إسبانيا تدخل الدائرة الوبائية الحمراء

جلسة برلمانية في مدريد أمس ويبدو إلى اليسار رئيس الوزراء سانشيز (إ.ب.أ)
جلسة برلمانية في مدريد أمس ويبدو إلى اليسار رئيس الوزراء سانشيز (إ.ب.أ)
TT

إسبانيا تدخل الدائرة الوبائية الحمراء

جلسة برلمانية في مدريد أمس ويبدو إلى اليسار رئيس الوزراء سانشيز (إ.ب.أ)
جلسة برلمانية في مدريد أمس ويبدو إلى اليسار رئيس الوزراء سانشيز (إ.ب.أ)

دخلت إسبانيا الدائرة الوبائية الحمراء على أبواب عطلة الميلاد ورأس السنة، بعد أن حطمت الإصابات الجديدة أعلى رقم قياسي منذ بداية الجائحة، وسجلت مدريد أكثر من 12 ألف إصابة، فيما ارتفعت الأصوات المطالبة بتدابير جذرية «منعاً لحدوث مجزرة صحية مطلع العام المقبل»، كما جاء في بيان الهيئة الوطنية للطواقم الصحية الذي وصف الوضع بـ«المأساوي» في بداية هذه الموجة السادسة التي لم تبلغ بعد ذروتها.
وقال ناطق باسم نقابة الأطباء، إن الضغط على جميع الأقسام في معظم المستشفيات يتزايد بسرعة، في الوقت الذي تنخفض الموارد البشرية لأسباب عدة؛ منها ارتفاع عدد الإصابات بين أفراد الطواقم الصحية، وحالات الإنهاك النفسي والجسدي، والإجازات وعدم ملء الوظائف الشاغرة. يذكر أن المستشفيات الإسبانية كانت أوقفت العقود التي وقعتها مع أكثر من 20 ألف طبيب وممرض لتعزيز الخدمات الصحية خلال المراحل الأولى من الجائحة.
وأفادت وزارة الصحة الإسبانية بأن عدد الإصابات الجديدة خلال الـ24 ساعة المنصرمة، لامس، الخمسين ألفاً، منها 12 ألفاً في العاصمة مدريد، وأن المعدل التراكمي على مدى أسبوعين بلغ 695 إصابة لكل مائة ألف مواطن، أي بزيادة 68 في المائة على الأسبوع الفائت. وجاء، في بيان وزارة الصحة، أن عدد الحالات التي تعالج في المستشفى زادت بنسبة 20 في المائة على الأسبوع الماضي، وأن الإصابات الخطرة التي أحيلت إلى وحدات العناية الفائقة ارتفعت بنسبة 21 في المائة.
ورغم أن هذه الأرقام ما زالت بعيدة عن تلك التي شهدتها إسبانيا في المراحل الأولى من الجائحة، فإن معدل الازدياد يرتفع بسرعة غير مسبوقة بحيث يتوقع الخبراء أن يتجاوز الأرقام السابقة مع مطالع السنة المقبلة.
إلى جانب ذلك، أفادت النتائج الأولية لدراسة واسعة أجراها معهد العلوم الفيروسية، التابع لمستشفى سان كارلوس الجامعي في مدريد، بأن الأعراض التي تظهر على المصابين بالمتحور الجديد تختلف عن تلك التي ترافق الإصابة بالطفرات السابقة، خاصة دلتا التي ما زالت هي السائدة في جميع البلدان الأوروبية. ويقول البروفسور فيسنتي مارتين إن هذا التباين في الأعراض، يعود إلى التحولات الكثيرة التي يحملها «أوميكرون» في مادته الوراثية، ولا يستبعد أن تظهر تباينات أخرى في الأسابيع والأشهر المقبلة، عندما يسود هذا المتحور كما تشير التطورات الوبائية الأخيرة.
يذكر أن القرائن الأولى على الأعراض المختلفة التي ترافق الإصابة بالمتحور الجديد، ظهرت أواخر الشهر الماضي في أوسلو، عندما أصيب 111 شخصاً خلال عشاء حضره وافد قبل يومين من جنوب أفريقيا. وكان جميع الحضور ملقحين بالدورة الكاملة وسبق أن خضعوا لاختبار سريع قبل العشاء أكد عدم إصابتهم، لكن أصيب 74 في المائة منهم ولم يفقد حاسة الشم سوى 12 في المائة من المصابين، علماً بأن هذه النسبة تصل إلى 70 في المائة في الحالات الناجمة عن الطفرات الفيروسية السابقة. ولم يعالج في المستشفى أي من المصابين خلال ذلك العشاء الذين كان معدلهم العمري 39 عاماً.
وتفيد الدراسة الإسبانية التي شملت 840 إصابة خلال النصف الأول من الشهر الجاري، بأن الأعراض التي ترافق الإصابة بالمتحور الجديد تشبه عوارض الحساسية، مثل العطس المتكرر وارتفاع طفيف في درجة الحرارة وإنهاك خفيف في المفاصل، ما يحمل على الاعتقاد، بأن الإصابة ناجمة عن فيروس الإنفلونزا.
يقول البروفسور مارتين، إنه من السابق لأوانه الاستنتاج أن الإصابة بـ«أوميكرون» أقل خطورة من الطفرات السابقة، سيما أن معظم الحالات التي شملتها الدراسات الأولية هي بين الشباب، فيما يلاحظ أن الإصابات بين المسنين الذين تجاوزوا الستين تحمل خطورة أشد، وغالباً ما تستدعي العلاج في المستشفى أو في وحدات العناية الفائقة. وكان المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منها قد نبه إلى الارتفاع المطرد في عدد الوفيات الذي يرافق اتساع دائرة انتشار المتحور الجديد في البلدان الأوروبية، بما فيها تلك التي بلغت نسبة عالية من التغطية اللقاحية.
ويرجح مارتين بإمكان الجزم، بأن خطورة «أوميكرون» هي أقل من الطفرات السابقة، وذلك استناداً إلى الدراسات التي أجريت في جامعتي هونغ كونغ وكامبريدج، وأظهرت أن المتحور الجديد يتكاثر في القصبات الهوائية العليا بنسبة تضاعف 70 مرة الطفرات السابقة، لكن قدرته على الدخول إلى نسيج القصبات الهوائية السفلى، أي الرئتين حيث تحصل الالتهابات التي تميز الإصابة الخطرة، هي أدنى بكثير وتكاد تكون شبه معدومة عند الأصحاء والملقحين بالجرعة المعززة. لكنه يحذر حتى إذا تأكدت هذه الفرضية، يبقى أن هذا المتحور يشكل خطراً كبيراً جداً على الصحة العامة من حيث سرعة السريان الفائقة التي يتميز بها، مع احتمال قدرته على التهرب من الحماية المناعية التي توفرها اللقاحات المتداولة.


مقالات ذات صلة

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

صحتك صورة توضيحية لفيروس «كوفيد-19» (أرشيفية - رويترز)

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

منذ ظهور العوارض عليها في عام 2021، تمضي أندريا فانيك معظم أيامها أمام نافذة شقتها في فيينا وهي تراقب العالم الخارجي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».