ليبيا تُخفق في إجراء الانتخابات الرئاسية... وأميركا تعبّر عن «خيبة أملها»

«المفوضية» اقترحت إجراءها في 24 يناير بعد الإعلان رسمياً عن تأجيلها

ستيفاني ويليامز خلال اجتماعها ببعض أعضاء «ملتقى الحوار السياسي» في طرابلس أمس (البعثة)
ستيفاني ويليامز خلال اجتماعها ببعض أعضاء «ملتقى الحوار السياسي» في طرابلس أمس (البعثة)
TT

ليبيا تُخفق في إجراء الانتخابات الرئاسية... وأميركا تعبّر عن «خيبة أملها»

ستيفاني ويليامز خلال اجتماعها ببعض أعضاء «ملتقى الحوار السياسي» في طرابلس أمس (البعثة)
ستيفاني ويليامز خلال اجتماعها ببعض أعضاء «ملتقى الحوار السياسي» في طرابلس أمس (البعثة)

طوت ليبيا مؤقتاً صفحة الانتخابات الرئاسية، بعدما أعلنت «المفوضية الوطنية العليا» أمس تأجيلها رسمياً، وسط حالة من الغضب في صفوف المواطنين. وفي غضون ذلك، أعربت واشنطن عن خيبة أملها، وحثت على لسان المبعوث الأميركي الخاص وسفيرها إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، الأطراف الليبية على التهدئة، والتعجيل بمعالجة العقبات القانونية والسياسية كافة لإجراء الاستحقاق، بما في ذلك «وضع اللمسات الأخيرة على قوائم المرشحين للانتخابات الرئاسية».
وقال الهادي الصغير، رئيس اللجنة البرلمانية المعنية بالانتخابات، في خطاب موجّه إلى رئيس مجلس النواب، إنه «من المستحيل» إجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده غداً (الجمعة)، دون أن يحدد موعداً جديداً لها؛ لكن أمام مطالبة الأطراف الليبية المختلفة مفوضية الانتخابات تحمّل مسؤولياتها، اقترحت صباح أمس إرجاء الانتخابات الرئاسية إلى 24 يناير (كانون الثاني) المقبل، «على أن يتولى مجلس النواب العمل على اتخاذ الإجراءات الكفيلة» بإزالة ما سمته حالة «القوة القاهرة»، التي تواجه استكمال العملية الانتخابية.
وقالت المفوضية، إنه وفقاً للمادة (43) من القانون رقم (1) لسنة 2021 بشأن انتخاب رئيس الدولة وتحديد صلاحياته وتعديلاته، والتي تنص على أن «تُعلن المفوضية عن تأجيل عملية الاقتراع، ويحدد مجلس النواب موعداً آخر لإجراء عملية الاقتراع خلال 30 يوماً»، فإن المفوضية تقترح تأجيل يوم الاقتراع (للجولة الأولى) إلى من 24 يناير المقبل».
ودافعت المفوضية عن نفسها بالقول، إن «التداخل القائم بين المعطيات السياسية، والأحكام القضائية الصادرة بشـأن الطعون الانتخابية، دفع بقرار الإعلان عن القائمة النهائية للمرشحين إلى ما يعرف بحالة القوة القاهرة، التي «أفضت إلى عدم تمكّنها من الكشف عنها، ومن ثم عدم قدرتها على تحديد يوم 24 من ديسمبر (كانون الأول) للاقتراع؛ على الرغم من جاهزيتها الفنية الكاملة لإنجاز العملية في الموعد المحدد». ورأت المفوضية، أن مرحلة الطعون «شكلت منعطفاً خطيراً على مسار العملية الانتخابية، وكانت بمثابة المحطة التي توقفت عندها مساعي الجميع لإنجاز هذا الاستحقاق التاريخي؛ وذلك لاعتبارات لم تكن في متناول القائمين عليها، ومن أبرزها قصور التشريعات الانتخابية فيما يتعلق بدور القضاء في الطعون والنزاعات الانتخابية؛ الأمر الذي انعكس سلباً على حق المفوضية في الدفاع عن قراراتها».
وعلى الرغم من أن الاتجاه العام كان يؤشر مبكراً إلى عدم إجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده لاعتبارات عدة، فإن كثيراً من الليبيين تعاملوا مع قرار تأجيله بمنطق الصدمة، وطالبوا برحيل السلطة التنفيذية الحالية لكونها كانت مكلفة تذليل العقبات لإجراء الانتخابات.
وتطرقت المفوضية إلى موقفها من الانتخابات النيابية، بالقول، إن عملية التدقيق في طلبات المرشحين، البالغ عددهم 5385 شخصاً، «قاربت على الانتهاء، وهي في طور المراجعة النهائية، وفور تسلمنا ردود شركائنا في عملية التدقيق، ومدى انطباق شروط الترشح الواردة بالقانون، سوف نعلن عن القوائم الأولية، ومن ثم البدء في مرحلة الطعون».
وانتهت المفوضية بالرد على منتقديها، قائلة، إن «الاتهامات الموجهة إلينا بالتقصير والتسيس مجرد حملات للتشويش والتظليل، هدفها النيل من سمعة المفوضية، وعرقلة هذا الاستحقاق بما يخدم أجنداتهم العبثية».
وأمام تصاعد نبرات التهديد في العاصمة طرابلس، سارع السفير الأميركي ريتشارد نورلاند إلى القول، إن «هذا ليس هو الوقت المناسب لاتخاذ إجراءات أحادية الجانب، أو عمليات انتشار مسلّح تنطوي على خطر التصعيد، وعواقب غير مقصودة تضرّ بأمن الليبيين وسلامتهم»، وطالب بـ«اتباع الخطوات التي يمكن أن تستمر في تهدئة الوضع الأمني المتوتر في طرابلس، أو في أي مكان آخر في ليبيا».
كما تحدث نورلاند في بيان أمس، عن أولوية العمل باتجاه إتمام الانتخابات، «بما يتماشى مع الرغبات القوية لعموم الليبيين»، وقال، إن بلاده «تشارك الغالبية العظمى من الليبيين «القلق وخيبة الأمل، لكونهم انتظروا إتاحة الفرصة لهم للتصويت من أجل مستقبل بلدهم». مكرراً دعوة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى «حل الخلافات التي تنشأ حول المسائل السياسية أو العسكرية، دون اللجوء إلى العنف».
وتواجه حكومة «الوحدة الوطنية»، التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، تهديداً بعد الحديث عن الاتجاه لتشكيل حكومة انتقالية بديلة في شرق ليبيا. ونقلت وسائل إعلام محلية عن الهادي الصغير، رئيس اللجنة البرلمانية المعنية بالانتخابات، قوله إن «ولاية هذه الحكومة ستنتهي غداً (الجمعة)». لكن مؤيدين للحكومة يعارضون هذا الإجراء.
وسعياً منها لضبط العملية السياسية، وخوفاً من عودة الصراع ثانية؛ التقت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، ستيفاني ويليامز، مساء أول من أمس بعض أعضاء «ملتقى الحوار السياسي»، الذي انتخب السلطة التنفيذية مطلع العام الحالي، وقالت، إنها أجرت «نقاشاً صريحاً حول العملية الانتخابية، وتنفيذ خريطة طريق الملتقى، مع الالتزام بدعم ومواصلة المضي قدماً، بناءً على موقف مبدئي يستند على خريطة الطريق، والحاجة إلى انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية».
كما التقت ويليامز أمس عبد الرحمن السويحلي، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة وعضو «ملتقى الحوار»؛ لمناقشة التطورات الأخيرة، وتنفيذ خريطة طريق الملتقى، وجرى التأكيد على أهمية الحفاظ على استقرار ‫ليبيا، ‬ والمضي قدماً لدعم جهود تحقيق الازدهار لشباب ليبيا والأجيال القادمة.
وشكّل مجلس النواب أمس لجنة للعمل على إعداد مقترح لـ«خريطة طريق» جديدة خلال مرحلة ما بعد 24 ديسمبر (كانون الأول). وأوضح، أن اللجنة، المكونة من 10 أعضاء، مكلفة إنجاز مهمتها خلال أسبوع من تاريخ تشكيلها، ثم إرسال تقرير إلى هيئة رئاسة المجلس، التي تقرر عرضه في أول جلسة عامة له.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.