مباحثات تونسية - إيطالية لوقف «مآسي قوارب الموت»

منظمات حقوقية طالبت بوقف التعاون مع روما لـ«انتهاكها حقوق المهاجرين»

الرئيس قيس سعيّد خلال استقبال وزير خارجية إيطاليا في قصر قرطاج أمس (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيّد خلال استقبال وزير خارجية إيطاليا في قصر قرطاج أمس (أ.ف.ب)
TT

مباحثات تونسية - إيطالية لوقف «مآسي قوارب الموت»

الرئيس قيس سعيّد خلال استقبال وزير خارجية إيطاليا في قصر قرطاج أمس (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيّد خلال استقبال وزير خارجية إيطاليا في قصر قرطاج أمس (أ.ف.ب)

وصل لويجي دي مايو، وزير خارجية إيطاليا، أمس إلى تونس في زيارة رسمية، التقى خلالها رئيس الجمهورية قيس سعيّد، ورئيسة الوزراء نجلاء بودن، ووزير الخارجية عثمان الجرندي، وعدداً من المسؤولين الحكوميين.
واستبقت وزارة الخارجية الإيطالية هذه الزيارة بتأكيدها، أن دي مايو «سيلتقي الرئيس التونسي صديق إيطاليا، الذي أرسل في أبريل (نيسان) 2020 فريقاً تونسياً من الأطباء والممرضات لمساعدة مقاطعة لومبارديا الإيطالية في مواجهة الموجة الأولى من فيروس كورونا».
ووفق تقارير إعلامية إيطالية، فإن أهم أهداف زيارة لويجي دي مايو إلى تونس إبرام اتفاقية جديدة مع السلطات التونسية في مجال الهجرة غير النظامية؛ بهدف «كبح وضبط مآسي قوارب الموت»، وذلك بعد فترة قليلة من زيارة وزيرة الداخلية الإيطالية لوتشانا لامورجيزي إلى تونس. وتبدي إيطاليا مخاوف كثيرة من موجة هجرة كبيرة قادمة من تونس، على غرار تلك التي صدرت مطلع الألفية الثالثة عن ألبانيا المجاورة. ولذلك تسعى السلطات الإيطالية إلى استنساخ تجربتها مع ألبانيا، من خلال إبرام اتفاقية جديدة مع تونس، تقضي في مرحلة أولى بمراقبة القوارب المستخدمة للهجرة ومصادرتها، قبل استعمالها لأغراض الهجرة غير الشرعية.
وسبق أن أكدت وزارة الداخلية الإيطالية توافد أكثر من 11 ألف مهاجر غير شرعي وصلوا إيطاليا منذ بداية السنة الحالية، من بينهم أكثر من خمسة آلاف مهاجر انطلقوا من السواحل التونسية نحو إيطاليا، في حين يحمل أكثر من أربعة آلاف منهم الجنسية التونسية.
وتزامنت هذه الزيارة مع دعوة عدد من المنظمات الحقوقية التونسية إلى وقف التعاون مع إيطاليا في مجال الهجرة، ومطالبتها الكشف عن مصير المهاجرين المفقودين، خاصة بعد سنة 2011، وتوضيح ملابسات وفاة عدد منهم في ظروف مشبوهة.
وطالبت منظمات عدة، من بينها «المنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية»، و«الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان»، ومنظمة «محامون بلا حدود» في مؤتمر صحافي عقدته أمس بالعاصمة التونسية، بعدم الانصياع إلى ضغوط أوروبا، خاصة إيطاليا، بهدف فرض مسارات غير عادلة تؤدي إلى انتهاك حقوق المهاجرين، وسوء معاملتهم عند وصولهم إلى السواحل الإيطالية، وتعرضهم للترحيل القسري.
وقال رمضان بن عمر، المتحدث باسم «المنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية»، إن إيطاليا قامت بترحيل أكثر من عشرة آلاف مهاجر تونسي، وما لا يقل عن 1651 مهاجراً غير نظامي. وانتقد انخراط السلطات التونسية في ترحيل بعض التونسيين بشكل قسري، وطالب بكشف الطرفين التونسي والإيطالي عن فحوى أي اتفاقية ثنائية يتم إبرامها في مجال الهجرة.
على صعيد غير متصل، تحدثت وسائل إعلام تونسية عن تعاون تونسي - إيطالي لاعتقال مجرم إيطالي يدعى جيتانو قارينو، اتهم بالمتاجرة في المخدرات وجلبها من إيطاليا إلى تونس، عبر شبكة من العلاقات التي أنشأها في تونس وبعض دول حوض المتوسط؛ مما مكّنه من العيش في تونس لمدة 11 سنة متنكراً.
وجرت عملية الاعتقال بواسطة فرقة أمنية إيطالية، ونشر جهاز الشرطة الإيطالية مقطعاً مصوراً يتضمن مراحل مراقبة تاجر المخدرات الإيطالي، والقبض عليه في تونس بالتنسيق مع الوحدات الأمنية التونسية.


مقالات ذات صلة

بريطانيا تتخذ إجراءات جديدة بحق المشتبه بتهريبهم مهاجرين

أوروبا صورة ملتقطة بواسطة طائرة مسيّرة تظهر قارباً مطاطياً يحمل مهاجرين وهو يشق طريقه نحو بريطانيا في القنال الإنجليزي  6 أغسطس 2024 (رويترز)

بريطانيا تتخذ إجراءات جديدة بحق المشتبه بتهريبهم مهاجرين

أعلنت الحكومة البريطانية، الخميس، أنّ الأشخاص المشتبه بأنّهم يقومون بتهريب مهاجرين، سيواجهون حظراً على السفر وقيودا تحول دون وصولهم إلى منصات التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا (من اليسار إلى اليمين) الممرضات الأفغانيات مادينا أعظمي ورويا صديقي وتهمينة أعظمي يقمن بالتوليد والتمريض في مستشفى خاص بكابل - 24 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

لاجئون أفغان يعيشون «سجناء» الخوف في باكستان

أصبحت حياة شهرزاد تقتصر على باحة بيت الضيافة الذي تعيش فيه في باكستان، إذ بعدما كانت تأمل أن تجد الحرية بعد هروبها من سلطات طالبان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
العالم العربي عودة 300 ألف نازح سوري من لبنان إلى بلادهم (أ.ف.ب)

عودة 300 ألف نازح سوري من لبنان إلى بلادهم 

هناك 300 ألف نازح سوري عادوا من لبنان إلى بلادهم بعد العفو العام الذي صدر عن السلطات السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
أوروبا وزير الهجرة واللجوء السويدي يوهان فورسيل (أ.ب)

السويد تسعى إلى تشديد القيود على طلبات اللجوء

أعلنت الحكومة السويدية اليوم الثلاثاء أنها أعدت مشروع قانون من شأنه الحد من قدرة طالبي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم على تقديم طلبات جديدة من دون مغادرة البلاد.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
أوروبا عنصر من الشرطة الفرنسية في ستراسبورغ (أ.ف.ب)

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

نقلت وسائل إعلام فرنسية عن مصادر أمنية، السبت، أن اثنين من رجال الأمن ومهاجرَين قُتلوا بإطلاق نار في لون بلاج بالقرب من مدينة دونكيرك الشمالية.

«الشرق الأوسط» (باريس)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.