«داعش» يسهل مهمة العبادي المعقدة في مباحثاته مع أوباما في البيت الأبيض

تفاؤل أميركي بخسارة التنظيم 30 % من الأراضي

العبادي وأوباما يقدمون تصريحات للصحفيين بعد الاجتماع الثنائي بالمكتب البيضاوي في البيت الابيض في واشنطن(رويترز)
العبادي وأوباما يقدمون تصريحات للصحفيين بعد الاجتماع الثنائي بالمكتب البيضاوي في البيت الابيض في واشنطن(رويترز)
TT

«داعش» يسهل مهمة العبادي المعقدة في مباحثاته مع أوباما في البيت الأبيض

العبادي وأوباما يقدمون تصريحات للصحفيين بعد الاجتماع الثنائي بالمكتب البيضاوي في البيت الابيض في واشنطن(رويترز)
العبادي وأوباما يقدمون تصريحات للصحفيين بعد الاجتماع الثنائي بالمكتب البيضاوي في البيت الابيض في واشنطن(رويترز)

بعد الانكسارات التي منيت بها القوات العراقية في كل من قاطعي الأنبار (منطقة البوفراج) وصلاح الدين (مصفى بيجي) عقب سلسلة من الانتصارات التي سبقتها لا سيما على صعيد تحرير تكريت وإعلان ساعة الصفر لتحرير الأنبار والتهيؤ لمعركة الموصل الفاصلة فإن الزيارة الحالية لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى الولايات المتحدة الأميركية ولقائه أمس مع الرئيس الأميركي باراك أوباما تبدو من وجهة نظر الطبقة السياسية العراقية المنقسمة على نفسها بشأن الدور الأميركي في العراق في غاية الأهمية لرسم مستقبل العلاقة بين الطرفين.
من جهتها، اختلفت وجهات نظر الطبقة السياسية العراقية بشأن زيارة العبادي إلى واشنطن لجهة تداخل الملفات الداخلية والإقليمية. وفي هذا السياق أكد عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي مثال الألوسي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «أبرز الملفات التي ستتصدر مباحثات العبادي مع أوباما هي العلاقات العراقية الأميركية نفسها بعد ما شابها من مشكلات على عهد رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، بالإضافة إلى الطريقة التي يمكن من خلالها مواجهة تنامي ظاهرة الإرهاب العالمي لا سيما (داعش) الذي يقف العراق وحيدا الآن في مواجهته وهو ما يتطلب دعما أميركيا استثنائيا في هذا المجال». وأشار إلى أن «هذه الزيارة هامة لجهة كيفية إعادة أواصر الثقة بين العراق وأميركا وبالتالي فإن كل الكتل السياسية تدعم وإن بدرجات متباينة هذه الزيارة».
وحول العلاقة التي تبدو ملتبسة بين علاقة عراقية - إيرانية متطورة وعلاقة مع الأميركان يراد لها أن تكون استراتيجية وما يمكن أن يترتب على ذلك من مخاوف، قال خلاطي إن «ما يثيره البعض حول التدخل الإيراني وإطلاع الإدارة الأميركية على ذلك يعتبر أمرا مستبعدا؛ كون المستشارين الإيرانيين والدعم اللوجيستي الذي توفره الجمهورية الإسلامية لا يمكن إخفاؤه كي يطلع أحد عليه»، موضحا أنه «يتوجب على الحكومة توفير السلاح شريطة أن لا تترتب تبعات مالية كبيرة تقحم العراق في أزمة مالية إضافة للأزمة الحالية».
وفي وقت تعول فيه الطبقة السياسية العراقية على الزيارة التي يقوم بها حاليا إلى الولايات المتحدة الأميركية رئيس الوزراء حيدر العبادي فإنه وطبقا لما أعلنته وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) من أن تنظيم داعش خسر بين 25 و30 في المائة من الأراضي التي كان يحتلها في العراق منذ سقوط الموصل خلال شهر يونيو (حزيران) عام 2014.
وعزا البنتاغون تراجع هذا التنظيم إلى الضربات الجوية التي قام بها طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية بالإضافة إلى الهجمات التي قامت بها القوات العراقية مدعومة بفصائل الحشد الشعبي الشيعي لا سيما في محافظة صلاح الدين.
وقال الكولونيل ستيفن وارن المتحدث باسم البنتاغون طبقا لوكالة الصحافة الفرنسية إنه «يتم دفع تنظيم الدولة الإسلامية إلى التراجع ببطء» مضيفا أن «قوات الأمن العراقية والتحالف الدولي ألحقا بالتأكيد بعض الأضرار بتنظيم الدولة في العراق والشام». وأشار إلى أن «التنظيم خسر ما بين 13 إلى 17 ألف كلم مربع خصوصا في شمال ووسط العراق».
وفي هذا السياق أكد الخبير الأمني هشام الهاشمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تنظيم داعش في الواقع خسر ما يقارب 95 في المائة من مجمل مساحة صلاح الدين، بالإضافة إلى خسارته لـ350 كم مربع من كركوك». وأضاف أن «داعش خسر وجوده في أراض كثيرة في محافظة الأنبار مثل قرى زوبع والهيتاوين ومعظم شرق الفلوجة والكرمة والعناز وسدة النعيمية».
وكان تنظيم داعش قد سيطر في يونيو الماضي على أقضية تكريت مركز محافظة صلاح الدين والدور وبيجي والشرقاط وبلدات العلم والمعتصم ودجلة وحمرين ويثرب وسليمان بيك والإسحاقي فيما لم يتمكن من الدخول إلى مدينة سامراء ثاني أكبر مدن المحافظة وكذلك أقضية طوزخورماتو وبلد والدجيل.
وطبقا للمصادر الأمنية العراقية فإن العمليات العسكرية التي أطلق عليها لبيك يا رسول الله في صلاح الدين تمكنت من تطهير أكثر 12 ألف كم من مجموع مساحة محافظة صلاح الدين البالغة 25 ألف كم مربع. وطبقا لهذه المصادر فإنه لم يتبق من محافظة صلاح الدين سوى 6 آلاف كم مربع وهي المنطقة المحصورة بين شمال بيجي إلى جنوب محافظة نينوى والمتمثلة بقضاء الشرقاط وبعض القرى التابعة له وصولا لقضاء بيجي جنوبا وصولا إلى قضاء الحضر بمحافظة نينوى. وفي شمال العراق وطبقا لما أعلنه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في أن البيشمركة تمكنت من تطهير 20 ألف كم مربع وإن غالبية تلك المناطق التي استعادتها البيشمركة من «داعش»، إلا أن غالبية المناطق التي استعادتها البيشمركة من التنظيم تقع شمال محافظة نينوى وهناك مناطق أصغر مساحة في محافظات صلاح الدين وكركوك (شمال) وديالى (شمال شرق).



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.