واشنطن تتهم إيران باستهداف قواتها ودبلوماسييها عبر الحوثي

تقرير يرصد 4100 هجوم على السعودية خلال 5 أعوام

TT

واشنطن تتهم إيران باستهداف قواتها ودبلوماسييها عبر الحوثي

اتهمت الولايات المتحدة، إيران بتهديد الأمن الدولي والإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، كما أنها تهدد أميركا بشكل مباشر عبر دعم جماعة الحوثيين في اليمن، التي تستهدف القوات الأميركية، والدبلوماسيين، وكذلك شركاء واشنطن في المنطقة، مؤكدة أنها مستمرة في مواجهة أنشطة إيران، بما في ذلك دعمها لجماعة الحوثي في اليمن.
وفي تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، قالت «الخارجية» الأميركية، إن الإجراءات التي تتخذها جماعة الحوثي تعد «إهانة لجميع اليمنيين»، وكذلك المجتمع الدولي بأسره، متهمة الجماعة المتمردة في اليمن بأنها «لا تحترم موظفي الحكومات الأجنبية».
وأفادت بأن تيم ليندركينغ، المبعوث الأميركي لليمن، ناقش مع المبعوث السويدي الخاص لليمن بيتر سيمنيبي، احتجاز الحوثيين غير المقبول لموظفي الولايات المتحدة والأمم المتحدة المحليين في صنعاء.
بدوره، اتهم نيد برايس، المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية، إيران بأنها تهدد الأمن الدولي والإقليمي، وذلك من خلال دعمها للجماعات المسلحة، وأنها بذلك تهدد القوات الأميركية، وموظفيها الدبلوماسيين وشركائها في المنطقة وفي أماكن أخرى، مؤكداً أن الإدارة الأميركية ملتزمة بمواجهة «التأثير المزعزع للاستقرار»، والدور الذي تلعبه إيران في جميع أنحاء المنطقة، «بما في ذلك دعمها لوكلائها وعناصر أخرى في اليمن».
وقال برايس، خلال مؤتمره الصحافي، إن هجوم الحوثيين لا يزال يشكل «عقبة خطيرة» أمام جهود السلام، كما أنه يؤدي إلى «تفاقم الأوضاع الإنسانية على الأرض»، لافتاً إلى الحالة الإنسانية المتدهورة التي يعيشها اليمن، حتى أصبح موطناً «لواحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، إن لم تكن الأسوأ»، وأن الهجوم العسكري المستمر من جانب الحوثيين، يسهم في زيادة ذلك.
وفي سياق متصل، رصد تقرير حديث أصدره «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية»، الهجمات والعمليات التي شنها الحوثيون على السعودية خلال 5 أعوام منذ 2016 حتى 2021، بلغت أكثر من 4100 هجوم، مرجعة ذلك إلى الدعم الإيراني لجماعة الحوثي، الذي زادت وتيرته خلال العام الجاري 2021.
وقال التقرير الذي نقلته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، إن هجمات جماعة الحوثي المسلحة المدعومة من إيران، تضاعفت ضد السعودية هذا العام أكثر من وتيرتها العام الماضي، وخلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2021، بلغ متوسط هجمات الحوثيين على السعودية 78 هجوماً شهرياً، أو 702 هجوم في المجمل خلال 2021.
وأضاف التقرير أنه خلال نفس الفترة من عام 2020 بلغ المتوسط الشهري 38، وهو ما يقدم صورة أوضح لصراع إقليمي طويل الأمد على دول المنطقة تطور إلى حرب بالوكالة، وتتحكم بها إيران عن طريق الميليشيات المسلحة التابعة لها في المنطقة، ويشير التقرير إلى أن حزب الله اللبناني، المدعوم أيضاً من إيران، قد زوّد الحوثيين بالسلاح والتدريب.
وقال سيث جونز، المحلل البارز لبرنامج الأمن الدولي في «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية»، إن الدعم «منخفض التكلفة» نسبياً من إيران وحزب الله، يجعل هجمات الحوثيين على السعودية «فعالة للغاية» بزيادة تكلفة خسائر الحرب، مضيفاً أن «إنتاج الحوثيين والإيرانيين رخيص للغاية، ومكلف للغاية بالنسبة للسعوديين للدفاع ضدهم».
وأشار إلى أن هجمات الحوثيين التي يفحصها التقرير، نفذت من خلال صواريخ باليستية وصواريخ كروز، وبشكل أساسي بواسطة طائرات دون طيار «درونز»، التي غالباً ما تُستخدم ضد البنية التحتية المدنية السعودية باستهداف المطارات والمنشآت الأخرى.
وذكر التقرير أن الهجمات البحرية على ناقلات النفط وأهداف أخرى، هي أيضاً تكتيك للحوثيين، مفيداً بأن الحوثيين شنوا 24 هجوماً ناجحاً أو محاولة هجوم باستخدام طائرات دون طيار، بين يناير (كانون الثاني) 2017 ويونيو (حزيران) 2021، معظمها حول الموانئ اليمنية، رغم أن الهجمات الأخيرة لم تعطل بشكل كبير شحن النفط أو إنتاجه.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.