السيسي يؤكد عدم القدرة على إنفاق مزيد من الدعم على المصريين

قال إنه كان سبباً في تأخر التنمية لعشرات السنوات

TT

السيسي يؤكد عدم القدرة على إنفاق مزيد من الدعم على المصريين

شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على عدم قدرة الدولة على إنفاق المزيد من الدعم على المصريين، منبهاً إلى أن «ذلك الإنفاق كان سببا في تأخر الدولة لعشرات السنوات في مجال التنمية، وهو أمر غير موجود في الكثير من دول العالم».
وذكر السيسي خلال افتتاحه مشاريع تنموية بصعيد مصر، أمس، أن بطاقات تموين السلع الأساسية لن تشمل بعد ذلك أكثر من طفلين، مضيفا أنه ينبغي على حديثي الزواج ألا يتوقعوا من الدولة إطعام أطفالهم بعد الآن.
وسبق أن أعلن السيسي في أغسطس (آب) الماضي عزمه زيادة أسعار الخبز المدعوم، في قرار أحدث صدى واسعا.
ويوفر برنامج الدعم الواسع في مصر مواد أساسية، مثل الخبز والأرز والسكر لأكثر من 60 مليون مصري، حيث يقع حوالي 30 في المائة من السكان تحت خط الفقر الحكومي، ويعاني الكثيرون من عدم توافر المياه، أو الصرف الصحي.
وتصدر بطاقات الدعم عن وزارة التموين، وكان بإمكان المستفيدين منها في السابق إضافة أفراد بشكل روتيني على بطاقات الدعم، التي تصدرها وزارة التموين إذا كبرت أسرهم، بعد ولادة طفل على سبيل المثال.
وقال السيسي أمس إنه «لا يمكن إصدار بطاقة تموين ثانية لأحد يتزوج، لأنه لو ظل ينتظر الدولة تعطيه بطاقة تموين، فهو غير قادر على الإنفاق».
وأضاف السيسي موضحا أن «هذه ثقافة تشكلت في وجدان الناس ولا توجد سوى في بلدنا. يشتري الشخص منتجا بأقل من ثمنه، ويحصل على الخدمة بأقل من ثمنها، وعندما ينجب... يتوقع أن يتم الإنفاق على أطفاله».
وذكر السيسي أن القرار لن يؤثر على حاملي البطاقات الصادرة من قبل، لكن أي بطاقة جديدة ستشمل فردين فحسب. دون أن يشير إلى موعد سريان هذا التغيير.
كما تناول السيسي ظاهرة البناء على الأراضي الزراعية، منبها إلى «أننا نفقد الكثير من فرص العمل عندما يتم البناء على تلك الأراضي». وقال بهذا الخصوص: «يمكن أن نبني المزيد من المدن الجديدة، لكن القضية تكمن في ثقافة أهالينا في الصعيد والدلتا، ومدى استعدادهم لترك سكنهم الذي أقيم على الأراضي الزراعية، والتوجه إلى تلك المدن، والمقارنة بين سعر الوحدة السكنية التي يحصلون عليها في تلك المدن أو فوق الأراضي الزراعية»، معتبرا أن ذلك هو التحدي الذي يجب أن نركز عليه.
في سياق ذلك، أشار السيسي إلى أن التجمعات العمرانية الجديدة تهدف إلى مواجهة النمو السكاني، والحفاظ على الرقعة الزراعية، مشددا على ضرورة مواجهة تحديين يتمثلان في ثقافة التعدي على الأراضي الزراعية، وثقافة النمو السكاني. ومبرزا أن الهدف من وراء الافتتاحات والمؤتمرات «استخلاص الدروس لتشكيل فهم مشترك جماعي تجاه قضايانا، ومنها قضية الزيادة السكانية، وذلك لضمان توجيه جهودنا المشتركة لحل تلك القضايا».
كما شدد الرئيس على أن ما يهمه هو الحفاظ على الدولة المصرية، مبرزا أن ما تقوم به الدولة من جهود يهدف إلى تحقيق نمو ورخاء مناسبين. وضرب على ذلك مثلا بـ«مبادرة حياة كريمة»، التي تهدف إلى تحقيق قفزة تنموية في ريف وقرى مصر، واختصار مدة إقامة المشروعات من 10 إلى 3 سنوات فقط، محذرا من أنه في ظل المعدلات السكانية الحالية فإن «مبادرة حياة كريمة» ستحتاج إلى امتداد مستقبلي في كافة القطاعات، من مدارس ومياه وصرف وكهرباء، وخدمات صحية وغيرها، «وبالتالي سنجد أنفسنا نحتاج إلى المزيد من الخدمات التي لم يكن مخططا لها».
ودعا الرئيس السيسي إلى «تغيير ثقافة المواطنين، والتوقف عن انتظار الحصول على الخدمات من الدولة بأقل من تكلفتها الحقيقية». مؤكدا حرص الدولة على معالجة المياه، والاستفادة منها طبقا للمعايير التي حددتها منظمة الصحة العالمية، وإجراء معالجة ثلاثية متطورة للاستفادة منها لضمان عدم إضرارها بصحة المواطنين.
وفي هذا السياق أشار السيسي إلى أن الدولة أنفقت مليارات الجنيهات لتشييد محطات معالجة المياه، ومن بينها الصرف الصحي والزراعي، مثل محطتي «بحر البقر» و«الحمام»، اللتين تستخدمان في معالجة مياه الصرف الزراعي، مضيفا «أننا سنستغل كل الفرص لإعادة استخدام المياه وتدويرها مرة ثانية وثالثة».
كما شدد الرئيس على أن مصر ستكون في قمة الدول التي تتعامل مع المياه بأفضل قدر من الترشيد والاقتصاد، لافتا إلى أن الدولة أنفقت 300 مليار جنيه على محطات معالجة المياه خلال الأعوام الثلاثة أو الأربعة الماضية.
وافتتح السيسي أمس مجمع إنتاج البنزين بشركة أسيوط لتكرير البترول في محافظة أسيوط، بالإضافة إلى عدد من المشروعات التنموية الأخرى في نطاق إقليم الصعيد.



سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.