أعلن متمردو «جبهة تحرير شعب تيغراي»، أمس (الاثنين)، انسحابهم من منطقتي أمهرة وعفر في شمال إثيوبيا، والتراجع إلى مناطقهم، في نقطة تحول جديدة في الحرب المستمرة منذ 13 شهراً، التي أودت بحياة الآلاف.
وقال الناطق الرسمي باسم «جبهة تحرير شعب تيغراي» غيتاتشو رضا: «قررنا الانسحاب من هاتين المنطقتين باتجاه تيغراي. نريد فتح الباب أمام المساعدات الإنسانية». وأضاف أن القرار اتُخذ قبل أسابيع قليلة، موضحاً أن مقاتلي «جبهة تحرير شعب تيغراي» ينفذون «انسحابات تدريجية» من بلدات عدة، بما فيها موقع لاليبيلا المدرج على قائمة التراث العالمي لليونيسكو. وفي وقت لاحق أمس، كتب المتحدث الرسمي باسم الجبهة على «تويتر»: «أنهينا للتوّ انسحاب قواتنا من منطقتي أمهرة وعفر».
وتمثل هذه الخطوة تراجعاً كبيراً للمتمردين الذين رفضوا في السابق طلب الحكومة انسحابهم من عفر وأمهرة كشرط مسبق للمفاوضات، قائلين إن ذلك «غير ممكن على الإطلاق». لكن الناطقة باسم رئيس الوزراء آبيي أحمد، بيلين سيوم، قالت لوكالة الصحافة الفرنسية إن إعلان أمس هو بمثابة تستر على خسائر عسكرية. وأوضحت: «تكبدت جبهة تحرير شعب تيغراي خسائر فادحة خلال الأسابيع الماضية، ومن ثم ادعت التراجع الاستراتيجي لتعويض الهزيمة». وأضافت: «ما زالوا موجودين في جيوب في منطقة أمهرة، وكذلك جبهات أخرى حيث يحاولون فتح صراع».
وتسبب الصراع بين القوات الفيدرالية الموالية لرئيس الوزراء الإثيوبي آبيي أحمد، و«جبهة تحرير شعب تيغراي»، بأزمة إنسانية حادة، ودفع أعلى هيئة حقوقية في الأمم المتحدة إلى الأمر بفتح تحقيق دولي في انتهاكات مزعومة.
واعتباراً من أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلن كل من الجانبين تقدمه ميدانياً مع إعلان جبهة تحرير شعب تيغراي في إحدى المرات أنها أصبحت على مسافة 200 كيلومتر براً من العاصمة أديس أبابا.
وتوجه آبيي، وهو ضابط سابق في الجيش، إلى جبهة القتال الشهر الماضي، بحسب وسائل إعلام حكومية، ومنذ ذلك الحين تقول الحكومة إنها استعادت بلدات رئيسية عدة. وقطعت الاتصالات في منطقة النزاع، كما قيّد وصول الصحافيين، ما يجعل التحقق من المزاعم حول ساحة المعركة صعباً.
وأثار القتال قلق المجتمع الدولي، فيما فشلت الجهود الدبلوماسية التي قادها الاتحاد الأفريقي لمحاولة التوصل إلى وقف لإطلاق النار، في تحقيق أي تقدم ملموس. وقال غيتاتشو إن زعيم «جبهة تحرير شعب تيغراي» ديبرتسيون غبريمايكل كتب رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لإخطاره بالقرار، وكان متوقعاً أن يعقد مجلس الأمن اجتماعاً مغلقاً بشأن إثيوبيا في وقت لاحق أمس. وبحسب نسخ من الرسالة التي جرى تداولها على الشبكات الاجتماعية، طلب ديبرتسيون من مجلس الأمن ضمان انسحاب قوات أمهرة والقوات الإريترية من غرب تيغراي. وتطالب كل من أمهرة وتيغراي بغرب تيغراي، وهو الإقليم الذي احتلته قوات أمهرة منذ اندلاع الحرب، ما أدى إلى نزوح واسع النطاق وتحذيرات أميركية من حدوث تطهير إثني. وأضاف غيتاتشو: «نحن نحتاج إلى تحرّك المجتمع الدولي».
والأسبوع الماضي، اتهمت «منظمة العفو الدولية» ومنظمة «هيومن رايتس ووتش» قوات أمهرة باحتجاز وتعذيب وتجويع مدنيين من تيغراي يعيشون في المنطقة المتنازع عليها، بشكل منهجي. وقبل إعلان أمس، كان قادة جبهة «تحرير شعب تيغراي» يرفضون الانسحاب من أمهرة وعفر، ما لم تنهِ الحكومة ما وصفه المتمردون بأنه «حصار» إنساني على تيغراي. فقد شكا العاملون في مجال الإغاثة من أن العقبات الأمنية والبيروقراطية تعرقل الوصول إلى المنطقة حيث يعتقد أن نحو 400 ألف شخص هم على حافة المجاعة.
وعلّقت الأمم المتحدة الرحلات الجوية الإنسانية من أديس أبابا إلى ميكيلي عاصمة تيغراي في أكتوبر، وسط حملة من القصف الجوي الحكومي على المنطقة، إلا أنها استأنفتها في نوفمبر (تشرين الثاني).
ودفعت المخاوف من زحف المتمردين على العاصمة أديس أبابا دولاً مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا إلى حضّ مواطنيها على مغادرة إثيوبيا في أقرب وقت، رغم أن حكومة آبيي أكدت أن المدينة آمنة.
وتسبب القتال بنزوح أكثر من مليوني شخص ودفع مئات الآلاف إلى عتبة المجاعة، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، مع ورود تقارير عن مذابح وعمليات اغتصاب جماعي ارتكبها الطرفان. وخلص تحقيق مشترك بين مفوضية الأمم المتحدة والمفوضية الإثيوبية لحقوق الإنسان التي شكلتها الحكومة الإثيوبية في مطلع نوفمبر إلى ارتكاب كل الأطراف جرائم يمكن تصنيفها جرائم ضد الإنسانية. وصوّت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الجمعة، على إرسال محققين دوليين إلى ثاني أكبر بلد في أفريقيا من حيث عدد السكان وسط تحذيرات من عنف معمم يلوح في الأفق، في خطوة انتقدتها أديس أبابا.
متمردو تيغراي يعلنون «انسحاباً تدريجياً» إلى مناطقهم
برروه بفتح الباب للمساعدات... وأديس أبابا عدّته «تستراً على خسائرهم»
متمردو تيغراي يعلنون «انسحاباً تدريجياً» إلى مناطقهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة