ترقب يمني لتحرير مديريات شبوة وإسناد مأرب

مقتل 150 حوثياً وتدمير 15 آلية عسكرية بضربات «التحالف»

TT

ترقب يمني لتحرير مديريات شبوة وإسناد مأرب

في وقت تترقب فيه الأوساط اليمنية إطلاق العمليات العسكرية الوشيكة لتحرير مديريات شبوة المحتلة من قبل الميليشيات الحوثية وإسناد جبهات مأرب، أعلن تحالف دعم الشرعية أمس (الخميس) مقتل عشرات من عناصر الجماعة الانقلابية وتدمير آليتهم في مأرب.
تزامن ذلك مع جهود دؤوبة تبذلها الحكومة اليمنية من العاصمة المؤقتة عدن للسيطرة على الوضع الاقتصادي وضبط الأسعار واستئناف إصلاح المؤسسات والمالية العامة للدولة ومكافحة الفساد.
في هذا السياق، أفاد تحالف دعم الشرعية في اليمن بأنه نفذ 22 عملية استهداف للميليشيات الحوثية في مأرب خلال 24 ساعة، وأوضح في تغريد بثته «واس» أن عمليات الاستهداف أدت إلى تدمير 15 آلية عسكرية والقضاء على أكثر من 150 عنصراً إرهابياً.
ضربات تحالف دعم الشرعية التي تصاعدت في الأسابيع الأخيرة لإسناد الجيش اليمني والمقاومة الشعبية، واكبها أمس معارك ضارية في الجبهات الجنوبية من مأرب والغربية، في سياق عمليات الاستنزاف التي كبدت الميليشيات منذ فبراير (شباط) الماضي، أكثر من 30 قتيل في جبهات مأرب وفق بعض التقديرات العسكرية.
وذكر الإعلام العسكري للجيش اليمني أن أكثر من 18 حوثياً قتلوا (الخميس) في مواجهات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وبغارات لطيران تحالف دعم الشرعية في جبهة الكسارة غرب محافظة مأرب.
ونقل المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية عن مصدر عسكري قوله: «إن عناصر الجيش بجبهة الكسارة نصبوا كميناً محكماً لما لا يقل عن 18 عنصراً من الميليشيا الحوثية مؤكداً مصرعهم جميعاً».
وأضاف المصدر «أن طيران التحالف دمر مدرعة وعربتين حوثيتين بما عليها من عتاد وأفراد، في ذات الجبهة».
من جهته ذكر الموقع الرسمي للجيش اليمني (سبتمبر نت) أن الميليشيات الحوثية تكبدت خسائر بشرية ومادية في معارك وغارات جوية في محافظة مأرب.
وأوضح الموقع أن قوات الجيش والمقاومة تمكنت بدعم من مقاتلات تحالف دعم الشرعية من إحباط محاولة تسلل للميليشيا الحوثية في جبهة الكسارة، وكبدتها خسائر كبيرة في العتاد والأرواح.
وفي الجبهة الجنوبية من المحافظة، قال الموقع إن عدداً من عناصر الميليشيات قتلوا وأصيبوا في مواجهات مع الجيش والمقاومة، جراء ضربات جوية للتحالف، كما قتل وأصيب العشرات من ميليشيا الحوثي في غارات جوية أخرى دمرت منصات إطلاق صواريخ وأسلحة ثقيلة في مديرية بيحان، غرب محافظة شبوة.
وفيما يترقب اليمنيون العملية العسكرية الوشيكة التي تتأهب لها ألوية قوات العمالقة لتحرير مديريات عسيلان وبيحان وعين في شبوة، ذكرت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات استنفرت قواتها وأعادت نشر أسلحتها الثقيلة في أوساط القرى السكنية والمنشآت العامة. ووسط حالة من الهلع مما تحمله الأيام المقبلة من مفاجآت ميدانية، أقدمت الميليشيات على إطلاق صاروخ باتجاه مأرب بقرب أحد المخيمات السكنية، دون أن يحدث أي أضرار لسقوطه في منطقة خالية، فيما سقط صاروخ آخر ومسيرات مفخخة في موقع لقوات ألوية العمالقة في مديرية مرخة في محافظة شبوة، حيث تحدثت مصادر محلية عن مقتل وإصابة نحو 20 جندياً.
وكانت قوات العمالقة في الساحل الغربي قد دفعت بعدد من ألويتها في وقت سابق إلى محافظة شبوة، في سياق خطة لتحرير مديريات بيحان وعسيلان وعين وإسناد مأرب.
المسار العسكري والميداني الذي يتوقع له أن يتصاعد في الأسابيع المقبلة لترجيح كفة الحكومة الشرعية، تزامن مع خطوات سياسية لإنهاء الخلاف بين مكونات الشرعية لا سيما في المحافظات الجنوبية، إلى جانب الخطوات الاقتصادية والإصلاحات التي أدت إلى تحسن كبير في سعر العملة المحلية.
وذكرت المصادر أن محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب، ناقش (الخميس) في العاصمة المؤقتة عدن، مع ممثلي جمعية الصرافين ومؤسسي شركة الشبكة الموحدة للأموال، خطط البنك للارتقاء بالعمل المصرفي وتحقيق الاستقرار بمساندة الأشقاء والأصدقاء. وأكد اللقاء بحسب ما ذكرته وكالة «سبأ» على أهمية خطط الارتقاء بالعمل المصرفي والتي ستعزز بإصلاحات هيكلية عميقة ستنفذها الحكومة في مختلف المجالات خصوصاً في المجالات المالية والاقتصادية والبناء المؤسسي، بهدف تعزيز الموارد وترشيد الإنفاق العام ومحاربة الفساد، لتحقيق الاستدامة المالية والامتناع عن استخدام التمويل التضخمي الذي كان من أهم أسباب الاختلالات في موازين منظومة الاقتصاد الكلي خلال الفترة الماضية».
وشدد المحافظ الجديد للبنك على» تنقية شبكة الحوالات من المضاربين وغير المرخصين الذين يمارسون العمل بدون تراخيص ويسببون إرباكاً في أسواق الصرف ويسيئون بممارساتهم غير القانونية لمنتسبي هذه المهنة».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».