فرنسا تعلن خطة ثلاثية لمناهضة العنصرية واللاسامية وكره الإسلام

رئيس الحكومة قال إن الأعمال المشجعة على الكراهية لم تعد تطاق في البلاد

فالس لدى عرضه الخطة الحكومية لمحاربة العنصرية واللاسامية وكره الإسلام في كريتي (شرق باريس) أمس (أ.ف.ب)
فالس لدى عرضه الخطة الحكومية لمحاربة العنصرية واللاسامية وكره الإسلام في كريتي (شرق باريس) أمس (أ.ف.ب)
TT
20

فرنسا تعلن خطة ثلاثية لمناهضة العنصرية واللاسامية وكره الإسلام

فالس لدى عرضه الخطة الحكومية لمحاربة العنصرية واللاسامية وكره الإسلام في كريتي (شرق باريس) أمس (أ.ف.ب)
فالس لدى عرضه الخطة الحكومية لمحاربة العنصرية واللاسامية وكره الإسلام في كريتي (شرق باريس) أمس (أ.ف.ب)

منذ الهجوم على مجلة «شارلي إيبدو» والمتجر اليهودي بداية يناير (كانون الثاني) الماضي، تعمل السلطات الفرنسية في كل اتجاه لتدارك تكرار مثل هذه الأعمال الإرهابية. وتتحرك السلطات الحكومية بالتوازي على المحاور الأمنية والإجراءات المرتبطة بها والقانونية (وآخرها الانتهاء من مناقشة قانون تعزيز صلاحيات الأجهزة الأمنية في مراقبة شبكة الإنترنت والاتصالات من كل نوع)، والتربوية (عبر إعادة النظر في المناهج ومضامينها) والاجتماعية (من خلال إعادة تأهيل الضواحي حيث يضرب الفقر وترتفع معدلات البطالة ويتكاثر المهاجرون). ولم تنسَ الحكومة الحاجة إلى تفعيل الحوار مع مسلمي فرنسا وكف التأثيرات الخارجية عنهم وتأهيل الأئمة على الأراضي الفرنسية وتزويدهم بالمعارف الضرورية عن الثقافة والعلمنة في هذا البلد.. ناهيك بالاهتمام بالسجون التي تبين أنها «المدرسة» الأقوى لتخريج المتطرفين والإرهابيين.
كل هذه التدابير والإجراءات مهمة. بيد أن الحكومة ترى أنه ينقصها حلقة أساسية هي الحاجة لمحاربة العنصرية وكره الإسلام ومعاداة السامية، خصوصا أن إحصائيات وزارة الداخلية والهيئات المتخصصة تبين تزايدا مقلقا للأعمال المناهضة للإسلام منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، بالتوازي مع اتساع انتشار الأفكار المتطرفة كما يبدو ذلك من شيوع أفكار اليمين المتطرف، ممثلا بالجبهة الوطنية التي ترأسها مارين لوبن.
وانطلاقا من هذا الواقع، عمدت الحكومة إلى تحضير خطة كشف عنها رئيسها مانويل فالس، أمس، في لقاء في مدينة كريتي (الواقعة قريبا من شرق العاصمة) بحضور ستة من وزرائه، أبرزهم وزير الداخلية وشؤون العبادة برنار كازنوف، ووزيرة التربية والتعليم العالي نجاة فالو بلقاسم.
والطريف في اللقاء الذي تخلله تبادل للحديث بين فالس ومجموعة من الشبان متنوعي الأصول الجغرافية أن فالس فاجأهم بالقول إنه شخصيا ولد في مدينة برشلونة، وأصبح فرنسيا في سن الثامنة عشرة من عمره، وأن وزيرة التربية مغربية المولد، وحصلت لاحقا على الجنسية الفرنسية.
والخلاصة الضمنية لما قاله فالس إن الأصل ليس عائقا أمام تسلم أعلى المراكز في الجمهورية الفرنسية، في حين أن كثيرا من الشباب من أصول أجنبية، وخصوصا أفريقية وعربية، يشكون من العنصرية في المدرسة والمسكن والعمل، وبالتالي فإن طرق الارتقاء تبدو مسدودة بوجههم.
بداية، شخص فالس الداء، إذ أعلن أن «الأعمال التي تنم عن العنصرية ومعاداة السامية وكره العرب والأجانب تزداد في بلدنا بشكل لا يطاق». وأضاف أن «الفرنسيين اليهود لا يجب أن يشعروا من الآن فصاعدا بالخوف والفرنسيون المسلمون يجب ألا يخجلوا من كونهم مسلمين». وكان الرئيس فرنسوا هولاند قد دعا إلى جعل محاربة العنصرية ومعاداة السامية «قضية وطنية»، وكان على فالس أن يترجم ذلك إلى خطة تركز على العمل الاجتماعي والتوعية وتغرف من صندوق من 100 مليون يورو خصص لها للسنوات الثلاث 2015 - 2017. وتنهض الخطة التي تنص على نحو 40 تدبيرا على ثلاثة محاور: العدالة، المدرسة، والإنترنت. تقوم الخطة على شق اجتماعي تربوي غرضه تشجيع ودعم الجمعيات التي تناهض التطرف ومعاداة الإسلام والسامية في فرنسا. ولمزيد من الفعالية، تم ربط البعثة الوزارية المختلطة لمحاربة العنصرية واللاسامية برئاسة الحكومة بعد أن كانت تابعة لوزارة الداخلية. ويتعين على البعثة أن تحصي الجمعيات والهيئات الناشطة في هذا الحقل من أجل توفير الوسائل المادية للقيام بمهماتها التي أصبحت ضمن دائرة «القضية الوطنية».
بيد أن الإجراء الأهم يكمن في تجريم كل العبارات التي يشتم منها رائحة العنصرية ومعاداة السامية والإسلام. والجديد أنه فيما خص الديانة اليهودية هناك قانون تتم بفضله ملاحقة من يتفوه بكلام معادٍ للسامية. لكن إهانة الإسلام والمسلمين لم تكن تعتبر عملا جنائيا، بل كانت تدخل تحت باب حرية التعبير الأمر الذي كان يثير حنق المسلمين والجمعيات التي تدافع عنهم. ولذا، فإن الخطة تنص على رغبة الحكومة في تجريم «خطاب الكراهية» كما يسميه الرئيس هولاند، الأمر الذي يفترض عملا تشريعيا وسن قوانين جديدة تتضمن هذه الجنح.
وفضلا عن ذلك، تريد الحكومة إقامة «خلية وطنية» مهمتها ملاحقة الخطاب العنصري واللاسامي على الإنترنت، الأمر الذي يفترض تعاون مقدمي خدمات الإنترنت. وأخيرا، فإن الخطة الحكومية تشدد على ضرورة ملاحقة أي تعبير أو خطاب عنصري ومعادٍ للسامية في الوسط المدرسي، وملاحقة المسؤولين عنه ومعاقبتهم. ويعود السبب في ذلك إلى أن الكثير من المربين والأساتذة يجدون أنفسهم عاجزين عن التعامل مع هذه الظاهرة المتنامية داخل الحرم المدرسي.
وتعتبر الخطة الحكومية أن مدرسة الجمهورية هي «المصهر» الذي تعود إليه مهمة تنشئة المواطن بعيدا عن الصور النمطية «وتنمية التعايش المشترك والتعارف بين الأفراد مهما اختلفت أصولهم ودياناتهم». وقال فالس متوجها لتلامذة في مدينة كريتي: «أنتم من أصول متعددة، وفي هذا تكمن قوة فرنسا التي بنيت شيئا فشيئا على ما رفدت به من الخارج».
خلاصة فالس أن الحكومة الفرنسية «لن تترك أمورا تحصل من غير ملاحقة»، إذ إنه في بلد تغلب عليه في هذه المرحلة «الشعبوية»، فمن واجب الدولة، كما يقول رئيس الحكومة، أن تعمد إلى ترتيب الرد الضروري.
هل هذا سيكون كافيا لتحويل توجهات المجتمع الفرنسي؟ الكثيرون يشككون في ذلك ويعتبرونه غير كافٍ، طالما أن هناك فئات شعبية تشعر بالتهميش، وطالما هناك من يستغل مخاوف المواطن الفرنسي من الأعمال الإرهابية التي يربطها بالإسلام، ومن ضياع الهوية وغياب فرص العمل وتدهور الأمن وتحميل المسؤولية للأجنبي الوافد خصوصا إذا كان أفريقيا، عربيا أو مسلما.



انقسامات أوروبية عميقة بشأن الاستحواذ على الأصول الروسية المودعة في بروكسل

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس متحدثا للصحافة الخميس عن نتائج الاجتماع الأميركي ـ الأوكراني  في جدة - 12 مارس (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس متحدثا للصحافة الخميس عن نتائج الاجتماع الأميركي ـ الأوكراني في جدة - 12 مارس (إ.ب.أ)
TT
20

انقسامات أوروبية عميقة بشأن الاستحواذ على الأصول الروسية المودعة في بروكسل

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس متحدثا للصحافة الخميس عن نتائج الاجتماع الأميركي ـ الأوكراني  في جدة - 12 مارس (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس متحدثا للصحافة الخميس عن نتائج الاجتماع الأميركي ـ الأوكراني في جدة - 12 مارس (إ.ب.أ)

على بُعد أقل من كيلومترين شرق بروكسل، تقع ضاحية سان جوس تن نود. وفي بداية جادتها الرئيسية التي تحمل اسم الملك «ألبير الثاني»، تشغل «مؤسسة أوروكلير المالية» أحد أبنيتها التي تخضع لحماية أمنية مشددة توفرها الشركة الأمنية الفرنسية «أمارانت». والسبب أن «أوروكلير» تدير الأصول الروسية المودعة لديها منذ اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية قبل 3 أعوام.

ووفق المجلس الأوروبي، فإن القيمة الإجمالية لهذه الأصول تجاوز 235 مليار يورو (255 مليار دولار أميركي)، منها 210 مليارات عائدة للبنك المركزي الروسي، و24.9 مليار يورو من الأصول الخاصة العائدة لمؤسسات أو أفراد متهمين بمساندة حرب الرئيس فلاديمير بوتين على أوكرانيا. ومنذ عام 2022، عمد الاتحاد الأوروبي، في إطار سياسته الهادفة إلى ممارسة أعلى الضغوط الاقتصادية والمالية على روسيا، إلى تجميد هذه الأصول. ولأن دعم أوكرانيا عسكرياً ومالياً يستهلك الكثير من القدرات المالية الأوروبية، فقد عمد الأوروبيون، في مايو (أيار) الماضي، إلى اتّخاذ قرار يتيح لهم الاستحواذ على الفوائد التي توفرها هذه الأصول، البالغة سنوياً ما بين 2.5 و3 مليارات يورو.

وبما أن مجموعة السبع الاقتصادية قررت، العام الماضي، منح أوكرانيا قرضاً مالياً بقيمة 50 مليار دولار لمشترياتها من السلاح، فإن عوائد الأصول الروسية تُستخدم لتسديد القرض الكبير تدريجياً، خصوصاً حصة الأوروبيين. بيد أن هؤلاء لم يتوقفوا عند هذا الحد. وما يتم تداوله منذ عدة أشهر يقوم على الاستحواذ مباشرة على الأصول الروسية، وليس فقط على الفوائد التي تنتجها، من أجل مواصلة دعم أوكرانيا ولاستخدام الأموال الروسية، لاحقاً، في عملية إعادة الإعمار بأوكرانيا.

عين الأوروبيين على المليارات الروسية

جاءت عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض وسياسته الغامضة والمتأرجحة إزاء مواصلة دعم كييف، ومطالبته باستعادة الأموال التي خصصتها بلاده لدعمها، لتثير مخاوف الأوروبيين لجهة أن مساندة أوكرانيا ستقع على عاتقهم وحدهم. من هنا، بدأ البحث عن مصادر جديدة.

واتّجهت الأنظار فوراً إلى الأصول الروسية، وبرزت الانقسامات بين من يدفع باتجاه الإقدام على هذه الخطوة، ومن يعارض ويحذر من نتائجها العكسية. تعارض موسكو الاستحواذ على أصولها، وتتّهم الغربيين بممارسة السرقة واللصوصية.

كايا كالاس مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي ووزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في كندا بمناسبة اجتماع لوزراء خارجية مجموعة السبع (أ.ف.ب)
كايا كالاس مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي ووزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في كندا بمناسبة اجتماع لوزراء خارجية مجموعة السبع (أ.ف.ب)

وبيّن تحقيق أجرته مجموعة صحف، مثل «لو موند» الفرنسية و«دي مورغن» و«هومو» البلجيكيتين، وموقع «أوبسورفير» الأوروبي، أن كبار مسؤولي «أوروكلير» يخضعون لحماية مشددة منذ عدة أشهر توفرها الشركة الأمنية الفرنسية «أمارانت». وتشمل الحماية، بشكل خاص، فاليري أوربان، رئيسة «أوروكلير» ومديرتها العامة والأعضاء السبعة للجنتها التنفيذية وآخرين. وثمة معلومات تم تداولها مؤخراً تتحدث عن مُسيّرة مجهولة الهوية حلّقت مؤخراً فوق مقر «أوروكلير» في بروكسل، ما ضاعف المخاوف من تعرّضها لعملية انتقامية، ونظر إليها البعض الآخر على أن غرضها تحذير القائمين على هذه المؤسسة المالية من خطط الاستحواذ على الأصول الروسية.

خلال السنوات الثلاث الماضية، قدّم الأوروبيون مساعدات لأوكرانيا بلغت قيمتها الإجمالية 132.6 مليار يورو (144 مليار دولار أميركي)؛ 67.3 مليار مساعدات مدنية، 48.3 مساعدات عسكرية و17 ملياراً لمساعدة ملايين الأوكرانيين خارج بلادهم. وتبين نظرة سريعة أن الاستحواذ على الأصول الروسية يمكن أن يريح الأوروبيين مالياً لعدة سنوات. بيد أن ما يعيق إقدامهم على تدبير من هذا النوع انقساماتهم، من جهة، ومن جهة أخرى المخاوف المترتبة على سمعة السوق المالية الأوروبية واستقرارها.

خلافات فرنسية

وبرز ذلك بقوة خلال الجلسة التي خصّصها البرلمان الفرنسي للنظر في مقترح قانون لدعم أوكرانيا، يتضمّن بنداً يدعو «الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء إلى الاستحواذ على الأصول الروسية المجمَّدة من أجل تمويل الدعم العسكري لأوكرانيا وعملية إعادة الإعمار». وبنتيجة التصويت الذي حصل ليل الأربعاء، فإن 288 نائباً أقرّوا المقترح، فيما عارضه 54 نائباً، وامتنع الآخرون عن التصويت.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكوين وعقيلته مع رئيس جمهورية أوزبكستان شوكت ميرزييوف مساء الأربعاء في قصر الإليزيه (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكوين وعقيلته مع رئيس جمهورية أوزبكستان شوكت ميرزييوف مساء الأربعاء في قصر الإليزيه (أ.ف.ب)

ورغم أنّ ما حصل غير مُلزِم للحكومة، فإن الانقسامات بدت على أشدّها. والمثير في هذه المسألة أن الحكومة الفرنسية تعارض السيطرة على الأموال الروسية، فيما تؤيدها غالبية النواب الداعمة لها في البرلمان، إضافة إلى النواب الاشتراكيين والخضر. وجاءت المعارضة من حزب «فرنسا الأبية» اليساري المتشدد، ومن نواب حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف. وسبق للرئيس إيمانويل ماكرون أن رسم الخط البياني للحكومة خلال زيارته الأخيرة لواشنطن يوم 24 فبراير (شباط) الماضي، إذ اعتبر أنه «من الجائز استخدام عوائد الأصول الروسية، لكننا لا نستطيع الاستيلاء على هذه الأصول». وعبّر أريك لومبار، وزير الاقتصاد، عن موقف بلاده الرسمي بقوله إن الأصول الروسية «تعود بشكل رئيسي إلى البنك المركزي الروسي، وبالتالي هي أصول سيادية ومن الصعب السيطرة عليها، لأن ذلك يخالف الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها فرنسا وكذلك دول أوروبا».

انقسامات أوروبية

ما شهده البرلمان الفرنسي شهد مثله، وفي اليوم نفسه، البرلمان الأوروبي. ثمة مجموعة أوروبية يتزعمها دونالد تاسك، رئيس الوزراء البولندي، تريد وضع اليد بسرعة على الأموال الروسية. ويقول الأخير: «ماذا ننتظر؟ لنقدم على هذه الخطوة فوراً». ويحظى تاسك بدعم الدول التي تستشعر أكثر من غيرها الخطر الروسي، مثل دول بحر البلطيق والدول الإسكندنافية ورومانيا وغيرها، فيما تمثل فرنسا وألمانيا وبلجيكا، فضلاً عن المجر وسلوفاكيا الجبهة المعارضة.

رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك {يسار} خلال مؤتمر صحفي الخميس مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك {يسار} خلال مؤتمر صحفي الخميس مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة (إ.ب.أ)

وبلغ الانقسام المفوضية الأوروبية نفسها؛ إذ إن مسؤولة السياسة الخارجية والأمن فيها، الإستونية كايا كالاس، من أشدّ مناصري عملية الاستيلاء التي كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أول الداعين إليها. بالمقابل، فإن رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين امتنعت، حتى اليوم، عن الخوض في هذا النقاش. وسبق للقادة الأوروبيين أن تناولوا هذا الملف في قمتهم يوم 6 مارس (آذار)، ولكن من غير التوصل إلى اتفاق. وفي أي حال، فإن الأوروبيين يعملون وفق مبدأ الإجماع؛ ما يمنع أي دولة من التصرف انفرادياً.

وبيّنت مناقشات البرلمان الأوروبي، بشكل جلي، الانقسامات المستندة إلى حجج متضاربة. فإضافة إلى سيادية الأصول الروسية، يتخوف كثيرون من إجراء من شأنه أن يضعف العملة الأوروبية (اليورو)، وينسف سمعة السوق المالية الأوروبية، ويضرب استقرارها وسلامتها، ويبعد عنها الدول الراغبة في توطين أصولها المالية في العواصم الأوروبية. فـ«السابقة» الروسية ستخيف الآخرين، وتجعلهم يبحثون عن أسواق مالية بديلة لأصولهم.

ونقلت قناة «يورو نيوز» عن عضو البرلمان الأوروبي الفنلندي، فيل نينيستو، قوله: «يجب أن يكون أي قرار راسخاً في القانون الدولي، وما دام تمّ احترامه في المصادرة، فيمكن القيام بذلك. أما سوق اليورو فأمر موثوق به للغاية لأي شخص يريد الاستثمار».

وكشف النائب ساندرو غوزي أن «بعض الحكومات تعمل بشكل خاص على الاستحواذ بالتعاون مع البنك المركزي الأوروبي ومؤسسات الاتحاد الأوروبي الأخرى، وهي تنظر في الإمكانيات القانونية والمالية لذلك. وفي حال عدم وجود مخاطر قانونية وسوقية، فسندفع باتجاه الاستحواذ دون تأخير».

حقيقة الأمر أن الأوروبيين يبحثون عن مخارج قانونية لم يعثروا عليها بعد. وبعضهم يرى أن أحد الحلول يكمن في استخدام هذه الأصول ورقة للتفاوض المستقبلي مع الجانب الروسي لوضع حد للحرب، وإرغام موسكو على دفع ثمن الدمار الذي أحدثته في أوكرانيا. بيد أن ذلك كلّه، بما فيه مصير العقوبات التي يتعين على الأوروبيين النظر بها في 31 يوليو (تموز) كحد أقصى، مرهون بما سيحصل على جبهة المفاوضات، وما يمكن أن تفضي إليه الوساطة الأميركية.

وفي حال التوصل إلى اتفاق، فإن المؤكد أن روسيا ستصر على رفع العقوبات المفروضة عليها وعلى أصولها. وفي أي حال، على الأوروبيين أن يتخذوا قرار قبل 31 يوليو المقبل لجهة تمديد العقوبات أم وقفها، وذلك كله مرهون بتطورات الحرب أو السلام الموعود.