الظاهر في السياسات والمبادئ المعلنة للأحزاب الثلاثة، فإن ثمة أموراً كثيرة أخرى تجمعها. وتلخّص صورة ذاتية «سلفي» التقطها ممثلو الحزبين الصغيرين خلال المشاورات التي أجريت لتشكيل الحكومة، المشترك بينهم.
إذ ظهر في الصورة زعيما «الخضر»، اللذان دخلا الحكومة الجديدة؛ أنالينا بيربوك وزيرةً للخارجية وروبرت هابيك الذي أصبح نائب المستشار ووزير الاقتصاد، مع كل من زعيم الديمقراطيين الأحرار كريستيان ليندنر الذي بات الآن وزير المالية، وأمين عام حزبه فولكر فيسنغ. وفي تلك الصورة، بدا الأربعة مبتسمين وهم يرتدون ثياباً داكنة اللون غير رسمية، ولم يكن أي من الرجال الثلاثة يرتدي ربطة عنق. ثم إنه... في هذا كثير من المستشار شولتز نفسه، أيضاً، إذ يُعرف عن شولتز تفضيله ارتداء ثياب غير رسمية والتخلي عن ربطة العنق في كثير من الأحيان. أيضاً، كان لافتاً في الصور صغر سن المجتمعين فيها نسبياً. فاثنان منهم (بيربوك وليندنر) في مطلع الأربعينات، بينما كل من هابيك وفيسر في مطلع الخمسينات من العمر.

- حكومة شبابية عصرية
وبالتالي، تحمل هذه الصورة في شكلها إشارات تدل على ملامح الحكومة الجديدة التي خلفت حقبة زعامة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل التي استمرت 16 سنة. إنها بوضوحٍ حكومة «شبابية عصرية» باهتماماتها وتركيبتها... على رأس أولوياتها تحويل ألمانيا إلى دولة تعتمد على الطاقة المتجددة بنسبة 80 في المائة بحلول العام 2030. وهذه السياسة تنبع من دخول حزب «الخضر» إلى الحكومة، وهو حزب قام أساساً على مبدأ مكافحة التغير المناخي. غير أن الخطة الطموحة هذه تتطلب إنفاقاً ضخماً، ومن غير الواضح حتى الآن من أين ستموّل الحكومة الجديدة «السياسات الخضراء» التي تزمع تطبيقها.
هذا التمويل الضخم قد يتعارض مع الحزب الديمقراطي الحر الذي يمسك بحقيبة وزارة المالية، خاصة أن الحزب يرفض من منطلق عقائدي رفع الضرائب وزيادة الإنفاق العام، على عكس «الخضر» والاشتراكيين. لكن، حتى الآن تفادت الأحزاب الثلاثة الاصطدام المباشر حول هذا الأمر بالاتفاق على الإحجام عن رفع الضرائب، وهي سياسة أراد الاشتراكيون تطبيقها. وكذلك تفادي زيادة الدَّين العام الذي وقعت فيه ألمانيا منذ أزمة «كوفيد - 19» بعد أن كانت ميزانيتها في السنوات الفائتة تسجل فائضاً.
في المقابل، من بين ما يشير أيضاً إلى «عصرية» تفكير الحكومة الجديدة، اتفاق مكوّناتها على اتخاذ خطوات لتحويل ألمانيا إلى «بلد هجرة حقيقي»، وتخليصه من القيود التي تحد من ذلك حتى الآن. ولا يعارض الديمقراطيون الأحرار هذه السياسة رغم أن حزبهم يميني الميول، والسبب هو اقتناعهم بأن ألمانيا بحاجة إلى يد عاملة أجنبية لكي تتمكن من الحفاظ على اقتصادها بالمستوى الحالي. ومن ثم، فإن الهجرة تشكّل الحل العملي الوحيد أمام شيخوخة المجتمع ونقص اليد العاملة في معظم المجالات. ويقود هذا التفكير كون الحزب الديمقراطي الحر «صديقاً لقطاع الأعمال»، وفي صميم أولوياته دعم الاقتصاد وجعل البلاد «صديقة» أكثر للشركات من ناحية الضرائب والتكنولوجيا.

- نقاط وثيقة الائتلاف
هكذا، اتفقت الأحزاب الثلاثة «الأحمر» و«الأخضر» و«الأصفر» على عدة خطوات بهذا التوجه، أدخلتها في وثيقتها الائتلافية المؤلفة من 177 صفحة، وتحدث عن بعضها شولتز أمام البرلمان، عندما عرض حكومته. ولعل أهم هذه النقاط...
- السعي للسماح بالجنسية المزدوجة.
- إلغاء متطلبات التخلي عن الجنسية الأصلية لمن يريد الحصول على الجنسية الألمانية.
- تعهد الحكومة بتقصير الفترة المطلوبة للحصول على الجنسية الألمانية من 8 سنوات إلى 5 سنوات.
- منح الجنسية للمولودين في البلاد بشكل تلقائي، من دون أن تكون هناك ضرورة لإثبات رابط بالدم لألمانيا للحصول على الجنسية.
- تعهد الحكومة بتسهيل الحصول على الجنسية للجيل الأول من العمال الأتراك الذين قدموا إلى ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية كـ«عمال ضيوف» وبقوا في البلاد، وتخفيض متطلبات اللغة الألمانية لهذه الفئة.
وهنا، بالذات، تجدر الإشارة إلى أن كثيرين من هؤلاء ما زالوا من دون جنسية ألمانية، رغم وجودهم في البلاد لعشرات السنين وإنجابهم أطفالاً وأحفاداً أصبحوا هم ألمان. والعائق الأساسي أمام الجيل الأول هو عائق اللغة. ونظراً لمتطلبات اللغة الألمانية العالية التي تشترطها الحكومة للتقدم للحصول على جواز، لم يتمكن عدد كبير من هؤلاء من استيفائها، فهم بجزء كبير منهم غير متعلمين وأميين حتى غير قادرين على الكتابة والقراءة، ما منعهم من اجتياز عقبة امتحان اللغة وتركهم يعيشون في البلاد لعقود من دون جنسية ألمانية. ولقد أثّر ذلك على مشاركة هؤلاء الفاعلة في الحياة السياسية وتركهم أولياء للسياسة التركية التي تحرّكهم عوضاً عن سياسة الدولة التي باتت وطنهم.

- موقف الديمقراطيين الأحرار
ما يستحق الذكر في هذا المجال، أن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي اليميني كان قد رفض لسنوات تليين موقفه المتعلق بشروط منح الجنسية. وهذا، على الرغم من المناشدات المتكرّرة من أصحاب الأعمال للمساعدة في جلب مهاجرين تحتاج إليهم البلاد التي ينقصها عشرات آلاف العمال في مختلف القطاعات من الطبية إلى التعليمية وصولاً إلى المزارعين وعمال المصانع. غير أن حكومة أنجيلا ميركل (وهي من الديمقراطيين المسيحيين) اعتمدت في عامها الأخيرة سياسة هجرة جديدة اعتبرتها ثورية، تسمح بمنح تأشيرات سفر مؤقتة للساعين للبحث عن العمل والسماح للاجئين بتغيير إقاماتهم والبقاء في ألمانيا في حال تمكنهم من تعلّم اللغة والانخراط في العمل.
بيد أن القانون لم يذهب بعيداً بشكل كافٍ لحل أزمة نقص آلاف الوظائف. ثم إن تمسك «الديمقراطيين المسيحيين» برفض تغيير قانون السماح بجنسيتين جاء بنتائج عكسية، بحسب خبراء. فعوضاً عن أن يعزّز مشاعر الولاء للدولة الألمانية، ساعد بزيادة الشعور بخذلان المجتمع الألماني لمن هم من أصول مهاجرة ونفوره منهم. لكن وصول أكثر من مليون سوري عام 2015 دفع الأحزاب اليسارية لرفع صوتها حول ضرورة تغيير نظام الجنسية، وتحاشي تكرار الأخطاء التي حصلت مع الأتراك الذين جاؤوا عمالاً ضيوفاً... وأصبحوا الآن الجالية المهاجرة الأكبر في البلاد بنحو 4 ملايين نسمة.

- السياسة الخارجية
سياسات داخلية أخرى متقدّمة تعهدت حكومة شولتز بتنفيذها، من زيادة الحد الأدنى للأجور إلى بناء 400 ألف وحدة سكنية سنوياً لمكافحة النقص في عدد المساكن، وغيرها كثير. إلا أن التحديات الأكبر لحكومة شولتز يُرجح أن تأتي من السياسة الخارجية، ولا سيما أن حزب «الخضر» هو مَن تسلم وزارة الخارجية في شخص أنالينا بيربوك. وللعلم، يضع حزب «الخضر» في صلب سياسته الخارجية سياسة أكثر تشدداً مع دول مثل روسيا والصين، ويرفض التسامح معهما فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان.
وبالفعل، من أولى الخطوات التي اتخذتها بيربوك، بعد تسلمها منصب وزيرة الخارجية، كان طرد اثنين من الدبلوماسيين الروس. وجاء القرار رداً على الحكم الذي أصدرته محكمة ألمانية بحق رجل استخبارات روسي أدين بقتل معارض في العاصمة الألمانية برلين في وضح النهار، وبأوامر من الكرملين، حسب الحكم الصادر.
كذلك، لا تتردد بيربوك بانتقاد مشروع «نورد ستريم 2» علناً، وتصفه بأنه خطأ ويجب وقفه. وهذا المشروع الذي يوصل الغاز الروسي مباشرة إلى ألمانيا عبر أنابيب مُدّت تحت مياه بحر البلطيق، انتهى العمل به في سبتمبر (أيلول) الماضي بعدما رفعت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، بشروط، عقوبات كانت فرضتها إدارة سابقتها أيام دونالد ترمب عليه، خشية من زيادة التأثير الروسي على أوروبا.
ويذكر أن أنجيلا ميركل كانت متمسكة بالمشروع، الذي لم يلقَ اعتراضاً أميركياً فقط بل أوروبياً كذلك، وبقيت تقول إنه مشروع اقتصادي بحت، ولن يكون له أي تأثير سياسي. ورفضت المستشارة السابقة أن تذعن أمام العقوبات الأميركية التي فرضها ترمب.
أما الآن، بعدما رُفعت العقوبات وبات المشروع جاهزاً للعمل، قرّرت الهيئة الحكومية في ألمانيا المخولة منح المشروع المملوك لشركة غاز بروم الروسية وقف دراسة منح المشروع الترخيص الشهر الماضي. وبرّرت الهيئة قرارها بأن الشركة لم تستوفِ بعد الشروط المطلوبة بحسب القانون الألماني. وللعلم، يفترض أن تكون الشركة المشغلة للأنابيب مختلفة عن الشركة التي ترسل الغاز... لتفادي الاحتكار. وكانت الهيئة الألمانية قد منحت شركة غاز بروم وقتاً إضافياً لتسجيل الأنابيب باسم شركة أخرى تؤسس في ألمانيا بمجلس إدارة منفصل، قبل إعادة النظر في منحها الترخيص.
لكن البعض يعتقد أن قرار ألمانيا وقف العمل بالمشروع قرار سياسي جاء بضغوط من الإدارة الأميركية بسبب الحشد الروسي على الحدود مع أوكرانيا، وإن كان شولتز يصرّ على أن القرار غير سياسي... وأنه بيد هيئة رقابية. وكان شولتز، في أول زيارة خارجية إلى فرنسا أجراها بعد انتخابه مستشاراً، قد قال في مؤتمر صحافي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون - المعارض للمشروع - إن «مشروع نورد ستريم 2» مشروع يتعلق بالقطاع الخاص، وقد تقدم إلى نقطة انتهاء مدّ الأنابيب. والآن هناك هيئة في ألمانيا تقرر بطريقة غير سياسية بتاتاً منحه التراخيص. ورفض شولتز الربط بين المشروع والتصعيد ضد روسيا في حال تقدمت قواتها داخل أوكرانيا، معتبراً أن «هذه مسألة مختلفة».
أخيراً، حملت الزيارة الخارجية الأولى التي قام بها كل من شولتز كمستشار وبيربوك كوزيرة للخارجية إلى باريس، «ثم بروكسل، وبعدها وارسو»، تأكيداً على أن الثنائية الألمانية الفرنسية لن تتغير بعد رحيل ميركل، وبأن الدولتين ما زالتا الشريكين الأهم في أوروبا.
وكانت زيارة بروكسل ولقاء الزعيمين بأورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية (وهي وزير الدفاع الألمانية سابقاً)، للتأكيد على إيمان ألمانيا بالوحدة الأوروبية. وبعد ذلك، كان لقاؤهما بينس ستولتنبرغ، أمين عام حلف شمال الأطلسي «ناتو» في بروكسل، ثم زيارة وارسو، رسالة إلى موسكو بأن حكومة شولتز قد لا تكون متسامحة معها، كما كانت ميركل.



إدارة «حماس» ملف الرهائن... الوقت ضد «الصفقة»

بالون كبير دعماً للأسرى الإسرائيليين لدى حركة «حماس» كُتب عليه «أنقذوهم الآن»
بالون كبير دعماً للأسرى الإسرائيليين لدى حركة «حماس» كُتب عليه «أنقذوهم الآن»
TT

إدارة «حماس» ملف الرهائن... الوقت ضد «الصفقة»

بالون كبير دعماً للأسرى الإسرائيليين لدى حركة «حماس» كُتب عليه «أنقذوهم الآن»
بالون كبير دعماً للأسرى الإسرائيليين لدى حركة «حماس» كُتب عليه «أنقذوهم الآن»

بعد أكثر من 420 يوماً على أطول حرب مدمرة عرفها الفلسطينيون، لا يزال الغزيون الذين فقدوا بلدهم وحياتهم وبيوتهم وأحباءهم، لا يفهمون ماذا حدث وماذا أرادت حركة «حماس» حقاً من هجومها المباغت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل، الهجوم الذي غير شكل المنطقة وفتح أبواب الحروب والتغييرات.

الشيء الوحيد الواضح حتى الآن هو أن غزة تحولت إلى منطقة غير قابلة للحياة، ولا شيء يمكن أن يصف ألم الباقين على قيد الحياة الذين فقدوا نحو 50 ألفاً في الحرب المستمرة، وأكثر من 100 ألف جريح.

وإذا كان السكان في قطاع غزة، وآخرون في الضفة الغربية وربما أيضا في لبنان ومناطق أخرى لم يفهموا ماذا أرادت «حماس»، فإنهم على الأقل يأملون في أن تأتي النتائج ولو متأخرة بحجم الخسارة، ولا شيء يمكن أن يعوض ذلك سوى إقامة الدولة. لكن هل أرادت «حماس» إقامة الدولة فعلاً؟

هاجس الأسرى الذي تحول طوفاناً

في الأسباب التي ساقتها، تتحدث حركة «حماس» عن بداية معركة التحرير، لكنها تركز أكثر على «تحريك المياه الراكدة في ملف الأسرى الإسرائيليين الذين كانت تحتجزهم الحركة قبيل الحرب»، و «الاعتداءات المتكررة من قبل المنظومة الأمنية الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين»، إلى جانب تصاعد العدوان باتجاه المسجد الأقصى والقدس وزيادة وتيرة الاستيطان.

ولا تغفل الحركة عن أنها أرادت توجيه ضربة استباقية تهدف لحرمان تل أبيب من مباغتة غزة، وإعادة القضية إلى الواجهة.

وقالت مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الأسباب كانت صحيحة وكافية بالنسبة للحركة لاتخاذ قرار شن الهجوم، لكن خرج المخطط عن السيطرة».

لافتات في القدس تنادي بعقد صفقة لإطلاق الأسرى الإسرائيليين في غزة بجانب صورة لزعيم «حماس» يحيى السنوار وأخرى لزعيم «حزب الله» حسن نصر الله اللذين قتلتهما إسرائيل في سبتمبر وأكتوبر الماضيين (أ.ف.ب)

وأضاف: «الهدف الرئيسي كان أسر جنود إسرائيليين وعقد صفقة تاريخية. ثم تأتي الأسباب الأخرى. لكن لم يتوقع أحد حتى المخططون الرئيسيون، أن تنهار قوات الاحتلال الإسرائيلي بهذه الطريقة، ما سمح بالدفع بمزيد من المقاومين للدخول لمناطق أخرى في وقت وجيز، قبل أن يتسع نطاق الهجوم بهذا الشكل».

ويعد تحرير الأسرى الفلسطينيين بالقوة، هاجس «حماس» منذ نشأت نهاية الثمانينات.

ونجحت الحركة بداية التسعينات أي بعد تأسيسها فوراً باختطاف جنود في الضفة وغزة والقدس وقتلتهم دون تفاوض. وفي عام 1994 خطف عناصر «حماس» جندياً وأخذوه إلى قرية في رام الله وبَثُّوا صوراً له ورسائل، وطلبوا إجراء صفقة تبادل، قبل أن يداهم الجنود المكان ويقتلوا كل من فيه.

وخلال العقود القليلة الماضية، لم تكل «حماس» أو تمل حتى نجحت عام 2006 في أسر الجندي جلعاد شاليط على حدود قطاع غزة، محتفظة به حتى عام 2011 عندما عقدت صفقة كبيرة مع إسرائيل تم بموجبها تحرير شاليط مقابل ألف أسير فلسطيني، بينهم يحيى السنوار الذي فجر فيما بعد معركة السابع من أكتوبر من أجل الإفراج عمن تبقى من رفاقه في السجن.

وتعد الحركة، الوحيدة التي نجحت في خطف إسرائيليين داخل الأراضي الفلسطينية، فيما نجح الآخرون قبل ذلك خارج فلسطين.

وقال مصدر في «حماس»: «قيادة الحركة وخاصةً رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار، كانت تولي اهتماماً كبيراً بملف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وظلت تبحث عن كل فرصة لإخراج أكبر عدد ممكن منهم».

وأضاف: «السنوار وعد رفاقه عندما خرج في صفقة شاليط بالإفراج عنهم».

انفجار ضخم بعد قصف إسرائيلي لمخيم البريج جنوب غزة (إ.ب.أ)

وفعلاً حاول السنوار التوصل إلى صفقة من خلال مفاوضات على 4 أسرى لدى الحركة، وهم الجنود: هدار غولدن، وآرون شاؤول، اللذان تم أسرهما عام 2014، وأفراهام منغستو بعدما دخل الحدود بين عسقلان وغزة في العام نفسه، وهشام السيد بعد تسلله هو الآخر من الحدود.

تكتيكات «حماس» قبل وبعد

منذ 2014 حتى 2023 جربت «حماس» كل الطرق. عرضت صفقة شاملة وصفقة إنسانية، وضغطت على إسرائيل عبر نشر فيديوهات، آخرها فيديو قبل الحرب لمنغتسو، قال فيه: «أنا أفيرا منغيستو الأسير. إلى متى سأبقى في الأسر مع أصدقائي»، متسائلاً: «أين دولة إسرائيل وشعبها من مصيرهم».

ونشْر الفيديوهات من قبل «حماس» ميَّز سياسة اتبعتها منذ نشأتها من أجل الضغط على إسرائيل لعقد صفقات تبادل أسرى، وهو نهج تعزز كثيراً مع الحرب الحالية.

وخلال أكثر من عام نشرت «حماس» مقاطع فيديو لأسرى إسرائيليين بهدف الضغط على الحكومة الاسرائيلية، وعوائل أولئك الأسرى من جانب آخر، وكان آخر هذه المقاطع لأسير أميركي - إسرائيلي مزدوج الجنسية يدعى إيدان ألكسندر.

وظهر ألكسندر قبل أسبوع وهو يتحدث بالإنجليزية متوجهاً إلى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وبالعبرية متوجهاً إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مطالباً إياهم بالعمل على الإفراج عنه وعن الأسرى ضمن صفقة تبادل، مؤكداً أن حراسه من عناصر «حماس» أخبروه بأنهم تلقوا تعليمات جديدة إذا وصل الجيش الإسرائيلي إليهم، في إشارة لإمكانية قتله، داعياً الإسرائيليين للخروج والتظاهر يومياً للضغط على الحكومة للقبول بصفقة تبادل ووقف إطلاق النار في غزة. مضيفاً: «حان الوقت لوضع حد لهذا الكابوس».

وكثيراً ما استخدمت «حماس» هذا التكتيك، لتظهر أنها ما زالت تحافظ على حياة العديد منهم وأنهم في خطر حقيقي، وللتأكيد على موقفها المتصلب بأنه لا صفقة دون وقف إطلاق نار.

وفي الأيام القليلة الماضية، نشرت «حماس» فيديو جديداً عبر منصاتها أكدت فيه أن 33 أسيراً قتلوا وفقدت آثار بعضهم بسبب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وجيشه، وأنه باستمرار الحرب قد تفقد إسرائيل أسراها إلى الأبد.

إذن من أجل كل هذا وبعدما فشلت «حماس» في الوصول إلى صفقة، هاجمت في السابع من أكتوبر.

وقال مصدر مطلع: «لم تجد قيادة (حماس) أمامها سوى الخيار العسكري لتحريك هذا الملف، بعدما أهملت إسرائيل الملف ومطالبات الحركة بإتمام صفقة».

لكن النتائج جاءت عكس ما اشتهت السفن.

وأغلب الظن أن حركة «حماس» كانت تخطط لأسر عدد محدود من الإسرائيليين، تدخل بعدها في معركة قصيرة مع إسرائيل تجبر فيها الأخيرة على الإذعان لصفقة تبادل، على غرار ما جرى بعد اختطاف شاليط.

فالطوفان الذي خططت له «حماس»، جلب طوفانات على الفلسطينيين، وتحديداً في غزة التي تدمرت ودفعت ثمناً لا يتناسب مطلقاً مع الهدف المنوي جبايته.

خارج التوقعات

بدأت أصوات الغزيين ترتفع ويجاهر كثيرون بأن إطلاق سراح الأسرى لا يستحق كل هذا الدمار، ويقولون إن عدد الضحايا أصبح أضعاف أضعاف أعداد الأسرى، الذين بلغ عددهم قبل الحرب نحو 6 الآف.

وقال فريد أبو حبل وهو فلسطيني من سكان جباليا نازح إلى خان يونس جنوب القطاع: «كل ما نريده أن تتوقف هذه الحرب، لا شيء يمكن أن يكفر عن الثمن الباهظ جداً الذي دفعناه ولا حتى تبييض السجون بأكملها يمكن أن يعيد لنا جزءاً من كرامتنا المهدورة ونحن في الخيام ولا نجد ما نسد به رمق أطفالنا».

وتساءل أبو حبل: «من المسؤول عما وصلنا إليه؟! لو سئل الأسرى أنفسهم عن هذه التضحيات لربما كانوا تخلوا عن حريتهم مقابل أن يتوقف هدر الدماء بهذا الشكل».

لكن منال ياسين، ترى أن من يتحمل مسؤولية استمرار هذه الحرب هو الاحتلال الإسرائيلي وخاصةً نتنياهو الذي يرفض كل الحلول، معربةً عن اعتقادها أن «حماس» قدمت ما عليها، وحاولت تقديم كثير من المرونة، لكن من ترفض الحلول هي إسرائيل.

وتؤكد ياسين أن جميع سكان غزة يريدون وقف هذه الحرب.

ولا يقتصر هذا الجدل على آراء الناس في الشارع، بل امتد لشبكات التواصل الاجتماعي. وكتب الكاتب محمود جودة على صفحته على «فيسبوك»: «الموضوع صار خارج منطق أي شيء، مطر وجوع وقتل وخوف، أهل غزة الآن بيتعذبوا بشكل حقير وسادي، مقابل اللاشيء حرفياً. الجرحى بينزفوا دم، والمطر مغرقهم، والخيام طارت، والطين دفن وجوه الناس، ليش كل هذا بيصير فينا، ليش وعشان شو بيتم استنزافنا هيك بشكل مهين».

وقال الطبيب فضل عاشور، إن «كل محاولات حماس للحفاظ على البقاء محكومة بالفشل، والعناد اليائس ثمنه دمنا ولحم أطفالنا». فيما كتب الناشط الشبابي أيمن بكر: «ما هذا الخرب يا حماس؟ هل كل هذا يستاهل ما نحن فيه؟ نحن نموت جوعاً وقتلاً».

جوع وأزمة غذاء وتدافع على حصص المساعدات الغذائية في خان يونس (رويترز)

جدل عام وتهم جاهزة

هذا الجدل سرعان ما انتقل إلى السياسيين ورجال الدين.

فقد أثار الشيخ سليمان الداية عميد كلية الشريعة في الجامعة الإسلامية التابعة لـ«حماس»، وأبرز الشخصيات المعروفة مجتمعياً ومن القيادات المؤثرة دينياً داخل الحركة، وجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، جدلاً عبر شبكات التواصل الاجتماعي بعد نشره حلقات متتالية حول ما آلت إليه الحرب من نتائج صعبة على واقع الغزيين سياسياً واقتصادياً ودينياً واجتماعياً.

وكان الداية بالأساس يرد على تساؤلات دفعته لنشر هذه الحلقات، حول تصريحات للقيادي في «حماس» أسامة حمدان، حين قال إن ما يعيشه سكان غزة واقع عاشه كثيرون في العالم على مر التاريخ، مدافعاً عن هجوم 7 أكتوبر، ومبرراً حاجة حركته للتمسك بمواقفها رغم العدد الكبير من الضحايا والدمار الذي لحق بغزة.

ودفع كلام الداية، الكثيرين من المؤيدين لفكرة إنهاء الحرب أو رفضها من الأساس، بينما هاجمه كثيرون من عناصر «حماس» ووصفوه بأنه أحد «المتخاذلين أو المستسلمين».

وكتب الأسير المحرر والمختص بالشؤون الإسرائيلية عصمت منصور على صفحته في «فيسبوك» معلقاً على هذا الجدل: «لا تتهموا كل من يختلف أو يجتهد أو يحاول إثارة نقاش بجمل مسبقة وجاهزة ووضعه في خانة معادية للمقاومة وتحويل المقاومة إلى سيف مسلط على ألسن الناس».

ويرى المحلل السياسي مصطفى إبراهيم، أن هذا الخلاف، طبيعي في ظل الظروف التي تحكم الفلسطينيين، لكنه يعتقد أنه كان من الصواب لو اعترفت «حماس» بأنها ربما قد تكون أخطأت التقدير في ظروف ردة الفعل الإسرائيلية على مثل الهجوم الذي شنته، وكان من الممكن أن يكون بشكل مغاير يخفف من مثل ما يجري على الأرض من مجازر ترتكب يومياً.

وأضاف: «الفلسطينيون بحاجة لنقاش جدي حول كثير من القضايا خاصةً فيما يتعلق بما وصلت إليه القضية الفلسطينية على جميع المستويات».

وتجمع غالبية من الفلسطينيين على أن حركة «حماس» كانت قادرة على أن يكون الهجوم الذي نفذته في السابع من أكتوبر 2023، أكثر حكمةً وأقل ضرراً بالنسبة للغزيين في ردة فعلهم.

أطفال فلسطينيون يحضرون صفاً أقامته معلمة سابقة وأم من رفح لتعليم الأولاد في مركز نزوحهم بإحدى مدارس خان يونس (أ.ف.ب)

ويستدل الفلسطينيون خاصةً في غزة، على العديد من الهجمات التي كانت تنفذها «حماس» لمحاولة خطف إسرائيليين، بشكل يظهر حكمتها، كما جرى في عملية أسر جلعاد شاليط عام 2006.

وتقول مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، إن ما جرى كان خارج التوقعات، ولم يشمل المخطط الحقيقي للعملية، على الأقل أسر هذا العدد الكبير من الإسرائيليين.

وتعتقد مصادر أخرى أن القائمين على مخطط الهجوم، لو كانوا يدركون أنه سيسير بهذا الشكل، وتحديداً فيما يتعلق بردة الفعل الإسرائيلية، لصرفوا النظر أو أوقفوا الهجوم أو غيروا من تكتيكاته.

وإذا كان ثمة نقاش حول الثمن المدفوع الذي أرادت «حماس» أن تجبيه فإنها حتى الآن لم تُجبِه.

ويبدو أن التوصل لصفقة بين «حماس» وإسرائيل، أعقد مما تخيلت الحركة، في ظل رفض الأخيرة لكثير من الشروط التي وضعتها الأولى، خاصةً فيما يتعلق بالانسحاب من قطاع غزة بشكل كامل، وعودة النازحين من جنوب القطاع إلى شماله، والأزمة المتعلقة بشكل أساسي باليوم التالي للحرب.

وينوي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حتى الآن، المضي في حربه، من أجل مصالح سياسية وشخصية بشكل أساسي، وهو الأمر الذي تؤكده عوائل الأسرى الإسرائيليين وغيرهم وحتى جهات من المؤسسة الأمنية في تل أبيب، التي تشير إلى أن نتنياهو هو من يعرقل أي اتفاق مع «حماس».

وأكد المحلل السياسي مصطفى إبراهيم، أن «نتنياهو يفضل استمرار الحرب في غزة من أجل كسب الوقت للحفاظ على حكمه سياسياً ومنع تفكك ائتلافه الحكومي من جهة، ومنع مقاضاته من جهة أخرى، ولذلك طلب مؤخراً عدة مرات تأجيل شهادته في قضايا الفساد المتهم بها، كما أنه يسعى لسن قوانين تسمح له بعدم الوجود في أماكن معينة لوقت طويل خشيةً من استهدافه بالطائرات المسيّرة، بهدف المماطلة في جلسات المحاكمة».

ويعتقد إبراهيم أنه كان من الممكن سابقاً التوصل لاتفاق جزئي يضمن في نهايته انسحاب إسرائيل من قطاع غزة، إلا أن المشهد المعقد أيضاً في عملية اتخاذ القرار الفلسطيني داخل حركة «حماس» بشكل خاص، كان له أثر سلبي على ذلك، ما أضاع العديد من الفرص للتوصل لصفقة.

ويتفق إبراهيم مع الآراء التي تؤكد أن التوصل لصفقة يصبح أكثر تعقيداً وصعوبةً مع مرور الوقت.

وبانتظار أن ترى صفقة «حماس» النور أو لا... لم تكن «حماس» مخترعة العجلة في هذا الأمر.

صفقات تبادل سابقة

ونجح الفلسطينيون عبر تاريخ طويل في عقد عدة صفقات تبادل أسرى.

وكانت صفقة الجندي جلعاد شاليط هي الأولى بالنسبة لحركة «حماس»، وفي شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، كانت الصفقة الثانية بالنسبة لـ«حماس» خلال الحرب الحالية، بإطلاق سراح نحو 50 إسرائيلياً مقابل 150 فلسطينياً.

ويعود التاريخ الفلسطيني في صفقات التبادل، إلى يوليو (تموز) 1968، وهي الصفقة الأولى بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، حين نجح عناصر من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إحدى فصائل المنظمة، باختطاف طائرة إسرائيلية تابعة لشركة العال، التي كانت متجهة من روما إلى تل أبيب وأجبرت على التوجه إلى الجزائر وبداخلها أكثر من مائة راكب، وتم إبرام الصفقة من خلال «الصليب الأحمر الدولي» وأفرج عن الركاب مقابل 37 أسيراً فلسطينياً من ذوي الأحكام العالية من ضمنهم أسرى فلسطينيون كانوا قد أسروا قبل عام 1967.

وفي يناير (كانون الثاني) 1971، جرت عملية تبادل أسير مقابل أسير ما بين حكومة إسرائيل وحركة «فتح»، وأطلق بموجبها سراح الأسير محمود بكر حجازي، مقابل إطلاق سراح جندي إسرائيلي اختطف في أواخر عام 1969.

وفي مارس (آذار) 1979، جرت عملية تبادل أخرى بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، حيث أطلقت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، سراح جندي إسرائيلي كانت قد أسرته بتاريخ 5 أبريل (نيسان) 1978، في كمين قرب صور، وقتلت حينها 4 جنود آخرين، وأفرجت إسرائيل مقابل الجندي عن 76 معتقلاً فلسطينياً من بينهم 12 سيدة.

وفي منتصف فبراير (شباط) 1980 أطلقت حكومة إسرائيل سراح الأسير مهدي بسيسو، مقابل إطلاق سراح مواطنة عملت جاسوسة لصالح إسرائيل كانت محتجزة لدى حركة «فتح»، وتمت عملية التبادل في قبرص وبإشراف اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر».

وفي 23 نوفمبر 1983، جرت عملية تبادل جديدة ما بين الحكومة الإسرائيلية، وحركة «فتح»، أفرج بموجبها عن جميع أسرى معتقل أنصار في الجنوب اللبناني وعددهم (4700) أسير فلسطيني ولبناني، و (65) أسيراً من السجون الإسرائيلية مقابل إطلاق سراح ستة جنود إسرائيليين أسروا في منطقة بحمدون في لبنان، فيما أسرت الجبهة الشعبية – القيادة العامة، جنديين آخرين.

وفي 20 مايو (أيار) 1985، أجرت إسرائيل عملية تبادل مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، أطلق بموجبها سراح 1155 أسيراً كانوا محتجزين في سجونها المختلفة، مقابل ثلاثة جنود أسروا في عمليتين منفصلتين.

لكن ليس كل الصفقات تمت بمبادلة.

ولعل أبرز صفقة حصلت عليها «حماس» لم تشارك فيها بشكل مباشر، وكانت عام 1997، حين جرت اتفاقية تبادل ما بين الحكومة الإسرائيلية والحكومة الأردنية وأطلقت بموجبها الحكومة الأخيرة سراح عملاء الموساد الإسرائيلي الذين حاولوا اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» حينها خالد مشعل، فيما أطلقت حكومة إسرائيل سراح الشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة، الذي كان معتقلاً في سجونها منذ عام 1989 وكان يقضي حكماً بالسجن مدى الحياة، وكان لهذا الإفراج دور مهم في ارتفاع شعبية الحركة على مدار سنوات تلت ذلك، وخاصة بعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000.