غوتيريش يلقي تبعة الأزمة «على اللبنانيين جزئياً»... وعلى قوى خارجية

وقف دقيقة صمت عند «نقطة الانفجار» في مرفأ بيروت حداداً وطالب بـ«المساءلة»

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أثناء زيارته مدرسة في طرابلس تُدار من قبل وكالة «أونروا» للاجئين الفلسطينيين (أ.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أثناء زيارته مدرسة في طرابلس تُدار من قبل وكالة «أونروا» للاجئين الفلسطينيين (أ.ب)
TT

غوتيريش يلقي تبعة الأزمة «على اللبنانيين جزئياً»... وعلى قوى خارجية

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أثناء زيارته مدرسة في طرابلس تُدار من قبل وكالة «أونروا» للاجئين الفلسطينيين (أ.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أثناء زيارته مدرسة في طرابلس تُدار من قبل وكالة «أونروا» للاجئين الفلسطينيين (أ.ب)

وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الوضع في لبنان بأنه «مأساوي وصعب للغاية»، ملقياً تبعات هذا الوضع على «اللبنانيين بشكل جزئي»، ولكنه اعتبر أن هناك المسؤوليات ملقاة على «عاتق جهات خارج لبنان» بسبب مضاعفات الأوضاع في المنطقة. وأعلن أنه «متشجع» بما سمعه من زعماء البلاد لجهة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها خلال الربيع المقبل، واعتزامهم مواصلة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لإقرار خطة إنعاش اقتصادية ومالية.
واستهل الأمين العام للمنظمة الدولية اليوم الثاني من زيارته اللبنانية باستقبال ستة من زعماء الطوائف اللبنانية، هم مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وبطريرك الروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي، وبطريرك الأرمن الأرثوذكس الكاثوليكوس آرام الأول كشيشيان، والشيخ مهدي اليحفوفي ممثلاً نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى.
وقدمت الأمانة العامة للأمم المتحدة قراءة، جاء فيها، أن المجتمعين عبّروا عن «التزامهم قيم الانفتاح والتسامح والتعايش باعتبارها جوهر هوية لبنان واستقراره». وعبّروا عن «عزمهم التركيز على ما يوحّد لبنان ويجمع أبناءه».
وعلى رغم الطقس العاصف والماطر، توجه غوتيريش عقب الاجتماع مع رجال الدين إلى مرفأ بيروت، حيث وقف دقيقة صمت حداداً على أرواح الضحايا الذين سقطوا في التفجير الذي ضرب بيروت عام 2020 وتضامناً مع ذويهم ومع الجرحى. وكذلك زار النصب التذكاري لما بات يعتبر «الغراوند زيرو»، نقطة الانفجار الذي وقع في 4 أغسطس (آب) 2020 ودمر جزءاً كبيراً من العاصمة بيروت. وإذ أقر لاحقاُ بـ«المعاناة»، قال «أعرف أن الشعب يريد معرفة الحقيقة، ويريد التوصل إلى المساءلة الملائمة» في موضوع الانفجار.
وبعد اجتماع «بناء للغاية» مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، عبر غوتيريش عن اعتقاده أن اللبنانيين هم «الوحيدون الذين يستطيعون إيجاد حل لأزمات بلادهم»، علماً بأنه «ينبغي على المجتمع الدولي أن يعزز دعمه للبنان لتجاوز الظروف الصعبة الذي يمر بها». وأكد، أن الأمم المتحدة «ستفعل كل ما في وسعنا لتعبئة المجتمع الدولي لتعزيز الدعم للبنان على المسار الإنساني والإنمائي وإعادة هيكلة كل أوجه الاقتصاد والوضع المالي للبلاد». وأشار إلى أنه ناقش موضوع القوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان، اليونيفيل في منطقة الجنوب، مشدداً على «ضرورة وقف كل الانتهاكات لوقف النار». ولفت إلى «أهمية التعاون بين اليونيفيل والجيش اللبناني» و«ضرورة أن يقدم المجتمع الدولي دعماً إضافياً للجيش». وأضاف «سنفعل كل ما في وسعنا لتسهيل المفاوضات من أجل التوصل إلى حل سريع لترسيم الحدود البحرية حتى يتسنى للبنان الاستفادة من الثروات الطبيعية الموجودة فيه»، معتبراً أن ذلك «سيساهم في معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تعانيها البلاد». وشدد أيضاً على أن «الوقت حان لكي يتحد الزعماء السياسيون ويتجاوزوا الانقسامات والاختلافات»، كما أنه «آن الأوان لكي يعزز المجتمع الدولي دعمه لشعب لبنان».
أما بري، فلفت إلى الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للأراضي اللبنانية، متهماً إسرائيل بأنها «لا تريد أي دور للأمم المتحدة في أي مهمة تتعلق بالجنوب اللبناني ولبنان». وأشار إلى رعاية الأمم المتحدة للمفاوضات مع إسرائيل في شأن ترسيم الحديد البحرية «بمشاركة الأميركيين»، كاشفاً عن أن هناك «مماطلة». واعتبر أن الأمر «يؤثر على الاقتصاد اللبناني والوضع العام، ومعلوم أن الشركات التي رسا عليها الالتزام تؤخر هذا الموضوع بحجج أمنية».
واجتمع غوتيريش مع رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الذي جدد التمسك بدور القوات الدولية في الجنوب، مؤكداً «التزامنا المضي في المفاوضات الجارية برعاية القوات الدولية ووساطة الولايات المتحدة الأميركية لترسيم الحدود البحرية اللبنانية بشكل واضح (بما) يحفظ حقوق لبنان كاملة». وكرر «التزام لبنان سياسة النأي بالنفس عن أي خلاف بين الدول العربية»، مضيفاً أن لبنان «لن يكون في مطلق الأحوال، إلا عامل توحيد بين الإخوة العرب». وأكد، أن «لبنان يتطلع إلى إجراء الانتخابات النيابية (...) في موعدها من دون تأخير، وسيصار في مطلع العام المقبل إلى دعوة الهيئات الناخبة للمشاركة في العملية الانتخابية»، داعياً إلى «مؤازرة حثيثة من مؤسسات الأمم المتحدة». وتحدث أيضاً عن «تداعيات النزوح السوري» بعد «تدفق عدد هائل من النازحين السوريين» إلى لبنان. وطالب المجتمع الدولي بـ«تحمل مسؤوليته في تسهيل عودة النازحين السوريين في لبنان لبلادهم، علماً بأن معظم المناطق السورية أصبحت آمنة».
ورد غوتيريش قائلاً «أنتم الآن تواجهون وضعاً مأساوياً وصعباً للغاية، وطبعاً تعود مسؤولية هذا الوضع إلى اللبنانيين بشكل جزئي، ولكن المسؤوليات أيضاً ملقاة على عاتق جهات خارج لبنان نظراً للوضع المأساوي في المنطقة ومضاعفاته». وأكد، أنه «تشجع» من تأكيدات ميقاتي في شأن «التزام الحكومة إجراء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وكذلك التزام الحكومة بأن تجري عدداً من الإصلاحات الإدارية والمالية اللازمة لكي يتمكن لبنان من الاستفادة بالكامل من الإمكانات المتاحة الآن في ظل الدعم الدولي المتاح للبنان».
وشملت زيارة غوتيريش للسرايا لقاءً موسعاً شارك فيه عدد كبير من الوزراء وممثلو وكالات الأمم المتحدة بمشاركة وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وحفظ السلام روز ماري ديكاريو، ووكيل الأمين العام لعمليات السلام جان بيار لاكروا، وقائد «اليونيفيل» الجنرال ستيفانو ديل كول.
وبعد غداء عمل توجه موكب غوتيريش إلى طرابلس في زيارة ميدانية، على أن يتوجه اليوم (الثلاثاء) جنوباً لتفقد وحدات اليونيفيل والخط الأزرق بين لبنان وإسرائيل.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.