الراعي يخشى تحوّل مقاطعة الشيعة للحكومة «عرفاً يقيد أعمالها»

طالب المسؤولين بـ«عدم الخضوع للاستبداد السياسي»

خلوة جمعت رئيس الجمهورية ميشال عون بالبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في بكركي أمس (دالاتي ونهرا)
خلوة جمعت رئيس الجمهورية ميشال عون بالبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في بكركي أمس (دالاتي ونهرا)
TT

الراعي يخشى تحوّل مقاطعة الشيعة للحكومة «عرفاً يقيد أعمالها»

خلوة جمعت رئيس الجمهورية ميشال عون بالبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في بكركي أمس (دالاتي ونهرا)
خلوة جمعت رئيس الجمهورية ميشال عون بالبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في بكركي أمس (دالاتي ونهرا)

انتقد البطريرك الماروني بشارة الراعي «الثنائي الشيعي» المتمثل بـ«حزب الله» و«حركة أمل» من غير أن يسميهما، على خلفية تعطيل جلسات مجلس الوزراء، مطالباً الحكومة «بعدم الخضوع للاستبداد السياسي على حساب المشيئة الدستورية»، معتبراً أن «رهن مصيرِ مجلس الوزراء بموقفٍ فئوي يشكل خرقاً للدستور ونقضاً لاتفاق الطائف»، معلناً مساندة الرئيس اللبناني ميشال عون في «رفع الغطاء عمن يمنع تنفيذ الدستور والقرارات الدولية»، واصفاً الاعتداء على قوات «اليونيفيل» قبل أيام بـ«الاعتداء على هيبة الدولة وصدقيتها».
وشارك عون في قداس الميلاد في بكركي، وسبقت القداس خلوة مع الراعي الذي قال في استقبال عون: «يبقى الأمل أكبر من اليأس». وأمل رئيس الجمهورية بعد الخلوة أن «نعيد بظروف أحسن»، واكتفى بالقول بعد خروجه من الخلوة: «أعتذر عن عدم الكلام»، داعياً الصحافيين لملاقاته غداً الاثنين، حيث يلقي كلمة متلفزة يتحدث فيها عن الوضع العام، تحديداً أزمة انعقاد الحكومة وتحقيقات المرفأ.
ويمثل ملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، المعضلة التي تحول دون انعقاد جلسات مجلس الوزراء على ضوء الخلاف بين مكونات الحكومة على إجراءاته، واتهام «حزب الله» و«حركة أمل» للقاضي البيطار بالاستنسابية وتسييس التحقيقات.
وقال الراعي، أمس، إن «فكرنا اليوم يذهب إلى أعزائنا أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت الذين يجرحون بسبب عرقلة مسار القضاء والخوف على مسار التحقيق، كما يذهب فكرنا إلى اللبنانيين الذين يعانون من الفقر والجوع والحرمان من أبسط مسائل الحياة كالغذاء والدواء والتدفئة من البرد القارس»، مطالباً المسؤولين في الدولة بـ«الكف عن جريمة تعذيبهم وقهرهم، فيما العمل السياسي يهدف إلى تأمين الخير العام، الذي منه خير الجميع، وإنماء البلاد».
وقال: «حري بالشعب اللبناني أن يخرج من حيْرته الوجودية، وبالدولة أن تَستنهضَ مؤسساتها وتنهض من واقعها المنهار الذي أوْصلها إليه المسؤولون على مر السنواتِ إلى اليوم بفعل تفضيل نزواتهم ومصالحهم وولاءاتهم المتنوعة على مصلحة لبنان والشعب». وأهاب بالحكومة «ألا تخضع للاستبداد السياسي على حساب المشيئة الدستورية»، مضيفاً: «من واجبها استئناف جلسات مجلسها لئلا يتحول الأمر سابقة وعُرفاً ويقيد عمل الحكومات». ورأى أن «رهن مصير مجلس الوزراء بموقف فئوي يشكل خرقاً للدستور ونقضاً لاتفاق الطائف وتشويهاً للميثاق الوطني ولمفهوم التوافق». وتابع: «هناك فارقٌ كبيرٌ بين التوافق على القضايا الوطنية وبين فرض إرادة أحَادية عمداً على المؤسسات الدستورية وعلى جميعِ اللبنانيين في كل شاردة وواردة»، مشدداً على أن «المسؤولية الوطنية تفرض الفصل بين التجاذبات السياسية وعمل مجلس الوزراء وعمل القضاء والإدارات العامة».
وقال الراعي «إن وجود حكومة من دون مجلس وزراء ظاهرة غريبة تبيح التفرد بالقرارات الإدارية من دون رعاية الحكومة مجتمعة وموافقتها»، معتبراً أن «هناك من يريد أن يجعل الناس تعتاد غياب السلطات الدستورية وسائر مؤسسات النظام بغية اختلاق لبنان آخر لا يشبه نفسه ولا بنيه ولا بيئته ولا تاريخه ولا حضارته».
ودعا الراعي، عون، إلى إنقاذ البلاد «بمبادرات جديدة من بينها اعتماد مشروع حياد لبنان»، معلناً عن مساندة رئيس الجمهورية «لكي يستعيد لبنان توازنه وموقعه في العالم العربي وبين الأمم»، ولكي «ترفعوا غطاء الشرعية عن كل من يسيء إلى وحدة الدولة والشراكة الوطنية، إلى النظام الديمقراطي ودور الجيش اللبناني وعمل القضاء، ويمنع تنفيذ الدستور والقرارات الدولية».
وأيد الراعي التزام عون إجراء الانتخابات النيابية في الموعد الدستوري، مشيراً إلى أنه «عدا عن أن هذه الانتخابات هي استحقاق دستوري واجب، هي ضمان لحصول الانتخابات الرئاسية في مواعيدها، وهي أيضاً فرصة للتغيير عبر النظام». وقال: «إنه لواقع محزن أن تغيب الحكومة، فيما كان يزورنا الأمين العام للأمم المتحدة، وفي الوقت الذي تفاوضنا فيه المؤسسات النقدية الدولية. وأنه لواقع مضر كذلك أن يتم الاعتداء على القوات الدولية في الجنوب، والأمين العام هنا يختم زيارته بعدما جددتم مع أركان الدولة التزام دعم هذه القوات وتسهيل مهماتها. ولا شك في أن هذا الاعتداء آلمكم يا فخامة الرئيس في الصميم لأنه بدا اعتداء على هيبة الدولة وصدقيتها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».