واشنطن: الوقت مبكر للحديث عن «جنيف أخرى» ومشاركة إيران فيها

مصادر إخبارية في أميركا تقول إن كيري يبحث عن حل جديد قبل العودة إلى جنيف

جون كيري
جون كيري
TT

واشنطن: الوقت مبكر للحديث عن «جنيف أخرى» ومشاركة إيران فيها

جون كيري
جون كيري

قالت وزارة الخارجية الأميركية إن «الوقت مبكر» للحديث عن العودة إلى جنيف لمناقشة الحرب الأهلية في سوريا، وبالتالي، للحديث عن مشاركة إيران فيها.
وأضاف جيف روثكي، مساعد المتحدثة باسم الخارجية: «الآن، نحن في مرحلة مبكرة جدا للحديث عن هذا الموضوع. نحن نعلم بالخبر الأخير عن هذا الموضوع (تصريحات المتحدث باسم الأمم المتحدة بأن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، بدأ مشاورات حول العودة إلى جنيف). لكن، في هذه المرحلة، ليس لدينا أي تعليق على تلك الأفكار».
وأمام أسئلة ملحة من صحافيين خلال المؤتمر الصحافي اليومي للخارجية الأميركية، أمس، كرر المتحدث: «لم تصل هذه التحركات (في الأمم المتحدة) إلى شكل واضح لنتمكن من التعليق عليها»، وطلب من الصحافيين الاتصال مع الأمم المتحدة لمتابعة الموضوع.
وفي إجابة عن سؤال حول «ولا حتى مجرد القول إن هذه فكرة مفيدة؟»، أجاب المتحدث: «طبعا، نظل دائما ندعم أي عملية سلمية تسير على هدي الإطار الذي توصلنا إليه في جنيف».
وألقى المتحدث باللوم على الرئيس السوري بشار الأسد. وقال إنه هو المسؤول عن عدم تحقيق أي تقدم. وأضاف: «تظل المشكلة هي استعداد (الأسد) للاشتراك مشاركة فعالة». وقال: «إذا صار ممكنا تحقيق تقدم فعال، فهذا شيء نظل نؤيده، ونواصل تقديم الدعم له. لكن، يصعب الآن علينا التنبؤ بأي خطوات معينة يمكن اتخاذها».
ومثلما لم يحدد المتحدث الموقف الأميركي من الجهود الجديدة للمبعوث الأممي للعودة إلى اجتماعات جنيف، لم يحدد الموقف الأميركي من اشتراك إيران في هذه الاجتماعات. ورفض الرد مباشرة على سلسلة من أسئلة الصحافيين عن هذا الموضوع. وعندما سأله صحافي: «هل يمكن اشتراك إيران، خاصة وأنتم كررتم من هذا المنبر أن إيران لها نفوذ في سوريا»، أجاب: «في هذه المرحلة، هذا موضوع يهم المبعوث الخاص (دي ميستورا)، وأكرر اقتراحي بأن تسألوه هو..».
وإجابة عن سؤال إن كانت سامانثا باور، السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، قد قابلت دي ميستورا، قال المتحدث: «نظل نتصل مع المبعوث الخاص، ومع أعضاء مكتبه. ونظل، دائما، نؤيد جهود حل سلمي لما يجرى في سوريا». ورفض المتحدث الإجابة مباشرة عن أسئلة من صحافيين عن احتمال الانتقال من جنيف إلى نيويورك، وعقد مؤتمر تحت رعاية الأمم المتحدة مباشرة خلال الصيف المقبل، وعن اتصالات بين واشنطن والحكومة السورية.
وعن تصريحات كان أدلى بها وزير الخارجية جون كيري عن أهمية التفاوض مع الرئيس الأسد، قالت مصادر إخبارية في واشنطن، إن وزير الخارجية كيري يبحث عن حل جديد غير جنيف، أو قبل العودة إلى جنيف، وذلك بعد تصريحاته بإمكانية التفاوض مع الأسد. وأضافت المصادر أن تصريحات المتحدث باسم الخارجية (بأن الأسد يتحمل مسؤولية عدم تحقيق تقدم في جنيف) توضح أن الوزير كيري يواصل جهودا لإمكانية التفاوض مع الأسد مباشرة.
في الشهر الماضي، وفي مقابلة مع تلفزيون «سي بي إس»، قال كيري إن الولايات المتحدة ستكون مضطرة للتفاوض مع الرئيس السوري بشار الأسد لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا. ولم يكرر كيري الموقف الأميركي الرسمي، بأن «الأسد يجب أن يرحل»، وقال كيري: «علينا أن نتفاوض في النهاية. كنا دائما مستعدين للتفاوض في إطار مؤتمر جنيف. ونعمل من أجل إعادة الحياة إلى جهود التوصل إلى حل سياسي».
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع قالت الأمم المتحدة إن مبعوثها الخاص لسوريا سيبدأ مشاورات جديدة مع الفصائل السورية والدول المهتمة، حول جولة جديدة من محادثات السلام بعد عام من انهيار آخر مبادرة من هذا النوع.
وعلق السفير الروسي لدى الأمم المتحدة في جنيف أليكسي بورودافكين، بأن أحدث الجهود في الأمم المتحدة لحل الأزمة السورية، يمكن أن تنجح هذه المرة وتقود إلى تشكيل جبهة موحدة ضد تنظيم داعش يعقبها تحول سياسي.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.