الأمين العام للأمم المتحدة يدعو إلى إخماد النار في اليمن

ترجيحات بإعلان ولد شيخ أحمد مبعوثا جديدا خلال أيام

بان كي مون
بان كي مون
TT

الأمين العام للأمم المتحدة يدعو إلى إخماد النار في اليمن

بان كي مون
بان كي مون

وجه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون نداء لوقف فوري لإطلاق النار في اليمن، في حين يسعى لتعيين وسيط جديد لليمن، بعد استقالة المبعوث الأممي جمال بنعمر، من أجل التوصل إلى حل سلمي للصراع.
وقال كي مون، خلال حفل عشاء بنادي الصحافيين بالعاصمة واشنطن، على هامش مشاركته في اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي: «أنا أدعو لوقف إطلاق النار في اليمن من قبل جميع الأطراف»، مشيرا إلى خطورة الوضع في اليمن، وتأثير الأزمة في ارتفاع مستويات معاناة اليمنيين وانعدام الأمن ونقص الغذاء»، واصفا الوضع بقوله: «اليمن يشتعل».
وقال الأمين العام للأمم المتحدة: «قبل التصعيد الأخير، كان اثنان من كل ثلاثة يمنيين يعتمدون على المساعدات الإنسانية، وكانت مستويات انعدام الأمن الغذائي أعلى من أفقر الدول في أفريقيا، وهذا هو السبب؛ إنني أدعو لوقف إطلاق النار في اليمن من جميع الأطراف، فقد حان الوقت لدعم ممرات للمساعدات الإنسانية وممر للسلام ودفع العملية الدبلوماسية».
وشدد الأمين العام للأمم المتحدة على أهمية التسوية السلمية، وقال: «عملية السلام الدبلوماسية التي تدعمها الأمم المتحدة هي السبيل الأفضل من أجل الخروج من النزاع المستمر منذ فترة طويلة، وتنطوي على نتائج مخيفة للاستقرار الإقليمي».
وأشاد الأمين العام بتفهم المملكة العربية السعودية ضرورة التوصل إلى سلام من خلال عملية سياسية، وقال: «لقد أكد لي المسؤولون السعوديون أنهم يقدرون أهمية أن تكون هناك عملية سياسية، وأنا أدعو جميع اليمنيين للمشاركة وبحسن نية في عملية سياسية للتوصل إلى حل للأزمة». وأوضح مون أنه يبحث عن وسيط جديد لليمن، يكون باستطاعته التوجه فورا إلى المنطقة، والقيام بدور الواسطة للتوصل إلى تسوية. وأوضح مصدر خليجي بالأمم المتحدة أنه من المتوقع أن يلتقي الأمين العام مع مندوبي الدول الخليجية لدى الأمم المتحدة من يوم الاثنين المقبل، لمناقشة اختيار المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن، في حين ترتفع بشده ترجيحات اختيار الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد للمنصب. وقالت المتحدثة باسم مكتب إسماعيل ولد الشيخ أحمد إنه موجود حاليا في غرب أفريقيا، وليس لديها تعليق حول الترشيحات واحتمالية اختيار أحمد للمنصب.
وقال السفير خالد اليماني سفير اليمن لدى الأمم المتحدة للصحافيين إن الشيخ أحمد هو الاسم الوحيد المطروح للمنصب بعد استقالة جمال بنعمر، يوم الأربعاء الماضي. وقال اليماني للصحافيين: «لقد اتخذ الأمين العام للأمم المتحدة قراره بالفعل بالتوجه لاختيار إسماعيل شيخ أحمد للمنصب، وهو دبلوماسي جيد للغاية ولدية كثير من الخبرة في الجهود الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن».
ووفقا للبرتوكول في الأمم المتحدة، فإنه يتعين على الأمين العام للأمم المتحدة أن يرسل خطابا إلى الرئيس الحالي لمجلس الأمن (السفيرة الأردنية دينا قعوار التي ترأس بلادها الدورة الحالية لمجلس الأمن) باسم المرشح الذي اختاره لمنصب المبعوث الأممي إلى اليمن، ويبقى على مجلس الأمن الموافقة على الترشيح.
وأشارت مصادر دبلوماسية إلى أن الأمين العام أبلغ، بشكل غير رسمي، نيته تعيين ولد شيخ أحمد ليحل محل بنعمر، وأنه من المحتمل أن يرسل ترشيحه في رسالة رسمية لمجلس الأمن خلال الأيام المقبلة. من جانبها، دعت إيران إلى عقد محادثات سلام مباشرة وفورية بين الأطراف المتحاربة في اليمن، وقالت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية إن وزير الخارجية محمد جواد ظريف تحدث هاتفيا مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، واقترح خطة سلام تدعو إلى وقف إطلاق النار، وإقامة محادثات تشارك فيها كل الأطراف.
وأشار ظريف إلى خطة تتكون من أربع نقاط لإنهاء الأزمة في اليمن، مؤكدا على أهمية إجراء محادثات فورية بين الأطراف اليمنية، وأبدى ظريف استعداد بلاده للمساعدة في حل الأزمة.
من جانب آخر، أطلقت الأمم المتحدة نداءات عاجلة لتوفير 200 مليون دولار لمساعدة المدنيين في اليمن، وقالت بيان للأمم المتحدة إن الصراع في اليمن يفاقم الأزمة الإنسانية القائمة بالفعل.
وقال يوهان فان دير كلوي بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: «لقد فر الآلاف من الأسر من منازلهم نتيجة القتال والغارات الجوية والأسر تعاني من أجل الحصول على الرعاية الصحية والمياه والغذاء والوقود، وهي المتطلبات الأساسية للبقاء على قيد الحياة».
وناشد مدير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية المجتمع الدولي توفير 273.7 مليون دولار من أجل تلبية الاحتياجات الأساسية لأكثر من 7.5 مليون شخص في اليمن.
وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن النزاع في اليمن قد أسفر عن مقتل 767 قتيلا، وإصابة 2906 جرحى، بينهم عدد كبير من المدنيين، فيما وصل عدد النازحين إلى 100 ألف شخص.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.