المباني المخالفة أسهمت في كارثة السيول بأربيل

البحث عن طفل مفقود... و2509 عائلات تضررت

جانب من الفيضانات التي ضربت أربيل الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
جانب من الفيضانات التي ضربت أربيل الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

المباني المخالفة أسهمت في كارثة السيول بأربيل

جانب من الفيضانات التي ضربت أربيل الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
جانب من الفيضانات التي ضربت أربيل الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

من مصيف صلاح الدين، الواقع شمال شرقي مدينة أربيل، ونتيجة للأمطار الغزيرة، تدفقت السيول مساء السبت الماضي إلى مناطق مأهولة بالسكان. في صباح اليوم التالي تدفقت الأخبار السيئة عن الضحايا؛ العشرات من المدنيين ماتوا غرقاً، أو فقد أثرهم منذ اجتياح السيول لمناطقهم.
وبحسب بيانات حكومية، فإن فرق الإنقاذ انتشلت 12 جثة، فيما لا يزال البحث جارياً عن طفل يبلغ من العمر 10 شهور وراعٍ للمواشي. يعتقد متطوعون أسهموا في عمليات البحث أن السيول جرفت المفقودين إلى مناطق بعيدة، قد تكون خارج المدينة.
وظهرت والدة الطفل، دانا نبز، في مقطع فيديو من بلدة «قوش تبه» مصابة بالذهول وتسأل من حولها البحث عنه في مكان قريب من المنزل، مرت أربعة أيام ولم يفلح أحد في العثور عليه. وقالت السيدة التي تبلغ من العمر 40 عاماً، وهي تقف على حافة مجرى السيول: «أرجوكم... أعيدوا لي ابني».
وقال رجل يسكن في المنطقة، إن السيول دخلت الأزقة بسرعة هائلة، ولم يكن أحد يعرف كيف يتعامل معها، «البعض صعد إلى سطح المنزل حاملاً أطفاله»، لكن البقية لم يسعفهم الوقت». وبحسب شهود عيان، فإن السيول جرفت الطفل من أمام منزله شرق أربيل وأخذته إلى حيث صنعت السيول مجراها بعيداً عن المدينة، لكن العائلة لا تزال تأمل في أن تجد طفلها حياً.
فقدان دانا حفز المتطوعين في المدينة إلى الانخراط مع فرق الدفاع المدني في إقليم كردستان لتمشيط مقتربات الأنهر، ومجرى السيول إليها. وشارك نحو 300 شخص في عمليات البحث، وحتى ساعة كتابة هذا التقرير لم يعرف مصير الراعي، ولا الطفل. وقال ضابط برتبة ملازم في الدفاع المدني، لـ«الشرق الأوسط، إن «عمليات البحث وصلت إلى جنوب أربيل (...) لن نتوقف حتى نعثر على المفقودين». وجرفت السيول في طريقها عجلات كانت متوقفة، وأظهرت صور متداولة عشرات العجلات محشورة بين الأشجار والمنازل وهي محطمة، فيما يقول مسؤولون إن منشآت حكومية وأبنية خاصة تعرضت إلى الدمار بفعل السيول.
ووفقاً لتقديرات أعلنها محافظ أربيل أوميد خوشناو، فإن الأضرار الناجمة عن السيول التي اجتاحت 15 منطقة تقدر بنحو 21 مليار دينار عراقي، وقال إن الأضرار توزعت بين 2509 عائلات، 402 منزل، و867 عجلة، 153 محلاً تجارياً، فضلاً عن منشآت تجارية.
ويبدو أن حجم الضرر الذي خلفته السيول، وهو الأشد منذ سنوات، يعود إلى تلاعب بقنوات تصريف المياه، وبحسب خبراء في الإقليم فإن مياه الأمطار كانت تصرف منذ عقود عبر مجارٍ طبيعية شكلتها عوامل بيئية. وقالت رئيسة برلمان إقليم كردستان، ريواز فائق، إن التوسع العمراني الذي شهدته أربيل خلال السنوات الماضية يقف وراء هذه القوة من السيول. وبحسب ناشطين، فإن عدداً من المشاريع الإنشائية بنيت فوق المجرى الطبيعي للمياه، والذي كان ينقل المياه إلى نهر الزاب والخازر. وقال أحد الناشطين لـ«الشرق الأوسط»، إن محطات وقود، ومحلات تجارية، ومجمعات سكنية قطعت مسار المجرى الطبيعي، وبسبب قوة السيول تحولت إلى المناطق المأهولة بالسكان، وتسببت بها الحجم من الأضرار.
وقالت مصادر مطلعة، إن جهات حكومية تدرس تشكيل لجنة للكشف على التجاوزات التي قطعت قنوات التصريف، لكن صعوبة أزالتها قد تدفع السلطات إلى إنشاء مجرى جديد يتجنب كارثة أخرى.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.