تونس تستقبل العام الجديد بإطلاق «استشارة وطنية» لتجاوز الأزمة

هدفها إقرار إصلاحات تعيد البلاد إلى «السكة الصحيحة»

الرئيس التونسي قيس سعيد (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيد (رويترز)
TT

تونس تستقبل العام الجديد بإطلاق «استشارة وطنية» لتجاوز الأزمة

الرئيس التونسي قيس سعيد (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيد (رويترز)

تغوص تونس أكثر فأكثر في أزمة في ظل الاستقطاب والجمود الاجتماعي والاقتصادي، في وقت أعلن فيه الرئيس قيس سعيد إطلاق «استشارة وطنية إلكترونية»، اليوم السبت، بغية إقرار إصلاحات تثير جدلا لإعادة البلاد إلى السكة الصحيحة.
وفي ظل جمود سياسي، أقال سعيّد رئيس الحكومة، وجمّد عمل البرلمان في 25 من يوليو (تموز) الماضي في هذا البلد، الذي كان مهدا للربيع العربي عام 2011، وعلق لاحقا العمل بأجزاء من الدستور.
وبات يحكم منذ ذلك بموجب مراسيم، رغم الاحتجاجات، التي ينظمها بعض المعارضين والمنظمات والجمعيات، ومن بينها الاتحاد التونسي العام للشغل.
وفي 13 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي كشف سعيد عن خريطة طريق للخروج من الأزمة، تنص على انتخابات تشريعية في ديسمبر 2022، بعد مراجعة القانون الانتخابي، واستفتاء في يوليو المقبل لتعديل الدستور، الذي يريده «رئاسيا» أكثر، على حساب البرلمان.
وتنظم بين الأول من يناير (كانون الثاني) و20 من مارس (آذار) المقبل استشارة شعبية إلكترونية في كل أرجاء تونس، ليطرح الشعب أفكارا ستشكل أساسا للتعديلات الدستورية. وسيشكل ذلك، بحسب مراقبين، آلية غير معهودة تعكس بحسب منتقدي سعيد أساليبه في تسيير دواليب الدولة. وكان سعيد انتخب عام 2019 بحصوله على حوالي 73 في المائة من الأصوات، وما يزال يتمتع بشعبية واسعة رغم الانتقادات.
وقال الخبير السياسي حمزة مدب لوكالة الصحافة الفرنسية: «البلاد في عدم اليقين السياسي حتى بعد إعلان سعيد عن خريطة الطريق، التي لا تبدو أنها طمأنت الشركاء لا في الداخل ولا في الخارج»، مضيفاً أن هناك «ثمة تساؤلات كثيرة حول موثوقية هذه العملية، لأنه لم يسبق لتونس أن اختبرت هذا النوع من الاستفتاءات، ولا نعرف كيف ينوي الرئيس تنظيم هذه الاستشارات. ثمة نقاط غموض كثيرة». وأوضح مدب أن هذه الاستشارات ستبدأ «في خضم استياء اجتماعي - اقتصادي، مع تساؤلات حول الحريات». يضاف إلى ذلك أن الوضع المالي لا يدفع إلى التفاؤل.
فقد نصت الميزانية، التي عرضت الثلاثاء الماضي، على أن تستدين تونس ستة مليارات يورو إضافية لإنعاش الاقتصاد، الذي عانى كثيرا جراء الأزمة السياسية وجائحة كوفيد - 19.
وقالت الناشطة السياسية والحقوقية الشهيرة، بشرى بلحاج حميدة، لوكالة الصحافة الفرنسية إنه «حتى الآن ما من مؤشر إلى وجود أمل».
وحكم على بلحاج حميدة للتو بالسجن ستة أشهر، استنادا إلى شكوى تقدم بها وزير سابق في عام 2012، في حكم أثار توقيته تساؤلات، إذ صدر بعد أيام على انتقادها الرئيس سعيد علنا. كما تعرض سياسيون وناشطون آخرون لملاحقات بعد مواقف مناهضة لقرارات سعيد عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وقبل ذلك، حكم على الرئيس السابق المنصف المرزوقي المقيم في فرنسا، غيابيا بالسجن أربع سنوات بتهمة «المساس بأمن الدولة في الخارج»، بعدما انتقد علنا السلطة التونسية.
ومن جانبها، نددت «هيومن رايتس ووتش» بتكاثر الملاحقات القضائية في حق معارضين مختلفين منذ 25 يوليو الماضي. كما حذرت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين «من وجود خطر داهم يهدد حرية الصحافة والإعلام والتعبير».
ودعا معارضون إلى مقاطعة الاستشارة الشعبية التي دعا إليها سعيد ابتداء من الأول من يناير(كانون الثاني) الحالي. لكن في المقابل، هناك أصوات كثيرة تؤيد قرار الرئيس سعيد وتعتبر إجراءاته ضرورية لكبح جماح الفساد والمفسدين.



انقلابيو اليمن يبطشون بصغار الباعة في ذمار

اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)
اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)
TT

انقلابيو اليمن يبطشون بصغار الباعة في ذمار

اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)
اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)

تواصلاً لمسلسل انتهاكات الجماعة الحوثية الذي كانت بدأته قبل أسابيع في صنعاء وإب، وسّعت الجماعة من حجم بطشها بصغار التجار وبائعي الأرصفة في أسواق محافظة ذمار وشوارعها، وفرضت عليهم دفع إتاوات تحت مسميات غير قانونية. وفق ما ذكرته مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط».

وأكدت المصادر أن الحملات التي شارك فيها مسلحون حوثيون مدعومون بعربات عسكرية وجرافات وشاحنات، جرفت المتاجر الصغيرة وصادرت 40 عربة لبائعين متجولين بما فيها من بضائع في مدينة ذمار وعلى طول الشارع العام الرابط بين صنعاء ومحافظتي إب وتعز.

جانب من حملة حوثية استهدفت السكان وممتلكاتهم في ذمار (فيسبوك)

وجاءت الحملة التعسفية بناءً على مخرجات اجتماع ضم قيادات حوثية تُدير شؤون محافظة ذمار، (100 كيلومتر جنوب صنعاء) نصت على قيام ما تسمى مكاتب الأشغال العامة والمرور وصندوق النظافة والتحسين وإدارة أمن ذمار باستهداف صغار الباعة في المدينة وضواحيها قبيل انتهاء العام الحالي.

وبرّرت الجماعة الانقلابية حملتها بأنها للحفاظ على ما تسميه المنظر العام للشوارع، وإزالة العشوائيات والاختناقات مع زعمها بوجود مخالفات.

واشتكى مُلاك متاجر صغيرة، طالهم التعسف الحوثي لـ«الشرق الأوسط»، من ابتزاز غير مسبوق على أيدي مشرفين ومسلحين يجمعون إتاوات بالقوة تحت مسميات عدة.

وذكروا أن مسلحي الجماعة دهموا شوارع وأسواق شعبية في مناطق عدة بذمار، وباشروا بجرف المتاجر ومصادرة عربات البائعين واعتقلوا العشرات منهم عقب رفضهم دفع مبالغ مالية «تأديبية».

وأجبر الوضع المتردي كثيراً من السكان في ذمار ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة على العمل بمختلف المهن، حيث يعجّ الشارع الرئيسي للمدينة وشوارع فرعية أخرى منذ سنوات عدة بآلاف العاملين بمختلف الحِرف جُلهم من الشباب والأطفال والنساء؛ أملاً في توفير لقمة العيش.

انتهاكات ممنهجة

ويصف عبد الله (30 عاماً) وهو مالك متجر صغير، ما يتعرض له صغار الباعة من حرب شعواء من قِبل الجماعة الحوثية بأنه «انتهاكات ممنهجة» بقصد التضييق عليهم ودفعهم إلى الالتحاق ببرامج التعبئة العسكرية.

ويشير مراد، وهو مالك عربة متجولة إلى أنه تمكن من استعادة عربته من بين أيدي عناصر حوثيين بعد مصادرتها مع عربات بائعين آخرين في سوق شعبية وسط المدينة، وأكد أن ذلك جاء بعد استجابته بدفع مبلغ مالي لمسلح يُشرف على تنفيذ الحملة الاستهدافية.

الحوثيون صادروا عربات باعة بزعم التهرب من دفع إتاوات (فيسبوك)

وليست هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها الجماعة صغار الباعة بذمار، فقد سبق لها أن نفذت منذ مطلع العام الحالي ما يزيد على 6 حملات للبطش والتنكيل بالمئات منهم؛ بغية إرغامهم على دفع إتاوات.

وكان الانقلابيون الحوثيون أطلقوا قبل نحو شهر حملة استهدفت بالتعسف والابتزاز تجاراً وبائعين في سوق «المثلث» بمدينة ذمار، أسفر عنها جرف متاجر صغيرة ومصادرة عربات وإتلاف بضائع.

وسبق للباعة الجائلين أن طالبوا مرات عدة سلطات الانقلاب في ذمار بتوفير أسواق بديلة لهم، بدلاً من الحملات التي تُشنّ عند كل مناسبة طائفية بهدف جمع أكبر قدر من المال.