شاشة الناقد

ديلان بن بين مروج الربيع في «يوم العَلَم»
ديلان بن بين مروج الربيع في «يوم العَلَم»
TT

شاشة الناقد

ديلان بن بين مروج الربيع في «يوم العَلَم»
ديلان بن بين مروج الربيع في «يوم العَلَم»

Flag Day - يوم العَلَم
شون بن - Sean Penn
الولايات المتحدة (2021)
ألوان: 109 د
دراما اجتماعية - برميير: Cannes
****
2 طلعت حرب ***
> إخراج: شون بن
> الولايات المتحدة
دراما اجتماعية - 2021
هناك مشهد للممثلة ديلان بن وسط حقل بُنِي بفستان أبيض يكشف جمالها. ينقلك المشهد مباشرةً إلى بطلات ترنس مالك في الوضع نفسه في أفلام مثل «Days of Heaven» و«The Tree of Life». هذا بدوره يجعلك -إذا ما شاهدت أفلام مالك- تنتبه إلى أن شون بن (الذي ظهر في فيلم «The Tree of Life») يستوحي قليلاً من المخرج المذكور دون التنازل عن أسلوبه الخاص ورؤيته المختلفة.
شون بن هو المخرج والممثل، وابنته ديلان هي بطلة الفيلم، والحكاية عن علاقة وجدانية، في المقام الأول، بين أب وابنته. في الوقت الذي يتعامل فيه شون مع ابنته كممثلة ويقدّمها في أفضل ما قد يُتاح لها من أدوار في المستقبل المنظور، هناك التعامل المشيّد داخل الفيلم كدراما عائلية حول أب ما زال يعيش فوضى أحلامه وابنته التي تحاول تصديق ادعاءاته مرّة تلو المرّة حتى إذا ما توقفت انهار كل شيء حولها.
تبدأ الحكاية (المقتبسة من أحداث حقيقية وضعتها جنيفر فوغل في كتاب سيرتها الخاصّة) بمشهد موجز يقع سنة 1992، سيناريو جز بتروورث وجون- هنري بتروورث، ومنه يعود إلى العام 1975 ليبدأ من جديد ثم ينتقل إلى صيف 1981 ثم إلى ربيع 1981. ينتقل إلى خريف 1985 ثم يصل إلى حيث بدأ سنة 1992. الانتقال سلس وغير متسارع يسرد حكاية الزوج جون فوغل (شون بن) المتزوّج من باتي (كاثرين وينيك) ولديه منها ولدان صغيران. بوادر المتاعب تنبع من تلك الفترة. جون رجل غير واقعي بمشكلات واقعية. غير صادق حين يتحدّث عن نفسه وأعماله لكنه يحب عائلته. حين يقع الطلاق، وقد باتت ابنته جنيفر شابّة، تؤمّ زوجته الشرب لكي تنسى وسريعاً ما تدمن عليه. ترتكب بدورها أخطاء قاتلة (تحرق البيت في ساعة يأس) ويتجه ولداها للحياة مع أبيهما السعيد بهما.
جنيفر وشقيقها نِك (هوبر بن، ابن شون) ينتقلان حيناً لبيت الأم وحيناً لبيت الأب. العائلة متصدّعة وجون يرفض الاعتراف بهزيمته في عالم لا يكترث لأمثاله. هو رجل يسعى لتكوين أي ثروة بأي طريقة ويفشل دوماً. ديونه تزداد وفي يوم يائس يسرق مصرفاً ويُلقى القبض عليه وسجنه. ابنته في هذا الوقت كانت قد غرفت، كذلك، من ضياع الاتجاهات وانتقلت من مشكلة إلى أخرى كما هو متوقع من فتاة خسرت العائلة والبيت والألفة المفترضة. حين تعود، في عام 1985، إلى رشدها وتكتب مقالات صحافية تُرضي رئيس تحرير إحدى الصحف تكون قد بدأت خطواتها الأولى صوب حياة جديدة. الوحيد الذي ما زال غير قادر على فهم نفسه وما يدور حولها من إحباطات والوحيد الذي يداوم الكذب على ابنته لتلميع صورته هو والدها السجين ثم بعد أن يُطلق سراحه.
في آخر مشادّة بينهما يحاول مجدداً استرضاءها. يدّعي أنه اشترى لها سيارة جاكوار (وربما فعل) وحين ترفض هذه الهدية يدّعي اتصاله بالبائع لإلغاء الصفقة، لكن جنيفر تكتشف أن والدها يتحدث مع نفسه بصوت عالٍ. ها هو خط الهاتف في يدها مقتلعاً من مكانه وهو لا يزال يمْثل أمامها.
هناك قطيعة قادمة وجنيفر لم تعد تستحمل أباً لا يعرف كيف يتحمّل المسؤولية. يحاول لبعض الوقت ويفشل. ها هو الآن ينطلق بسيارته ووراءه سيارات البوليس وطائرة مروحية تحوم فوقه. تنقلب السيارة به. يخرج باكياً ومدمياً و...
يجسّد شون بن دوره بطلاقة. كسينمائي هو خارج البوتقة المعتادة من النجوم. هو فنان يرمي لتحقيق أفلام جيّدة يخرجها بنفسه في إطار مستقل الهوية. يحتل، حين يمثّل للغير، حضوراً حيّاً صارماً. وحين يخرج أفلاماً يختار منها ما هو داكن اللكنة وجيد الإدانة لعالم لا تفاهم له معه. فيلم وراء آخر عكس فيه نظرته لمحيط الحياة من دون أن يرفع راية سياسية مباشرة، اللهم إلا في «سبتمبر 11»، الفيلم الذي شارك في تحقيقه أحد عشر مخرجاً خرج عن المألوف بالنسبة إلى الحكايات والمواضيع التي تطرّق إليها المخرجون العشرة الآخرون. أميركا ميّتة وعندما ينهار المبنى بفعل العملية الإرهابية تسطع الشمس كما لو أن الحقيقة كانت متوارية.
من «الراكض الهندي»، فيلمه الأول مخرجاً الذي تناول فيه وضعاً عائلياً معقداً كذلك (1991)، إلى «يوم العَلَم» (2021)، مروراً بـ«حارس المعبر» (1995)، و«العهد» (2001)، و«داخل البرية» (2007)، اهتمّ بتلك الشخصيات الخاسرة التي تعني خيراً لنفسها ولسواها لكنها تخفق في تطبيق ذلك. فقط فيلمه ما قبل الأخير «الوجه الأخير» (2016) حمل موضوعاً مختلفاً.
في «يوم العمل» يوفّر بن شخصية قابلة للتصديق. يعرفها تماماً ويؤديها كما يجب أن تكون. شخص يؤمن بأن ما يفعله هو الصحيح والمناسب وحين تأتي النتائج على غير ما يريد لا يمكن له أن يعترف بأنه أخطأ. يرسم بن المخرج صورة بطله جون بملامح سهلة التعرّف (التصرّفات الصغيرة، والحوار الذي يحوم بعيداً عن الواقع، والشعر ذي الصبغة، واللحية القصيرة التي لا يمكن لأحد أن يُعجب بها سواه).
يكفي أنه يعتقد أن «عيد العَلَم» مخصص له كونه وُلد في اليوم ذاته.
‫جون فوغل، للغرابة، لديه ذوق في الموسيقى الكلاسيكية (شوبان على الأخص). النار تشبّ في مطبخه وهو يروّح عن هلع الحضور بالموسيقى التي يحب. يتعجب من أن ولديه الصغيرين في السبعينات يهويان أغاني بوب سيغر وكات باور وفرقة «أميركا». يستخدمها بن - المخرج في أماكنها الدالّة، رابطاً بين معانيها الاجتماعية ومعاني الفترة الماثلة. وحتى الموسيقى التعبيرية التي وضعها جوزيف فيتاريللي تقع في المكان الصحيح، للوقت الصحيح وبالمعاني الصحيحة.‬
بن يمثّل دوره بالإجادة ذاتها الذي يُخرج فيه نفسه والآخرين. الفيلم لا يعرف التطويل، وعلى عكس بعض نقاد الصحف البريطانية والأميركية، ليس هناك من «سوب أوبرا» على الإطلاق. كلّما بدا أن «يوم العَلَم» سيلجأ لترطيب الجو وإعادة اللُّحمة المفقودة بين أفراد العائلة يوفّر الفيلم، نقلاً عن تلك المذكّرات، فصلاً جديداً حول العائلة الأميركية الفاشلة ودور جون فوغل في ذلك. ابنته تمثّل دورها أيضاً بإجادة رائعة. كلاهما فهم، قبل التصوير، ما يحتاج إليه لجعل محور الفيلم هو تلك العلاقة الصعبة بين الأب وابنته داخل الفيلم.
يمارس شون بن في إطار ذلك بعض المشاهد التي تخرج من السرد القصصي وحده لتوحي بمعاني منطلقة من تلك البيئة الصعبة. هنا، في مشاهد من كاميرا ذات زاوية ملتوية أو منحنية ومن سباحة في أفق بعيد، ذلك التذكير بسينما ترنس مالك لكنها مشاهد تم تطويعها ضمن خط سيره الخاص. وفي الوقت الذي يتبدّى فيه الفيلم كحكاية عائلية تعيش على هامش الحلم الأميركي المفقود، تحافظ على مواقعها الإنسانية العميقة بحيث لا يعني الكثير إذا ما أساء جون التصرّف في حياته أم لا. إذا لم يجد الواعز ليردع الخطأ ولا السلاح ليدافع عن نفسه حيال أوهامه وزيف واقعه. يبقى إنساناً تحبّه على الرغم من أخطائه تماماً كما تفعل ابنته في الفيلم محاولةً إيجاد مبررات وأعذاراً له حتى اللقطة الأخيرة.


مقالات ذات صلة

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز