(«الشرق الأوسط») على الحدود اليمنية: حوثيون يستسلمون للقوات البرية ويسلمون أسلحتهم

العقيد القحطاني قال إن دور القوات البرية هو الرد السريع على أي تحركات مريبة من قبل الحوثيين

أحد أفراد القوات البرية على أهبة الاستعداد في نقطة حدودية في الجربة أمس (تصوير: وائل السليماني)
أحد أفراد القوات البرية على أهبة الاستعداد في نقطة حدودية في الجربة أمس (تصوير: وائل السليماني)
TT

(«الشرق الأوسط») على الحدود اليمنية: حوثيون يستسلمون للقوات البرية ويسلمون أسلحتهم

أحد أفراد القوات البرية على أهبة الاستعداد في نقطة حدودية في الجربة أمس (تصوير: وائل السليماني)
أحد أفراد القوات البرية على أهبة الاستعداد في نقطة حدودية في الجربة أمس (تصوير: وائل السليماني)

قالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن عددا من أفراد ميليشيا الحوثي سلموا أنفسهم للقوات البرية السعودية ولحرس الحدود، وسلموا أسلحتهم بعد استسلامهم. كما أكدت في حديثها أن القوات البرية استهدفت خلال الفترة الماضية مخابئ للميليشيا متاخمة للحدود.
وأضاف مصدر عسكري بقوله: «في الفترة الأخيرة حاول المتمردون الحوثيون استخدام طريقة حرب العصابات، من خلال المجموعات الصغيرة ما بين 5 إلى 10 أفراد، عبر التحرك على الحدود اليمنية واستخدام ما لديهم من أسلحة، لكن الفاعلية الكبيرة لعملية (عاصفة الحزم) سواء عن طريق الغارات الجوية أو عمليات الرد التي تقوم بها القوات البرية وكذلك حرس الحدود، آتت أكلها ليجد الأفراد الحوثيون أنفسهم أمام خيارين، إما مواجهة الموت أو الاستسلام وتسليم أنفسهم، ويلزم المسلحين الحوثيين تسليم ما لديهم من سلاح واتباع خطوات معينة تراقبها القوات السعودية شريطة توقف القوات السعودية عن مجابهتهم بالسلاح».
وكان اللواء مرعي بن سالم الشهراني، قائد القوات البرية في منطقة جيزان، قد أكد سابقا أثناء الجولة الإعلامية على الحدود السعودية في الحد الجنوبي أن هناك طرقا وتكتيكات للتعامل مع المسلحين الحوثيين على الحدود السعودية، وفق خطط محكمة، فإما قيام القوات السعودية بقصف تحركات المتمردين هذه، أو إعلان الاستسلام من الجهة المقابلة وفق آلية معينة.
وكانت القوات البرية السعودية دكت أمس عددا من المواقع الخاصة بالحوثيين. وشهدت «الشرق الأوسط» في مركز عين ظبية، في الخطوط الأمامية للحدود السعودية المحاذية لليمن من جهة نجران، ضربات المدفعية السعودية الموجهة لأهداف المتمرد الحوثي، وهو ما فعلته القوات البرية السعودية أيضا في مركز الجربة التابع لمحافظة ظهران الجنوب من جبهة نجران 1، وكذلك مركز تبة الجيش المطل على قرية مندبة اليمنية، بالإضافة إلى مركز عين ظبية الحدودي والذي يلتصق بقرى مريصغة اليمنية.
وتحسبا لأي تحركات حوثية على الحدود السعودية، يتمركز عدد من القوات السعودية على مناطق مختلفة من الجبال المرتفعة في الحد الجنوبي، لمتابعة كل التحركات، من خلال أجهزة مراقبة آلية دقيقة، بما فيها الكاميرات الحرارية. وقال العقيد الركن عبد الرحيم القحطاني، قائد جبهة نجران 1، إن دور القوات البرية هو الرد السريع على أي تحركات مريبة من قبل الحوثيين. وأشار العقيد القحطاني إلى أن «عاصفة الحزم» آتت أكلها لا سيما في ظل الدور الذي تقوم به القوات السعودية على الأرض، وهو ما أدى إلى قلة تحركات وإفلاس الحوثيين على الحدود اليمنية.
وقصفت المدفعية السعودية التجمعات الحوثية داخل الحدود اليمنية بعد أن حددت الأهداف وفق تقنية رصد المواقع والإحداثيات، وتابعت «الشرق الأوسط» من موقع الحدث في الخطوط الأمامية لحظة إطلاق المدفعية السعودية التابعة للقوات البرية السعودية القذائف الموجهة تجاه الحدود اليمنية، بعد أن وصلت معلومات للمراقبة الجوية بوجود تحركات وتمترس للمتمردين الحوثيين ومن يدعمهم من قوات صالح على الحدود اليمنية. وكشفت مصادر أن القوات الملكية البرية السعودية أسهمت في تدمير المدفعية التي كان المتمردون الحوثيون يتمترسون بها على حدود المملكة.
من جهته، أكد اللواء ركن سعد بن خربوش النفيعي، قائد جبهتي نجران 1 و2، أن كل الأمور تحت السيطرة، وأن التقدم كما يتابع الجميع هو في ازدياد لصالح عملية «عاصفة الحزم». وبين اللواء العتيبي أن المتمردين الحوثيين يقومون بين الحين والآخر بمحاولات يائسة من خلال إطلاق النار، ليُرد على ذلك مباشرة من قبل القوات البرية السعودية.
ورصدت «الشرق الأوسط» خلال جولتها أمس على مواقع متفرقة في المناطق الأمامية للحدود السعودية اليمنية في منطقة نجران استمرار استهداف تحركات الميليشيات الحوثية قرب الحدود السعودية وتدميرها. وأشار مصدر عسكري أمس في مركز الثويلة، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الميليشيات الحوثية وصلت إلى وضع متدهور، وما هو موجود على الحدود السعودية عبارة عن مجموعات فردية للحوثيين، يتم إنهاؤهم فورا من خلال قوات حرس الحدود والقوات البرية والمدفعية التابعة لها. ويقع مركز الثويلة، الذي كانت «الشرق الأوسط» موجودة فيه أمس، على بعد 80 ميلا شمال غربي نجران على الطريق ما بين منطقة نجران ومحافظة ظهران الجنوب التابعة لمنطقة عسير.
في المقابل، قال العقيد غرمان مرعي العمري إن «القوات البرية تعمل بكل الطرق والاستراتيجيات، فالقصف المدفعي يكون أحيانا لأهداف مخطط لها سلفا، وفي أوقات أخرى نتعامل مع حالات طارئة في الوقت ذاته». وبينما تحرص قوات حرس الحدود على توصيل المعلومات بصورة مستمرة للقوات العسكرية بما فيها القوات البرية، أضاف العقيد العمري أن القوات البرية تستهدف أهدافا مخططا لها للميليشيات الحوثية في هذه اللحظات، وهناك أهداف طارئة يتم التعامل معها في حينه.
من جهة أخرى، أدت عمليات إطلاق المدفعية السعودية تؤازرها مروحيات ودبابات، في عمق الأراضي اليمنية، إلى إلحاق الضرر بعدد من المتمردين الحوثيين الذين كانوا موجودين في المنطقة. وحرصت القوات البرية على أن تكون المنطقة خالية من السكان، أثناء قصفها للمواقع التي يختبئ بها الحوثيون. ووقفت «الشرق الأوسط» على أعلى نقطة من مركز العلب الحدودي حيث تظهر قرية مندبة اليمنية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.