«الأزهر» على خط مواجهة «التغيرات المناخية»

نظم مؤتمراً دعا خلاله لمنهج دراسي يُعمق الاهتمام بالظاهرة

جانب من مؤتمر جامعة الأزهر حول «تغير المناخ» (مشيخة الأزهر)
جانب من مؤتمر جامعة الأزهر حول «تغير المناخ» (مشيخة الأزهر)
TT

«الأزهر» على خط مواجهة «التغيرات المناخية»

جانب من مؤتمر جامعة الأزهر حول «تغير المناخ» (مشيخة الأزهر)
جانب من مؤتمر جامعة الأزهر حول «تغير المناخ» (مشيخة الأزهر)

ضمن جهود المؤسسات المصرية للاستعداد لقمة COP27 لأطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، التي تستضيفها مدينة شرم الشيخ المصرية العام المقبل، دخل «الأزهر» على خط «التغيرات المناخية»، حيث دعا مؤسسته خلال مؤتمر موسع، أمس، لـ«صياغة منهج دراسي للتوعية بمخاطر الظاهرة»، و«تنسيق الجهود بشأن الأزمات البيئية والمناخية». مؤكداً أن «الحفاظ على البيئة، والحد من أزمة تغير المناخ، قضية بقاء، والاستهانة بها تفاقم معدلات الفقر».
وانطلقت في القاهرة أمس فعاليات أعمال مؤتمر جامعة الأزهر، تحت عنوان «تغير المناخ... التحديات والمواجهة»، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحضور شيخ الأزهر أحمد الطيب، ومشاركة عدد من الوزراء والسفراء ورؤساء الجامعات. ويناقش المؤتمر على مدار ثلاثة أيام محاور «دور الانبعاثات الكربونية في تلوث البيئة، والتلوث وآثاره على المناخ، وتأثيرات الاحتباس الحراري على المناخ وأسبابه، ودور القيادات الدينية في التوعية بضرورة الحفاظ على البيئة، وكذا دور السياسات العالمية في تهيئة الجو المناسب لرفع التوعية بالمشكلات البيئية والمناخية».
وأكد شيخ الأزهر على «أهمية تنسيق الجهود بين قادة وعلماء الأديان والقادة السياسيين، وضرورة تضافر الجهود للتوعية بشأن الأزمات البيئية والمناخية»، مشيراً إلى أن «رعاية الرئيس السيسي لمؤتمر جامعة الأزهر يؤكد اهتمام مصر، وحرصها على القيام بمسؤوليتها وأداء دورها في مواجهة التحديات الكبرى، التي تواجه البشرية».
وأضاف شيخ الأزهر في كلمته أمس أن «الأزمة الجديدة التي تضرب عالمنا اليوم هي أزمة البيئة والمناخ، وأخطارها من ارتفاع درجات الحرارة، واندلاع الحرائق في الغابات، وسقوط الثلوج في البحار والمحيطات، وانقراض كثير من أنواع الحيوان والنبات، كل ذلك بدأت تظهر بوادره واضحة للعيان، وبصورة مزعجة حملت المسؤولين في الشرق والغرب على إطلاق صيحات الخطر، وعقد المؤتمرات العالمية من أجل التصدي لأسباب هذه الكارثة، والعمل الجاد على منعها وتجريم مرتكبيها».
من جهته، أكد رئيس جامعة الأزهر، محمد المحرصاوي، أن «المناخ قضية قديمة حديثة متجددة، وتعد من أكثر القضايا التي يشهدها الكوكب تعقيداً، ورغم ذلك لا تشغل أذهان كثير من العامة، الذين يظنون أن المناخ لا يتأثر بأفعال البشر»، موضحاً أن «المؤتمر يأتي في وقت بالغ الأهمية والخطورة، في ظل ظروف صحية لم يسلم منها قُطر في أرجاء كوكب الأرض، حيث ضرب وباء «كورونا» المستجِد بتحوراته وأطواره المختلفة كل دول العالم»، ومؤكداً أن «الشعوب الفقيرة ما زالت تدفع فاتورة باهظة، ثمناً لرفاهية الدول الصناعية الكبرى، واستغلالها للبيئة وتسببها في التلوث وارتفاع درجة حرارة الكوكب». كما دعا إلى «تشكيل لجنة علمية متخصصة تقوم على صياغة منهج تربوي تعليمي عن مخاطر التغييرات المناخية والبيئية، وكيفية مواجهتها والحد منها، بأسلوب مبسط، يناسب الطلاب في كافة المراحل التعليمية المختلفة، ويتم تعميمها على الأنظمة التعليمية».
يشار إلى أن آخر نسخة من قمة المناخ والتي حملت اسم «COP26»، واستضافتها مدينة غلاسكو بالمملكة المتحدة الشهر الماضي، دعت إلى «التسريع بالتخلص التدريجي من الفحم، وتخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري».
من جانبه، أكد وزير الأوقاف المصري، محمد مختار جمعة، أن «قضية تغير المناخ لا تهدد بلداً دون آخر؛ بل هي تهديد للعالم كله، وعلى كل واحد منا أن يقوم بالمواجهة كل في مجاله، كما تؤدي الدولة المصرية دوراً رائداً في مواجهة تغير المناخ، لذا كان ثقة العالم في تنظيم مصر لمؤتمر المناخ القادم».
من جهته، قال رئيس جهاز شؤون البيئة في مصر، علي أبو سنة، في كلمته نيابة عن وزيرة البيئة المصرية ياسمين فؤاد، إن «قضية التغير المناخي تعد من أكثر القضايا التي تواجه تحقيق التنمية المستدامة في الدول النامية والمتقدمة، ومن أكثر التحديات التي تواجه العالم كله، وقد يترتب على آثارها وتداعياتها العديد من المشكلات الاجتماعية والطبية، مثل الهجرة وانتشار الأمراض والأوبئة، ما يهدد بدوره النظم البيئية والطبيعية، وينعكس على الأمن الغذائي، ويشكل تهديداً للاستثمارات الاقتصادية المختلفة».
وذكر مفتي مصر شوقي علام أن «عقد المؤتمر بمشاركة العديد من الوزارات والسفارات، والجهات المعنية الدولية والمحلية، يعد خطوة هامة من أجل تضافر الجهود بين دول العالم جميعاً لوضع رؤية شاملة للمواجهة الإيجابية، والخروج من تلك الأزمة، حتى لا تتأثر هذه الأجيال والأجيال القادمة بالعواقب الوخيمة الناتجة عن التغير المناخي المحتمل».
بدوره، حذر الأسقف العام ورئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي في مصر، الأنبا إرميا، من «التقاعس الدولي في مواجهة تحديات التغيرات المناخية»، مؤكداً أن ذلك «سيكلف العالم عواقب خطيرة، كانتشار بقع الجفاف، والفيضانات والأعاصير، وينذر بصراعات قادمة بسبب ندرة المياه».
في غضون ذلك، طالب رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب المصري، علي جمعة، بـ«عقد مؤتمرات وندوات وورش عمل لرفع الوعي بضرورة الحفاظ على البيئة». بينما قال سفير الفاتيكان لدى القاهرة، نيقولاس تفنين، إن «التدهور البيئي يؤدي إلى تدهور العلاقات الاجتماعية»، مشدداً على «ضرورة تجنب الخلافات المجتمعية والقضاء على الجهل والصراعات التي أدت إلى تلوث البيئة والإضرار بمواردها».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.