معركة رئاسة الجمهورية تحتدم بصمت... و«الرئيس القوي» مطلب متجدد

«القوات»: جعجع مرشح طبيعي... و«التيار»: همّنا الجمهورية وليس الموقع

TT

معركة رئاسة الجمهورية تحتدم بصمت... و«الرئيس القوي» مطلب متجدد

رغم أن معارك الانتخابات الرئاسية في لبنان لا تتوقف، يمكن القول إنها بدأت تحتدم بشكل كبير مع اقتراب موعدها المفترض في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وهي التي ترتبط بشكل كبير بالتحضير للانتخابات النيابية التي لا يزال البعض يبدي خشيته من تطييرها، وبالتالي انعكاس هذا الأمر على الرئاسية.
الخطابات السياسية التي ترتفع حدتها يوماً بعد يوم، خاصة بين من يعتبرون في دائرة المرشحين للرئاسة، خير دليل على هذا الواقع، رغم إصرار هؤلاء على نفي هذا الأمر، علماً بأن هناك بعض الشخصيات التي بات خوضها المعركة محسوماً على غرار رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية. والأخيران كانا قد خاضا معركة الانتخابات السابقة، قبل أن ترسو في النهاية على الرئيس ميشال عون مدعوماً من «حزب الله» الذي أشارت المعلومات آنذاك أن مرشحه هذه المرة سيكون فرنجية، مقابل اتهامات مستمرة لباسيل الذي يصفه البعض بـ«الرئيس الظل» بأن كل ما يقوم به يصب في خانة السباق إلى الرئاسة، وهو ما ينفيه «الوطني الحر» نفياً قاطعاً على لسان نائبة رئيسه مي خريش.
وأتى موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي الأخير الذي أثنى خلال لقائه وفداً من «القوات» عشية عيد الميلاد على دور جعجع، واصفاً إياه بـ«الناسك والمخطط والمفكر»، ومؤكداً على رفضه عدم إجراء الانتخابات النيابية وعلى ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية لاحقاً، ليرى فيه البعض دعماً من بكركي له لرئاسة الجمهورية، وهو ما ينفيه «القوات» ونائب رئيس البرلمان إيلي الفرزلي، الذي يعتبر أن معركة الرئاسة في لبنان لا تتوقف، وهي كانت قد بدأت في اليوم التالي لانتخاب عون، على غرار ما يحصل بعد كل انتخابات رئاسية في أوساط الطائفة المارونية التي يفترض أن ينتمي إليها الرئيس، فكيف وقد بتنا على بعد أشهر من الاستحقاق، بحسب ما يقول الفرزلي لـ«الشرق الأوسط».
وفيما يرى الفرزلي أن هناك شخصيات معلنة وأخرى غير ملعنة طامحة للرئاسة، بدأت تخوض المعركة السياسية، وقد يكون لها حظ أكثر من الأولى، يرفض الحديث عن حظوظ لشخصية دون أخرى، معتبراً أن هذا الأمر لا تحسمه فقط الأيام الأخيرة من الاستحقاق، إنما الساعات الأخيرة، على غرار ما حصل في مرات سابقة في لبنان.
والفرزلي الذي كان من أبرز الداعمين للرئيس ميشال عون، قبل أن تتعكر علاقتهما، وصاحب توصيف «الرئيس القوي» في لبنان، الذي انتخب عون على أساسه، وكان ركيزة حملته السياسية، يقول: «أنا من أطلقت هذا التعبير، لكن القصد منه كان يختلف عما هو متداول»، موضحاً: «هناك أهمية أن يكون الرئيس يمثل المكون الذي ينتمي إليه، لكن ليس أن يمارس عمله بأسلوب البطش واتخاذ القرارات، بغضّ النظر عن الدستور والقانون، المطلوب من هذا الرئيس القوي أن يصبح رئيساً لكل البلاد، ولا يبقى رئيساً للحزب، لذا لا بدّ اليوم من البحث عن رئيس يتمتع بقوته وبمدى أخلاقيته الدستورية، ليكون مسؤولاً على حسن تطبيق القانون والفصل بين السلطات».
وفيما لفت الفرزلي أنه ليست لديه معلومات أن الراعي يدعم أي مرشح على حساب آخر، على خلفية كلامه الأخير، أكد أن بكركي هي الأكثر موضوعية وعقلانية من بين كل الأطراف.
بدوره، يؤكد النائب في «القوات» فادي سعد أن موقف بكركي لا يصب في خانة دعم جعجع للرئاسةـ مع تشديده أن تركيز حزبه في هذه المرحلة هو على الانتخابات النيابية وكيفية إنقاذ لبنان، فيما هناك فريق واحد، في إشارة إلى التيار الوطني الحر، كان قد بدأ معركة الانتخابات الرئاسية منذ اليوم الأول لانتخاب عون، تحضيراً لإيصال باسيل إلى هذا الموقع.
ويقول سعد لـ«الشرق الأوسط»: «معركتنا اليوم هي الانتخابات النيابية، وبعد مرور هذا الاستحقاق يصبح لكل حادث حديث، رغم خوفنا من محاولة البعض الإطاحة بها (النيابية)»، مشيراً في الوقت عينه إلى أن جعجع هو مرشح طبيعي للرئاسة، وهو الذي يمثل أكبر حزب مسيحي، مع تأكيده: «لن نقبل بانتخاب رئيس من فريق (8 آذار) (حزب الله، وحلفائه)، لا رئيس، لا رائحة ولا لون له، يأتي ليدير الأزمة، بل لا نزال نصرّ على (الرئيس القوي)»، مضيفاً: «إذا لم يكن عون قوياً في موقعه فهذا لا يغيّر من قناعاتنا شيئاً بل نزداد تمسكاً بها».
في المقابل، تنفي نائبة رئيس «التيار» مي خريش كل الاتهامات التي توجه إلى باسيل لجهة خوضه المعركة الرئاسية، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لم نفكّر حتى الآن بالانتخابات الرئاسية، والنائب باسيل كان واضحاً في هذا الإطار، حيث أكد أنه طالما الرئيس عون في موقعه، فموضوع الانتخابات الرئاسية ومعركتها لا يفتح». وتؤكد: «أما كل ما يحصل في لبنان فلم يعد همّ (التيار) ومعركته موقع رئاسة الجمهورية أو إيصال باسيل إلى رئاسة الجمهورية، بقدر ما هو المحافظة على هذا الموقع، ووجود الدولة والجمهورية بشكل عام».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.