ميقاتي: أنا أول المتضررين من تعثر الحكومة... لكنني أرفض المزايدات

دعا إلى التفاهم الداخلي لتمتين علاقات لبنان مع الدول العربية

رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أثناء مؤتمر صحافي في القصر الحكومي ببيروت أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أثناء مؤتمر صحافي في القصر الحكومي ببيروت أمس (دالاتي ونهرا)
TT

ميقاتي: أنا أول المتضررين من تعثر الحكومة... لكنني أرفض المزايدات

رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أثناء مؤتمر صحافي في القصر الحكومي ببيروت أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أثناء مؤتمر صحافي في القصر الحكومي ببيروت أمس (دالاتي ونهرا)

دعا رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي إلى «التفاهم الداخلي من خلال طاولة حوار لتمتين علاقات لبنان مع الدول العربية ولا سيما دول الخليج وعدم الإساءة إليها أو التدخل في شؤونها الداخلية». وأكد أنه تريث في الدعوة إلى انعقاد جلسات الحكومة، آملاً أن يجتمع شمل الحكومة من جديد في مطلع العام الجديد لإقرار الموازنة والتعافي الاقتصادي وإجراء الانتخابات النيابية، لكنه رفض «المزايدات التي تؤجج الخلافات»، مجدداً الدعوة إلى إبعاد القضاء عن التجاذب السياسي».
وفي كلمة توجه بها إلى اللبنانيين قال ميقاتي: «منذ اليوم الأول للأزمة الحكومية، عكفت ولا أزال على إجراء الاتصالات الضرورية لعودة الجلسات الحكومية، وتريثت في الدعوة إلى عقد جلسة طالما أن مكوناً أساسياً غير موجود فيها (في إشارة إلى حزب الله وحركة أمل)، حتى لا يشكل هذا الأمر تعقيداً إضافياً يصعب تجاوزه. وأنا أول الساعين إلى معاودة جلسات مجلس الوزراء لتنفيذ البرنامج الوزاري الذي تشكلت على أساسه، كما أنني أول المتضررين من تعثر عمل الحكومة التي أتحمل في النهاية المسؤولية الأولى عنها، ولكن الصحيح أيضاً أن مزايدات البعض في هذا الإطار والتعامي عن مخاطر الإقدام على تأجيج الخلافات، سيدخلنا في تعقيد أكبر وقد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه».
وأمل أن تشكل بداية العام الجديد مناسبة لجمع الشمل الحكومي من جديد والمضي في العمل لتنفيذ الاستحقاقات السياسية والاقتصادية والمالية وخصوصاً إنجاز الموازنة العامة والتحضير للانتخابات النيابية التي تشكل محطة مفصلية يترقبها اللبنانيون وأصدقاء لبنان في العالم. معلناً أنه وقع أمس مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لانتخاب أعضاء مجلس النواب، وأحاله على رئاسة الجمهورية، لأخذ مجراه الدستوري.
وأضاف «نحن أمام عام جديد مصيري، وعلى أبواب إجراء انتخابات نيابية ورئاسية جديدة، ستعيد رسم المشهد السياسي الداخلي. هذه اللحظة التاريخية لتصويب المسار السياسي لا يجوز أن نضيعها. إنها لحظة تدعونا جميعاً وخصوصاً المجتمع السياسي، إلى المساهمة في مراجعة عميقة لأسباب هذا الفشل السياسي المريع، الذي خلف حروباً وأزمات مستعصية لم تنقطع على مدى السنوات الخمسين الماضية، داعياً «العودة إلى تطبيق الدستور وروحه فنعيد إلى الحياة السياسية انتظامها، وإلى الاصطفاف المذهبي حدوده، وإلى الدستور والقانون حرمته، وإلى المؤسسات فاعليتها. هكذا نمنع بدعة التعطيل ونحدد مفاهيم الميثاقية التي عندما تتوسع تصبح أداة غلبة وتسلط، ونعيد التوافق على الأمور الأساسية الاستراتيجية وفي مقدمها العودة إلى سياسة النأي بالنفس التي نحفظ وطننا وتحمي علاقاته مع المجتمع الدولي والعالم العربي».
وفيما رفض مقايضة موضوع عقد جلسات لمجلس الوزراء بأي تسوية وهو أمر غير مقبول منه ومن عائلة الضحايا ومن المجتمع الدولي، «أكد أن التحقيق في موضوع انفجار مرفأ بيروت يجب أن يستكمل مساره الدستوري والقانوني، مشدداً على أن الدستور وجد لمنع التعطيل وأن القوانين هي المرجع الصالح لحل الخلافات».
وأكد رئيس الحكومة أن «التفاهم الداخلي من خلال طاولة حوار بات أكثر من ضرورية، على تمتين علاقات لبنان العربية ولا سيما مع دول الخليج وعدم التدخل في شؤونها الداخلية أو الإساءة إليها بأي شكل من الأشكال، وعدم الانخراط فيما لا شأن لنا به ولا سيما في اليمن».
وعن موضوع استقالته قال رئيس الحكومة: «عندما أشعر بأن استقالتي هي الحل فلن أتقاعس ثانية عن تقديمها في سبيل إيجاد حل للوضع في لبنان، لكن إذا تبين لي أن استقالتي ستؤدي إلى مزيد من الخراب والاضطراب فحتماً لن أقدم على هذه الخطوة، فالتوقيت هو المهم لا النية».
ورداً على سؤال عن النفوذ الإيراني في لبنان من خلال «حزب الله» قال ميقاتي: «لبنان دولة مستقلة ونحن نبذل كل جهدنا لتكريس هذا الأمر. وإذا كان المقصود «حزب الله»، فهو حزب سياسي موجود على الساحة اللبنانية كبقية الأحزاب اللبنانية، ولا أسمح لنفسي بأن أقول أو أعترف بأي نفوذ لأي دولة خارجية على الساحة اللبنانية».
وعلى الصعيد المالي، أوضح «وصلنا اليوم إلى نتيجة تراكم سنوات على الصعيد المالي، ونعقد اجتماعات يومية مع اللجنة الوزارية المالية وحاكم مصرف لبنان رياض سلامه وفريق العمل لوضع الحلول المجدية بأقل أضرار على اللبنانيين، مضيفاً «نحن على تواصل مستمر مع صندوق النقد الدولي، وفي الخامس عشر من الشهر المقبل ستصل بعثة من الصندوق إلى لبنان لعقد أول اجتماع رسمي ومراجعة ما قمنا به وبعد ذلك نستكمل عملنا ومن ثم قد يعود الوفد أوائل شهر شباط لوضع الصيغة النهائية للاتفاق مع صندوق النقد».
ورداً على سؤال عن الدعاوى المرفوعة ضد حاكم مصرف لبنان في الداخل والخارج ومدى تأثير ذلك على استمراره في عمله في الفترة المقبلة، أجاب: «إذا كان هناك من دعاوى مرفوعة فنتيجتها تظهر من خلال الهيئات القضائية التي تحقق فيها، وفي ضوء ذلك يبنى على الشيء مقتضاه»، وعما إذا كان لا يزال يثق بحاكم المركزي، قال: «خلال الحرب لا يمكنك الإقدام على تغيير الضباط. نحن في وضع صعب ولا يمكنني في الوقت الصعب أن أغير الضباط».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.