تسبب دفاع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، وترويجه للدور الذي لعبته إدارته في تطوير اللقاحات المضادة لفيروس «كوفيد - 19»، بمشكلة مع شريحة واسعة من قاعدته المشككة باللقاحات والمعارضة لها.
وفيما اعتبرت خطاباته الأخيرة وتصريحاته الداعية إلى تلقي اللقاح، بأنها محاولة منه لتقديم صورة أقل تشدداً، لكسب تأييد غالبية الأميركيين المؤمنين بجدوى اللقاحات، شكك آخرون بنياته الحقيقية. وقال هؤلاء إنها جزء من استعداداته لتقديم ترشيحه في الانتخابات الرئاسية عام 2024، فيما يواصل، مثله مثل معظم الجمهوريين، معارضة تفويضات اللقاحات. وأشاروا إلى مقابلته الأخيرة مع محطة «فوكس نيوز» حين قال: «إذا كنت لا تريد أن تأخذها، فلا يجب أن تجبر على تناولها. لا تفويضات».
ودافع ترمب في حينها، عن عمل إدارته في تطوير اللقاحات، مشيراً إلى أن ذلك يعد إنجازاً تاريخياً من سنواته في المنصب الذي يستحق الثناء عليه. وقال في مقابلة مع المذيع المحافظ كانديس أوينز: «لقد توصلت إلى ثلاثة لقاحات كلها جيدة جداً في أقل من تسعة أشهر، بينما كان من المفترض أن يستغرق الأمر من 5 إلى 12 عاماً». ورفض ترمب الاتهامات بأن اللقاحات لا تعمل، قائلاً: «لا، اللقاحات تعمل، الأشخاص الذين يمرضون بشدة ويذهبون إلى المستشفى غير محصنين».
ورغم عدم توقع أن يثير دفاع ترمب عن اللقاحات إلى تغيير دعم الحزب الجمهوري له، لكنه يثير تساؤلات حول كيفية تعامله مع المعترضين، الذين يشكلون شريحة كبيرة في قاعدة الحزب، خصوصا في ولايات الوسط الأميركي الجمهورية. وقبل أيام من مقابلته مع أوينز، تعرض ترمب لصيحات الاستهجان من قبل بعض الحشود، عندما قال للمذيع المحافظ الشهير في «فوكس نيوز» بيل أورايلي، إنه تلقى جرعة معززة من اللقاح. وبدا محبطاً، قائلاً، إنه كان من الخطأ أن ينقلب الناس ضد اللقاحات وأنه كان من الذكاء القيام بحملة لتطويرها. وأضاف: «انظر، لقد فعلنا شيئاً تاريخياً، لقد أنقذنا عشرات الملايين من الأرواح في جميع أنحاء العالم»، في تصريحات بدت وكأنها جزء من حملة لتجديد انتخابه.
هذا، وتشير معظم استطلاعات الرأي، إلى أن غالبية الجمهوريين يؤيدون اللقاحات ويتم تطعيمهم، لكنها ليست أغلبية كبيرة. ونشرت مؤسسة «كايسر» في سبتمبر (أيلول) الماضي، تقريرا، أظهر أن 58 في المائة من المستجيبين الذين تم تحديدهم على أنهم جمهوريون، قد تم تطعيمهم، مقارنة بـ90 في المائة من الديمقراطيين و68 في المائة من المستقلين. وأظهر استطلاع مشابه لمؤسسة «غالوب»، أرقاماً مماثلة، في حين وجد استطلاع لمحطة «فوكس نيوز» في أغسطس (آب)، أن ما يقرب من ثلث ناخبي ترمب، ليس لديهم خطط للتطعيم. وفي الأسبوع الماضي، وجد استطلاع أجرته مجلة «إيكونوميست - يوغوف»، أن 75 في المائة من ناخبي ترمب غير المحصنين، يقولون إنهم لا يخططون لتلقي أي لقاح معتمد. كما شكك عدد من المسؤولين الجمهوريين في اللقاحات، مشيرين إلى أن الأشخاص الذين تم تطعيمهم ما زالوا يتعرضون للإصابة بالوباء.
وبحسب كيث نوتون، الخبير الاستراتيجي المخضرم في الحزب الجمهوري، فقد فوجئ «قليلاً» بتشجيع ترمب الأخير للقاحات، بالنظر إلى تأكيده في وقت سابق من هذا العام، أنه على الأرجح لن يحصل على جرعة معززة، الأمر الذي قام به بالفعل. لكنه قال، إن ذلك «منطقي من الناحية السياسية». وأضاف: «إنها علامة على أنه سيترشح، أعتقد أنه يعلم أنه لا يمكن أن يكون مجرد جزء من المتطرفين الرافضين للقاح، عليه أن ينوع قاعدته». وقال روبرت بليزارد، خبير استطلاعات الرأي في الحزب الجمهوري، إنه إذا ترشح ترمب فعليه أن يوسع قاعدته، كما يفعل حزبه، وإن رسائله الأخيرة تدعم هذا التوجه. ورحب بعض الجمهوريين بتصريحات ترمب، قائلين، إنها ستساعد على عدم اتهام حزبهم بالتطرف وإلى حض المزيد من الأعضاء والسكان على تلقي اللقاح.
وفيما لم تؤد تصريحات ترمب المؤيدة للقاح، إلى رد فعل عنيف بعد، فإنه ليس من الواضح كيف يخطط للمضي قدماً في الحديث عنها، الأمر الذي سيؤدي حتما إلى صراع مع أجزاء من اليمين المتشدد. وقال أحد الناشطين الجمهوريين: «هناك جزء كبير من القاعدة لا يثق باللقاحات، وأعتقد أن هناك شعوراً حقيقياً بأن ترمب كان معهم بشأن ذلك». وتابع: «أعتقد أن سماعه يشير إلى أن اللقاحات آمنة، سيؤدي إلى نوع من التوتر المتأصل في الحشد المناهض للقاحات، والذي يحب ترمب، سواء عن صواب أو خطأ، وبأنه يقف إلى جانبهم».
دفاع ترمب عن اللقاحات يثير غضب فئة من قاعدته
يقول مراقبون إنها جزء من استعداداته لترشحه في الانتخابات
دفاع ترمب عن اللقاحات يثير غضب فئة من قاعدته
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة