سفراء 5 دول يروون قصّتهم مع التحدث بالعربية

أشادوا بدور السعودية في نشر لغة الضاد... وأثنوا على لهجة أهلها

سفراء خمس دول آسيوية يسترجعون ذكرياتهم مع اللغة العربية في لقاء نظّمه النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية مساء أول من أمس في مدينة الدمام
سفراء خمس دول آسيوية يسترجعون ذكرياتهم مع اللغة العربية في لقاء نظّمه النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية مساء أول من أمس في مدينة الدمام
TT

سفراء 5 دول يروون قصّتهم مع التحدث بالعربية

سفراء خمس دول آسيوية يسترجعون ذكرياتهم مع اللغة العربية في لقاء نظّمه النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية مساء أول من أمس في مدينة الدمام
سفراء خمس دول آسيوية يسترجعون ذكرياتهم مع اللغة العربية في لقاء نظّمه النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية مساء أول من أمس في مدينة الدمام

للغة الضاد حلاوة تجذب حتى غير الناطقين بها، ذلك ما أجمع عليه سفراء خمس دول آسيوية، جمعهم إتقان التحدث باللغة العربية لاسترجاع ذكرياتهم في تعلمها، في لقاء نظمه النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية مساء أول من أمس، بمدينة الدمام، وخلال اللقاء أثنوا على جهود السعودية في نشر لغة الضاد، ودعم تعلمها. السفير الياباني فوميو إيواي، الذي بدأت رحلته في تعلّم اللغة العربية قبل نحو 40 عاماً، أبدى إعجابه بارتباط السعوديين الدائم بذكر الله في عبارات الشكر والثناء، قائلاً «عندما تشكرون بعضكم بعضاً تقولون (جزاك الله خيراً - الله يعطيك العافية - الله يبشّرك بالخير)، وهذه العبارات كلها جميلة جداً؛ لأنها تبعث على السكينة والطمأنينة».
وأكد إيواي، أن التبادل الثقافي بين الشعوب هو مصدر غنى وثراء، مبيناً أن الثقافتين العربية واليابانية تجمعهما الكثير من القواسم المشتركة، على رأسها القيم الإنسانية المشتركة. مشيراً إلى أن تعلّم اللغة العربية الفصحى ما زال صعباً بالنسبة إليه، خاصة مع تشابه بعض الأحرف (مثل: التاء والطاء) والتي هي غير موجودة في اللغة اليابانية، مستحضراً مواقف طريفة عدة صاحبته بهذا الشأن.
أما سفير طاجيكستان أكرم كريمي، فأدهش الحضور بفصاحة لسانه؛ إذ ألقى بيتاً شهيراً لأمير الشعر أحمد شوقي (إن الذي ملأ اللغات محاسنا... جعل الجمال وسره في الضاد). مشيراً إلى اهتمام الشعب الطاجيكي الكبير باللغة العربية، وتابع «هناك شعراء في طاجيكستان يهتمون باللغة العربية، وهناك مترجمون يترجمون الأشعار من العربية إلى الطاجكية والعكس، حتى أن النشيد الوطني الطاجيكي تمت ترجمته إلى اللغة العربية، ونحن مع هذا التوجه». وأكد كريمي تعاون بلاده مع المؤسسات العلمية والثقافية والأدبية في السعودية لتعزيز حضور اللغة العربية، واصفاً نفسه بالمحظوظ لكونه يستطيع التحدث بلغة الضاد، ولأنه يجيد العربية فقد سبق أن اختاره رئيس جمهورية طاجيكستان مترجماً خاصاً، مؤكداً أن رئيس بلاده من المحبين والمهتمين باللغة العربية. من جانبه، أثنى سفير كازخستان بيريك آرين، على اللغة العربية لقيمتها التاريخية المرتبطة مع نزول القرآن الكريم، قائلاً «كل الشعوب على كوكبنا تولي عناية كبيرة باللغة العربية». وأشار إلى أن انتشار اللغة العربية بدا ملحوظاً في القرن التاسع. وعن تجربته الشخصية يقول آرين «أنا من جيل وُلد وتعلّم في عصر الاتحاد السوفياتي، وبالتالي لم أكن أعرف عن اللغة العربية إلا شيئاً بسيطاً». وأبان أنه في عقد الثمانينات من القرن العشرين تمكّن من دراسة اللغة العربية.
وعن الوضع اليوم في كازخستان، أفاد بأنه يختلف بشكل كبير مع تزايد الاهتمام باللغة العربية، حيث أصبحت جامعات عدة تهتم بتدريسها، على رأسها جامعة الفارابي الوطنية، وجامعة «نور مبارك» للثقافة الإسلامية، وهي جامعة مشتركة مصرية وكازاخستانية.
وأكد سفير كازخستان الدور الكبير الذي تبذله السعودية في نشر اللغة العربية في كازخستان، مبيناً أن عشرات الكازاخستانيين ممن تعلموا في السعودية أصبحوا أساتذة في بلدهم. كاشفاً عن وجود كلمات كازاخستانية تعود للغة العربية (مثل: دفتر - كتاب - أدب) وهو ما يراه أمراً سهّل من تعلمها.
بدوره، قال سفير البوسنة والهرسك محمد يوسيتش، إن «اللغة العربية لها مكانة خاصة بين مسلمي شعب البوسنة والهرسك، وقد بدأ الاهتمام بتعلم اللغة العربية منذ القرن الخامس عشر تزامناً مع الفتح الإسلامي لبلادنا والإقبال الكبير من البوسنيين على دخول الإسلام». وأوضح، أن تأثير اللغة العربية لم يقتصر فقط على بلاد البوسنة والهرسك، بل شمل كل البلدان المجاورة لها.
وكشف يوسيتش أن مسلمي البوسنة لديهم كتيب خاص وشهير يتضمن دروساً من كل حرف، يتعلم به من لا يعرف العربية. مضيفاً «الأحرف العربية تعلمتها من هذا الكتيب الصغير، وكل بوسني مسلم يتعلم الأحرف العربية وهو في سن السادسة أو السابعة، في كتاتيب المساجد القريبة من بيوتنا».
من جهته، استعرض قنصل أوزبكستان الدكتور بهرام شرييوف، مسيرة تعلّمه للغة العربية، مؤكداً أنها أعطته الكثير، منها زيارة دول المشرق والمغرب، وكذلك بذل جهود التعاون بين السعودية وأوزبكستان، قائلاً «العلاقات السعودية - الأوزباكستانية تتطور من يوم إلى آخر، وفي هذه السنة تم القيام بتبادل الزيارات لوفود عديدة بين البلدين».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».