الانتخابات الليبية تنتظر «إعلاناً» رسمياً بتأجيلها

ميليشيات طرابلس تهدد «الرئاسي» بـ«تبعات لا تحمد عقباها» إذا تمسك بإقالة مسؤول عسكري

مواطنون ليبيون نظموا مظاهرة سلمية أمام بلدية طرابلس رفضاً لتأجيل الانتخابات (أ.ف.ب)
مواطنون ليبيون نظموا مظاهرة سلمية أمام بلدية طرابلس رفضاً لتأجيل الانتخابات (أ.ف.ب)
TT

الانتخابات الليبية تنتظر «إعلاناً» رسمياً بتأجيلها

مواطنون ليبيون نظموا مظاهرة سلمية أمام بلدية طرابلس رفضاً لتأجيل الانتخابات (أ.ف.ب)
مواطنون ليبيون نظموا مظاهرة سلمية أمام بلدية طرابلس رفضاً لتأجيل الانتخابات (أ.ف.ب)

قبل أسبوع واحد فقط من إجرائها، تزايد الحديث عن توجه كبير لتأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في ليبيا، وأصبح جل المتتبعين يترقبون صدور إعلان رسمي بتأخير موعدها إلى تاريخ لاحق، وسط رفض ميليشيات مسلحة قرار المجلس الرئاسي بإقالة مسؤول عسكري.
جاء ذلك بعد أن أعلن الهادي الصغير، رئيس اللجنة البرلمانية لمتابعة الانتخابات، في تصريحات مقتضبة له مساء أول من أمس أن الانتخابات الرئاسية ستتأجل، لافتاً إلى أن المفوضية العليا للانتخابات هي من ستحدد مدة التأجيل، والموعد الجديد لإجراء الانتخابات بالتنسيق مع مجلس النواب، الذي قال إنه سيعقد جلسة في 27 من الشهر الجاري للنظر في المعوقات التي أدت لتأجيلها.
وأبلغ الهادي وسائل إعلام محلية، أمس، أن تقرير مفوضية الانتخابات سيعرض اليوم على مجلس النواب في مدينة بنغازي، لافتاً إلى أن تأجيل الانتخابات «أصبح أمراً محسوماً وواقعاً، ولكن لا أحد يمتلك الشجاعة للإعلان عن التأجيل بشكل رسمي»، على حد قوله.
وكانت لجنة مجلس النواب قد أخلت ذمتها بإعلان تسلمها التقارير الخاصة بالعملية الانتخابية، وأكدت مجدداً أن مفوضية الانتخابات «هي المسؤولة أمام الليبيين عن إعلان إمكانية الوفاء بموعد الانتخابات المُحدد من عدمها».
في المقابل، أعلن خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، أن ستيفاني ويليامز، مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة الخاصة بليبيا، ستكشف الاثنين المقبل عن خطة لإنقاذ العملية الانتخابية، مشيراً إلى أنه تواصل مع عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، لترتيب اجتماع بينهما قصد مناقشة سبل معالجة انسداد العملية الانتخابية، والوصول إلى توافق، وإنجاز قاعدة دستورية وخريطة طريق لإجراء الانتخابات. كما اتهم المشري أطرافاً خارجية وبعض السفراء، الذين لم يحدد هويتهم، بالتدخل وممارسة ضغوط على مفوضية الانتخابات، ومجلسي النواب والأعلى للقضاء.
في سياق ذلك، وطبقاً لما أعلنه الناطق باسم مجلس الدولة فإن هناك مساعي لعقد اجتماع وشيك بين المشري وصالح، بهدف إيجاد توافق بينهما حول القوانين الانتخابية.
من جانبها، قالت ويليامز إنها اطلعت إبراهيم بوشناف، مستشار الأمن القومي لحكومة «الوحدة الوطنية»، الذي التقته مساء أول من أمس في مقر الأمم المتحدة بمدينة بنغازي (شرق)، على مهمتها في ليبيا بصفتها المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، وقالت إنها ناقشت معه آخر التطورات هناك.
كما بحثت ويليامز في بنغازي أمس مع حسين القطراني، النائب الأول لرئيس الحكومة، خريطة الطريق والمصالحة الوطنية الشاملة، والانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتوفير المناخ المناسب لها، وأجرت مشاورات مع بعض الأطراف الليبية، بمن فيهم ممثلو المؤسسات الرئيسية، والجهات الفاعلة السياسية والأمنية. كما اجتمعت بعدد من ممثلي منظمات المجتمع المدني والنشاطات النسائية.
وأوضحت ويليامز في بيان لها أن العملية الانتخابية كانت محور النقاش، مشيرة إلى أن الحضور استعرض أيضاً مقترحات حول الإصلاحات الاقتصادية، والمصالحة الوطنية، والعدالة الانتقالية، واللامركزية وتطوير نظام الحكم. إضافة إلى زيادة مشاركة المرأة في المناصب الحكومية رفيعة المستوى، والتصدي للتحديات التي تمنع النساء من الانخراط في الشأن العام.
من جهته أعرب خوسيب بوريل، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، في رسالة إلى موسى الكوني، نائب المنفي، عن سعادته لتعزيز تعاون الاتحاد بشكل خاص فيما يتعلق بتنظيم الانتخابات في ليبيا، والتنفيذ الكامل لوقف إطلاق النار، وانسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب.
وبخصوص التحرك العسكري للميليشيات، استمر صلاح بادي، قائد ما يعرف بـ«لواء الصمود» المعاقب دولياً، في تحريض قادة الميليشيات المسلحة، الذين اجتمع بهم مجدداً مساء أول من أمس في مسقط رأسه بمدينة مصراتة، على التوجه فورا إلى العاصمة لطرد من وصفهم بـ«خونة ثورة 17 فبراير (شباط)».
وأبلغ بادي قادة الكتائب في مصراتة «أنه سيتم الاتفاق على إلغاء الانتخابات»، بقوله: «سنشكل مجلساً عسكرياً ثورياً حاكماً لتسيير شؤون البلاد، وسنقر دستور يمنع المجرمين من الترشح». وبعدما اعتبر أن قوات مصراتة هي من أسقطت نظام العقيد الراحل معمر القذافي، قال إن «المتحكمين في المشهد اليوم هم أنصاره».
وكان المفتي المقال من منصبه، الصادق الغرياني، قد دعا في تصريحات تلفزيونية أمس من وصفهم بـ«رجال فبراير» لاستخدام القوة ومنع إجراء الانتخابات، واعتبر أنه «لا توجد أهمية لرئيس منتخب لأننا لم ننتخب رئيساً من قبل»، على حد قوله.
في السياق ذاته، أعلنت مجموعة من الميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس رفضها لقرار مجلس المنفي، باعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي، إقالة اللواء عبد الباسط مروان من منصبه كقائد لمنطقة طرابلس العسكرية، وحملوه والدبيبة، باعتباره وزير الدفاع في حكومة «الوحدة» أيضاً مسؤولية «ما سيجرى من تبعات لا تحمد عقباها»، وطالبوهما بالتراجع عن القرار، الذي اعتبروه «خضوعاً من المجلس الرئاسي لإملاءات من لا يريد للمؤسسة العسكرية أن تقف على قدميها، وخدمة لأجندة خارجية، ومكافأة لمن يقوم باقتحام حرمات المنازل وعمليات الخطف الممنهجة والاغتيالات».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».