الإعلان عن قائمة أفلام مهرجان «كان» لدورته الجديدة

تضم أعمالا لمخرجين عائدين.. ونجومًا متلألئين

كيت بلانشيت في «كارول»
كيت بلانشيت في «كارول»
TT

الإعلان عن قائمة أفلام مهرجان «كان» لدورته الجديدة

كيت بلانشيت في «كارول»
كيت بلانشيت في «كارول»

بعد 48 ساعة على إطلاق النبأ بأن افتتاح الدورة الجديدة من مهرجان «كان» السينمائي (من 13 إلى 24 من الشهر المقبل) عقد تييري فريمو مؤتمرًا صحافيًا حاشدًا في باريس، ظهر يوم أمس (الخميس)، ليعلن عن قائمة مهرجان «كان» من الأفلام لدورته الثامنة والستين.
طبعًا، الحديث عن فيلم الافتتاح «الوقوف بفخر» ((La Tete haute بالفرنسية و(Standing Tall) بالإنجليزية لفت الانتباه من حيث أراد المهرجان أن يلفت الانتباه. ففي الإعلان عنه قيل إنه أول افتتاح لفيلم من إخراج امرأة منذ عام 1987، وهي إيمانويل بركو. في العام المذكور، قامت المخرجة الفرنسية أيضا دايان كوريز بعرض فيلم «رجل عاشق» الذي كان ناطقًا بالإنجليزية (مع بيتر كويوتي وغريتا سكاكي في البطولة). هذا حسن بالطبع، ويجلب بعض الحيوية والكثير من الاستحسان في أوساط عدّة، لكن أحدًا لم يسأل ولماذا الانتظار طوال هذه الفترة من عمر المهرجان قبل تقديم فيلم افتتاح من إخراج امرأة؟ الإعلان بحد ذاته يدين المهرجان أكثر مما يروّج له، علما بأن افتتاحات «كان» ليست ضمانات أكيدة على بداية غير شائكة. ففي العام الماضي تم افتتاح الدورة بفيلم «غريس موناكو» بطولة نيكول كيدمان الذي هوجم بضراوة من قبل النقاد. وزاد الطين بلّة أن النسخة التي عرضت في «كان»، ثم عُرضت في باريس، وسط إقبال ضعيف، كانت غير النسخة التي لم تعرض بعد تجاريًا في الولايات المتحدة، بسبب خلاف بين مخرجه الفرنسي أوليفييه داهان وموزّعه الأميركي هارفي واينستاين.
في الحقيقة، «غريس موناكو» قد لا يرى عتمة الصالات الكبيرة مطلقًا، إذ إن عرضه التلفزيوني في الولايات المتحدة محدد في الخامس عشر من مايو (أيار) المقبل، بعد سنة ويومين على افتتاحه في مهرجان «كان» الماضي.

* مرصّع بالنجوم
بصرف النظر عن هذا الجانب، فيلم الافتتاح هذا العام يمهد لظهور كاثرين دينوف مرّة أخرى على خشبة قصر المهرجانات، إذ تشارك في أحد أدواره الرئيسية (تؤدي دور قاضية) وهو واحد من 1854 فيلمًا استلمها المهرجان وعاينها قبل الوصول إلى قائمة أفلام المسابقة. وفي مطلع حديثه (الموزّع حيّا عبر الإنترنت) ذكر أمرين لافتين: الأول أن الأفلام المعلنة تشكل 90 في المائة من الأفلام التي ستتألّف منها المسابقة، والثاني أن المهرجان هذه المرّة ركب موجة المغامرة بقبوله أفلامًا معيّنة. ضمنيًا، ربط بين هذه المخاطرة وقلّة البحث عن أفلام جيدة لمخرجين - مؤلّفين. ورد ذلك ردًا على انتقادات متعددة (كنا شاركنا بذكرها هنا أكثر من مرّة) من أن لمهرجان «كان» زبائن خاصّين. أخيرا، كما هو واضح، ارتفعت الشكوى من الصحافة الفرنسية أن الوجوه ذاتها هي التي عادة ما تظهر على السجادة الحمراء، ووراء الأفلام المنتقاة كل سنة. لذلك قال مدير المهرجان في معرض ردّه: «ليس الأمر أننا دائما ما نقدّم الناس أنفسهم كل سنة، لكن ليس من السهل البحث عن مخرجين مؤلّفين جدد». لكن الواقع أن معظم المخرجين المنتخبين هم من الذين يختارون «كان» ويختارهم، وسواء أكان ذلك بقصد أو دون قصد، فإن المسألة باتت تبدو مثل نادي غولف مغلق أمام العموم.
يقول مدير عام المهرجان أيضًا: «نحاول أن نعرض أفلاما تثير النقاد والجمهور العريض معًا»، مستشهدًا بما حققته بعض أفلام العام الماضي من نجاح مزدوج. وكثير من الأفلام الواردة في القائمة المعلنة هي بالتأكيد مفتوحة على أكثر من جبهة. يمكن ملاحظة ذلك من تعدد الاشتراكات الفرنسية والأميركية، كما من مظلّة «كانية» مرصّعة بالنجوم: جون تورتورو، ماثيو ماكوهوني، جوش برولين، إميلي بلنت، سلمى حايك، فنسنت كاسل مايكل كاين، روني مارا، كايت بلانشيت وغيرهم. وما توصل مهرجان «كان» إلى إقراره وإعلانه هو سبعة عشر فيلمًا في المسابقة، مما يعني أن هناك ثلاثة أو أربعة أفلام ستنضم لاحقًا ليستوي العدد على عشرين فيلمًا على الأقل، وخمسة أفلام خارج المسابقة (بينها فيلم الافتتاح) ثم 14 فيلمًا في مسابقة «نظرة ما» وفيلمان في عروض اسمها «عروض منتصف الليل» وثمانية أفلام ضمن ما يسمّى بـ«عروض خاصة»، وكل قسم من هذه معرّض أيضا للزيادة بفيلم واحد على الأقل. من هذه النخبة المختارة نلاحظ أن الأفلام الفرنسية المشاركة كلها من إخراج نساء، وأن الكثير من الأفلام المنتمية لدول أوروبية غير ناطقة بالإنجليزية، باتت تتكلم الإنجليزية بطلاقة.

** أفلام المسابقة
* «السفاح» The Assassin
المخرج التايواني هاو سياو - سيين يعود، لأول مرة منذ فيلمه عام 2007 عندما قدّم «طيران البالون الأحمر» بفيلم جديد: لقد قرر اللحاق بموضة أفلام الأكشن التي تقع أحداثها في عباءة تاريخ اللوردات المتقاتلة في بعض قرون الأمس الغابر. هذه هي المرّة السابعة التي يشترك فيها المخرج المذكور في عروض «كان»، ودائمًا بنجاح نقدي ساعده في تأسيس اسمه كأحد أبرز سينمائيي جنوب شرقي آسيا.

* «كارول» Carol
المخرج الأميركي تود هاينز يجلب إلى حكايته التشويقية المقتبسة عن رواية للكاتبة الراحلة باتريشا هايسميث كلا من كيت بلانشيت ورووني مارا. تقارب غامض للشخصيّتين الرئيسيّتين في هذا الفيلم يشبه ذاك الذي عزف عليه ألفرد هيتشكوك فيلمه «رجلان في القطار» الذي تناوله عن رواية أخرى للكاتبة ذاتها.

* «أران» Erran
المخرج من اليونان (يورغوس لانتيموس) والإنتاج مشترك بين بريطانيا وآيرلندا وهولندا واليونان وفرنسا. كان المخرج نال جائزة قسم «نظرة ما» سنة 2009 عن فيلمه «ضرس كلب» Dogtooth. المخرج اليوناني هو آخر أولئك المخرجين الأوروبيين العامدين إلى تقديم أعمال ناطقة بالإنجليزية للاستفادة من التسهيلات التجارية. الحكاية تقع في المستقبل القريب عندما يصبح لزامًا على كل رجل أعزب البحث عن زوجة في 45 يوما، وإلا انتهى سجينًا للأبد. المهددون هنا هم كولين فارل وبن ويشو وجون س. رايلي. الممثلات هن أوليفيا كولمن وليا سيدو وراتشل وايز.

* «أعلى من أصوات القنابل» Louder Than Bombs
هذا فيلم آخر من تلك الأوروبية التي تعمد إلى اللغة الإنجليزية لتسهيل مهامها التجارية، مسلّحة بممثلين بريطانيين وأميركيين معروفين. الفيلم يدور حول مصوّرة صحافية (إيزابل أوبير) تموت في حادثة سيارة وبعد ثلاث سنوات يتم الكشف عن أسرار لها علاقة بموتها. من الممثلين الآخرين غبريال بيرن وديفيد ستراذام وآمي رايان. الفيلم من إخراج يواكيم تراير.

* «شقيقتنا الصغيرة» Our Little Sister
سنة 2004 قدّم المخرج الياباني هيروكازو كوري - إيدا فيلمه الجيد «لا أحد يعلم» في مسابقة دورة ذلك العام. وهو يعرض هذه المرّة حكاية قوامها من الممثلات المعروفات على الشاشة اليابانية، من بينهن هاروكي أياسي وسوزو هيروسي وماسامي ناغاواسا. الفيلم عن مغامرات تشويقية (مأخوذة عن شخصيات كوميكس) لشقيقات يعشن في المدينة الكبيرة بحسناتها وسيئاتها.

* «ماكبث» Macbeth
الاقتباس الجديد لتراجيديا ويليام شكسبير تأتينا هذه المرّة ممهورة باسم المخرج الاسكوتلندي جوستن كورزل مع تمويل بريطاني - فرنسي - أميركي. مايكل فاسبيندر والفرنسية ماريون كوتيار يتقاسمان البطولة.

* «مرغريت وجوليان» Marguerite and Julien
معظم الأفلام أعلاه موّلت، جزئيًا، من قِبل شركات فرنسية، لكن «مرغريت وجوليان» مموّل فرنسيًا فقط. الحكاية ممهورة بتوقيع المخرجة فاليري دونزيللي وهي شائكة، إذ تحتوي على مشاهد عاطفية ساخنة (من النوع الذي أخرجه عبد اللطيف كشيش قبل عامين في «الأزرق أكثر الألوان دفئًا»). السيناريو كُتب سنة 1971 والمخرج الراحل فرنسوا تروفو غازل المشروع بنية تحقيقه ثم انصرف لمشروع آخر بعنوان «آن ومورييل».

* «مون روي» Mon Roi
المخرجة المكتفية باسم واحد، مايوَن Maiwenn تبحث في علاقات عاطفية أخرى (لكنها سوية هذه المرّة)، وبطلاها هما إيمانويل بركو (مخرجة فيلم الافتتاح) وفنسنت كاسل.

* «الجبال قد ترحل» Mountains May Depart
من الصين (مع مساهمة فرنسية ويابانية) هذا الفيلم الجديد للمخرج جيا زانغكي (أحد أكثر المخرجين الصينيين إجادة)، وهو الأول له الذي يصوّره خارج بلاده. ثلاث مراحل لقصّة هذا الفيلم، الأولى تبدأ في التسعينات، الثانية في زمننا الحاضر والثالثة تسافر إلى المستقبل (سنة 2025).

* «أمي» My Mother
الاشتراك الإيطالي الماثل هنا هو للمخرج المعروف ناني موريتي الذي سبق له أن قدّم علي شاشة هذا المهرجان معظم أعماله، بما فيه «مفكرتي العزيزة» (1994). موريتي على الشاشة أيضا، إذ يؤدي البطولة هنا لاعبًا شخصية المخرج الذي عليه أن يحل إشكالات شخصية معقدة قبل مواصلة تصوير مشروعه الجديد.

* «بحر من الشجر» The Sea of Trees
ماثيو ماكونوهي و(الياباني) كن واتانابي يؤديان البطولة. كل منهما لا يعرف الآخر لكن وجهته واحدة: غابة الانتحار (مثل صخرة الروشة في بيروت) حيث يؤم الباحثين عن وسيلة لتوديع الحياة. الفيلم من إخراج الأميركي غس فان سانت الذي كان ربح ذهبية كان سنة 2003 عن فيلمه «فيل».

* «سيكاريو» Sicario
الكندي دنيس فيلينيوف (الذي سبق ومهّد لانطلاقته بفيلم عن حرب أهلية في بلد عربي - قصد به لبنان) كان انتقل إلى هوليوود إذ أنجز بضعة نجاحات متوالية، من بينها «سجناء» و«عدو». «سيكاريو» أكبر إنتاج يقوم بتنفيذه، ويتناول القصّة الحقيقية لرئيس شبكة مخدرات (كورتيل) تعمل في المكسيك. القصّة نشرتها مجلة «ذا نيويوركر» قبل حين قريب، لكن الفيلم مأخوذ عن سيناريو مستقل لتايلور شريدان. البطولة لبينيثو دل تورو (في دور سيكاريو) وإميلي بلنت وجوش برولين.

* «رجل بسيط» A Simple Man
فيلم فرنسي آخر ومن مخرجة امرأة (أيضًا) هي ستيفاني برايز التي لم تشارك في «كان» سابقًا. الفيلم يقدّم حكاية رجل أمن موكل بسوبر ماركت يواجه معضلة طارئة: هل يستطيع غض النظر عن فتاة تسرق من المحل إذا ما وقع في حبّها؟

* «ابن شاوول» Son of Saul
عودة إلى حكايات الهولوكوست في فيلم مجري للازلو نيميش (الأول له). ربما هو أكثر الأفلام قسوة، فبطله مجبر على القيام بحرق اليهود (أحياء) في الأفران، وذات يوم يجد نفسه أمام صبي صغير في عداد الضحايا المطلوب منه دفعهم إلى المحرقة.

* «حكاية الحكايات» The Tale of Tales
فيلم إيطالي لماتيو غاروني الذي فاز بجائزتين رئيسيتين في مسابقات «كان» سابقة. عام 2008 فاز فيلمه (الأول حينها) «غومورا» بجائزة «كان» الكبرى (الثانية بعد «السعفة الذهبية») وفي عام 2012 فاز فيلمه التالي «حقيقة» بالجائزة ذاتها. هذه المرة ينتقل إلى فانتازيا تقع أحداثها في القرن السابع عشر، وسلمى حايك في البطولة.

* «فترة شباب» Youth
فيلم إيطالي آخر، ومثل سابقه بالإنجليزية أيضًا: دراما من بطولة مايكل كاين في دور قائد أوركسترا متقاعد يتسلم دعوة من الملكة إليزابيث الثانية، والأمير فيليب لقيادة الأوركسترا من جديد.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».