عودة اليسار للحكم في تشيلي

الرئيس الجديد بوريتش يعد بـ«تغييرات جذرية» تجاوباً مع مطالب المحتجين

بوريتش خلال «خطاب النصر» في سانتياغو بعد إعلان فوزه مساء الأحد (أ.ف.ب)
بوريتش خلال «خطاب النصر» في سانتياغو بعد إعلان فوزه مساء الأحد (أ.ف.ب)
TT

عودة اليسار للحكم في تشيلي

بوريتش خلال «خطاب النصر» في سانتياغو بعد إعلان فوزه مساء الأحد (أ.ف.ب)
بوريتش خلال «خطاب النصر» في سانتياغو بعد إعلان فوزه مساء الأحد (أ.ف.ب)

بعد ثمانية وأربعين عاماً على سقوط سالفادور الليندي في قصر الرئاسة تحت وابل رصاص الشرطة العسكرية بقيادة الجنرال أوغستو بينوتشيه، عاد اليسار أمس إلى الحكم في تشيلي مع الأستاذ الجامعي الشاب غابرييل بوريتش الذي فاز في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية على اليميني المتطرف خوسي أنتونيو كاست، ونال بوريتش 55.9 في المائة من الأصوات مقابل 44.1 في المائة لمنافسه وبلغت نسبة المشاركة 55 في المائة.
وعندما يتسلم بوريتش مهامه في مارس (آذار) المقبل سيكون قد مضى شهر واحد على بلوغه السادسة والثلاثين من العمر، ليصبح أصغر رئيس في تاريخ تشيلي يصل إلى الحكم محفوفاً بجيل من الشباب الذين دخلوا المعترك السياسي من باب الاحتجاجات الطلابية الواسعة التي شهدتها البلاد في عام 2011 ومن بعدها المظاهرات الشعبية في عام 2019. كان بوريتش في الرابعة من عمره عندما سلم الجنرال بينوتشيه الحكم إلى المدنيين، وهو بذلك ينتمي إلى الجيل الذي عاش خارج دائرة الخوف التي فرضتها ديكتاتورية العسكر، وأيضاً خارج التحالفات التي قامت بين قوى الوسط والأحزاب التقدمية منذ عام 1990 حتى أواخر العقد الأول من هذا القرن.
وكان الرئيس الجديد قد حل ثانياً وراء المرشح اليميني المتطرف في الدورة الأولى التي أجريت في 21 الشهر الفائت، لكنه سارع إلى توسيع تحالفاته لتشمل الديمقراطيين المسيحيين والحزب الاشتراكي ما سمح له باستقطاب تأييد أصوات الوسط الذي كان قد ابتعد عنه بسبب تحالفه مع الحزب الشيوعي، وحصد غالبية ساحقة في الأحياء الفقيرة وبين النساء والناخبين دون الثلاثين من العمر.
يحمل البرنامج الانتخابي لبوريتش وعوداً كثيرة بتغييرات جذرية وإصلاحات هيكلية تجاوباً مع الشعارات والمطالب الاجتماعية التي رفعتها احتجاجات الشباب الذين يدركون أن تشيلي حققت نمواً اقتصادياً باهراً خلال العقود الثلاثة المنصرمة بعد أن خرجت من دائرة القمع إلى مساحة واسعة من الحرية، لكنهم سئموا من إرث التجربة الليبرالية التي وضعت الخدمات العامة الأساسية في يد القطاع الخاص أسفرت عن إحداث شرخ اجتماعي عميق بين السكان، وأدت إلى ارتفاع كبير في عدد العائلات المديونة وغياب شبه تام للدولة عن قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم. ويمكن تلخيص مطالب الشباب بأنهم يريدون الحصول على منافع «المعجزة التشيلية» في بلد يتمتع باستقرار ومؤشرات اقتصادية تثير الغيرة لدى البلدان المجاورة.
عندما كان بوريتش يدلي بصوته في مسقط رأسه عند أقصى الطرف الجنوبي من البلاد صرح بقوله: «جئت إلى السياسة بأيادٍ نظيفة وفؤاد دافئ وعقل بارد»، ثم توجه إلى العاصمة سانتياغو حيث تلقى التهنئة بالفوز قبل صدور النتائج النهائية من منافسه الذي قال: «يستحق بوريتش كل الاحترام لفوزه بجدارة، وأتمنى له النجاح في الحكم».
وأثار فوز غابرييل بوريتش موجة من الابتهاج والتفاؤل في أوساط القيادات اليسارية الأميركية اللاتينية التي بدأت تستعيد مؤخراً ما فقدته من مواقع السلطة بعد الانتكاسات التي شهدتها في البرازيل والإكوادور وأوروغواي.
أول المهنئين كان الرئيس البرازيلي الأسبق إيغناسيو لولا الذي يعتزم الترشح مجدداً ضد بولسونارو، تلاه رئيس البيرو بيدرو كاستيو الذي اعتبر فوز بوريتش انتصاراً لجميع القوى التقدمية في أميركا اللاتينية، ثم نائبة الرئيس الأرجنتيني كريستينا كيرشنير التي قالت في تغريدة لها: «الشعب يعود دائماً، وعلينا أن نوطد أواصر الأخوة التي تربط بلداننا وشعوبنا والعمل سوية للقضاء على الظلم وعدم المساواة في أميركا اللاتينية».
أما التهنئة التي وجهها الرئيس التشيلي الأسبق ريكاردو لاغوس فقد وضعت الإطار الصحيح للتحديات والصعوبات التي تنتظر الرئيس الجديد حيث جاء فيها «في خضم هذه الظروف العصيبة وما تحمله من تحديات اقتصادية وصحية غير مسبوقة، لا بد للحكومة الجديدة التي ستتشكل، وللمعارضة، من إيجاد القواسم المشتركة ونقاط التلاقي تكون ركيزة متينة لوحدة البلاد أمام التحديات». وفي أول تصريحاته بعد إعلان النتائج النهائية قال الرئيس الجديد أمام أنصاره: «نحن أمام منعطف تاريخي ومن واجبنا ألا نضيع هذه الفرصة. الحكومة المقبلة ستصغي إلى صوت الشارع، ولن تتخذ قراراتها بين أربعة جدران بعيداً عن هموم الناس وهواجسهم».



«سبايس إكس» ترجئ لأجل غير مسمى أول رحلة خاصة للتجول في الفضاء

الصاروخ «فالكون 9» في مركز «كينيدي للفضاء» بفلوريدا (رويترز)
الصاروخ «فالكون 9» في مركز «كينيدي للفضاء» بفلوريدا (رويترز)
TT

«سبايس إكس» ترجئ لأجل غير مسمى أول رحلة خاصة للتجول في الفضاء

الصاروخ «فالكون 9» في مركز «كينيدي للفضاء» بفلوريدا (رويترز)
الصاروخ «فالكون 9» في مركز «كينيدي للفضاء» بفلوريدا (رويترز)

أعلنت شركة «سبايس إكس» أنها أرجأت إلى أجل غير مسمى مهمة «بولاريس دون» (Polaris Dawn) التي كان يُفترَض أن تنطلق من فلوريدا، وهي الأولى من تنظيم القطاع الخاص تسمح لركابها بالخروج من المركبة للتجوّل في الفضاء، وذلك بسبب مخاطر مرتبطة بالطقس.

وكتبت الشركة عبر منصة «إكس»: «نظراً لتوقعات الطقس غير المواتية في منطقة هبوط كبسولة (دراغون) قبالة ساحل فلوريدا، تخلينا اليوم وغداً عن مواعيد إطلاق صاروخ (فالكون 9) في إطار مهمة (بولاريس دون)».

وأضافت الشركة: «تواصل الفرق مراقبة الطقس بحثاً عن ظروف الإقلاع والعودة المواتية».

وكان إطلاق مهمة «بولاريس دون» قد أُرجئ أساساً لأربع وعشرين ساعة، بعد رصد «تسرب هيليوم» يوم الاثنين على وصلة إمداد للصاروخ. وغالباً ما يُستخدم الهيليوم، وهو غاز غير قابل للاشتعال، في أنظمة الدفع.

وحُدد في بادئ الأمر موعد جديد لإقلاع الصاروخ «فالكون 9» مع الكبسولة «دراغون» التي تضم أفراد الطاقم، الأربعاء عند الساعة 3:38 صباحاً (07:38 ت غ) من مركز كينيدي للفضاء.

وأكدت «سبايس إكس» الثلاثاء، أن «جميع الأنظمة جاهزة للإطلاق غداً».

ويقود هذه المهمة التي تستغرق 5 أيام، الملياردير الأميركي جاريد أيزاكمان، الذي يتعاون منذ سنوات مع الشركة المملوكة لإيلون ماسك.

وترمي الرحلة خصوصاً إلى اختبار بزات «سبايس إكس» الأولى المخصصة للتجول في الفضاء، وهي بيضاء وذات مظهر استشرافي.

وكان من المقرر أن يُبث الخروج من المركبة، الذي يُتوقع أن يكون مذهلاً، على الهواء مباشرة في اليوم الثالث من المهمة.

ويُفترض أن تصل المركبة الفضائية أيضاً إلى ارتفاع 1400 كيلومتر، وهو أبعد ارتفاع تصل إليه طواقم المهمات الفضائية منذ بعثات «أبولو» القمرية.

كما تشهد المهمة الموعودة أول رحلة لموظفين في «سبايس إكس» إلى الفضاء، هما سارة غيليس وآنّا مينون. ويضم الطاقم أيضاً سكوت بوتيت، الطيار السابق في سلاح الجو الأميركي المقرّب من أيزاكمان.

وقد خضع المغامرون الأربعة لتدريبات مكثفة لأكثر من عامين، شملت نحو 2000 ساعة في جهاز محاكاة، وجلسات في جهاز طرد مركزي (دوران سريع)، والغوص، والقفز بالمظلة، وحتى التدريب على سبُل الصمود في الإكوادور.

عبور الحدود النهائية

تهدف مهمة «بولاريس دون» إلى أن تكون علامة فارقة جديدة في قطاع استكشاف الفضاء التجاري.

وكان جاريد أيزاكمان (41 عاماً)، وهو رئيس الشركة المالية «Shift4»، قد سافر بالفعل إلى الفضاء في عام 2021، في إطار مهمة مدارية تابعة لشركة «سبايس إكس» حملت اسم «إنسبيريشن 4»، وهي أول مهمة في التاريخ لا تضم أي رواد فضاء محترفين.

ولم يُكشف عن حجم استثماره في مهمة «بولاريس».

ويُتوقع أن يتضمن برنامج «سبايس إكس» الطموح 3 مهمات، بينها أول رحلة مأهولة لصاروخ «ستارشيب» العملاق، الذي يجري تطويره حالياً والمخصص للرحلات إلى القمر والمريخ.

وأشاد جاريد أيزاكمان بدور القطاع الخاص في «عبور هذه الحدود النهائية».

وقال: «أودّ أن يرى أطفالي بشراً يمشون على القمر والمريخ. لم نقم حتى بملامسة السطح بعد (...) هناك كثير لاستكشافه».

وأوضح أيزاكمان أن «الفكرة تقوم على تطوير واختبار تقنيات ومناورات جديدة، لتعزيز رؤية (سبايس إكس) الجريئة للسماح للبشرية بالسفر بين النجوم».

ولفت إلى أنه على بُعد 1400 كيلومتر -أي أكثر من 3 أضعاف المسافة إلى محطة الفضاء الدولية- تكون البيئة مختلفة تماماً على صعيد الإشعاع والنيازك الدقيقة.

وعملية السير المقررة في الفضاء، في مدار أدنى، ستكون الأولى التي يقوم بها مدنيون ليسوا رواد فضاء محترفين.