نقاط ساخنة تطلق شرارات قد تنفجر حروباً في الأشهر الـ12 المقبلة

جندي أوكراني على أحد خطوط التماس مع الانفصاليين في شرق أوكرانيا (أ.ب)
جندي أوكراني على أحد خطوط التماس مع الانفصاليين في شرق أوكرانيا (أ.ب)
TT

نقاط ساخنة تطلق شرارات قد تنفجر حروباً في الأشهر الـ12 المقبلة

جندي أوكراني على أحد خطوط التماس مع الانفصاليين في شرق أوكرانيا (أ.ب)
جندي أوكراني على أحد خطوط التماس مع الانفصاليين في شرق أوكرانيا (أ.ب)

بعد نهاية عام وبداية آخر لا بد من التفكير في العام الماضي وما حمله من تطورات سلبية وإيجابية، وفي العام الجديد وما يأتي به. وليس من المغالاة في شيء القول إن كفة السلبيات كانت أثقل بكثير من الكفة المقابلة في ميزان العام 2021، إلى درجة إلى أن تفكيرنا يجنح إلى السلبيات فوراً عندما نفكر في الأشهر الإثني عشر المقبلة التي لا بد أن تكون بدرجة كبيرة امتداداً لسابقاتها.
كان عام 2021 حافلا بالأحداث، وفي طليعتها طبعاً استمرار جائحة «كوفيد – 19» ومتحوراتها، وما أدت إليه من صعاب اقتصادية وتغيرات في حياة البشر على امتداد الكرة الأرضية، تليها العلاقات التصادمية بين الولايات المتحدة والصين وتجليات ذلك في مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي، ومثلها بين الولايات المتحدة وروسيا مع ما يجري حول أوكرانيا وعلى الحدود البولندية – البيلاروسية وعلى الحدود الأذربيجانية – الأرمينية، والنهاية الفوضوية للوجود العسكري الأميركي والأطلسي في أفغانستان، ومشكلة الهجرة غير الشرعية خصوصاً في اتجاه أوروبا، واقتحام مناصري الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مبنى الكونغرس في مشهد أذهل العالم، وسوى ذلك كثير...
لكن لعلّ أبرز ملامح العام المنصرم كان الحديث المتكرر عن احتمالات اندلاع حرب عالمية، أو حروب إقليمية بين قوى عالمية، وتحديداً بين المعسكر الغربي من جهة وروسيا و/أو الصين من جهة أخرى، وهو كلام خاله الناس قد انطوى نهائياً مع وضع الحرب العالمية الثانية أوزارها. لكن يبدو أن الطبع التصادمي بين الشعوب يغلب التطبع، والطمع الاقتصادي لا يزال في طليعة محركات العلاقات بين الدول، وحتى الرعب النووي المتبادل لا يشكل رادعاً كافياً لاستبعاد حروب الكبار.
نلقي في السطور الآتية الضوء على أبرز القضايا الشائكة والنقاط الساخنة التي يُحتمل أن تتطور إلى حروب قد لا تكون شاملة لكنها حتماً ستكون كبيرة.
1- أوكرانيا:
ينسى العالم أن في شرق أوكرانيا حرباً تدور منذ العام 2014 بين القوات الأوكرانية وانفصاليين تدعمهم روسيا أقاموا «جمهوريتين» في دونيتسك ولوغانسك، سقط فيها حتى الآن أكثر من 13 ألف قتيل.
بدأ النزاع بعد إطاحة فيكتور يانوكوفيتش، الرئيس الأوكراني الموالي لموسكو، بدعم من الغرب. فردّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ذلك بضم شبه جزيرة القرم ودعم الانفصاليين في منطقة شرق أوكرانيا (دونباس). وخوفاً من مواجهة هزيمة عسكرية، وقعت أوكرانيا اتفاقَي سلام (اتفاقا مينسك) لم يتحقق بشكل كامل في الدونباس.
انهارت الهدنة التي وافق عليها بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي تولى السلطة عام 2019 واعدًا بإحلال السلام. في ربيع 2021، حشد بوتين أكثر من 100 ألف جندي قرب الحدود الأوكرانية، ثم سحب العديد منهم بعد أسابيع بعد لقاء مع الرئيس الأميركي جو بايدن. لكن روسيا عاودت حشد قوات لاحقاً وطالبت بضمانات أمنية غربية أهمها عدم قبول أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي (ناتو) لأن ذلك يهدد أمن العمق الروسي، علماً أن التعاون العسكري قائم بين كييف ودول أعضاء في «الناتو».
وما يقلق الأوكرانيين أن الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة لم تملك في مقابل التهديد الروسي الواضح سوى التلويح بعصا العقوبات الاقتصادية والقيام ببعض المناورات والتدريبات العسكرية في البحر الأسود، وهذان أمران يزعجان بوتين بالتأكيد لكنهما لن يوقفاه عن القيام بمغامرة عسكرية واسعة إذا رأى أن نتائجها ستعيد الجارة الكبرى إلى حضن موسكو. يضاف إلى ذلك أن الرئيس الروسي قد يحجم عن غزو أوكرانيا في مستقبل قريب، لكنه مستعد في اي لحظة لتعزيز دعمه للانفصاليين في شرقها وبالتالي تصعيد الصراع هناك إلى مستوى الحرب الحقيقية بغية نيل ما يريده من كييف ورعاتها.

2- الولايات المتحدة والصين:
تتجه الأنظار حتماً إلى العلاقات المتوترة على الدوام بين صاحبي أكبر اقتصادين في العالم: الولايات المتحدة والصين. وينعكس التنافر والتنافس في الروابط التجارية سباقاً في المجال الجيو-اقتصادي لا بد أن يتخذ أبعاداً أمنية وربما عسكرية.
في هذا السياق، تُقرأ مسارعة واشنطن بعد الإنسحاب من أفغانستان إلى إبرام اتفاق «أوكوس» الاستراتيجي مع أستراليا وبريطانيا، وهدفه السيطرة على الطرق البحرية جنوب الصين، ولذلك سيجري تزويد أستراليا غواصات نووية لتعزيز الحضور العسكري المناهض للطموحات الصينية في تلك المنطقة من العالم.
ويعكس ذلك تركيز واشنطن على مواجهة القفزات الصينية الكثيرة في العالم والتي تأخذ راهناً الشكل الاقتصادي، سواء عبر استمرار تدفق المنتجات الصينية إلى الأسواق، أو عبر مبادرة «الحزام والطريق» لتنفيذ مشاريع البنى التحتية في أنحاء عدة من الكرة الأرضية. وإذا نظرنا إلى العمل الصيني الدؤوب على تعزيز القدرات العسكرية المتطورة للجيوش البرية والبحرية والجوية، ندرك أن القفزات المذكورة يمكن أن تتحول بسرعة إلى حضور عسكري وازن في منطقة آسيا – المحيط الهادئ وربما سواها.
ويظل الميدانان «التقليديان» للاحتكاكات والتحديات الأميركية – الصينية بحر الصين الجنوبي حيث تملك بكين طموحات واسعة انطلاقاً مما تعتبره «حقوقاً» طبيعية لها، في مقابل عمل واشنطن على تعزيز روابطها – العسكرية خصوصاً – مع الدول الأخرى المشاطئة لهذا البحر. وكذلك يتبادل الجانبان التحدي في مضيق تايوان التي لا تنفك الصين عن اعتبارها جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، فيما تواصل الولايات المتحدة تعزيز القدرات العسكرية للجزيرة التي تقف في مواجهة العملاق الذي اختارت الانشقاق عنه مع بدايات الحكم الشيوعي في أربعينات القرن الماضي.
خلافاً للاعتقاد الذي ساد مع تولي جو بايدن الرئاسة الأميركية، يبدو أن الصين ستواجه صعاباً أكبر مما واجهته مع دونالد ترمب، وستجهد لضمان أمن خطوط الملاحة البحرية الحيوية بالنسبة إليها، والممتدة من جزر الكوريل إلى بحر الصين الجنوبي.
في ظل هذا الجو قد يتحول أي احتكاك في المنطقة إلى اشتباك عسكري مفتوح على احتمالات التصعيد.

3- أفغانستان:
شهد العام 2021 طيّ صفحة أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة عبر انسحاب سريع ضمن انتصاراً أسرع لحركة «طالبان» على حكومة الرئيس أشرف غني، وسيطرة على البلاد التي سرعان ما وقعت في متاعب اقتصادية تهدد الملايين بالجوع.
لم تكن عودة الحركة المتشددة إلى السلطة مفاجئة، فقد عقدت معها واشنطن أوائل عام 2020 اتفاقاً لا يهم من بنوده سوى أن القوات الأميركية – ومعها قوات من بلدان حليفة - ستنسحب من البلاد بعد 21 عاماً من الوجود فيها. وفي موازاة التسليم الغربي بالأمر الواقع، جرى التضييق على الأفغان جميعاً عبر تجميد أصول للدولة موجودة في الخارج وتعليق المساعدات الحيوية التي ترفد الأفغان بالحد الأدنى من متطلبات الحياة.
«طالبان» تسيطر على أفغانستان الآن، لكن هذه البلاد المعقدة بتركيبتها الإتنية والحساسة بموقعها الجغرافي، والمهددة بوجود لتنظيم «داعش»، تبقى عرضة لاحتمالات اندلاع حرب أهلية سرعان ما ستحوّلها صفيحة مغنطيسية تستجلب التدخلات الخارجية...

4- إثيوبيا:
ظن كثر أن حصول رئيس الوزراء الإثيوبي آبيي أحمد على جائزة نوبل للسلام عام 2019 ليس مجرد تكريم له على جهوده في توحيد البلاد الشاسعة وضمان استقرارها، بل رأوا في ذلك تأكيداً لأن الدولة الأفريقية ستمضي قدماً في طريق التنمية والتخلص من الفقر المزمن. إلا أن الوقائع خيّبت الآمال، فالقتال مستمر منذ أكثر من سنة بين القوات الحكومية و«جبهة تحرير شعب تيغراي»، مهدداً بتمزيق إثيوبيا قبل أن تستفيد من مشروع سد النهضة الذي يسمم بدوره علاقاتها مع السودان ومصر.
في الوقت الحالي، تبدو اليد العليا في المعركة للقوات الحكومية (التي تتلقى دعماً من القوات الأريترية، وهو أمر يعقّد النزاع)، إلا أن موازين القوى يمكن أن تنقلب بسرعة لأن الطرفين يملكان دعماً شعبياً ويمكنهما حشد الكثير من المقاتلين، وبالتالي فإن الحسم العسكري مستبعد. والثابت الوحيد أن هذه الحرب تترك ندوباً في جسد المجتمع الإثيوبي ليس من السهل أن تزول، وبالتالي يجدر التساؤل عن فرص بقاء البلاد التي تبلغ مساحتها مليوناً و104 آلاف كيلومتر مربع وتضم 117 مليون نسمة موحّدة...

5- متطرفون في أفريقيا:
بدأ ظهور تنظيم «داعش» بقوة في أفريقيا منذ العام 2017، يساعده في ذلك ضعف الأجهزة الإدارية والأمنية والسياسية في بعض الدول، والأراضي الصحراوية الشاسعة التي تصعب السيطرة عليها. وتمظهر العنف خصوصاً في منطقة الساحل وتحديداً في مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
ولا ننسى «بوكو حرام» في نيجيريا، و«الشباب» في الصومال، والظهور الحديث لمتطرفين في موزمبيق والكونغو وأوغندا.
غير أن أكثر ما يثير القلق هو ما يجري في الساحل، حيث لم يفلح الوجود العسكري الفرنسي في ضبط الوضع المفتوح على كل الاحتمالات والتدخلات في منطقة شعوبها ودولها فقيرة، وأراضيها غنية بثروات طبيعية تُسيل لعاب كل القوى الكبرى الطامعة...
عام انطوى وآخر هلّ، والنزاعات - التي كان يمكن أن نطيل لائحتها – لا تنتهي. شعوب وثروات وأطماع وقوى كبرى وأخرى ضعيفة مغلوب على أمرها... لعبة قاتلة مستمرة منذ كان الاجتماع البشري الذي لم يفلح بعد في الوصول إلى برّ السلام.



مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
TT

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)

قال مسؤول كبير في مجال الأمن الإلكتروني في الولايات المتحدة، الجمعة، إن قراصنة إلكترونيين صينيين يتخذون مواطئ قدم في بنية تحتية خاصة بشبكات حيوية أميركية في تكنولوجيا المعلومات تحسباً لصدام محتمل مع واشنطن.

وقال مورغان أدامسكي، المدير التنفيذي للقيادة السيبرانية الأميركية، إن العمليات الإلكترونية المرتبطة بالصين تهدف إلى تحقيق الأفضلية في حالة حدوث صراع كبير مع الولايات المتحدة.

وحذر مسؤولون، وفقاً لوكالة «رويترز»، من أن قراصنة مرتبطين بالصين قد اخترقوا شبكات تكنولوجيا المعلومات واتخذوا خطوات لتنفيذ هجمات تخريبية في حالة حدوث صراع.

وقال مكتب التحقيقات الاتحادي مؤخراً إن عملية التجسس الإلكتروني التي أطلق عليها اسم «سالت تايفون» شملت سرقة بيانات سجلات مكالمات، واختراق اتصالات كبار المسؤولين في الحملتين الرئاسيتين للمرشحين المتنافسين قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) ومعلومات اتصالات متعلقة بطلبات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة.

وذكر مكتب التحقيقات الاتحادي ووكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية أنهما يقدمان المساعدة الفنية والمعلومات للأهداف المحتملة.

وقال أدامسكي، الجمعة، إن الحكومة الأميركية «نفذت أنشطة متزامنة عالمياً، هجومية ودفاعية، تركز بشكل كبير على إضعاف وتعطيل العمليات الإلكترونية لجمهورية الصين الشعبية في جميع أنحاء العالم».

وتنفي بكين بشكل متكرر أي عمليات إلكترونية تستهدف كيانات أميركية. ولم ترد السفارة الصينية في واشنطن على طلب للتعليق بعد.