سياسيون ليبيون يطالبون بتفكيك الميليشيات

رأوا أن عودتها للعنف تهدد استقرار البلاد

المرشحة لانتخابات الرئاسة ليلى بن خليفة في ساحة الشهداء بالعاصمة الليبية طرابلس الشهر الماضي (رويترز)
المرشحة لانتخابات الرئاسة ليلى بن خليفة في ساحة الشهداء بالعاصمة الليبية طرابلس الشهر الماضي (رويترز)
TT

سياسيون ليبيون يطالبون بتفكيك الميليشيات

المرشحة لانتخابات الرئاسة ليلى بن خليفة في ساحة الشهداء بالعاصمة الليبية طرابلس الشهر الماضي (رويترز)
المرشحة لانتخابات الرئاسة ليلى بن خليفة في ساحة الشهداء بالعاصمة الليبية طرابلس الشهر الماضي (رويترز)

ءأعادت التحركات العسكرية للميليشيات التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس على مدار الأيام الماضية، المطالبات بضرورة تفكيك هذه التشكيلات المسلحة، كما طرحت العديد من الأسئلة حول مستقبل البلاد في ظل تغولها وما تمثله من تهديدات لحياة المدنيين والمخاوف من إعادتها ليبيا إلى الاقتتال وأجواء الفوضى من جديد، ما يقوض أي اتفاق للسلام مستقبلاً.
وتساءل سياسيون، في هذا الإطار، عن دور السلطة التنفيذية الممثلة في المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة الوطنية» في التصدي لهذه المجموعات التي بات بعضها يحتكر الحديث باسم «ثورة 17 فبراير (شباط)» التي أطاحت حكم العقيد معمر القذافي عام 2011، ومدى إمكانية جمع أسلحتها، ودمج عناصرها في مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية بشكل أكثر جدية ما يسهل محاسبتهم كمواطنين مدنيين وليس كمسلحين مؤدلجين.
وطالب عضو مجلس النواب الليبي علي التكبالي بوضع حد للميليشيات من خلال التصدي لها وتفكيك أسلحتها، متسائلاً عن أسباب عدم وجود رد فعل دولي تجاه الجماعات التي احتلت مقار الوزارات بالعاصمة الأسبوع الماضي وهددت بعرقلة الاستحقاق الانتخابي. وكان صلاح بادي، زعيم ميليشيات «الصمود»، قد أطلق في هذا الإطار تهديدات بتعطيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المرتقبة.
من جانبه، قال عضو المجلس الأعلى للدولة عبد القادر أحويلي إنه لا ينبغي التعامل مع حديث أي قيادة لـ«تشكيل عسكري» على أنه يمثل وجهة النظر الوحيدة لـ«ثورة 17 فبراير»، مضيفاً أنه لا يجب أن يقبل غرب البلاد بـ«توظيف السلاح من البعض للاعتراض على قرار ما». وقال أحويلي لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «قيادات وعناصر داخل تشكيلات مسلحة أخرى (غير التي تصدر التهديدات باللجوء إلى استخدام السلاح) ترفض هذا النهج»، متوقعاً «خمود هذه التصريحات (التهديدية) بعد الإعلان الرسمي عن تأجيل الانتخابات التي ترشحت لها شخصيات لا تحظى بقبول القوى الثورية والغرب الليبي».
وينظر إلى صلاح بادي على أنه من القيادات العسكرية البارزة لـ«ثورة فبراير» 2011، وهو مدرج على قوائم العقوبات الدولية لضلوعه في عمليات اقتتال في الأعوام التي تلت اندلاع الثورة.
وعلى إثر الأحداث التي شهدتها العاصمة مؤخراً من قيام تشكيلات مسلحة بحصار مقرات رئاسة الوزراء والمجلس الرئاسي، ربط كثيرون بين ما حدث من مظاهر تحشيد وعسكرة وبين تصريحات بادي التي أطلقت في اليوم ذاته، ما أثار تساؤلات حول قدرة قيادات التشكيلات العسكرية بالغرب الليبي على استدعاء وتوظيف «ثورة فبراير» لفرض أمر واقع بقوة السلاح.
غير أن ناشطة حقوقية بالعاصمة قالت إن «الثوار الحقيقيين لفبراير عادوا بمعظمهم إلى حياتهم المدنية»، مضيفة أن أغلب عناصر وقيادات الميليشيات المسلحة حالياً هم من الجيل الثاني الذي لم يشارك في إطاحة القذافي، ومشيرة إلى أن انضمام بعضهم إلى الميليشيات جاء بهدف الحصول على المال. وأضافت الناشطة، التي تعيش في طرابلس وتحفظت عن ذكر اسمها لدواعٍ أمنية، أن سكان طرابلس يعيشون حياة مضطربة بسبب اشتباكات الميليشيات التي تهدأ ثم تعود مرة ثانية لتهدد الاستقرار بالمنطقة، لكنها رأت أن البطالة دفعت بكثير من الشباب وخصوصاً صغار السن للانضمام إلى صفوف هذه التشكيلات من أجل تأمين لقمة عيشهم.
واستبعد عضو المجلس الأعلى للدولة، عادل كرموس، تمكن أي تشكيل مسلح من السيطرة على الأوضاع بالعاصمة ومدن الغرب الليبي مهما بلغت قوته، وأرجع ذلك إلى كثرة أعداد التشكيلات وتعدد اتجاهاتها وتوزع ولاءاتها. واعترض كرموس على لجوء هذه التشكيلات للسلاح كوسيلة للاعتراض السياسي، لكنه فسر غضب بعضها في الآونة الأخيرة بأنه جاء كرد فعل لترشح سيف الإسلام، نجل العقيد الراحل معمر القذافي، والمشير خليفة حفتر، في الانتخابات الرئاسية، وعدم استبعادهما من السباق من المفوضية العليا للانتخابات أو القضاء.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.