«حزب الله» يسلّم إسرائيل شاباً عربياً أراد الانضمام إليه

TT

«حزب الله» يسلّم إسرائيل شاباً عربياً أراد الانضمام إليه

للمرة الثانية خلال سنة، أعاد «حزب الله» اللبناني لإسرائيل أحد مواطنيها العرب، الذي تسلل عبر الحدود قبل شهر وطلب أن يصبح مقاتلاً في صفوفه.
الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي العميد ران كوخاف أوضح أن الشاب أعيد عبر معبر رأس الناقورة بتنسيق مع قوات «اليونيفيل» التابعة للأمم المتحدة، فقام جهاز الأمن العام (الشاباك) باعتقاله للتحقيق.
وقالت مصادر أمنية في تل أبيب، إن الشاب بدوي من سكان النقب عمره 25 عاماً، وهو معروف بماض حافل بالمخالفات الجنائية ومصاب بخلل نفسي. وقد عبر الحدود إلى لبنان بإرادته، فاعتقلته عناصر «حزب الله» وحققت معه. واتضح من المعطيات الإسرائيلية أنه طلب الانضمام إلى «حزب الله» حتى يحارب في صفوفه.
وقال كوخاف: «تمت معالجة الموضوع من قبل الجهات الأمنية والسياسية طيلة الأسابيع الماضية». ولفت النظر إلى أن «حزب الله» لم يطلب أي مقابل من إسرائيل لقاء تسليمها الشاب. وكانت حكومة دمشق أعادت إلى إسرائيل شابة يهودية في أواسط شهر فبراير (شباط) الماضي، بعدما تمكنت من عبور الحدود في الجولان. وقد اعتقلت طيلة أسبوعين. وأعيدت بعد التيقن من أنها ليست جاسوسة.
وفي المقابل، قامت إسرائيل بشراء نصف مليون جرعة من لقاح سبوتنيك الروسي لمكافحة «كورونا» لمصلحة حكومة دمشق سوريا. كذلك، أعادت راعيي ماشية لبنانيين تسللا إلى إسرائيل ووجهت إليهما شبهات القتال في صفوف «حزب الله». وقدمت النيابة العامة الإسرائيلية إلى المحكمة المركزية في القدس، أمس الجمعة، لائحة اتهام ضد الشاب أحمد زهرة (31 عاماً) من سكان القدس الشرقية المحتلة، وجهت فيها إليه تهمة التخابر مع «حزب الله».
وبحسب تفاصيل الاتهام، فإن زهرة بادر إلى هذه العلاقة عندما قام قبل تسع سنوات بالاتصال مع أسير فلسطيني محرر يسكن في لبنان، وطلب منه أن يربطه مع مسؤول في «حزب الله» كي يتخابر معه. ولاحقاً، تم الاتصال وزوده ناشطون في الحزب ببرنامج مشفر للاتصال معهم.
وذكرت لائحة الاتهام أن زهرة نقل تقارير إلى «حزب الله» من أماكن لا توجد فيها كاميرات في رام الله، من أجل التهرب من أجهزة الأمن الإسرائيلية. كما ادعت أن ناشطي «حزب الله» طلبوا من زهرة مراقبة ضباط إسرائيليين كبار في الشرطة والجيش ونقل تقارير عنهم، وبعثوا إليه صور رتب عسكرية وشرطية مختلفة، كما طالبوه بإطلاعهم على الوضع في القدس والضفة الغربية، خصوصا في وقت المواجهات.
وتابعت لائحة الاتهام أن زهرة التقط صوراً لصحون أقمار صناعية كبيرة وكان يعتزم إرسالها إلى ناشطي «حزب الله». واقترح تجنيد شخص معه لكن ناشطي الحزب أبلغوه أن لا داعي لذلك.
وقالت لائحة الاتهام إن زهرة اقترح على ناشطي «حزب الله» تنفيذ عملية ضد قوات إسرائيلية عند حاجز عسكري قرب القدس من خلال إطلاق مفرقعات نحوهم، ورد الناشطون بأنهم ليسوا معنيين بذلك. ثم توقفت العلاقة عدة سنوات، واستؤنفت قبل عدة شهور.
وتلقى زهرة أثناء وجوده في تركيا لقضاء شهر عسل، مالاً وهاتفاً نقالاً يحتوي على برنامج اتصال مشفر. وشغل برنامج التشفير بعد عودته إلى البلاد وأجرى اتصالاً مع الناشطين في «حزب الله». ولكنه اعتقل قبل أن يتلقى مهاما من الحزب.
ونسبت لائحة الاتهام إلى زهرة تهم الاتصال بعميل أجنبي وتسليم معلومات للعدو بهدف المس بأمن الدولة. وقررت المحكمة، أمس، تمديد اعتقاله حتى انتهاء الإجراءات القضائية ضده.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.