تمثال الفنان الراحل محمود ياسين يزيّن إحدى ساحات بورسعيد

تم تدشينه خلال الاحتفال بالعيد القومي للمحافظة

الفنان محمد رياض ومحافظ بورسعيد عادل الغضبان خلال تدشين التمثال (محافظة بورسعيد)
الفنان محمد رياض ومحافظ بورسعيد عادل الغضبان خلال تدشين التمثال (محافظة بورسعيد)
TT

تمثال الفنان الراحل محمود ياسين يزيّن إحدى ساحات بورسعيد

الفنان محمد رياض ومحافظ بورسعيد عادل الغضبان خلال تدشين التمثال (محافظة بورسعيد)
الفنان محمد رياض ومحافظ بورسعيد عادل الغضبان خلال تدشين التمثال (محافظة بورسعيد)

أزاح عادل الغضبان، محافظ بورسعيد، اليوم، الستار عن تمثال الفنان محمود ياسين، بساحة المركز الثقافي في مدينة بورسعيد (شمال شرقي القاهرة)، تقديراً لدوره الثقافي والفني، بحضور عدد من أفراد أسرته وذلك ضمن احتفالات محافظة بورسعيد بالذكرى الـ65 لعيدها القومي (عيد النصر).
وأشاد محافظ بورسعيد بهذا العمل الفني، مؤكداً حرصه الدائم على تقدير النماذج المشرفة من أبناء بورسعيد في كل المجالات، حسب بيان المحافظة الذي نشرته على صفحتها على موقع «فيسبوك».
ووجهت أسرة محمود ياسين، الشكر إلى المسؤولين في المحافظة على هذا العمل الفني المميز، وقالت الفنانة رانيا محمود ياسين خلال احتفال تدشين التمثال: «نشكر أهالي بورسعيد على الترحاب الشديد وتكريم والدي أكثر من مرة، بداية من إطلاق اسمه على الشارع الذي عاش فيه، وعلى القاعة الرئيسية في المركز الثقافي، وتنظيم مسابقة باسمه، وأخيراً التمثال الرائع»، مضيفة: «نظرة والدي الراحل في التمثال ذكّرتني بنظرته عندما كان يفكر».

وأعرب الفنان محمد رياض، زوج ابنة الراحل، عن سعادته بتمثال الفنان محمود ياسين، وترحاب أبناء المدينة به.
ورحل الفنان الكبير محمود ياسين عن عالمنا في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، عن عمر ناهز 79 عاماً بعد صراع قاسٍ مع المرض خلال سنواته الأخيرة.
وتألق محمود ياسين، المولود في مدينة بورسعيد عام 1941 في أنواع الفنون التمثيلية كافة، بعدما بدأ مشواره الفني في نهاية ستينات القرن الماضي عبر خشبة المسرح القومي، وقدم أعمالاً مسرحية مميزة من بينها «ليلى والمجنون» و«الخديوي» و«حدث في أكتوبر» و«عودة الغائب» و«الزيارة انتهت» و«بداية ونهاية» و«البهلوان».
لكن حقبتي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي شهدتا توهجه السينمائي، إذ قدم خلالهما عشرات الأفلام الناجحة، وجسّد شخصيات مميزة لا تزال أسماؤها محفورة في الأذهان، بدايةً من «سعيد عبد الجواد» في «الرجل الذي فقط ظله» عام 1968، و«علي» في «شيء من الخوف» 1969، و«ممدوح» في «حكاية من بلدنا» 1969، و«حمدي» في «نحن لا نزرع الشوك»، 1970، ومروراً بـ«عادل» في «الخيط الرفيع» 1971، و«أحمد» في «حكاية بنت اسمها مرمر» 1972، و«حسين» في «حب وكبرياء» 1972، و«د.أحمد» في «العاطفة والجسد» 1972، و«الدكتور هاشم» في «أنف وثلاثة عيون» 1972، و«شوقي» في «أغنية على الممر» 1972، و«أحمد» في «امرأة سيئة السمعة» 1973، و«الدكتور محمود» في «امرأة من القاهرة» 1973، و«سامي» في «الحب الذي كان».

كما قدم شخصية «حمدي المحامي» في «غابة من السيقان»، و«توفيق» في «أين عقلي» 1974، و«مصطفى» في «العذاب فوق شفاه تبتسم»، و«مصطفى حسين» في «على من نطلق الرصاص»، و«كمال» في «شقة في وسط البلد»، و«سعيد» في «صانع النجوم»، و«محمود بيه» في «أفواه وأرانب» عام 1977، و«هشام كامل» في «ثالثهم الشيطان»، و«أحمد» في «أسياد وعبيد»، و«حسين» في «ولا يزال التحقيق مستمراً»، و«محمود حسين» في «اذكريني»، و«فتحي» في «الشريدة»، و«محمود النمرسي» في «الوحش داخل الإنسان»، و«عبد الله» في «وكالة البلح»، و«محسن» في «أسوار المدابغ»، و«الكابتن برهان» في «الطائرة المفقودة»، و«د.رضوان» في «بلاغ ضد امرأة»، و«سليمان الناجي» في «الحرافيش».
وتألق ياسين في بطولة عشرات المسلسلات التلفزيونية من بينها «الدوامة»، و«غداً تتفتح الزهور»، و«مذكرات زوج»، و«اللقاء الثاني»، و«أخو البنات»، و«اليقين»، و«العصيان»، و«سوق العصر»، و«وعد ومش مكتوب»، و«ضد التيار»، و«رياح الشرق»، و«أبو حنيفة النعمان».



«خيال مآتة»... حارس الحقول يُلهم تشكيلياً

«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
TT

«خيال مآتة»... حارس الحقول يُلهم تشكيلياً

«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)

تُلهم الطبيعة المبدعين، وتوقظ ذاكرتهم ومخزونهم البصري والوجداني، وفي معرض الفنان المصري إبراهيم غزالة المقام بغاليري «بيكاسو أست» بعنوان (خيال مآتة) تبرز هذه العلاقة القديمة المستمرة ما بين ثلاثية الذاكرة والطبيعة والفن، عبر 25 لوحة زيتية وإكريلك تتأمل خيالات وجماليات الحقول في ريف مصر.

و«خيال المآتة» هو ذلك التمثال أو المجسم الذي اعتاد الفلاح المصري أن يضعه في وسط الحقل لطرد الطيور التي تلتهم البذور أو المحصول، وهو عبارة عن جلباب قديم محشو بالقش، يُعلق على عصا مرتفعة، مرتدياً قبعة لمزيد من إخافة الطير التي تظن أن ثمة شخصاً واقفاً بالحقل، فلا تقترب منه، ولا تؤذي النباتات.

والفكرة موجودة ومنتشرة في العديد من دول العالم، ويُسمى «فزاعة» في بلاد الشام، و«خراعة» في العراق.

جسد الفنان إبراهيم غزالة البيئة الريفية في معرضه (الشرق الأوسط)

«تلتقي الذكريات بالمشاعر لتجسد رحلة إنسانية فريدة من نوعها»... إحدى الجمل التي تناثرت على جدران القاعة والتي تعمق من سطوة العاطفة على أعمال المعرض، فمعها كانت هناك كلمات وجمل أخرى كلها تحمل حنيناً جارفاً للطفولة واشتياقاً لاستعادة الدهشة التي تغلب إحساس الصغار دوماً، وهو نفسه كان إحساس غزالة وفق قوله.

«في طفولتي لطالما كان (خيال المآتة) منبعاً للسعادة والبهجة مثل سائر أطفال القرية التي نشأت فيها، فهو بشكله الملون الزاهي غير التقليدي وأهميته التي يشير إليها الكبار في أحاديثهم، كان مثيراً للدهشة والفضول ويستحق أن نجتمع حوله، نتأمله وهو يعمل في صمت، متحملاً البرد والحر، ويترك كل منا العنان لخياله لنسج قصص مختلفة عنه».

يقدم الفنان (خيال مآتة) برؤية فلسفية إنسانية (الشرق الأوسط)

توهج خيال الأطفال تجاه (خيال المآتة) بعد الالتحاق بالمدرسة، وكان الفضل لقصة (خيال الحقل) للكاتب عبد التواب يوسف التي كانت مقررة على طلاب المرحلة الابتدائية في الستينات من القرن الماضي.

يقول غزالة لـ«الشرق الأوسط»: «خلال سطورها التقينا به من جديد، لكن هذه المرة كان يتكلم ويحس ويتحرك، وهو ما كان كافياً لاستثارة خيالنا بقوة أكبر».

ومرت السنوات وظل (خيال المآتة) كامناً في جزء ما من ذاكرة غزالة، إلى أن أيقظته زيارة قام بها إلى ريف الجيزة (غرب القاهرة) ليفاجأ بوجود الكائن القديم الذي داعب خياله منذ زمن، وقد عاد ليفعل الشيء نفسه لكن برؤية أكثر نضجاً: «وقعت عيني عليه مصادفةً أثناء هذه الزيارة، وقمت بتكرار الزيارة مرات عدة من أجل تأمله، وفحصه من كل الجوانب والأبعاد على مدى سنتين، إلى أن قررت أن أرسمه، ومن هنا كانت فكرة هذا المعرض».

أحد أعمال معرض (خيال مآتة)

تناول الفنان (خيال المآتة) من منظور فلسفي مفاده أن مكانة شيء ما إنما تنبع في الأساس من دوره ووظيفته ومدى ما يقدمه للآخرين من عطاء، حتى لو كان هذا الشيء مجرد جماد وليس إنساناً يقول: «لكم تأكد لي أنه بحق له أهمية كبيرة للمجتمع، وليس فقط بالنسبة للفلاح؛ فهو يصون الثروة الزراعية المصرية».

ويعتبر الفنان التشكيلي المصري خيال المآتة مصدراً للسعادة والبهجة؛ إذ «يسمح للمزارعين بالمرور بلحظة الحصاد من دون حسرة على فقْد محصولهم، كما أنه رمز لبهجة الأطفال والإحساس بالأمان للكبار ضد غزوات الطيور على حقولهم». وفق تعبيره.

غزالة استدعى حكايات وأساطير من طفولته (الشرق الأوسط)

في المعرض تباينت أشكال «خيال المآتة»؛ فقد جعله طويلاً مرة وقصيراً مرة أخرى، ورجلاً وامرأة وطفلاً، يرتدي ملابس متعددة، مزركشة أو محايدة خالية من النقوش والتفاصيل: «ظن زائرو المعرض في افتتاحه أنني أنا الذي فعلت ذلك لـ(خيال المآتة)، لكن الحقيقة أنه الفلاح المصري الذي أبدع في إثراء شكله وتجديده مستعيناً بفطرته المحبة للجمال والفرحة، وما فعلته هو محاكاته مع لمسات من الذاكرة والخيال».

ووفق غزالة فإن «المزارع برع في كسوة هذا المجسم بملابس مختلفة ذات ألوان زاهية، وأحياناً صارخة مستوحاة من الطبيعة حوله، إنها الملابس القديمة البالية لأفراد أسرته، والتي استغنى عنها، وأعاد توظيفها تطبيقاً للاستدامة في أبسط صورها».

الفنان إبراهيم غزالة (الشرق الأوسط)

جمعت الأعمال ما بين الواقعية والتجريدية وتنوعت مقاساتها ما بين متر ومتر ونصف، جسدت بعضها الطيور مثل «أبو قردان»، واحتفى بعضها الآخر بجمال المساحات الخضراء الممتدة والنخيل والأشجار الكثيفة، لكنها في النهاية تلاقت في تعبيرها عن جمال الحياة الريفية البسيطة.