ضبط مالي يحقق الأهداف المرسومة في الميزانية السعودية

مختصون لـ«الشرق الأوسط»: المملكة مستمرة في تنويع قاعدة الاقتصاد بعيداً عن تقلبات أسعار النفط

الضبط المالي يعزز مستهدفات الميزانية السعودية لتحقيق التوازن والاستدامة (الشرق الأوسط)
الضبط المالي يعزز مستهدفات الميزانية السعودية لتحقيق التوازن والاستدامة (الشرق الأوسط)
TT

ضبط مالي يحقق الأهداف المرسومة في الميزانية السعودية

الضبط المالي يعزز مستهدفات الميزانية السعودية لتحقيق التوازن والاستدامة (الشرق الأوسط)
الضبط المالي يعزز مستهدفات الميزانية السعودية لتحقيق التوازن والاستدامة (الشرق الأوسط)

كشف مختصون لـ«الشرق الأوسط» عن نجاح سياسة السعودية المرتكزة على تنويع قاعدة الاقتصاد بعيداً عن تقلبات أسعار النفط، وهو ما نتجت عنه ميزانية العام المقبل والتي تقدر فائض بنحو بـ90 مليار ريال (24 مليار دولار).
وفي قراءة تحليلية لميزانية السعودية 2022، أكد المختصون أن الحكومة استمرت في تنفيذ جهودها المتعلقة بالإصلاحات المالية لتحقيق التوازن والانضباط المالي وتعزيز كفاءة الانفاق، بالإضافة إلى تحسين برامج الحماية الاجتماعية وتحقيق أهدافها.
وقال عضو مجلس الشورى السعودي فضل البوعينين لـ«الشرق الأوسط»، إن الحكومة تستمر في جهودها لتنويع قاعدة الاقتصاد بعيداً عن تأثير تقلبات أسعار النفط العالمية وبما يحقق الاستدامة المالية والحد من الازمات الناتجة عن تذبذب أسعار النفط.
وتابع عضو مجلس الشورى أن رفع كفاءة الإنفاق وتحقيق الضبط المالي وخفض العجز من أهم أهداف الحكومة المرتبطة بالمالية العامة، مبينا أنه وفقاً للأرقام المحققة في ميزانية 2021 نجحت المملكة في تحقيق الأهداف، خاصة العجز الذي انخفض إلى 85 مليار ريال (22.6 مليار دولار) أي مانسبته 2.7 في المائة وهو مؤشر مهم على الضبط المالي وتحقيق الأهداف المعلنة.
وزاد البوعينين «إذا ما ربطنا هذا بتوقع تحقيق فائض مالي عام 2022 بمبلغ 90 مليار ريال (24 مليار دولار) فذلك يعني أن الحكومة نجحت في تحقيق هدف التوازن المالي قبل عام 2023 وهي الفترة المحددة لتحقيق الهدف وهذا أمر يحسب للدولة ولأدائها المالي الحصيف».
وواصل أن تحسن إيرادات 2021 وخفض العجز والتفاؤل في أرقام ميزانية 2022 وتوقع تسجيل أول فائض منذ 8 أعوام لا يمكن فصله عن إدارة المملكة المتميزة لملف النفط وتحقيق توافق المنتجين في أوبك+ التي دعمت الأسعار بعد الانهيار وساهمت في ارتفاعها بشكل كبير.
واستطرد عضو مجلس الشورى «التزام الحكومة بحجم الإنفاق المخطط له على المدى المتوسط رغم ارتفاع الإيرادات بشكل كبير وتحقيق فائض مالي يعني استمرارية الضبط المالي والالتزام بالأهداف المحددة دون تغيير واستثمار الفوائض لدعم الاحتياطيات المالية وبما يعزز ملاءة الدولة ويسهم في رفع قدراتها على مواجهة الأزمات العالمية مستقبلا ويحسن من تصنيفها الائتمائي».
وأشار إلى النمو المحقق للقطاع غير النفطي في عام 2021 وارتفاع الإيرادات غير النفطية لتصل إلى 372 مليار ريال ونمو الاقتصاد بنسبة 2.9 في المائة والقطاع غير النفطي بنسبة 5.4 في المائة، مؤكداً أن هذا مؤشر مهم لتعافي الاقتصاد وخروجه من تداعيات جائحة كورونا.
واستطرد أن «تسجيل أعلى إيرادات غير نفطية على الإطلاق بـ372 مليار (99 مليار دولار) أمر مهم يؤكد على سعي الحكومة الحثيث لتنويع مصادر الدخل وبما يحقق الاستدامة المالية مستقبلا، إلا أنه من المهم تحقيق التوازن الأمثل بين المالي والاقتصادي وبما يؤسس لاستدامة موثوقة وآمنة»، موضحاً أن استمرار النمو المتوقع للقطاع غير النفطي في 2022 بنسبة 4.8 في المائة يظهر نجاح الإصلاحات المالية والاقتصادية المنبثقة عن رؤية 2030.
ولفت البوعينين إلى جهود الحكومة المستمرة في تنويع مصادر الاقتصاد من خلال رفع كفاءة الاقتصاد وجعله أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية والمحلية وتحفيز القطاعات المستهدفة بالرؤية وفي مقدمها السياحي والتقني والتعدين والصناعة وهي من القطاعات المحققة لأهداف مختلفة ومنها خلق الوظائف والفرص الاستثمارية ورفع حجم الناتج الإجمالي واستثمار المقومات المتاحة وبما ينعكس إيجابا على المواطنين والتنمية الاقتصادية عموما.
وأبان أن ضخ أكثر من 27 تريليون ريال (7.2 تريليون دولار) في الاقتصاد حتى 2030 شاملا استثمارات صندوق الاستثمارات العامة والقطاع الخاص والحكومي والإنفاق الاستهلاكي سيعزز التنمية الاقتصادية ودور القطاع الخاص والفرص التي ستخلق خلال السنوات القادمة.
من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي أحمد الشهري لـ»الشرق الأوسط» أن ميزانية السعودية 2022 إيجابية على الاقتصاد الكلي (معدل النمو والبطالة والاستثمار وسوق الأسهم والانفاق الاستهلاكي)، مؤكداً أن الموازنة المالية بعوائد وصلت الى 1045 تريليون ريال (278 مليار دولار) يؤكد نجاح السياسة التوسعية لمعالجة اثار ازمة كورونا الاقتصادية بفائض ملياري، وبمصروفات تقدر بـ 955 مليار ريال (254 مليار دولار).
وأضاف الشهري، أن أداء الميزانية السعودية التاريخي مشرف ويستحق أن يدرس على الرغم من مرور العالم بأوقات صعبة لكن سجلت الإيرادات معدل نمو إيجابيا.
وأكد الشهري، أن معدل نمو حجم الإيرادات سنويا أصبح من سمات صناع السياسات الاقتصادية في المملكة، وهذا يعكس التزام الدولة بالإنفاقات التي تحقق النمو والتنمية معا، وفي الوقت نفسه اعتماد ميزانية بهذا الحجم سيكون له دور كبير في زيادة حجم الاستثمارات الخاصة من القطاع الاستثماري بالإضافة إلى الاستثمارات الحكومية عبر صندوق الاستثمارات العامة، أي أن الأثر سيكون مضاعفا على معدل النمو الاقتصادي للعام 2022، لاسيما إذا ما واصلت أسعار النفط في الصعود.


مقالات ذات صلة

ميزانية السعودية لـ2025 تتوقع إيرادات بـ315.5 مليار دولار

الخليج الحكومة أكدت الاستمرار بتبني سياسات الإنفاق التوسعي الاستراتيجي الذي يدعم التنويع الاقتصادي والنمو المستدام (الشرق الأوسط)

ميزانية السعودية لـ2025 تتوقع إيرادات بـ315.5 مليار دولار

توقعت السعودية إيرادات إجمالية بقيمة 1.184 تريليون ريال (315.5 مليار دولار) عام 2025، مقابل نفقات بـ1.285 تريليون ريال (342 مليار دولار)، وبعجز مقدر بـ101 مليار

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الحكومة أكدت الاستمرار بتبني سياسات الإنفاق التوسعي الاستراتيجي الذي يدعم التنويع الاقتصادي والنمو المستدام (الشرق الأوسط)

البيان التمهيدي للميزانية السعودية: نحو 1.184 تريليون ريال إيرادات متوقعة في 2025

من المتوقع أن يبلغ إجمالي النفقات ما يقارب 1.285 تريليون ريال، وإجمالي الإيرادات نحو 1.184 تريليون ريال، مسجلاً عجزاً بـ2.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد محمد أبونيان رئيس مجلس إدارة «أكوا باور» يتوسط توماس بروستروم الرئيس التنفيذي للاستثمار في الشركة وكويتشي تانيجوتشي المدير العام لوحدة حلول الطاقة الخارجية في «سوميتومو» خلال توقيع الاتفاقية (الشرق الأوسط)

«أكوا باور» و«سوميتومو» توقعان اتفاقية لتطوير مشاريع للطاقة المتجدّدة في أوزبكستان

أبرمت شركة «أكوا باور»، السعودية اتفاقية مع شركة سوميتومو اليابانية تهدف إلى تطوير مشترك لعددٍ من مشاريع إنتاج وتخزين الطاقة المتجدّدة في أوزبكستان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ملتقى التوظيف في الغرفة التجارية بالقصيم (الشرق الأوسط)

معدل البطالة بين السعوديين على أبواب مستهدف 2030

اقترب معدل البطالة بين السعوديين كثيراً من مستهدف رؤية السعودية ليسجل خلال الربع الثاني من العام الحالي أدنى مستوى تاريخي عند 7.1 في المائة.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد أحد ملتقيات التوظيف في السعودية التي تجمع الباحثين عن العمل مع الشركات (الشرق الأوسط)

البطالة بين السعوديين بالربع الثاني في أقل مستوى تاريخي

انخفض معدل البطالة في السعودية خلال الربع الثاني من 2024 إلى 7.1 %، مقترباً بشكل كبير من مستهدف «رؤية 2030» البالغ 7 %.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

السعودية تستهدف حصة من «سوق الكربون» العالمية تعادل حجم الانبعاثات بالمنطقة

الرئيسة التنفيذية لشركة سوق الكربون الطوعي الإقليمية السعودية ريهام الجيزي
الرئيسة التنفيذية لشركة سوق الكربون الطوعي الإقليمية السعودية ريهام الجيزي
TT

السعودية تستهدف حصة من «سوق الكربون» العالمية تعادل حجم الانبعاثات بالمنطقة

الرئيسة التنفيذية لشركة سوق الكربون الطوعي الإقليمية السعودية ريهام الجيزي
الرئيسة التنفيذية لشركة سوق الكربون الطوعي الإقليمية السعودية ريهام الجيزي

قالت الرئيسة التنفيذية لشركة «سوق الكربون الطوعي» الإقليمية السعودية، ريهام الجيزي، إن الحصة السوقية للشركة تصل حالياً إلى نحو 1.3 في المائة من حجم السوق العالمية، في تجارة الكربون، و«نستهدف حصة سوقية تعادل حجم الانبعاثات الكربونية في المنطقة».

وتوقعت الجيزي، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، على هامش مؤتمر «بورتفوليو إيجيبت 2024»، في القاهرة الاثنين، أن «يبلغ حجم تجارة الكربون في الشركة بحلول عام 2030، نحو 100 مليون طن، وأن تكون الشركة من كبرى الأسواق العالمية في أرصدة الكربون».

ومنذ عام 2013 حتى الآن، يطلق العالم أكثر من 35 مليار طن سنوياً، وتباطأت وتيرة نمو الانبعاثات خلال السنوات القليلة الماضية. وبلغ نصيب الدول العربية من ثاني أكسيد الكربون، في عام 2021، أكثر من ملياري طن، وهي تشكل 5.45 في المائة من إجمالي الانبعاثات العالمية، وفق إحصاءات الاتحاد الأوروبي.

دخان مصانع في الصين التي تسهم بالنسبة الكبرى من الانبعاثات الكربونية (أ.ب)

و«سوق الكربون الطوعي» يمكن من خلالها للشركات والحكومات والأفراد شراء وبيع الاعتمادات التي تمثل تخفيضات في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ويمكن استخدام هذه الاعتمادات لتعويض الانبعاثات التي لا يمكن تقليلها عن طريق وسائل أخرى، مثل تحسين كفاءة الطاقة أو الترشيد أو استخدام مصادر الطاقة المتجددة. وتعدّ سوق الكربون الطوعي من الأساليب المستخدمة لتحقيق التخفيف من تأثيرات تغير المناخ.

وقالت الجيزي إن الشركة التابعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي بنسبة 80 في المائة، ومجموعة «تداول السعودية» بنسبة 20 في المائة، رفعت نسبة تجارة الكربون في المنطقة من «صفر إلى 1.3 في المائة من حجم تجارة الكربون العالمية، وذلك بفضل مزادين أطلقتهما الشركة مؤخراً».

وشهد العام الماضي، إزالة نحو 200 مليون طن من الانبعاثات الكربونية في أنحاء العالم، وهذا يمثل حجم الانبعاثات في دولة مثل إسبانيا، وقالت الجيزي: «هذه ليست السعة المثلى لهذه السوق، نتوقع أن تبلغ قيمة تجارتها في عام 2030 نحو 100 مليار دولار، وأن تصل إلى 250 مليار دولار بحلول 2050».

ووفقاً لتقرير «حالة واتجاهات تسعير الكربون 2024» الذي صدر في مايو (أيار) الماضي عن البنك الدولي، بلغت إيرادات تسعير الكربون في عام 2023 رقماً قياسياً قدره 104 مليارات دولار.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2022، نظمت «سوق الكربون الطوعي» مزاداً لائتمان الكربون، وبيع نحو 1.4 مليون طن متري من أرصدة الكربون، بينما بلغ حجم المزاد الثاني في يونيو (حزيران) 2023، نحو 2.2 مليون طن من الأرصدة الكربونية.

وقالت الجيزي هنا، إن الشركة بصدد إطلاق المزاد الثالث والأكبر، والذي سيصل حجمه إلى 2.5 أو 3 ملايين طن متري من أرصدة الكربون في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بالتزامن مع إطلاق منصة خاصة بتداول شهادات الكربون، وذلك في مؤتمر المناخ (كوب 29)، الذي سينعقد في العاصمة الأذربيجانية باكو.

وأوضحت الجيزي أن «شركات سعودية وإقليمية ستشارك في المزاد الثالث»، موضحة أنه الأكبر من حيث الحجم والتأثير في الوقت نفسه... «وللتوضيح تجب الإشارة إلى أن المزاد الأول البالغ 1.4 مليون طن متري يعني انبعاثات كربونية من 250 ألف سيارة عائلية في السنة»، مشيرة إلى التأثير الكبير للمزاد المقبل.

وتوقعت أن «يبلغ حجم تجارة الكربون في الشركة بحلول عام 2030، نحو 100 مليون طن، وأن تكون الشركة من كبرى الأسواق العالمية في أرصدة الكربون»، مشيرة إلى التحدي الحالي أمام الشركة؛ وهو أن «أغلبية تجارة الكربون تأتي من الشمال إلى الجنوب... بينما الشركة تستهدف أن تكون من الجنوب إلى الجنوب... وأن تكون للسعودية الريادة في أسواق الكربون من خلال أن تكون المركز الرئيسي في المنطقة والإقليم».

وأشارت إلى «ريادة السعودية في مكافحة التلوث المناخي، بإطلاقها مبادرات عدة؛ أبرزها: مبادرة السعودية الخضراء والتشجير والتركيز على الطاقة النظيفة والمتجددة... فضلاً عن إطلاق سوق الكربون الطوعي».

آلية التسعير

قالت الجيزي إن آلية تسعير الكربون من أبرز التحديات التي تواجه «سوق الكربون الطوعي»، إذ يتم نحو 80 في المائة من عمليات شراء شهادات الكربون في العالم، بعد مفاوضات «أوفر ذا كاونتر»، أي من دون تسعير محدد أو وصفة ترتكن على أسس، لكنها أشارت إلى أن «إطلاق المنصة الخاصة بالشركة في نوفمبر سيسهم في حل هذه المسألة».

وقالت إن الشركة تدرس بعض المشروعات بمصر، «في الوقت الحالي نقيم بعض المشروعات في مصر مع مطورين... وذلك بعد أن اشترينا مشروع (بنبان) في أسوان».

حوافز مطلوبة

طالبت الرئيسة التنفيذية لشركة «سوق الكربون الطوعي» الإقليمية السعودية، الحكومات والمسؤولين، بإطلاق حزمة من السياسات لتشجيع «سوق الكربون الطوعي» في المنطقة، واقترحت في هذا الصدد «الائتمان الضريبي» للشركات، أي منحها بعض الميزات الضريبية، وقالت: «تحدثنا مع رئيس كينيا في هذا الموضوع».

وأشارت الجيزي إلى أهمية نشر الوعي البيئي بين الشركات والأفراد، مشيرة في هذا الصدد، إلى أنه «من المتوقع أن يحدث توافق وتنسيق بين تجارة السلع وحجم الانبعاثات الناتج قريباً... متوقع حدوثه عالمياً... وهو ما يستلزم تشريعات جديدة تساعد في انتشار (سوق الكربون الطوعي)».