«الحرية والتغيير» السوداني يستهل نشاطه بـ«ليلة سياسية» لدعم الاحتجاجات

قدم رؤية لمقاومة الانقلاب واستعادة الانتقال المدني وتوحيد الجيوش

«الحرية والتغيير» السوداني يستهل نشاطه بـ«ليلة سياسية» لدعم الاحتجاجات
TT

«الحرية والتغيير» السوداني يستهل نشاطه بـ«ليلة سياسية» لدعم الاحتجاجات

«الحرية والتغيير» السوداني يستهل نشاطه بـ«ليلة سياسية» لدعم الاحتجاجات

استهل تحالف إعلان الحرية والتغيير السوداني، الذي كان يمثل المرجعية السياسية للحكومة التي أطاح بها انقلاب 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، نشاطه بليلة سياسية طرح خلالها رؤيته لنظام الحكم في السودان، في وقت تتالت فيه أكثر من مبادرة ورؤية سياسية من أطراف عديدة، تهدف لإيجاد مخرج من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ إجراءات القائد العام للجيش.
ووزع التحالف (الحاكم السابق) ورقة تحمل عنوان: «الرؤية السياسية لقوى الحرية والتغيير»، دعا فيها لإسقاط الانقلاب العسكري عبر العمل الجماهيري السلمي، وإجراء إصلاحات سياسية خلال الفترة الانتقالية، وإجراء انتخابات نيابية عقب الفترة الانتقالية.
ويعد «تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير» أكبر تحالف سياسي في تاريخ البلاد ويضم أحزاب، ومنظمات مجتمع مدني، وقوى نقابية ومهنية، ولجان مقاومة، وهو التحالف الذي أفلح في قيادة الثورة الشعبية التي أطاحت بحكومة «الإسلاميين» بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير، ودخلت في تفاوض مع الطاقم العسكري الذي أعلن انحيازه للثورة، وتوصلا لتوقيع اتفاقية دستورية قضت بتقاسم السلطة بين المكونين المدني والعسكري على المستويين السيادي والتنفيذي.
بيد أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أنهى الشراكة بين المكونين في 25 أكتوبر الماضي، واتخذ حزمة إجراءات أعلن بموجبها حالة الطوارئ وحل الجهازين السيادي والتنفيذي وحكومات الولايات، وألقى القبض على أعضاء مجلس سيادة ووزراء وقادة الحرية والتغيير، بما فيهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
وآلت إجراءات البرهان التي اعتبرها التحالف والقوى المدنية والمجتمع الدولي «انقلاباً عسكرياً»، إلى توقيع اتفاق ثنائي بينه ورئيس الوزراء عرف بـ«اتفاق 21 نوفمبر»، عاد بموجبه حمدوك لممارسة مهام منصبه وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، لكن الاتفاق استبعد «الحرية والتغيير»، وشدد على تكوين حكومة تكنوقراط مستقلة.
ودعت قوى تحالف إعلان الحرية والتغيير، بحسب وثيقة «الرؤية السياسية لقوى الحرية والتغيير» التي وزعتها وناقشتها في الليلة السياسية، إلى ما أطلقت عليه «هزيمة انقلاب 21 أكتوبر»، واستعادة الانتقال الديموقراطي بقيادة مدنية، وتصفية ركائز تمكين نظام الإسلاميين، وتوحيد الجيوش المتعددة وإجراء إصلاحات هيكلية، وتنفيذ اتفاق السلام، وتعزيز الإصلاح الاقتصادي.
وتعهد التحالف بمواصلة العمل السياسي والشعبي لإسقاط الانقلاب، وإقامة سلطة مدنية تصفي ركائز النظام السابق، وتعيد توحيد وهيكلة الجيوش في جيش وطني واحد، وتنظيم عملية دستورية شاملة، تنتهي بمؤتمر دستوري يضع أسس الدستور الدائم للبلاد، وفي ذات الوقت مواصلة الانفتاح على العالم باتباع سياسة وطنية متوزانة.
وشدد الحرية والتغيير على أهمية إطلاق عملية شاملة للعدالة الانتقالية، تكشف الجرائم وتنصف الضحايا، بما يضمن عدم تكرارها مرة أخرى، عبر مفوضية مستقلة للعدالة الانتقالية، مع إصلاح الأجهزة العدلية والقضائية، ووضع ميثاق يحكم العلاقة بين المدنيين والعسكريين خلال الفترة الانتقالية وما بعدها.
وتكونت لجنة مستقلة للتحقيق في جريمة فض اعتصام القيادة العامة، والتي قتل خلالها العشرات، ومئات الجرحى والمفقودين، ومورست خلالها عمليات اغتصاب وحشية، أمام القيادة العامة للجيش السوداني، توجهت أصابع الاتهام إلى الجيش والأمن والدعم السريع بارتكاب الجريمة، لكن اللجنة التي يترأسها المحامي نبيل أديب فشلت في إنهاء تحقيقها برغم مرور عامين على تكوينها.
وزادت جرائم قتل المحتجين السلميين برصاص الأجهزة العسكرية، بعد انقلاب قائد الجيش، وبلغ عدد القتلى خلالها 45 قتيلاً، بجانب المئات من الجرحى والمصابين، وشكلت النيابة العامة لجنة للتحقيق في أحداث القتل تلك.
وحددت الرؤية السياسية للتحالف آلية تنفيذ رؤيتها الممثلة في مجلس سيادة «مصغر»، يقوده المدنيين، وتكوين حكومة كفاءات وطنية، ومجلس تشريع بتمثيل واسع، تشارك فيه كل قوى الثورة، يبدأ بوضع «ميثاق شامل» يحكم علاقة المدنيين والعسكريين، ويتضمن رؤية متكاملة لاستراتيجية أمن قومي، وتصورات إصلاحية تمهد الطريق لتكوين جيش واحد.
واشترط التحالف معالجة قضية «قوات الدعم السريع» ودمجها في الجيش، ضمن حزمة الإصلاح الأمني، ومعالجة الجوانب السياسية والاجتماعية المتعلقة، وهو الأمر الذي يرفضه بشده قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو «حميدتي»، الذي يشغل منصب نائب رئيس مجلس السيادة بعد وقبل انقلاب أكتوبر.
وقوات الدعم السريع قوات شبه نظامية، أنشأت في فترة حكم الرئيس المعزول عمر البشير، وكان الغرض منها مواجهة الحركات المسلحة الدارفورية، وتنقلت تبعيتها بين جهاز الأمن والمخابرات السابق، والقوات المسلحة، قبل أن تتبع لرئاسة الجمهورية مباشرة، واعتبرتها الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية «جزء من القوات المسلحة»، برغم استقلالها الكامل.
ولعبت هذه القوات دوراً مهماً في انحياز القوات المسلحة للثورة، بيد أن اتهامات وجهت لها في وقت سابق بالمشاركة في فض اعتصام القيادة العامة، وعمليات القتل والتعذيب والإخفاء والاغتصاب التي مورست أثناء العملية، إلى جانب توجيه اتهامات حديثة لها بالمشاركة في عمليات القتل والتشريد التي عادت لإقليم دارفور مجدداً.
كما تناولت الرؤية التي تقدمت بها الحرية والتغيير، جوانب القصور الذي شاب عمل حكومتها في الفترة السابقة لانقلاب البرهان، بما يشبه النقد الذاتي، بيد أنها أشارت إلى معوقات وصعوبات واجهتها بسبب الانتقال من تحالف مقاوم إلى تحالف يدير الدولة، إضافة للعراقيل التي دأب المكون العسكري في الشراكة السياسية لوضعها أمام الجهاز التنفيذي الذي تقوده بأغلبية مطلقة.
واستهل التحالف بشكله الجديد نشاطه السياسي بليلة سياسية، قبل ساعات من المواكب المليونية التي دعت لها لجان المقاومة والقوى السياسية والمدنية، بالتزامن مع الذكرى الثالثة لثورة 19 ديسمبر (كانون الأول) 2018، التي أسقطت نظام الأخوان المسلمين بقيادة المعزول عمر البشير.
وفي الأثناء تضج الساحة السياسية السودانية بمبادرات وإعلانات سياسية عديدة، عقب حالة التشظئ التي تشهدها البلاد، منذ توقيع اتفاق البرهان-حمدوك، وهي مبادرات تتفق كلها على مدنية الدولة، وعودة الحكم المدني ورفض الانقلاب العسكري، بيد أنها تأتي من جهات مختلفة ومتقاطعة، وأبرزها «مبادرة مجموعة من السياسيين، مبادرة الحرية والتغيير، مبادرة حزب الأمة المرتقبة، مبادرة قوى السلام» وغيرها، فيما ينتظر أن تدخل على الساحة مبادرة إقليمية أو دولية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».