إسرائيل توسع عملية ملاحقة الجريمة في الوسط العربي

بدأت قبل نحو شهرين لتستمر 6 أشهر وستمتد لأشهر أخرى

متظاهرة بين محتجين فلسطينيين في إسرائيل خلال سبتمبر الماضي حملوا شعار «حياة العرب مهمة» (أ.ب)
متظاهرة بين محتجين فلسطينيين في إسرائيل خلال سبتمبر الماضي حملوا شعار «حياة العرب مهمة» (أ.ب)
TT

إسرائيل توسع عملية ملاحقة الجريمة في الوسط العربي

متظاهرة بين محتجين فلسطينيين في إسرائيل خلال سبتمبر الماضي حملوا شعار «حياة العرب مهمة» (أ.ب)
متظاهرة بين محتجين فلسطينيين في إسرائيل خلال سبتمبر الماضي حملوا شعار «حياة العرب مهمة» (أ.ب)

ذكرت صحيفة «هآرتس» العبرية، الأربعاء، أنه سيجري توسيع نطاق العملية الحالية التي تقوم بها الشرطة الإسرائيلية بمساعدة جهاز الأمن العام (الشاباك) وهيئات «إنفاذ القانون» الأخرى، لاستئصال الجريمة من الوسط العربي في إسرائيل.
وبحسب الصحيفة؛ فإن العملية التي بدأت قبل نحو شهرين وكان من المفترض أن تستمر 6 أشهر، ستمتد لأشهر عدة أخرى، وسيتوسع نطاقها.
وقال مسؤول في الشرطة الإسرائيلية إن التعاون مع جهاز «الشاباك» فعال للغاية. ووفقاً لمسؤولين كبار في جهات «إنفاذ القانون»؛ فإن عملية «المسار الآمن» التي بدأت في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حققت نتائج مهمة.
ويقول المسؤول في الشرطة الإسرائيلية إنه لن تظهر نتائج العملية الآن؛ «لكنها ستنعكس على المدى المتوسط، العام المقبل، وبعض النتائج بدأت تظهر بالفعل، والتأثير على السكان سيظهر لاحقاً».
وتشير الصحيفة إلى أن مساهمة جهاز «الشاباك» تتركز على جمع المعلومات الاستخبارية التي تستخدمها الشرطة الإسرائيلية للقبض على «المجرمين المرتبطين بأنشطة الأسلحة». ويقول مصدر مطلع على تفاصيل النشاط إن تدخل جهاز «الشاباك» انعكس بوضوح على «قضايا تتعلق بالسلاح والعلاقة بين الأنشطة (الإجرامية) و(الأمنية)، والتعامل مع الأحداث الخطيرة».
وفي جزء من العملية التي ما زالت جارية، جرى تعريف 370 «مجرماً» بارزاً في أوساط فلسطينيي الداخل، بأنهم من «مرتكبي الجرائم»، وجرى تقديم 58 لائحة اتهام ضد بعضهم، وجرت مصادرة 82 قطعة سلاح، و107 مركبات فارهة، ونحو 100 مليون شيقل. وتقول الصحيفة إنه رغم هذه الحملة، فإن «عدد القتلى في أوساط الفلسطينيين بالداخل لم ينخفض بشكل كبير بعد، وكذلك حوادث إطلاق النار».
والعلاقة بين المجتمع العربي والسلطات الإسرائيلية متوترة؛ بسبب مستوى العنف هناك. والجمعة قتل الشاب محمد إبراهيم برانسي (25 عاماً)، بجريمة إطلاق نار أمام بيته في مدينة الطيبة، ما يرفع إلى 107 عدد الذين قتلوا في المجتمع العربي منذ بداية العام الحالي؛ بينهم 15 امرأة، وهي حصيلة لا تشمل جرائم القتل في منطقتي القدس، وهضبة الجولان.
وتفاقم العنف في المجتمع العربي هذا العام بشكل لافت، وسط اتهامات للشرطة الإسرائيلية بالتقاعس عن مواجهة الجريمة هناك. ويستمر العنف في المجتمع العربي رغم احتجاجات واسعة قام بها العرب وممثلوهم، ورغم مصادقة الحكومة الإسرائيلية على تخصيص أكثر من 30 مليار شيقل، لمحاولة «سد» الفجوات الاجتماعية والاقتصادية وخفض معدلات الجريمة في المجتمع العربي.
وقبل أيام أعلن عن اتفاق بين وزيري؛ الدفاع بيني غانتس، والأمن الداخلي عومير بار ليف، على تشكيل لواء عسكري، يضم عدداً من الكتائب، للتعامل مع المجتمع العربي في إسرائيل، سواء فيما يتعلق بالعمليات الأمنية الاعتيادية المرتبطة بمحاربة ظاهرة السلاح والعنف، ومواجهة أي احتجاجات محتملة في ظل انشغال إسرائيل بالحروب.
وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» إنه سيجري تجنيد قوات من الاحتياط في «حرس الحدود» (قوة شرطية). وبحسب الاتفاق؛ فإن «اللواء» سيضم آلافاً من عناصر حرس الحدود الذين سُرحوا بعد خدمتهم النظامية. وجاءت فكرة إقامة هذا «اللواء» ضمن «استخلاص العِبر» بعد الاحتجاجات القوية التي شهدها المجتمع العربي أثناء الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة في مايو (أيار) الماضي.
وكانت مدن مثل يافا، واللد، والرملة، وحيفا، وعكا، قد شهدت مواجهات غير مسبوقة في تاريخ إسرائيل حذر معها المسؤولون الإسرائيليون بأن البلاد تتجه إلى حرب أهلية. وبعد ذلك؛ قال مسؤولون إن أحد الدروس الإسرائيلية المستخلصة بعد الحرب على غزة، فيما يخص الداخل، كانت «الحاجة إلى تنفيذ خطوات سريعة منذ بداية المعركة».
واتفق غانتس وبار ليف على تعزيز «اللواء» الجديد بضباط من سلاحي المشاة والمدرعات في الجيش الإسرائيلي. وقالت الصحيفة إنه ستكون للواء الجديد مهمة مركبة، وهي المشاركة في العمليات الأمنية الجارية في الأيام العادية، وقمع احتجاجات محتملة أثناء الحروب.
وجرى اختيار قوات حرس الحدود بفضل «خبرتهم التي تراكمت أثناء خدمتهم النظامية». وسيقام لواء الاحتياط هذا العام المقبل، فيما ستجري إقامة لواء آخر في عام 2023، ولواء ثالث في مرحلة لاحقة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.