عمل دؤوب بمتحف الموصل لترميم قطع أثرية دمرها «داعش»

عمل دؤوب بمتحف الموصل لترميم قطع أثرية دمرها «داعش»
TT
20

عمل دؤوب بمتحف الموصل لترميم قطع أثرية دمرها «داعش»

عمل دؤوب بمتحف الموصل لترميم قطع أثرية دمرها «داعش»

يدأب خبراء عراقيون بمساعدة مرممين فرنسيين على تجميع المئات من القطع الحجرية الصغيرة، في متحف الموصل شمال العراق، هي أجزاء من آثار يفوق عمرها 2500 عام، حطّمت على يد تنظيم "داعش" الارهابي.
وتضمّ القطع خصوصاً أسداً مجنّحاً وزنه عدّة أطنان، وثورين مجنحين آشوريين وقاعدة عرش من عهد الملك آشور ناصر بال الثاني، تعود إلى الألف الأوّل قبل الميلاد، وهي قيد الترميم بفضل تمويلات دولية وخبرات من متحف اللوفر في باريس، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

في الطابق الأرضي من المتحف، تبرز قضبان حديد من فجوة لا تزال بارزة في الأرضية، لتكشف عن الطابق السفلي. أحجار من كلّ الأحجام مبعثرة على منصات وطاولات وزّعت على قاعات المتحف الحضاري في الموصل.
وبدأ الخبراء بالفعل في فصل وتوزيع الأجزاء الخاصة بكلّ قطعة أثرية. تبرز على بعض الحجارة مثلاً أجزاء من مخالب، وأخرى تبدو وكأنّها بقايا أجنحة.
تظهر على أجزاء أخرى كتابات بالمسمارية، فيما وزّعت القطع الأصغر على طاولات، ورقّمت.
ويشرح دانييل إيبليد، أحد خبراء الترميم الفرنسيين المبعوثين من متحف اللوفر لدعم الفريق العراقي "لدينا خمس قطع مهمة في المتحف، وينبغي فصل كلّ الأجزاء". ويضيف "الأمر أشبه بأحجية، عليك محاولة إيجاد كل القطع لتكتمل القصة، وشيئاً فشيئاً، تتمكن من إعادة جمع الكلّ".

وبعد ثلاث مهمات في يونيو (حزيران) وسبتمبر (أيلول) ومطلع ديسمبر (كانون الأول) ينوي الخبراء الفرنسيون التناوب لإجراء زيارات دورية إضافية إلى الموصل، كما يشرح إيبليد، مع عشرةٍ من العاملين في متحف الموصل.
وتحت الأضواء، تبرز قاعدة العرش، وعليها نقوش مسمارية، مجمّعةً بشكل جزئي. جمعت بعض الأجزاء بأربطة مطاط أو حلقات حديد.
يقول أحد الخبراء العراقيين فيما يشير بيده على فجوة في قاعدة العرش "هنا مركز التفجير".
وبعدما سيطر تنظيم "داعش" الارهابي على الموصل عام 2014، قام عناصره بتحطيم وتفجير قطع أثرية ضاربة في القدم، تعود إلى حقبة ما قبل الاسلام، في المتحف الواقع في ثاني أكبر مدن العراق، ونشروا مقطع فيديو في فبراير (شباط) 2015 يظهر تدميرهم لها.

بدوره، يشرح شعيب فراس أحد العاملين في المتحف، للوكالة "دمّرت قاعدة العرش إلى أكثر من 850 قطعة. تم تجميع ثلثيها". ويعمل نحو عشرة من زملائه على إنهاء تجميع هذه التحفة الأثرية المهمة. ويحمل فراس شهادة في الدراسات السومرية وهي خبرات ضرورية جداً في عمليات إعادة الترميم. فيما يقول طه ياسين ابراهيم، أحد الخبراء العاملين في الترميم "عملي تجميع القطع المتناثرة وقراءة الكتابات الموجودة عليها، وعلى أساس الكتابات نعيد القطع إلى مكانها". لكن يتمثل التحدي الآن في إكمال الجزء الداخلي من العرش. ويضيف "نواجه صعوبة في الحشوات الداخلية التي ليس بها سطح مستوٍ أو كتابات تدل على مكانها. أن نجد مكانها هو من أكثر المهمات صعوبة".
من جانبه، يأمل مدير المتحف زيد غازي سعدالله الانتهاء من أعمال الترميم خلال خمس سنوات. وبدأ مشروع الترميم في العام 2018 كإجراء عاجل، لكن تأخيرات حصلت بسبب جائحة كوفيد-19.
ويشرح سعدالله "كانت البدايات عبارة عن اجراءات عاجلة قمنا بها في داخل المتحف من أجل الحفاظ على ما تبقى من آثار محطمة".
ويضمّ المتحف المئات من القطع. ويقول سعدالله، آسفاً "تعرضت تلك القطع للتدمير أو السرقة". ويشرح أن "عدد القطع الأثرية التي كانت موجودة سابقاً حسب الاحصائيات اجتازت المئة قطعة. ومعظم هذه القطع الموجودة تعرضت للتدمير والسرقة قبل التدمير وهذا ما أدخلنا في إرباك تحديد ما هو موجود وليس موجودا". لكنه يضيف "من خلال أعمال التوثيق السابقة بحوزتنا ومن خلال ما نقوم به من ترميم للقطع الاثرية سنتمكن من تحديد العدد الحقيقي للقطع المسروقة، والقطع الموجودة المدمرة، والقطع المدمرة التي تم فقدانها بعد التحطيم أيضاً، وهي تعود إلى أزمان مختلفة".

وفي بعض قاعات المتحف، كتبت على أوراق بيضاء علّقت على الجدران القطع المفقودة من الآثار التي يجري ترميمها. على أحدها كتبت عبارة "محراب مسجد الرحماني حجر المرمر مفقود".
وتتعرض آثار العراق للنهب منذ عقود لا سيما بعد الغزو الأميركي في العام 2003، وفي مرحلة سيطرة الارهابيين. وتشكّل استعادة هذه القطع المنهوبة، واحدةً من التحديات الأساسية للحكومة الحالية.
وتمول مشروع ترميم المتحف الحضاري في الموصل منظمة "التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع" أو "ألِف".

من جهتها، تشير مديرة قسم التحف المشرقية في متحف اللوفر أريان توما إلى أن "مشروع متحف الموصل هو المشروع الرئيسي لمنظمّة ألِف".
تشارك منظمة "سميثونيان" الأميركية أيضاً بالمشروع، عبر تدريب فرق المتحف، فيما يقوم الصندوق العالمي للآثار والتراث بترميم مبنى المتحف الذي دمّر جراء النزاع.
وتضيف توما أنه بالمجمل، يشارك من 20 إلى 25 شخصاً من متحف اللوفر في العملية "معظمهم بدون مقابل"، لا سيما من "خبراء في الخشب والمعادن". وتقول إنه يجري التحضير لمعرض عبر الانترنت بالتعاون مع الخبراء العراقيين، للكشف عن التحف حال الانتهاء من ترميمها. وتشرح "أثبتنا أنه بالوقت والمال والخبرات اللازمة نستطيع إحياء التحف الأكثر تضرراً، وها هي القطع التي كانت محطّمةً تماماً، تعود لتكتسب شكلها السابق من جديد".



«مش مسرحية» لطارق سويد رسائل اجتماعية بومضات سريعة

لقطة من المسرحية تتناول الوظيفة الرسمية (الشرق الأوسط)
لقطة من المسرحية تتناول الوظيفة الرسمية (الشرق الأوسط)
TT
20

«مش مسرحية» لطارق سويد رسائل اجتماعية بومضات سريعة

لقطة من المسرحية تتناول الوظيفة الرسمية (الشرق الأوسط)
لقطة من المسرحية تتناول الوظيفة الرسمية (الشرق الأوسط)

10 قصص مع ديكوراتها الخاصة، و12 موهبة تمثيلية تؤلف قالب العرض المسرحي الذي يحمل اسم: «مش مسرحية»، على خشبة «ديستركت 7». وبدعوة من كاتب العمل ومخرجه طارق سويد، احتشد عددٌ من الصحافيين لحضوره، وعلى مساحة صغيرة تعبق بدفء الفن الحقيقي، تدور أحداث «مش مسرحية».

طارق سويد مخرج المسرحية وكاتبها («إنستغرام» المخرج)
طارق سويد مخرج المسرحية وكاتبها («إنستغرام» المخرج)

تأتي المسرحية نتيجة ورشة عمل قام بها سويد مع شباب من هواة المسرح التقاهم في استوديو الممثلة فيفيان أنطونيوس (أتيليه دار). حين دعته لينظِّم لهم ورشة تدريبية في التمثيل. أُعجب سويد بتلك المواهب وقرَّر أن يقدمها في عمل مسرحي، فاستمرت لقاءاته معهم لنحو 6 أشهر متتالية، لتكون المسرحية ثمرة هذا التعاون بعد أن اكتشف مواهب تمثيلية حقيقية بينهم.

يضمُّ فريق الممثلين إيلي الحلو، ورنا يمين، وروني فارس، وباميلا جرمانوس، ورونالدو سعد، ورايا الحوت، وإلسي شلِّيطا، وإسماعيل حسينات، وجوي مانوكيان، وناتالي جرجس، وأيمن التيماني، وماريتا حدَّاد.

لقطة من المسرحية تتناول الوظيفة الرسمية (الشرق الأوسط)
لقطة من المسرحية تتناول الوظيفة الرسمية (الشرق الأوسط)

من عنوانها «مش مسرحية»، يُدرك مشاهد العمل أن العرض لا بدَّ أن يخرج عن المألوف. وبعيداً عن المسرحيات التقليدية، أخذها كاتبها ومخرجها الممثل طارق سويد إلى المسرح الواقعي، فكتب نصوصها برشاقة، وصنع عناصرها بإتقان.

يحبك سويد قصص المسرحية بحرفية الكاتب المسؤول والموضوعي. يخرج عن المألوف في كيفية انتقاء موضوعاتها وتنفيذها، ويعبُر فيها إلى الخشبة الواقعية التي تلامس قلوب جمهورها. تُقدَّم هذه القصص لتكون بمثابة ومضات فنية تجذب متابعها بلا ملل.

الشهرة عندما يخفت وهجها في «مش مسرحية» (الشرق الأوسط)
الشهرة عندما يخفت وهجها في «مش مسرحية» (الشرق الأوسط)

لا تتجاوز مدة عرض كل قصة الدقائق الـ10؛ تتناول الوظيفة الرسمية، والعلاقة الزوجية، و«السوشيال ميديا»، والماورائيات، وخفوت وهج المشاهير، وأوهام علاقات الحبّ وغيرها. فتسلّط الضوء على مشكلات شائكة وعلى حالات اجتماعية تدعو إلى القلق.

طارق سويد مُفعم بالحيوية وشغوف بعمله إلى آخر حد، كان المخرج والكاتب والممثل في آن؛ يتنقل بين كواليس الخشبة وصالة العرض بين مشهد وآخر. هدفه واضح، محوره ملامسة العمل المتكامل. فلم يكن يرغب أن تفوته ردود فعل الحضور كما أداء الممثلين. وذلك لتأكيد أن الضحكة والابتسامة كما اللوعة والدمعة الرقيقة لامست قلب المشاهد.

أما المفاجأة فاتَّسمت بالمواهب الشابة المشاركة، فمجموعة الممثلين الـ12 بدوا محترفين يتعاملون مع الخشبة وكأنهم يعرفونها منذ زمن. ولُوحظ أداء ممتع لكل من روني فارس وناتالي جرجس، فكانا الثنائي الذي عرِف كيف يخلط بين الأداء الكوميدي والدرامي بشكل لافت. في حين استمتع جمهور المسرحية بإطلالة رنا يمّين التي قدّمت قصة مؤثرة عن وهم «السوشيال ميديا»؛ فأدّت دورها باحترافية متجاوزة التمثيل العادي، ومبتعدة عن المبالغة في الأداء.

الممثلة رنا يمّين متناولة موضوع «السوشيال ميديا» (الشرق الأوسط)
الممثلة رنا يمّين متناولة موضوع «السوشيال ميديا» (الشرق الأوسط)

يستمر عرض المسرحية لغاية 27 أبريل (نيسان)، لتعود إلى خشبة «ديستريكت 7» مرَّة جديدة في 4 و5 و17 و18 مايو (أيار) المقبل.

«مش مسرحية»، اسم على مسمَّى، إذ جاء محتواها ليحاكي الناس ويخاطبهم بلسان حالهم؛ وقولَب سويد موضوعاتها لتكون بمثابة قصص حياة، وكانت الخشبة بمثابة منصة تفاعلية تربط بينها وبين الجمهور بخيط رفيع، وهو ما استلزم فنَّ التخاطب بين طارق سويد والحضور، في حين عكس الممثلون تقنية سويد في الأداء، فمارسوا اللعبة المسرحية بطبيعية مطلقة.