جيرارد... نجم قد يسطع في عالم التدريب

فشله في الفوز بلقب الدوري الإنجليزي كلاعب يدفعه لبناء فريق قوي مع فيلا كما فعل مع رينجرز

ستيفن جيرارد أصبح «مشروع مدير فني كبير» (رويترز)
ستيفن جيرارد أصبح «مشروع مدير فني كبير» (رويترز)
TT

جيرارد... نجم قد يسطع في عالم التدريب

ستيفن جيرارد أصبح «مشروع مدير فني كبير» (رويترز)
ستيفن جيرارد أصبح «مشروع مدير فني كبير» (رويترز)

هناك ظاهرة مثيرة للاهتمام، ولا شك أنها شائعة جداً، تسمى «التفاعل ما وراء الاجتماعي»، التي تعني شعور الناس بأن لديهم علاقة قوية ومتبادلة مع شخص مشهور، والاعتقاد أن رؤية الكثير من صور هذا الشخص والتفكير فيه يجعل هذا الشخص المشهور يراهم ويشعر بهم أيضاً!
ويبدو أن هذا الأمر قد حدث معنا جميعاً إلى حد ما، لكن مدى قوته يعتمد ربما على عمرك وعلى الهواجس الثقافية لديك. إنني شخصياً أشعر بموجة من هذا الشعور، وبنوع غريب من الحنان العائلي، عندما أرى لاعبين من عصر الجيل الذهبي لكرة القدم الإنجليزية للرجال، في تلك الفترة التي بدا فيها أن الدوري الإنجليزي الممتاز يقدم آفاقاً جديدة. وبالنسبة للاعبين، كان هذا نوعاً من التجربة الاجتماعية غير المخطط لها، من خلال منح هؤلاء اللاعبين الشباب المال والشهرة والاهتمام، لكن دون أن نمنحهم أي إرشادات حقيقية، لنرى كيف سيتفاعلون ويتصرفون.
وفي ذروة تلك الفترة - كأس العالم 2006 – كان هناك ميل لرؤية لاعبي كرة القدم على أنهم مجموعة من المنحرفين الذين تحركهم الشهرة، فكان يتم الحديث عن شرائهم لسيارات فارهة وارتدائهم قبعات من الذهب الخالص، كما كان يتم الحديث عن زوجاتهم وصديقاتهم، وكأن هذه جريمة كبرى! يمكن أن يبدو العالم وكأنه مكان شرير في الوقت الحالي، لكنه كان وحشياً للغاية من نواحٍ أخرى في تلك الفترة.
وهناك نقطة اختلاف رئيسية أخرى، وهي أن اللاعبين في تلك الفترة كانوا صامتين، فلم نكن نسمع أصواتهم كثيراً ولا نعرف كيف يفكرون، على عكس ما يحدث الآن. ربما لهذا السبب، كان لاعبو كرة القدم في ذلك الوقت غامضين ولا نعرف عنهم الكثير من الأمور. في الواقع، يبدو اللاعبون في تلك الحقبة وكأنهم مجموعة من الناجين، لأنهم كانوا أول من يخوضون هذه التجربة الجديدة، كما أنهم مروا بها وحدهم دون مساعدة من الآخرين. وبالنظر إلى الوراء، لم نكن نعرف الكثير عنهم على الإطلاق.
كانت هذه مقدمة طويلة للوصول إلى المدير الفني لأستون فيلا، ستيفن جيرارد، الذي عاد إلى ملعب «آنفيلد» لمواجهة ليفربول ناديه السابق مع ناديه الجديد في المرحلة السادسة عشرة من مسابقة الدوري، وهي المباراة التي انتهت بفوز الريدز بهدف دون رد. ويجب التأكيد في البداية أن تلك المباراة لم تكن بمثابة اختبار لقدرات جيرارد التدريبية، رغم الكثير من الأحاديث في هذا الصدد، فقد أثبت جيرارد أنه مشروع مدير فني كبير، بدليل أنه يتولى الآن القيادة الفنية لأستون فيلا، وهذا شيء كبير في حد ذاته ولا يمكن الاستهانة به على الإطلاق. ويمكن القول أيضاً على يورغن كلوب، الذي كان مديراً فنياً متميزاً بالفعل حتى قبل أن يتولى القيادة الفنية لليفربول.
ويحسب لجيرارد أنه يحقق نتائج جيدة مع أستون فيلا، يفعل ذلك وهو يقود فريقاً تولى قيادته في منتصف الموسم، وليس من بدايته. ومع ذلك، ربما كانت المباريات التي خاضها جيرارد حتى الآن مع أستون فيلا اختباراً إلى حد ما لجيرارد، الذي أثبت أنه يمتلك المقومات والإمكانات التي تجعله مديراً فنياً كبيراً. لكن الجزء الأكثر إثارة للاهتمام هو مدى الاختلاف الكبير بين جيرارد كمدير فني وجيرارد كلاعب. لقد كان جيرارد لاعباً رائعاً ويبذل مجهوداً استثنائياً داخل الملعب، ويقوم بعمله الهجومي والدفاعي بشكل رائع، وكأنه يسعى للقيام بكل الوظائف داخل الملعب، بطريقة عفا عليها الزمن بشكل غريب الآن. وإذا نظرنا إلى الوراء، سنجد أنه كان يبدو في تلك السنوات الأولى وكأنه يحاول القيام بكل شيء دون التركيز على شيء محدد.
أما جيرارد المدير الفني فهو مختلف تماماً، فهو يفكر بطريقة حديثة ومنظم ومنضبط دفاعياً. وخلال الموسم الذي فاز فيه رينجرز بلقب الدوري الاسكتلندي الممتاز تحت قيادته، لم تهتز شباك الفريق سوى 13 مرة في 38 مباراة. وبالتالي، لم يكن من الغريب أن يكون أول قراراته مع أستون فيلا يتعلق بتدعيم وتقوية خط الدفاع، وهو الأمر الذي أسهم في تقليل عدد الأهداف التي يستقبلها الفريق، بل وعدد التسديدات على مرمى فريقه. وأصبح أستون فيلا يلعب عدداً أقل من التمريرات الطويلة، ويضغط بقوة أكبر في عمق الملعب.
ويجب الإشارة إلى أن هناك «جرحاً من نوع ما» أسهم في وصول جميع المديرين الفنيين الجيدين إلى ما وصلوا إليه. لقد تعرض جيرارد للتشويه كثيراً خلال فترة الجيل الذهبي للمنتخب الإنجليزي، عندما كانت كرة القدم تعاني من أجل الاحتفاظ بنفسها بعيداً عن الكثير من مصادر التشتيت الأخرى. لكن الجرح الأكبر بالنسبة لجيرارد حدث في موسم 2013 - 2014 عندما خسر لقب الدوري الإنجليزي الممتاز كلاعب، بعد سقوطه الشهير في مباراة تشيلسي. لذلك، يسعى جيرارد لبناء فريق قادر على علاج ذلك الجرح.
وبالتالي، تحول جيرارد إلى المدير الفني الذي كان يمكنه قيادة جيرارد اللاعب للفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز! لقد تحولت إدارته للمباريات إلى طريقة لعلاج المشاكل التي عانى منها عندما كان لاعباً، ومن الواضح أنه بارع في ذلك، أليس كذلك؟ من الواضح أن جيرارد مهووس بكرة القدم ومهووس بالفوز، ومن الواضح أيضاً أن لديه طريقة مميزة في عالم التدريب، وبالتالي سيعتمد مدى نجاحه أو فشله كمدير فني على قدرته على تطبيق تلك الطريقة على أرض الواقع.
ربما يمكن لجيرارد حتى أن يصبح أول مدير فني رفيع المستوى من هذا الجيل. وقد انطلق عدد قليل من لاعبي ذلك الجيل في عالم التدريب، ويقوم واين روني بعمل جيد مع ديربي كاونتي رغم الصعوبات الهائلة التي يعاني منها النادي، كما يتحلى آشلي كول بالذكاء الشديد، وربما كان يستحق بالفعل تولي القيادة الفنية للمنتخب الإنجليزي تحت 21 عاماً. وربما يدخل جيرارد، الذي كان دائماً واحداً من أكثر اللاعبين غموضاً، مرحلة جديدة في مشواره في عالم كرة القدم، لكن هذه المرة كمدير فني يمتلك القدرات والإمكانات التي تؤهله لتحقيق نجاح كبير.


مقالات ذات صلة

آرسنال يستعيد ذاكرة الانتصارات... وتشيلسي «ثالثاً» بثنائية في ليستر

رياضة عالمية  توماس بارتي لاعب أرسنال محتفلا بهدفه في مرمى نوتنغهام فورست (رويترز)

آرسنال يستعيد ذاكرة الانتصارات... وتشيلسي «ثالثاً» بثنائية في ليستر

بعد تعثره بتعادلين أمام تشيلسي وليفربول وخسارتين أمام بورنموث ونيوكاسل يونايتد في الجولات الأربع الماضية، وضع فريق آرسنال حداً لنتائجه السلبية في الدوري

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية بيدرو لاعب توتنهام محتفلاً بهدفه في السيتي (رويترز)

الدوري الإنجليزي: رباعية توتنهام تحطم سلسلة مان سيتي القياسية على أرضه

استمرت معاناة مانشستر سيتي بخسارة مفاجئة 4 - صفر أمام ضيفه توتنهام هوتسبير في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم اليوم السبت.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

أصبحت جملة «محمد صلاح هو الوحيد الذي...» شائعةً للغاية خلال السنوات الأخيرة عند الحديث عن أي بيانات أو إحصاءات هجومية في عالم كرة القدم. ويقدم النجم المصري

ديفيد سيغال (لندن)
رياضة عالمية بوستيكوغلو مدرب توتنهام (رويترز)

بوستيكوغلو: غوارديولا في طريقه لأن يصبح أحد عظماء التدريب

قال أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام هوتسبير إن بيب غوارديولا رفع سقف المنافسة مع مدربي الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوارديولا (أ.ف.ب)

غوارديولا بعد تجديد عقده: لم يحن وقت الرحيل

قال المدرب الإسباني بيب غوارديولا الخميس عقب تمديد عقده مع مانشستر سيتي بطل إنجلترا لعامين اضافيين حتى العام 2027 إنّه «لم يستطع الرحيل الآن».

«الشرق الأوسط» (مانشستر)

بعد مئويته الأولى... هالاند يتطلع إلى المزيد في مسيرته الحالمة مع مانشستر سيتي

هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)
هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)
TT

بعد مئويته الأولى... هالاند يتطلع إلى المزيد في مسيرته الحالمة مع مانشستر سيتي

هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)
هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)

وصل النجم النرويجي الدولي إيرلينغ هالاند إلى 100 مباراة في مسيرته مع فريق مانشستر سيتي، حيث احتفل بمباراته المئوية خلال فوز الفريق السماوي 2 - صفر على مضيفه تشيلسي، الأحد، في المرحلة الافتتاحية لبطولة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

وكان المهاجم النرويجي بمثابة اكتشاف مذهل منذ وصوله إلى ملعب «الاتحاد» قادماً من بوروسيا دورتموند الألماني في صيف عام 2022، حيث حصل على الحذاء الذهبي للدوري الإنجليزي الممتاز كأفضل هداف بالبطولة العريقة في موسميه حتى الآن. واحتفل هالاند بمباراته الـ100 مع كتيبة المدرب الإسباني جوسيب غوارديولا على أفضل وجه، عقب تسجيله أول أهداف مانشستر سيتي في الموسم الجديد بالدوري الإنجليزي في شباك تشيلسي على ملعب «ستامفورد بريدج»، ليصل إلى 91 هدفاً مع فريقه حتى الآن بمختلف المسابقات. هذا يعني أنه في بداية موسمه الثالث مع سيتي، سجل 21 لاعباً فقط أهدافاً للنادي أكثر من اللاعب البالغ من العمر 24 عاماً، حسبما أفاد الموقع الإلكتروني الرسمي لمانشستر سيتي.

وعلى طول الطريق، حطم هالاند كثيراً من الأرقام القياسية للنادي والدوري الإنجليزي الممتاز، حيث وضع نفسه أحد أعظم الهدافين الذين شهدتهم هذه البطولة العريقة على الإطلاق. ونتيجة لذلك، توج هالاند بكثير من الألقاب خلال مشواره القصير مع سيتي، حيث حصل على جائزة لاعب الموسم في الدوري الإنجليزي الممتاز، ولاعب العام من رابطة كتاب كرة القدم، ولاعب العام من رابطة اللاعبين المحترفين، ووصيف الكرة الذهبية، وأفضل لاعب في جوائز «غلوب سوكر».

كان هالاند بمثابة اكتشاف مذهل منذ وصوله إلى مانشستر (أ.ف.ب)

وخلال موسمه الأول مع سيتي، أحرز هالاند 52 هدفاً في 53 مباراة في عام 2022 - 2023، وهو أكبر عدد من الأهداف سجله لاعب بالدوري الإنجليزي الممتاز خلال موسم واحد بجميع البطولات. ومع إحرازه 36 هدفاً، حطم هالاند الرقم القياسي المشترك للأسطورتين آلان شيرر وآندي كول، البالغ 34 هدفاً لكل منهما كأكبر عدد من الأهداف المسجلة في موسم واحد بالدوري الإنجليزي الممتاز. وفي طريقه لتحقيق هذا العدد من الأهداف في البطولة، سجل النجم النرويجي الشاب 6 ثلاثيات - مثل كل اللاعبين الآخرين في الدوري الإنجليزي الممتاز مجتمعين آنذاك. وخلال موسمه الأول مع الفريق، كان هالاند أيضاً أول لاعب في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز يسجل «هاتريك» في 3 مباريات متتالية على ملعبه، وأول لاعب في تاريخ المسابقة أيضاً يسجل في كل من مبارياته الأربع الأولى خارج قواعده. وكان تسجيله 22 هدفاً على أرضه رقماً قياسياً لأكبر عدد من الأهداف المسجلة في ملعب «الاتحاد» خلال موسم واحد، كما أن أهدافه الـ12 ب دوري أبطال أوروبا هي أكبر عدد يحرزه لاعب في سيتي خلال موسم واحد من المسابقة.

أما في موسمه الثاني بالملاعب البريطانية (2023 - 2024)، فرغم غيابه نحو شهرين من الموسم بسبب الإصابة، فإن هالاند سجل 38 هدفاً في 45 مباراة، بمعدل هدف واحد كل 98.55 دقيقة بكل المنافسات، وفقاً لموقع مانشستر سيتي الإلكتروني الرسمي. واحتفظ هالاند بلقب هداف الدوري الإنجليزي للموسم الثاني على التوالي، عقب إحرازه 27 هدفاً في 31 مباراة... وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما سجل هدفاً في تعادل مانشستر سيتي 1 - 1 مع ليفربول، حطم هالاند رقماً قياسياً آخر في الدوري الإنجليزي الممتاز، بعدما أصبح أسرع لاعب في تاريخ المسابقة يسجل 50 هدفاً، بعد خوضه 48 مباراة فقط بالبطولة.

وتفوق هالاند على النجم المعتزل آندي كول، صاحب الرقم القياسي السابق، الذي احتاج لخوض 65 لقاء لتسجيل هذا العدد من الأهداف في البطولة. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، وخلال فوز سيتي على لايبزيغ، أصبح اللاعب البالغ من العمر 23 عاماً في ذلك الوقت أسرع وأصغر لاعب على الإطلاق يسجل 40 هدفاً في دوري أبطال أوروبا، حيث انتقل إلى قائمة أفضل 20 هدافاً على الإطلاق بالمسابقة.

كما سجل هالاند 5 أهداف في مباراة واحدة للمرة الثانية في مسيرته مع سيتي في موسم 2023 - 2024، وذلك خلال الفوز على لوتون تاون في كأس الاتحاد الإنجليزي. ومع انطلاق الموسم الجديد الآن، من يدري ما المستويات التي يمكن أن يصل إليها هالاند خلال الأشهر الـ12 المقبلة؟